Culture Magazine Monday  29/01/2007 G Issue 184
فضاءات
الأثنين 10 ,محرم 1428   العدد  184
 

مساقات
صَدَى السنين الحاكي!
د. عبد الله الفَيْفي

 

 

(ح س ر)

حَسَرَ، يحْسُر، فهو حاسِر - في لهجة فَيْفاء: تَعِبَ وأُرْهِق.

قال تعالى: (ثُمّ ارْجِعِ البصرَ كرَّتين ينْقلبْ إليك البصرُ خاسئًا وهو حسير).

(سورة الملك، آية 4).

والكلمة في معناها الحقيقي القديم تُشير إلى انحسار اللباس أو بِلاه.

ثم صارت تستعمل مجازًا للنَّصَب والرهَق، كأن الطاقة قد انحسرت عن صاحبها، كما ينحسر الثوب عن الجسد.

وهي كذلك في اللغة الإنجليزية، فكلمة (wear out) تعني: يَتلف ويتآكل، كما تعني: يُتعِب ويُرهِق.

وهكذا تُرجمتْ الآية الكريمة في ترجمة (خان، محمّد محسن؛ محمّد تقيّ الدين الهلالي، تفسير معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية):

Then look again and yet again: your sight will return to you in a state of humiliation and worn out.

(ح ش ش)

حَشَّ: القِِِدْرُ أو الإناءُ، يَحَشّ، أي: غَلَى ما فيه.

قال (جرير، (2004)، ديوانه، قدم له وشرحه: تاج الدين شلق (بيروت: دار الكتاب العربي)، 42: 11):

يَحُشُّونَ الحُرُوبَ بمُقْرَباتٍ

وداووديّةٍ كأضا الَحَبابِ

وقد جاء في (ابن منظور، لسان العرب، (حشش): (حَشَّ النارَ يَحُشُّها حَشًّا: جمع إِليها ما تفرّق من الحطب، وقيل: أَوقدها... قال الشاعر:

تاللَّه لولا أَنْ تَحُشَّ الطُّبَّخُ

بِيَ الجَحِيمَ، حين لا مُسْتَصْرَخُ

يعني بالطُّبّخ الملائكةَ الموكَّلين بالعذاب. وحَشَّ الحرب يَحُشُّها حَشّاً، كذلك، على المَثَل، إذا أَسعرها وهيّجها، تشبيهاً بإِسْعار النار; قال زهير:

يَحُشُّونَها بالمَشْرَفِيَّة والقنَا

وفِتْيانِ صِدْقٍ لا ضِعافٍ ولا نُكْلِ

والمِحَشُّ ما تُحَرّكُ به النار من حديد، وكذلك المِحَشَّة، ومنه قيل للرجل الشجاع: نِعْم مِحَشُّ الكَتِيبة... ومنه حديث عائشة تصف أَباها، - رضي الله عنهما -: وأَطْفَأَ ما حَشَّتْ يهود، أي ما أَوقَدَت من نيران الفتنة والحرب... والحَشْحَشَة الحَرَكة... وحَشْحَشَتْه النَّارُ: أَحْرَقَتْه.

وفي حديث عليّ وفاطمة: دخَل عَلينا رسولُ اللَّه، - صلى الله عليه وسلم -، وعلينا قَطِيفة، فلما رأَيْناه، تَحَشْحَشْنا، فقال: مَكانَكُما! التَحَشْحُش: التحرُّك للنهوض.

وسمعت له حَشْحَشَة وخَشْخَشَة، أَي: حركَةً.

ولعلّ المعنى الأخير أقرب في الاستعمال اللهجي ل(حَشَّ) بمعنى: تحرّكَ الماء أو الطبخ بالغليان فسمعت له حَشْحَشَة.

أمّا حَشّ (الزَّرْع، مثلاً)، فواضح الأصل.

والمِحَشّ: معروف، وهو بهذا اللفظ في اللهجة.

ويستعملون المِحَشّ في حشّ الحشيش أو حصد الزرع ونحوه.

قال (ابن منظور): والمِحَشّ والمَحَشّ: منجل ساذَجٌ يُحَشُّ به الحشيش، والفتح أَجود.

(ح ف ظ)

يا محفوظ الروح والسلامة): عبارة دعائية، تضمّن خطاب الآخرين تلطُّفًا.

(ح ق ق)

حَقّ: لعلّ استخدام كلمة (حقّ) للإضافة- كأنْ يقال: (هذه السيّارة حَقّ فلان)، أي (سيارة فلان)، و(هي حقّه)، أي (له)- من الظواهر اللهجية الدخيلة حديثًا على لهجة فَيْفاء.

ففي أصل اللهجة تأتي صيغة الإضافة على الطريقة العربية المعروفة: (هذه سيّارة فلان)، وهكذا.

على حين نقف على الإضافة بوساطة (حق) في منطقة جازان منذ القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي، حتى في المكتوب، لا المنطوق فقط، وذلك كقول (عبد الله بن علي النعمان الضَّمَدي)، في كتاب (العقيق اليماني (مخطوط)، 3: 405، نقلاً عن: أبي داهش، أهل تهامة، 155)، عن أحداث سنة 1060هـ = 1650م: (فزاد البحر وطغى، وتجاوز الحدّ وأغرق فُرضة جازان، ودخل المسجد والسوق (حقّ) العطّارين).

أمّا ما يُعرف في فَيْفاء ب (سَنَة حِقّ)، فمن سنين القحط والجوع، التي يضربون بها المثل.

ومثلها (سَنَة لَحْمَة).

وسَنَة حِقّأَحْدَث عهدًا من سَنَة لَحْمَة، وكانت في حوالي 1359هـ، حسب بعض المعلومات.

فيما يورد (الفَيْفي، علي بن قاسم بن سلمان، (1411هـ)، السِّمط الحاوي لأسلوب الداعية الشيخ عبد الله القرعاوي في نشر التعليم بجنوب المملكة، (مكة: مطابع الصَّفا)، 71 أن سَنَة حِقّ كانت سنة 1369هـ، وأنه أُطلق عليها في تهامة (سنة الثماني)، و(سنة رزّة).

قال: (وأَكَل الناس الغلف، والميتة، ولا أزال أذكر الناس وهم يستخرجون جُثث الحيوانات من وادي بيش ويأكلونها).

واسم تلك السنة في فَيْفاء مشتقّ من المكيال (الحِقِّ)، الذي لم يكن لأحد في تلك السنة ما يزيد على مقداره، وكان هو مكيال تبادل الحَبّ فيما بينهم.

ومقداره: رُبع الرُّبْعِيّ، و الرُّبْعِيّ رُبع الصاع.

والصاع في فَيْفاء أكبر عادةً من الصاع النبوي.

ولقد توالت سنين قحط على المنطقة في القرون الأخيرة، إذ يروي كبار السن عن آبائهم عن أجدادهم الكثير من حكايات العُسر التي مرّوا بها أو سمعوا عنها.

إذ كانت تجتاح منطقة المخلاف السليماني - عمومًا - سنين جدب ومجاعات طاحنة.

وما سَنَة حِقّ أو سَنَة لَحْمَة إلا بعض تلك السنين، وإن اختلفت الأسماء.

ومنها: السنة المعروفة في جازان ب(سنة أم العِظام)، في عام 973ه، ف(العقيلي، محمّد أحمد، (1982)، تاريخ المخلاف السليماني، (الرياض: دار اليمامة)، 1: 308) يذكر أنها (اجتاحت المخلاف السليماني مجاعة ضارية، فتكت بالأغلب الأعم من سكانه، وعزّت الأقوات، بل لم يجد الناس ما يقتاتون به، فاضطر الأغلب من سكان البوادي إلى سحق العظام، وسفّها، وقَلْي الدم، وأُكلت الميتة، (والأطفال!!).

وتشتهر المجاعة في المخلاف بسنة أم العظام.

حقًّا، إن الجوع كافر، كما يُقال! ووقعتْ كذلك مجاعات لاحقة، كمجاعة وادي ضَمَد، سنة 1046هـ.

وفي سنة 1063ه، وسنة 1079ه، وفي صفر 1171ه، وسُميت هذه الأخيرة في جازان ب(لَكَّة)، وراح ضحيّتها أكثر السكان.

وكذا السنة التي سمّاها العامة (حنون)، 1172هـ، 1177هـ.

(يُنظر: أبو داهش، عبد الله، حوليات سوق حُباشة، ع4، س4، ص151- 153؛ العقيلي، تاريخ المخلاف، 1: 403).

(ح ق و)

لحَقْوُ: صفة تطلق على الأماكن الواقعة في سفوح الجبال، تمييزاً لها عن الجبل؛ ولذلك فإن هنالك عدة أماكن تطلق عليها هذه الصفة، من منخفضات جبل فَيْفاء وغيره.

والحَقْوُ: الخاصرة.

والحَقْوَان: الخاصرتان.

لذلك اشتُق وصف الحَقْو للمناطق المتوسطة بين عالي الجبال وتهامة.

جاء في (الزمخشري، أساس البلاغة، (حقو): (شد إزاره على حقوه أي على خصره... ونزلوا بحقو الجبل وهو سفحه).

وفي (الأزهري، تهذيب اللغة، (حقى): (أخبرنى المنذري عن بشر بن موسى عن الأصمعي قال: كلُّ موضع يَبْلغُه سيلُ الماء فهو حَقوُ.

وقال الليث: إذا نظرتَ إلى رأس الثَّنيِةِ من ثَناَيا الجبل رأيت لِمَخْرَمَيهْا حَقْويَنِ.

وقال ذو الرُّمَّة: تلوى الثنايا بأحْقيها حوشيه ليَّ المُلاءِ بأبوابِ التَّفَاريج).

وفي (ابن منظور، لسان العرب، (حقا): (الحَقْوُ: موضع غليظ مرتفع على السيل، والجمع حِقَاءٌ؛ قال أبو النجم يصف مطراً:

يَنْفِي ضِبَاعَ القُفِّ من حِقَائِه

وقال النضر: حِقِيٌّ الأَرض سُفُوحُها وأَسنادُها، واحدها حَقْوٌ، وهو السَّنَد والهَدَف... والحِقاءُ: جمع حَقْوَةٍ، وهو مُرْتَفِع عن النَّجْوة، وهو منها موضع الحَقْوِ من الرجل يتحرّز فيه الضباع من السيل.

* عضو مجلس الشورى aalfaify@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة