الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th November,2005 العدد : 131

الأثنين 26 ,شوال 1426

غواية البوح:
قراءة في الجوانب الشكلية لرواية (بنات الرياض) ودلالاتها
د. صالح بن معيض الغامدي

2
البنية:
لعل من أهم الجوانب الشكلية المثيرة في هذه الرواية البنية الإنترنتية الحديثة التي ابتكرتها الكاتبة. فتوظيفها الناجح لهذه التقنية الإلكترونية يعد إنجازاً لا يمكن التقليل من أهميته بغض النظر عن موقفنا من بعض جوانب الرواية الأخرى. فالرواية تتكون من خمسين فصلاً (أو رسالة إلكترونية) تسرد فيها راوية تسمي نفسها (موا) أحداث قصص صديقاتها الأربع العاطفية والزوجية والحياتية عموماً التي تغطي ما يقرب من ست سنوات من حياتهن، يسبقها دعوة من الكاتبة للقراء الراغبين في تلقي رسائلها والتفاعل معها، وتعقبها خاتمة أو استدراك.
وكل فصل من هذه الفصول أو الرسائل يتكون من المكونات المنتظمة الرئيسة التالية:
(1) موضوع الرسالة، (2) مقدمة مقتبسة، (3) مقدمة سير ذاتية خاصة بالراوية- الكاتبة، (4) متن الرسالة الإلكترونية التي تروي فيها أحداث الرواية الأساسية.
وإذا كانت الوظيفة الأساسية لمتن الرسالة هي سرد أحداث قصص الصديقات الأربع، فإن للمكونات الثلاثة الأخرى وظائف جوهرية تُسهم إلى حدٍ كبيرٍ في إعطاء الرواية شكلها النهائي في عين القارئ. فعبارات موضوع الرسائل تأتي بأشكال مختلفة وتحدث آثاراً متنوعة.
فهذه العبارات قد تأتي على صيغة سؤال مثل (من هي نوير؟) الهدف منه استثارة فضول القارئ، أو استنكار المواقف والأحداث المسرودة في الرسالة كما في العنوان التساؤلي التالي: (هل هذا هو الاستقرار العاطفي؟).
وقد تكون العبارة العنوانية بمثابة كبسولة دلالية تعكس موقف الراوية من موضوع الرسالة المسرودة مثل: (مجتمع معجون بالتناقضات)؛ وقد تكون العبارة تلخيصاً تقريرياً لموضوع الرسالة وأحداثها مثل: (سأكتب عن صديقاتي) أو (ميشيل تلتقي ماتي). وقد يكون الهدف من العبارة الإثارة والتشويق وهو الأكثر مثل: (مغامرة لا تُنسى) أو (سديم والإدمان). وفي بعض الأحيان تكون السخرية هي الوظيفة البارزة لهذه العبارات كما في الأمثلة التالية: (الصبر مفتاح الزواج) و(كله ولا السعودي)
و(رجل كالآخرين) و(أنا لميس والأجر على الله). وهذه العبارات قد تأتي مبتكرة أو مقتبسة أو مقتطعة من نص الفصل الذي ترد فيه.
أما المقدمة المقتبسة أو المضمنة فقد جاءت متنوعة في أجناسها الكتابية ومتفاوتة في أطوالها ودلالاتها. فقد جاءت قرآناً وحديثاً وشعراً (عمودياً وحراً وشعبياً ومترجماً)، وجاءت كذلك مقاطع نثرية عربية وأجنبية. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من هذه النصوص المقتبسة قد جاءت في المقدمة الاقتباسية، إلا أن بعض الاقتباسات الأخرى قد وردت في بعض المقدمات السير ذاتية والرسائل، لعل من أهمها المقطع الذي أوردته الكاتبة من قصيدة نزار قباني (يوميات امرأة) في المقدمة السيرذاتية الأولى. وأهم ما يميز أغلب النصوص المقتبسة في متن الرسائل أن أغلبها أغان ترددها شخصيات الرواية في مناسبات مختلفة. وقد أدت هذه النصوص المقتبسة في الرواية وظائف مهمة عديدة، لعل من أهمها الوظيفة التوكيدية. فكثيرٌ من هذه النصوص جاءت لتؤكد مصداقية أو معقولية الأفكار والأحداث التي يطرحها كل فصل أو رسالة. كما جاء بعضها وخصوصاً المقتبسات الدينية طلباً لتبرير طرح بعض الأفكار والأحداث الواردة في هذه الرسائل وإضفاء شيءٍ من الشرعية عليها، هذا على الرغم من عدم وضوح العلاقة أحياناً بين بعض النصوص القرآنية ومحتوى الرسائل التي ترد فيها.
ولكن الأهم من ذلك هو أن بعض هذه المقتبسات بدت وكأنها هي التي أوحت للكاتبة بكتابة الفصل أو الرسالة التي ترد فيها كلها، مثل قصيدة نورة الهوشان التي وردت في الفصل السادس والأربعين، وقصيدة نزار قباني الواردة في الفصل الثالث والأربعين. بل لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن قصيدة (يوميات امرأة) المقتبس بعضها في الفصل الأول من الرواية قد كانت المحرض الأول على كتابة الرواية برمتها. ففكرة الكتابة عن الصديقات ذاتها هي فكرة نزارية في أساسها. فرواية (بنات الرياض) قد لا تكون عند بعض القراء سوى صياغة سردية جديدة لكثيرٍ مما ذكره نزار قباني في ديوانه (يوميات امرأة لا مبالية) الذي نُشر في الستينيات من القرن الماضي وعد دليل ثورة على أوضاع المرأة العربية آنذاك. والكاتبة في الواقع لا تفتأ تذكر إعجابها الشديد بنزار قباني وشعره في مواطن متعددة من الرواية، لعل من أبرزها ما أوردته في الصفحة الثانية عشرة. ومن الواضح أن الكاتبة قد كانت واعية تماماً لتقنية استخدام المقتبسات (أو التناص بشكلٍ عام) في روايتها ومدركة لوظيفتها الإلهامية، تقول: (إن الآيات والأحاديث والاقتباسات الدينية التي أوردها في إيميلاتي تلهمني، والمقولات المشهورة والأغاني التي تحتويها رسائلي تلهمني أيضاً (ص 158). لكن ما لاحظناه أن النصوص الدينية كانت عمومية تبريرية في معظمها، أي أن حضور مرجعيتها الفكرية في مضامين الرواية بدا ضعيفاً إذا ما قورن بقوة حضور مرجعية النصوص الأخرى، وخصوصاً النصوص الأجنبية التي بلغت ما يقرب من 16 نصاً فاعلاً.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved