الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th November,2005 العدد : 131

الأثنين 26 ,شوال 1426

حكايات
مع ليلى.. والمجنون..!
محمد بن أحمد الشدي

قراءة الكتب فيها متعة حقيقية إذا كانت تتحدث عن التاريخ والشعر، ولقد تصفحت كتاب تاريخ الأفلاج، وهي جزء عزيز من بلادنا، وقد أورد المؤلف شيئا من أخبار العشاق، ومنهم مجنون ليلى الشهير.. وكذلك عدد من الشعراء الجعديين سكان تلك المنطقة، وفي مقدمتهم النابغة الجعدي وكنيته (أبوليلى) الذي يقول:
المرء يرغب في الحياة
وطول عيش قد يضره
تفنى بشاشته ويبقى
بعد حلو العيش مره
وتسوءه الأيام حتى
ما يرى شيئا يسره
كم شامت بي أن هلكت
وقائل لله دره
ولكن أشهر هؤلاء الشعراء الجعديين، هو مجنون ليلى قيس بن الملوح المعروف على نطاق أوسع بالعامري - وقد أولاه المؤلف اهتماما أكبر من حيث إلقاء الضوء على نسبة وقصة حبه وحرمانه ثم ذكر باقة من شعره الغزلي قال المؤلف:
هو مجنون ليلى.. قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعده بن كعب بن ربيعة بن عامر ومعشوقته هي: ليلى بنت مهدي بن سعد بن مهدي بن ربيعة بن الحربش بن كعب بن ربيعة بن عامر.. عشق كل منهما صاحبه، وقد أصابت فيسألونه جنونا لشدة عشقه لها فلقب بالمجنون قال الأصمعي: لم يكن محموما ولكن كان فيه لوثة كلوثة أبي حية ويقول ابن قتيبة وهو من أشعر الناس وتلوث شعره بكثير من الأساطير والانتحالات والمقولات فصار كل من يقول شعرا في ليلى ينسبه للمجنون، وقد تردد كثيرا من القصائد والمقطوعات بينه وبين قيس بن ذريح وقوبه.
وقد عاش هذان العاشقان (قيس وليلى) في خلافة مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان، أما وفاتهما فمتقاربة، فقد ذكر المؤرخون أن وفاة قيس كانت سنة (70هـ) ووفاة ليلى كانت قبل ذلك العام بقليل.
وكان في جبل التوباد بالغيل (مختبئا) لقيس ينعزل فيه عن الناس وبعد تمكن ليلى من قلبه خرج من الغيل وهجره مدة من الزمن ثم رجع إليه وقدم إلى جبل التوباد ووصف اللقاء بقوله:
وأجهشت للتوباد حين رأيته
وكبر للرحمن حين رأني
واذرفت دمع العين لما عرفته
ونادى بأعلى صوته فدعاني
فقلت له قد كان حولك جيرة
وعهدي بذلك الصرم منذ زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم
ومن ذا الذي يبقى على الحدثان
وإني لأبكي اليوم من حذري غدا
فراقك والحيان مؤتلفان
سجالا وتهتانا وويلا وديمة
وسح وتسجاما إلى هملان
ومن شعر قيس الرائع يخاطب نفسه ويواسيها ويحثها على الصبر ويحذرها من الجزع والعجلة في الأمور:
ألا أيها القلب اللجوج المعذل
أفق من طلاب البيض إن كنت تعقل
أفق قد أفاق الوامقون وإنما
تماديك في ليلى ضلال مضلل
سلا كل ذي ود عن الحب وارعوى
وأنت بليلي مستهام موكل
فقال فؤادي ما اجتررت ملامة
إليك ولكن أنت باللوم تعجل
ومن أجود قصائد قيس (المؤنسة) لأنه كان يستأنس بها، ويرددها كثيرا هذه الأبيات:
تذكرت ليلي والسنين الخواليا
وأيام لا اعدي على الدهر عاديا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة
وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا
وإني لاستغشي وما بي نعسة
لعل خيالا منك يلقى خياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني
أحدث عنك النفس يا ليل خاليا
وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
أتهجر ليلى ثم تزعم أنني
سلوت وهل يخفى على الناس ما بيا
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
وإن كنت من ليلى على الياس طاويا
خليلي أن ظنوا بليلى فقربا
لي النعش والاكفان واستغفرا ليا
لقد هام قيس بليلى وذاب لوعة ووجدا، أفاض به شعره الغزلي الرقيق فهل كانت ليلى تبادله الحب؟.. وهل كانت شاعرة تقول الغزل في قيس..! لم يكن إلا القليل من القراء والمهتمون بالشعر والأدب يعلم أن ليلى صاحبة المجنون كانت تقول الشعر الغزلي في قيس، وهذا شيء جديد كشفه لنا المؤلف، أو أطلعنا عليه على الأقل، فمن شعر ليلى وهي شاعرة مقلة:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة
متى أحل قيس مستقل فراجع
بنفسي من لا ستقل برحلة
ومن هو ان لم يحفظ الله ضائع
وقد ذكر لها في الأغاني قولها:
كلانا مظهر للناس بغضا
وكل عند صاحبه مكين
تخبرنا العيون بما اردنا
وفي القلبين ثم هوى دفين
ومن شعرها أيضا:
وتظهر جفوة من غير حقد
وحبك في فؤادي ما يبين
فطب نفسا بذلك وقر عينا
فإن هواك في قلبي مصون
وتقول في وصف حالها وحاله:
لم يكن المجنون في حالة
إلا وقد كنت كما كانا
لكنه باح بسر الهوى
وانني قد ذبت كتمانا
وبعد أن تحدث المؤلف عن شعراء بني جعدة تحدث عن شعراء بني قشير ومن أشهرهم الشاعر الصمة بن عبدالله القشيري، ومن شعره وهو يتجه إلى الشام ويتشوق إلى نجد وأرضها وعرارها:
أقول لصاحبي والعيس تهوى
بنا بين المنيفة فالضمار
تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عرار
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved