الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th November,2005 العدد : 131

الأثنين 26 ,شوال 1426

سارة الأزوري في باكورة مشروعها القصصي:
(طقس خاص) قصص تصور واقع الألم الاجتماعي
*مطالعات -عبدالحفيظ الشمري:
المجموعة الأولى (طقس خاص) للقاصة سارة الأزوري تنحو منحى الإفصاح الذاتي عن ما يجول بخلد الراوي لحظة ملامسة ذاكرته للأحداث الأليمة.. تلك التي تتواتر بشكل مثير ومفزع، وكأن هذا الإفصاح الذي تتوهج فيه القاصة مرهون بنموذج محدد لا يخرج عن إطار الحزن الاجتماعي الذي تغرق فيه نحن، فلا يشاركنا فيه من الأقوام الأخرى أحد، إذ إن حزننا وهمنا الذي يتوارد على لسان الراوي في قصص سارة الأزوري هو من صنع أيدينا حينما فرطنا بكل شيء، لنصبح عالة على من حولنا من الأمم لتصبح يومياتنا مزيجاً من ألم خاص كما في قصة (براءة)، ومعاناة امرأة مع الوحدة الخانقة في حكاية (سحنونة).. تلك التي تقاطعت مع ما لحقها من إفصاح عفوي في قصة (رحلة استكشاف)، لتتعاضد في هذا السياق السردي آلامنا الخاصة مع معاناة من حولنا مجسدة حجم الألم وتنوعه.
أكثر الألم الذي تعرضه قصص المجموعة يأتي على هيئة بوح ذاتي يعكس حجم الحضور المعنوي الذي تتركه قراءة القصص، لتتعالق في هذا السياق رغبة الكاتب في استقصاء هذا البعد الإنساني مع حاجة القارئ للتلقي الإيجابي لمثل هذه الصور الإنسانية المعبرة.
قضايا المجتمع تشغل بال الكاتبة، وتؤسس في الذهن مشروعية السؤال القائم: هل كل قضية خاصة تصلح لأن تكون عامة ومشاعة يتناولها الجيع بتفسيراتهم الخاصة؟ فالإجابة على هذا السؤال ومن واقع قصص (طقس خاص) تأتي محملة بنبرة إنسانية يتقاطع فيها العام بالخاص على نحو ما ورد في قصة (المصعد) حينما صورت الكاتبة حجم مأساة امرأة شابة تختزن الشقاء، لتعاني من تناقضات الحياة المؤذية، حيث تصبح قضيتها الخاصة التي دفعت حياتها ثمناً لمثل هذه النزوات التي تتركها ظروفها النفسية المتناقضة، فالمرأة لا تعرف من الحياة إلا وجهها المعتم وذلك الذي يعرف الناس، وهو ملمح عمدت الكاتبة إلى استقصائه ومتابعة منعرجاته على نحو مناسب يعكس قدرتها على تدوين حيثيات هذا العناء الإنساني اليومي.
تتكئ قصص (طقس خاص) على ملحم حكائي، يحتفل بالطرفة، والعفوية في تناول المقولة حيث تواصل الكاتبة تقصي منعرجات الخصومة بين الفرح وشخوص عملها، إذ لا تلمح سوى الحزن مستعرضاً قواه على كافة أرجاء العالم الإنساني، ليظل الأفق مزدحماً بهذا العبق الإنساني الخالص التمثل بحكاية الإنسان البسيط.. ذلك الذي تدور مفصلات معاناته على ما له علاقة بمن سواه من شخوص يمثلون الأهل والأقارب والأرحام الذين لا يحفل بعضهم بمن يحمل همومه الخاصة أو بمن يعاني من ضوائق نفسية، ووجدانية تمكنت (سارة الأزوري) من رصده بمهارة مميزة.
قصة (طقس خاص) التي حملت اسم المجموعة ذات بعد حكائي تتوارد فيه مفردات الطرافة والابتكار، حينما تخرج القاصة حكايتها من هامش (العادية) والتلقائية إلى فضاء قصصي تعتلج فيه الظاهرة الأسرية مكونة هذا البعد الاسترسالي في فهم ما هو أشمل وأعم في حكاية الرجل المسن الذي يعاني من عقد ووساوس قديمة سيطرت عليه، فظل يتذكرها بين حين وآخر على نحو ما يعانيه لحظة الاستحمام أو حينما يشاهد قِطّاً فلا يجرؤ على التخلص من عقده أمام هذين المشهدين ليصبح المشهد صراعاً داخلياً يتواتر طوال سني حياته.. فلم يعد صديقه (جبر) قريباً منه لعله يخفف من عناء بحثه عن الذات التي باتت غريبة، وهامشية في حياة من حوله، ولاسيما الجيل الجديد، أبناءه (عمر وجميل وحامد) وحفيده، وأهل حيه..
لغة النصوص في هذه المجموعة مباشرة لا تحمل أي منعطفات شعرية.. أو بناء إيمائي يضع للمفردة بعدها الدلالي.. إنما ظل السرد واضحاً في معالمه ومحافظاً على تقنياته، ليكتشف القارئ أن متعة النص في هذه المجموعة سببها السرد الكامل من ألفه إلى يائه.. وهو ما عنيت به الكاتبة واهتمت به..
إشارة:
* طقس خاص (قصص)
* سارة الأزوري
* دار الكنوز الأدبية - بيروت.
* (الطبعة الأولى) 1426هـ - 2005م.
* تقع المجموعة في نحو (100 صفحة).
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved