قصة قصيرة
التابوت
نورة بنت سعد الأحمري
|
أغلق سماعة الهاتف يحمل في يده وصية يرجو نفاذها من بعد إيفاء دين عليه.. وقف برهة ينظر في المرآة يدقق في تقاطيع الموت التي حفرها الزمن هالات سوداء تتأرجح بين انتفاخ ودموع تتساقط في قلبه، وكيف أنه بهذه الكلمات دق المسار الأخير في صناعة نعشه الذي أخذ منه سنوات في ترصيعه بمسامير الهم والتعب.
خرج إلى الطريق مشوشاً بالصمت والتهور والرغبة.. أسرع الخطى مرتبكاً، خانه توازنه.. تعثر بخوفه حين شاهد التابوت القابع هناااااك في طرف الشارع الآخر، حاول العبور حاملاً معه الوصية.. سمع صوتاً مبهم الحروف.. تعالى مع استمرار مسيره المتعثر.. باغتته صرخة فجرت الخوف في أرجله.. فزاد تعثره وارتباكه، أدار ظهره سقطت الوصية من سرعة الاستدارة.. انحنى لالتقاطها وسط خوفه من مشهد التابوت.. خالطته أسئلة كثيرة.. هل التابوت نهاية للرغبة أم الصمت أم التعب؟؟ وهذه الوصية هل سيتم فكها بعيداً عن الدين الذي أحمله ؟؟ عاد خطوات إلى الوراء تذكر الهاتف وكيف أغلقه. . قطع الهلع عليه فكرة العودة إلا الهاتف والاطمئنان على إغلاقه حتى تتواصل حرارة الرنين فيه لمن أراد إنفاذ الوصية. صرخ.. كفى.. كفى، فالعالم يزخر بالأغنياء لإسقاط الوصية، وقبل أن ينتبه إلى اقتراب التابوت تذكر أنه لم يكتب أسماء وانها خرساء من غير ذلك.. فتش في ذاكرته ما هي الأسماء، وازداد هلعه كلما شاهد التابوت يقترب منه. . زاغت عيناه وسط فكرة هاربة تعلق بها وهو يتذكر الهاتف.
وسأل ذاته من كنت أحادث قبل أن أشاهد التابوت ؟؟
تراكم التراب على قدميه من فرط ذهابه وإيابه في نفس المكان الجامد المفتول بالصمت.. حسم أمره سأعود إلى بداية ممشاي ومن ركن الهاتف فقد أتذكرُ شيئاً حتى اكتب أسماء في الوصية. أمسك الحذاء بيديه بعد أن التقطه من قدميه الجافتين وسار وهو حامل ذنبه.. (يا غافر الذنب اغفر ما تقدم وما تأخر من ذنبي).
يُشرع باب المكان وسط تمتمة شفافة باردة، يجد مكان الهاتف ذاك التابوت الهارب منه.. رفع الوصية بألم فتت كبده، يارب لا أريد أن أموت قبل أن أجد الأسماء فلن استطيع الدخول وغلق المسامير بإحكام.. فتح الوصية ليجد الحبر قد ذاب بين طيات الورق كذوبان الشمع بالاحتراق.
Noora436@hotmail. Com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
