Culture Magazine Monday  29/01/2007 G Issue 184
فضاءات
الأثنين 10 ,محرم 1428   العدد  184
 

د.عبدالله بن ناصر السبيعي
عبد الله بن أحمد الشباط

 

 

تحت عنوان (سيرة ممزوجة بتاريخ الأحساء) كتب الأديب الأحسائي عبدالله الخضير:

شغل الدكتور عبدالله بن ناصر بن عبدالله السبيعي العديد من المناصب الرفيعة خلال رحلته العملية لا سيما بعد حصوله على درجة الدكتوراه في العلاقات الإنجليزية العربية من جامعة متشجان بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1400 هـ، حيث عمل بوظيفة نائب الملحق التعليمي بالولايات المتحدة في الفترة 1985 - 1988م.

ولد الدكتور عبدالله السبيعي بالأحساء في عام 1366 هـ وتنقل بين مدارسها حتى تخرج من معهد المعلمين عام 1383 هـ وأثناء عمله بالتدريس واصل تعليمه حتى حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة الهفوف ليلتحق بجامعة الرياض ويحصل على درجة البكالوريوس في التاريخ عام 1392 هـ وبعد تعيينه معيداً في كلية الآداب بجدة تم ابتعاثه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه بعد ذلك استطاع د.السبيعي أن يدون تاريخ الأحساء والمناطق المجاورة في مجموعة من الإصدارات الجيدة بينها ستة كتب ظهرت دفعة واحدة. وقد ناقش فيها التاريخ الأحساء بعين المؤرخ والدارس والأكاديمي ساعده على ذلك تاريخ الأحساء الذي يزخر بتراث جيد من الإبداعات الثقافية والفكرية والكثير من الإنجازات الحضارية والاجتماعية.

ومن جميل الرؤية التاريخية (للسبيعي المؤرخ) حينما بين أن وقوع الأحساء بين مناطق حضارات رائدة في العراق والهند وفارس واليونان وانفتاحها عليها مما أدى إلى إتاحة الفرصة لسكانها للاطلاع والتثقيف والاستفادة من ثمرات تلك الحضارات ومما يدل على نضج ثقافة سكان الأحساء وسعة إدراكهم وعمق تفكيرهم دخولهم في الإسلام طواعيةً رغم بعد المكان وصعوبة الاتصال1.

مما تقدم يتضح للقارئ مدى عشق الدكتور عبدالله بن ناصر السبيعي الأرض بلاده الأحساء وأهلها واهتمامه بتاريخها القديم والحديث وتركيزه على الفترات المجهولة من السلسلة التاريخية بالنسبة لأهل الأحساء خاصة والمملكة العربية السعودية بصفة عامة وهي الفترات الواقعة بين عامي 1288 - 1331 هـ الموافق 1871 - 1913م وهي الفترة التي كانت الأحساء والقطيف وقطر خاضعة للحكم التركي الثاني وبذلك يحق لنا أن نسمي الدكتور عبدالله بن ناصر السبيعي بعاشق الأحساء. وهذا العشق هو الدافع إلى التضحية بالجهد والمال والوقت بجمع التراث التاريخي من مصادره الأصلية خاصة ما يتعلق بالوثائق العثمانية ونقلها إلى العربية وما يتطلبه جمع الوثائق من السفر إلى إسطنبول ولندن وباريس وغيرها من العواصم والتنقيب في المكتبات والمتاحف، واستخراج الوثائق والكثير من المعلومات المتعلقة بتاريخ هذه المنطقة (الأحساء والقطيف وقطر) لكن الدكتور عبدالله السبيعي قبل الولوج في مجاهل تلك الفترة التاريخية حاول تدوين التأثيرات التي خضعت لها الحياة الاقتصادية والثقافية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية تحت عنوان (اكتشاف النفط وأثره في الحياة الاقتصادية) و(اكتشاف النفط وأثره في الحياة العلمية) ثم (ترجمة كتاب واحة الأحساء تأليف ف.ش.فيدال عن الإنجليزية) وبعد ذلك انهمرت أجزاء تلك السلسلة التاريخية لفترة الحكم العثماني المشار إليه. لكن ما هو سر هذا الاهتمام؟

يجيب الدكتور عن الشق الأول بقوله:

لا مراء أن اكتشاف النفط في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية حدث من أضخم الأحداث التي شهدها هذا القرن (القرن العشرين) في جزيرة العرب بل في العالم كله، ولكن هذا الحدث الكبير لم يحظَ بنصيب وافر من الدراسة والاستقصاء فالدراسات التاريخية على قلتها وعدم تطرقها إليه تعمد إلى نهج الكتابة التاريخية التقليدية دون قصد لتحليل النواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والخروج بدراسة تاريخية شاملة تستظهر بالمعلومات التاريخية والبيئية والاجتماعية المختلفة لتضع حدثاً اقتصادياً كبيراً مثل هذا في منظور شامل وواسع.

أما عن السبب فيقول الدكتور:

إن الموضوع نفسه بأبعاده وآثاره المهمة قد استحوذ على اهتمامي وشغل ذهني منذ أكثر من خمس سنوات (قبل 1986م) فمن الناحية الأكاديمية البحتة لا يستطيع الباحث أن يتجاوز موضوعاً مثل هذا من غير الاقتراب منه فإذا هو أمام مادة ثرية ومتنوعة ولكنها مادة عذراء لم يطمثها قلم باحث بعد وحسبك بكل هذا حافزاً على التصدي لهذه الدراسة مع أنك أمام حدث من أهم الأحداث التي شهدها الوطن ولعله لا يفوقه من حيث الأهمية في تاريخ البلاد الحديث سوى توحيد المملكة نفسها وحري بحدث بهذه الأهمية أن ينال من الدارسين وقفة جادة وقدري أن أكون أنا المشير بهذه الوقفة 2

أما من الناحية التاريخية خلال الفترة المشار إليها آنفاً فإن الدكتور السبيعي يضع بين يدي القارئ سلسلة من ستة مجلدات احتوت كل مظاهر الحياة السياسية، والإدارية والاقتصادية في فترة الحكم العثماني التاريخي لهذه المنطقة 1288 - 1331 هـ وعن هذه السلسلة يقول:

راودني منذ عشرة أعوام رغبة في المساهمة في كتابة صفحات من تاريخ الأحساء، وما حولها إدراكاً مني لقلة من تصدى لكتابة تاريخها وتدوين أحداثها رغم تسليمي بصعوبة المهمة ومشقتها، وبما يحيطها من معوقات وكان يدفعني ويقوي عزمي أمل في أن أجد من مثقفيها والمهتمين بالتاريخ وتدوينه والمحتفظين بالوثائق التاريخية والجامعيين عوناً وتشجيعاً ومؤازرة لا سيما والمنطقة بيئة علم وتدوين وإشعاع علمي متميز جعلتها سابقة لغيرها من مناطق الجزيرة العربية. غير أن تلك الأماني حالت دونها صعوبات وعقبات كانت أكثر مما يظن مما أطال مدة جمع الوثائق والمعلومات والسفر لطلبها من مظانها في أرشيفات إسطنبول والهند وبريطانيا وفي زيارات متكررة إضافة إلى بعض ما يُنشر محلياً وتحليلها والتثبت من صحة معلوماتها 3

ورغم ذلك المجهود الضخم الذي استحوذ على صحته وكيانه وفكرة فإن نشاطه الفكري لم يتوقف عند هذه الفترة من التاريخ ولا عند تلك النواحي المهمة في تاريخ الأحساء فقد تولى تأليف وإصدار عدد من الكتب ذات القيمة الفكرية التي تقدم للقارئ دلائل تعليمية يضعها بين أيدي الدارسين والباحثين ومن هذه الدلائل:

1 - الحياة الاقتصادية في المنطقة الشرقية 1350 - 1380 هـ.

2 - كتاب الحياة العلمية والثقافية والفكرية في المنطقة الشرقية 1350 - 1380 هـ، 1930 - 1960م

3 - دليل رسائل الدكتوراه في الجامعات الأمريكية والكندية حول المملكة العربية السعودية 1925 - 1987م

4 - ملخصات رسائل الدكتوراه في الجامعات الأمريكية والكندية حول المملكة العربية السعودية 1925 - 1987م.

والدكتور السبيعي إضافة إلى أنه يعالج التاريخ بحرفية المؤرخ وإلمامه بأبعاد المواضيع التاريخية التي يبسطها أمام القارئ فإنه يعالج ذلك بروح الوطني الذي شغفه حب الوطن واتخذ من تاريخه مادة لدراساته الموضوعة والمترجمة محاولاً جمع أكبر قدر من الوثائق والمصادر التاريخية ويتجلى ذلك الحب بصورة واضحة في عبارات قليلة افتتح بها الفصل الأخير من كتابه الأول (الحياة العلمية والثقافية في المنطقة الشرقية 1350 - 1380هـ، 1930 - 1960م).

من القواعد شبه المتفق عليها في حياة المجتمعات أن الرخاء الاقتصادي ذو ارتباط ما بالرقي الثقافي - على أن واقع الأمر ليست هناك (قواعد) ثابتة تحكم النشاط الاجتماعي كما هو الحال في العلوم الطبيعية - عموماً يستطيع الباحث الاجتماعي أن يجد معاملاً للتناسب بين رخاء المجتمع اقتصادياً وبين تقدمه ثقافياً.

وليست المنطقة الشرقية بدعاً في هذه الناحية، فقد أثر الثراء الاقتصادي الذي شهدته بعد اكتشاف النفط عليها بصورة إيجابية في كثير من النواحي، وخصوصاً في الناحية التعليمية، حيث زاد التعليم فيها بصورة واضحة كماً وكيفاً كما أن نسبة الوعي عموماً قد زادت بين السكان إذ دخلت المدارس ودور النشر ووسائل الصحافة.

ولقد استطاع الدكتور السبيعي بجهده وكفاحه ونشاطه المتواصل أن يلم بتاريخ فترات من تاريخ الأحساء تكاد تكون مجهولة أو مطموسة فتصدى لها ليضع كل ذلك التراث بين أيدي قراء العربية.

1 - جريدة اليوم العدد 10324 في 3 رجب 1422 هـ

2 - اكتشاف النفط وأثره في الحياة الاقتصادية ص17

3 - الأمن الداخلي في الأحساء والقطيف وقطر ص 11


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة