الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th August,2006 العدد : 168

الأثنين 4 ,شعبان 1427

وميض
أحمد السبت.. شاعرية وتأمل
عبد الرحمن السليمان

هو أحد الفنانين التشكيليين البعيدين عن الأوساط الإعلامية، في الأحساء ولد وتعلم وعلّم وتقاعد، وفيها أيضاً بدأ عروضه الفنية التشكيلية. إذا كنت قد صنفت زميل دربه وحياته الفنية محمد الصندل ضمن من رسموا في بداياتهم متأثراً بالمحيط البيئي فكان ممن أخلصوا بتسجيله وفق محاكاة واسترجاع ومباشرة، فإن السبت كان أكثر ابتعاداً عن مثل تلك المناطق الأسلوبية، وبالتالي كانت لديه الحرية في التنقل من صيغة إلى أخرى أو من شكل إلى شكل. يجمع (السبت والصندل) عمر واحد وهما المولودان في عام 1364 الموافق 1944 ودرسا أو عملا مبكراً في التدريس والتحقا بمؤسسات تهتم بالرياضة والفن ثم الفن على الخصوص، وبحكم اهتمامهما الواحد كانا متلازمين في كثير من تحركهما الفني، وإن بدا السبت فيما بعد أكثر نشاطاً حيث قدم عرضاً شخصياً في الأحساء وأقام مع الفنان علي الصفار قبل ذلك معرضاً مشتركاً.
وعند الدخول إلى عالم الفنان أحمد السبت فإن ما يلفت في تجربته تلك الأناة وأحياناً التردد لتظهر لوحته (عمله) إلى النور، فاللوحة قد تستمر أمامه لأكثر من عام وكنت أزوره وكانت اللوحة بألوانها وفرشها في مقره وعلى حامل الرسم تبقى لأشهر لا يحرك فيها ساكناً ومع الزيارات المتباعدة لا أجد أحياناً في عمله إلا تغييراً طفيفاً، كان كثير التأمل ولا أقول التغيير، ولعله من أولئك الذين لا يميلون إلى الإلغاء والإضافة من جديد، وقد يكون ذلك في شخصيته التي تأخذك بهدوئها ورويتها، والواقع أن ذلك انعكس على نتاجه الذي كان محدوداً خلال فترة شبابه وإن شارك في بعض المعارض التي كانت تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب في الرياض وحرص على التواجد في المعارض المقامة في الأحساء ولو بشكل رمزي، وأحمد السبت الآن وبعد تقاعده وحل بعض الظروف التي كانت تواجهه أراه أكثر حيوية وإنتاجاً من ذي قبل ومع هذا الإنتاج الجديد أخذت لوحته في التغير وبدت بعض الجرأة المفقودة أكثر وضوحاً في معالجاته اللونية التي كانت أكثر نعومةً وترقيقاً. بدا اللون أكثر خشونة والمعالجة تميل إلى نوع من التجريب المحسوب الذي يريد الفنان من خلاله التعبير عن شخصيته الفنية مع وضعه في الاعتبار امتداد الروح الفنية والحساسية التي كانت تظهر عليها نتاجاته السابقة. لم يختلف في اختياراته اللونية التي مالت إلى الأزرق لكنه أضاف إليها ألواناً ومعالجات وعلاقات جديدة على معالجاته القديمة فكان الأسود أكثر بروزاً والفواتح أقل ظهوراً وهو الذي كانت لوحته أقرب إلى سماء صافية لا تلبدها الغيوم أو نستشعر معها شيئاً من الغروب. ألوان صافية ومضيئة عندما يترك عناصره الحية تتجاور وتتحاور في مساحاته وفضاءاته، تغريه المواضيع(العناوين) ومنطلقات مباشرة يضمنها لوحته، لذا نجده يتحدث بالشرح والتعليق كثيراً عن عمله الفني، ذلك حتى الإسهاب والدخول إلى تفاصيل قد تبتعد عن ما نريده من العمل، هذا الاهتمام في الإيضاح هو جزء من طريقة الفنان في الحديث حتى عن بعض القضايا الفنية التي يمكن أن يشارك فيها، فهو الذي يميل إلى شيء من التفصيل وإيضاح الفكرة بالتمثيل والمقارنة والتشبيه. تندرج أعمال أحمد السبت ضمن أولئك الفنانين الذين لا تشغلهم أو تغريهم المفاجآت والإثارة بقدر ما يريده هو، ويجد معه متعته ورضاه وبالتالي جاءت لوحته بسيطة وعفوية تحمل شخصيته وتعبر عنها. متضمنة رموزه الخاصة وعلاماته المحلية ذات البعد الاجتماعي فالكائنات الحية كالطيور والأسماك والنباتات تتلاقى في لوحته مع الشخوص الذين يرسمهم كأطياف، يميل إلى رسم النساء في غطاء شعبي قد يظهر معه وجه أو كفين لكنه يبالغ في استطالتهن وكأنهن نخلات باسقات، لم يغبْ ذلك عن بعض أعماله الأولى وقبل أن يشرع في التعبير عن أفكار وفق علاقات مجردة يكون اللون فيها المحرك الأكثر بروزاً ليكون الشكل فيما بعد محققاً الفكرة أو الموضوع الذي أراد ملامسته.


aalsoliman@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved