الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th November,2005 العدد : 131

الأثنين 26 ,شوال 1426

ماذا سيشهد المستقبل في عالم الفضائيات؟!
قاسم حول *

مثل ما أصبح لكل شخص تقريبا موقع على الإنترنت فإن المستقبل سيشهد إمكانية أن يكون لكل شخص فضائيته؟؟!!
إن عامل المواسير الذي يتنقل في سيارته المليئة بالمفكات مكتوب على سيارته اليوم موقعه على الإنترنت، والشباب والصبايا يتبادلون الرسائل بالثواني عبر مواقعهم على الإنترنت ولم يعد أحد يستمع إلى أغنية:
البوستجيه اشتكوا من كثر مراسيلي
وعيوني لما بكوا ذابت مناديلي
روح يا قمر وعلى الحلو نادي لي صار القمر الاصطناعي هو الذي ينادي كل عشاق العالم ليتبادلوا الرسائل على الإنترنت. وهذا القمر الاصطناعي الذي يتخاطب من خلاله الناس عبر الإنترنت وعبر الهواتف المحمولة سيكون بإمكان الفرد الواحد أن يستأجر على سطحه موقعا فضائيا عندما تنخفض قيمة الإيجار على سطحه.
لقد بدأ سعر الموقع على سطح القمر الاصطناعي بمليون ونصف المليون من الدولارات سنويا واليوم أصبح سعره ثلثمائة وخمسة وسبعين ألفا من الدولارات. فإذا ما ازداد عدد الأقمار الاصطناعية في سمائنا فإن الكلفة ستنخفض كثيرا وكثيرا جدا بعد أن يكثر العرض ويقل الطلب فتنخفض القيمة.
إذا ما توفرت فرصة البث بسعر زهيد (وهذا ما سيحصل بالضرورة) فإن تأسيس قناة فضائية فردية سوف لا يصبح مشكلة كبيرة، وهي متوفرة الآن حيث بالإمكان إنشاء قناة فضائية بمليوني دولار في السنة الأولى بضمنها إيجار القمر الاصطناعي بدلا من خمسين مليونا.
وفي المستقبل القريب سوف لا يكون الحساب بالملايين ولا حتى بمئات الآلاف بل بآلاف الدولارات يمكن إنشاء قناة فضائية وقد تكون مثيرة ومؤثرة، ذلك رهين بقدرة البرمجة وهيكليتها وعقلية المهيمن عليها. ليس ببعيد الوقت الذي سيمتلك فيه المطربون الأثرياء فضائية لكل واحد منهم تبث أغانيهم ويحصل المطرب على الإعلانات التجارية التي تغطي كلفة فضائيته ويحصل منها على الأرباح ويوظف المراسلين عبر الإنترنت فقط!
هذا المستقبل سيكون في المدى المنظور والقريب وليس في المدى البعيد، ولكن واقع الاقتصاد يمنع أو يحول دون حدوثه لأن في هذه الثورة التقنية الجديدة تعني إلغاء لكل ماكينات البث التلفزيوني والتقنية التلفزيونية المعمول بها حاليا في المونتاج والتصوير والبث، وهذا ما يجعل الشركات المنتجة لكل التقنيات العظيمة والعملاقة أن يتحول منتوجها إلى سكراب وتهدد بانهيار مملكات وجمهوريات البث التلفزيوني. ولذلك فإن إدخال التقنية الجديدة والإعلان عنها والإفصاح عن أسرارها ستأخذ مدى مقصودا في مداه حتى تتحول الشركات العملاقة من الإنتاج التقني القديم إلى التقنية الحديثة والسهلة.
تقول الحقيقة الموضوعية (ليس كل ما هو غال يتميز بالجودة).. ولذا فإن التقنية المتوقعة للبث الفضائي ستكون في متناول اليد بسبب الثورة العلمية للديجيتال. إن بإمكان محطة تبدو متواضعة أن تنافس أكبر القنوات الفضائية. فالفضائية في حسابات الجدوى المالية اليوم قد تحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات لكي تتمكن من البث.
صار اليوم بإمكان أي شخص أن يؤسس قناة فضائية لو انخفضت كلفة إيجار الموقع على القمر الاصطناعي. تقوم فكرة التقنية القادمة للفضائيات على مبدأ الإنترنت والبث من المركز واستقبال البرامج الإخبارية واللقاءات من غرف صغيرة حتى في البيوت وخزنها في القرص الصلب في مركز الفضائية مع وجود كاميرا أو إثنتين للمقابلات، وأسعار هذه الكاميرات لا تزيد كثيرا عن سعر الكاميرا الشخصية (كاميرا الهواة) ولا يزيد حجمها كثيرا عنها ولا وزنها يختلف عن كاميرا البيت حتى تكاد تبدو هي نفسها كاميرا بيتية.. ومعروف أن أكثر القنوات الفضائية انتشارا هي فضائية ال MTV التي تستخدم هذا النوع من الكاميرات لا تزيد كلفتها بكامل ملحقاتها على عشرة آلاف دولار. وهي أوسع القنوات الفضائية انتشارا في العالم ويباع امتياز اسمها بسعر مرتفع بلغات غير لغتها الإنكليزية.
ثم إن برامج الكومبيوتر الخاصة بالبث التلفزيوني والمؤثرات الخاصة قد وفرت الكثير والجميل ومعارض التقنيات عرضت هذا العام آخر المستجدات على الساحة التقنية ما يدهش الرائي في تحويل العالم إلى قرية صغير بل إلى حي صغير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
يقول صاحب مشروع الفضائية: أريد قناة تلفزيونية يمكن ادارتها عن بعد وتصوير مقدم البرنامج بكاميرات بدون مصور والسيطرة عليها عن بعد. أريد أن تكون القناة التلفزيونية رخيصة التكاليف ولكن بشكل فعال. أريد الوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين. أريد أن أنفذ المشروع بأقصى سرعة ممكنة لنقل الامس قبل اليوم! المهمة تبدو في البداية صعبة.. ولكن واقع الحال سنجدها سهلة. سيكون لصاحب القناة ستوديو صغير لبرامج البث الحي والمسجل بمساعدة أربع كاميرات متعددة الوظائف تعمل بالروبوت والريموت وفيها بعد بؤري وفوكوس وغيرها) وهذه الكاميرات تدار من قبل شخص واحد فقط من منطقة السيطرة. والانارة مسيطر عليها ايضا عن بعد من قبل نفس الشخص مستخدما رؤوس انارة متحركة ومازج مع الذاكرة، وسيكون بمقدور مقدمي البرامج القيام بعملهم على افضل وجه. إن القرص الصلب في مركز القناة سوف يلم ويجمع كل برامج المراسلين عبر الإنترنت من أي مكان في العالم.
والمراسل لا يحتاج سوى إلى غرفة وكاميرا وقد تكون غرفته الشخصية في بيته مركزا للبث عبر الإنترنت نحو مركز المحطة وعبر القرص الصلب. يمكن لصاحب المحطة أن يلتقي برئيس الدولة ويتم التداخل مع المقابلة من قبل المحللين بنفس السهولة وبدون مصاعب تقنية كما هو معمول به حاليا.. وسوف لا يشعر لا المخرج ولا صاحب المحطة بأي إحراج أو ارتباك في البث والتداخل. ستلعب شركات الهواتف دورا في هذه التقنية الجديدة، وسيكون لمهندسي البث وتقنيي المونتاج والمؤثرات الفرص الذهبية للعمل بالأجور التي يختارونها، ولكن قد يصبح مهندس القناة خبيرا في هذه التقنيات عندما يصيبه الشغف في لعبة الفضاء والفضائيات. السؤال سوف لا يكمن في كيفية ترتيب وضع وإنشاء هذه القنوات التلفزيونية.
السؤال الصعب هو كيف يمكن السيطرة على العالم عندما تتصارعه ملايين الأمزجة الشخصية والثقافية لمالكي هذه القنوات؟ كيف يمكن السيطرة على العالم؟ هل هي مرحلة من الحرية الثقافية والاجتماعية أم هي مرحلة من مراحل تدهور المجتمعات وسقوط الحضارات؟
إن معارض البث التي تقام في أمستردام في هولندا في شهر أيلول سبتمبر من كل عام يتوقع أن تشهد عام 2006 بداية هذه العروض.. عندها لن تقع المسؤولية على عاتق الشركات المنتجة للتقنيات الجديدة، بل أن الأنظمة والحكومات ستكون هي المسؤولة بشكل مخيف عن مستقبل شعوبها ومجتمعاتها إذا لم تتدارس هذه الأمور دراسة علمية وواقعية وتضع الأنظمة والضوابط القانونية والأخلاقية لثورة قد تعود على المجتمعات بالخيبة وليس بالخير في كل الأحوال.


* سينمائي عراقي مقيم في هولندا
sununu@wanadoo.nl

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved