الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th November,2005 العدد : 131

الأثنين 26 ,شوال 1426

قصة قصيرة
السماء تمطر ناراً
ميرا الكعبي
صاحت الطفلة وهي تمعن في غرس وجهها البريء وكلتا يديها في زجاج النافذة، وهي تحاول جذب الستار كي تسترق البصر بفضول سنينها الست للسماء وهي تتلون بألوان النار: أمي.. انظري السماء تمطر ناراً.
بينما تأتي الأم لتجذبها بقوة بعيداً عن النافذة وتسدل الستار عليها:
- أيتها المشاكسة، ألن تنامي؟
- السماء تمطر ناراً... انظري.
لكن الأم تتجاهل ملاحظة الطفلة في محاولة منها لإخفاء الرعب والقلق من المصير المجهول في سنين الحرب، ولتضفي جوا من الأمان على البيت. تسرح بعيداً وتفكر في مصير أطفالها، تشعر بالتوجس والخوف عليهم، تضم إليها رضيعها، وتمسد شعر الطفلة بحنان، ترقب الشمعة وهي تصارع رمقها الأخير، قبل أن تخفت أنفاسها وتنطفئ، ومن ثم تهيئ شمعة أخرى لذات المصير، أوشكت شموع البيت أن تنفد، لا يهم في الغد تشرق الشمس، ولن تحتاج لشمعة أخرى، وربما في الغد تشرق شمس السلام. تفكر أن تقتل رهبة الصمت وذلك بأن تدير الراديو على الإذاعة المحلية، لعلها تسمع أغنية حميمة تزرع الفرح في قلوب الصغار. لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة خشية أن تسمع شيئاً من أخبار الحرب.
تغفو على ركبتيها طفلتها المشاكسة قليلاً، ثم تستيقظ: أمي.. هل صحيح أن أبي في السماء؟ تفزع الأم لوقع هذا السؤال، ثم تجيبها بهمهمات موافقة، لكن الطفلة تعاود
السؤال: هل هو غاضب منا؟
- لا.. لا.. هو ليس كذلك!
- إذاً.. لماذا السماء تمطرنا بالنار وأبي هنالك؟!
تصمت الأم إثر هذا السؤال المباغت، تشرد طويلاً بفكرها، أتقول لطفلتها أن هنالك دولا تحارب بعضها البعض وتقتل وترجم الآخرين بالنار، كما الألعاب؟! أتخبرها شيئاً عما يسمى بالحصار أو الحرب والقتل والدمار؟!
لكنها ما زالت طفلة صغيرة ولا يجوز أن تزرع الشوك في أحلام الصغار، لذا فكرت أن تحكي لها عن والدها البطل الذي يحيى الآن في السماء، ولكن حينما همت بالحديث: (والدك كان...) دوي انفجار اهتزت له الجدران، فتنطفئ الشمعة مجدداً، وينسدل الستار.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved