الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 28th June,2004 العدد : 65

الأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

ما لم يقله الفقيه
تأليف : أماني أبو الفضل فرج
دمشق : دار الفكر.. 2004
يحلل هذا الكتاب أركان أزمة قضية تجديد الخطاب الشرعي عامة والفقهي الإسلامي المعاصر خاصة ، والدائرة بين قطب المغالاة والتكفير ، وقطب العلمانية والتحلل .
ويصور قصور الاجتهاد الفقهي المعاصر عن حاجة الناس، إزاء تلاحق الأحداث الجارية، ويناقش أسباب ومظاهر وتداعيات هذا القصور على مستويات الفرد والمجتمع المسلم .
ويعرض عدداً من القضايا المستجدة في حياة الناس، والتي انقسمت الأمة على نفسها فيها لغياب الفقه العصري الواضح في شأنها، واختلاف المجتهدين ، كقضايا التعليم والإعلام والمرأة والجهاد ونظم الحكم والبيئة وغيرها.
تقول المؤلفة في مقدمة كتابها: شرعت في كتابة أصول هذا الكتاب، على متن طائرة أقلّتني عائدة من نيويورك قبل أحداث سبتمبر (أيلول) 2001م بأسبوع واحد بعد حضور إحدى الجلسات التي عقدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.. في هذه الجلسة احتدم النقاش في نواحٍ متعددة ومعقدة عن العلاقات الاجتماعية والسياسية والأسرة والمرأة والطفل وحقوق الإنسان.
ازدحمت قاعة المجلس إلى جانب الوفود الرسمية والمنظمات الأهلية المعتمدة برجال دين يمثلون العقائد المختلفة، سماوية وأرضية.. كلٌّ أتى ليحمي عقيدته وثقافته ويدفع عنها تطفل العولمة، كان العالم بأسره يتحدث ويبدي الرأي، كلٌّ بحسب مرجعيته، ووقف الإسلام صامتاً، عدا بعض المتطوعين من الغيورين على دينهم من أعضاء منظمات أهلية قد تملك الحماس ولكن لا نملك العلم، يجمعها الحب العميق لدين الله ولكن ليس الفقه به.. وكم كان ألمي وأنا أرى في خضّم الموضوعات المطروحة هذا الكم من الثغرات والفراغات التي لم يقل فيها الفقيه كلمته.. شعرت بالحاجة الملحة إلى وجود العالم الفقيه، الذي لا يُفتَقَد حيث يجب أن يوجد، يحمل رؤية فقهية عصرية، تتخطى هذه المقاربات الفردية، والأعمال المختصرة أو المبتسرة والفتاوى المتناثرة، التي أصبحت تمثّل النّتاج الأساس داخل المؤسسة الفقهية في العالم الإسلامي.. بعدما بثثت هذا الهم في الأوراق، وانتهيت من إعداد جزأين، واحد: عن حاجتنا إلى نظرة جديدة في الفقه وجزء آخر: عن حاجتنا لنظرة أخرى في أصول الفقه.. سمعت شيخاً يتحدث في إحدى الفضائيات شاكياً من فكر جديد داخل العالم الإسلامي، يتمرد على المؤسسة الفقهية، بهدف إحداث بلبلة وفوضى في عقول المسلمين تحت دعوى التجديد، وخاصة أن من سوّلت لهم أنفسهم في التحدث عن هذا الأمر، ليسوا من الفقهاء ولا علماء الدين، ونوّه الشيخ عن دور قوى الغزو الثقافي في إذكاء هذا الفكر، وأثنى على الأداء الفقهي المتاح، وقال: إن العيب في التطبيق لا في المؤسسة الفقهية.
آثرت السلامة، ليس فقط لأني من عوام الناس، ولست من العلماء، ولكن أيضاً خشية أن أساهم من حيث لا أقصد في الوقوع فيما حذّرنا منه العالم الجليل من إحداث بلبلة، فالموضوع جدّ شائك.
كنت أتفهم باعث حديث الشيخ وشكواه، فهناك حقاً من يتخذون الخطاب نفسه في النيل من شريعة الله، ومحاولة إثبات قصورها لإقصائها من حياة العباد، مدفوعين في ذلك من ذواتهم أو من ذوات أخرى، ولكني استشعرت الهضم، لأن هذه ليست غاية كل من يتطرق لهذا الحديث، فهناك من يحاول إظهار الثغرات، ومناطق الفراغ في الخطاب الفقهي، إلا أن الغاية ليست هي إقصاء الشريعة، أو زعزعة الثقة في المؤسسة الفقهية، بل سدّ الثغرات، وملء الفراغات، وعودة الشريعة ومؤسساتها إلى سلطانها.. ثم جاءت واحدة من أكبر الأزمات الحضارية في تاريخ المسلمين ألا وهي أزمة سبتمبر (أيلول) 2001م، حين خرج كل الناس عن صمتهم ليدلوا بدلوهم في هذه القضية.. وثارت مصطلحات مثل الشريعة، الفقه، الاجتهاد، الخطاب الديني، صورة الإسلام وغيرها من المصطلحات التي تثور كلما واجهت الأمة الأزمات.
هبّ العلماء والمثقفون المختصون، وغير المختصين، يسألون الأسئلة ويطرحون الإجابات ويقدّمون التحليلات من أمثلة: هل نحن فعلاً بحاجة إلى تجديد الخطاب الديني وبالتحديد خطاب الفقه الإسلامي؟ هل أصول الفقه كافية أم أصبحت بحاجة إلى تطوير؟ هل نطوّر أم نجدد؟ هل أغلق باب الاجتهاد ولمن يفتح؟ كيف الخروج من حال الأمة المَرَضِي هذا؟ كيف نحسّن صورة الإسلام والمسلمين؟.. وغيرها من الأسئلة التي تدور في فلك هذه المصطلحات المشكلة، التي وضعت لكي تكون أداة لحل مشاكل الأمة، لا لكي تكون هي نفسها إشكالية تنقسم عليها الأمة.
إن الإجابات عن هذه الأسئلة، عكست الأطياف الفكرية لأصحابها من العلماء ما بين (لا) مطلقة و(نعم) مطلقة و(ربما)، وما أن هدأت أزمة الأمة حتى خمدت الصحوة، وعاد الهدوء، وعاد الماء إلى ركوده، وانشغل العلماء بأمور أخرى.
ظلّت أوراقي حبيسة حتى شهور قليلة مضت، عندما اجتمع نفر من المثقفين العرب ممن استلبوا لأنفسهم صفة التنوير في مكلمة ضخمة ضمّت عتاة العلمانية واللادينية والتغريب، كلٌّ ينبش عن العورات والثغرات في الفكر الإسلامي المعاصر التي ليست بحاجة إلى نبش عميق لاستخراجها وحملوا على الدين بضراوة، ونادى أقلّهم كرهاً للدين بإقصاء الفقه عن حياتنا، ونادى آخرون بما هو أسوأ... وهكذا. لقد جاء هذا التجمع غير المحمود مواكباً، أو ربما مدفوعاً من حملة طفيلية غربية، تهدف إلى تغيير خطابنا الديني بشكل يخدم التوجهات الجديدة.. ولأستاذنا الفاضل الدكتور القوصي أستاذ كلية أصول الدين بالأزهر رأي نافذ عن هؤلاء الذين تحدثوا عن التجديد بينما هم يريدون (التبديد) (محمد عبد الفضيل القوصي الخطاب الديني تجديد أم تبديد، الأهرام، 14 102003م صفحة دوائر الحوار).. نحن هنا لا ندعو إلى دسّ عامة الناس في الاشتراك في أمور الفقه، أو وضع الاجتهادات فحاشا لله أن ندخل في هذه العلوم الرفيعة من لا علم له ولكن ما قصدناه هنا حتى لا تختلط الأمور، هو حقّ الناس في الإجابة عن هذه الأسئلة: هل تلبي الشريعة فعلاً بتناولها المعاصر حاجات الناس الفقهية؟ ولماذا انقطعت صلة الناس الروحية بنبع شريعتهم، وراحوا يتلمسون الحلول يميناً ويساراً؟
إن هذا الكتاب ليس بحثاً شرعياً متخصصاً، بل هو صوت عامّة الناس إلى خاصتهم من العلماء، رافعين إليهم الحاجات، راجين تسامحهم في ما قد يحتويه هذا الكتاب من أخطاء منهجية، أو شرعية، أو في عدم كفاءة المصطلح.. يقع الكتاب في ( 136 ) صفحة من القطع العادي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved