الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 29th March,2004 العدد : 52

الأثنين 8 ,صفر 1425

مطالعات
(حكيمة الحربي) في (قلق المنافي):
تذهب الكاتبة في نصوصها إلى تقمص العناء اليومي
عبدالحفيظ الشمري

تصوغ القاصة (حكيمة الحربي) من خلال عملها القصصي الجديد (قلق المنافي) مفردة الخطاب السردي المشغول بعناية وفنية عالية حاولت من خلالها تصوير مشهد القلق للإنسان في أرض قصية منسية كما تشير القصة الأولى التي حملت اسم المجموعة, فلم تغاد القاصة حزنها العام.. إذ جعلته يتداخل بشكل واضح مع حزنها الخاص.. ذلك الذي يرتبط بالمكان المنفى, وفي الزمن المرتبط بالسفر والنزوح نحو تخوم جديدة قد لا تكون أكثر بهاءً واشراقاً, انما يحافظ هذا (النزوع) على مهابة الحزن وواقعه المؤذي لتبقى قصة (قلق المنافي) اضاءة لا تصلح إلا في الشعر, إذ نرى ان مفردة الخطاب أخذت بعدها الفجائعي الذي يصوره عادة الشاعر الحذق, لكنها برعت فعلاً في مد جسور اللغة مع الأحداث الكبيرة لتزاوج هنا بين هم قائم بصيغته الجمعية, وبين هم خاص نغص على الكاتبة حياتها لتصوغه وفق هذه الرؤية المسترشدة في الذاكرة التي تقتفي خريطة الحزن والسراب والهجير واللهاث, والشقاء والانهاك, لتأتي لحظة التنوير في القصة مكثفة للحظة الاستهلال الأولى فهي التي أخرجت القلب من بئر الفراق المعتم لكن خروجه لم يكن موفقاً حسب ما رسمته الكاتبة.
ولع التقشف.. رغبة الإيجاز
في القصص التي تلت القصة الأولى تعمد الكاتبة حكيمة الحربي الى تكثيف اللغة السردية.. حتى أصبحت هذه القصص على هيئة برقيات قصيرة كما في قصة (سفر) حينما صورت مشهد حزن المدينة على هيئة لحظة غروب عابر نحو العتمة.
رغبة الايجاز لدى الكاتبة لم يكن سوى مراوغة لفعل القص الذي يتطلب الاسهاب في حكائيات ممكنة قد تكون ضرورية لمعرفة خلفيات هذا الحزن الذي يهرب منه البطل, لكنها ارتأت فيما يبدو أن يكون الخطاب محاولة للاقتضاب لكنها مجرد محاولة إذ يبقى النص مشرعاً يحتاج الى مزيد من استيفاء شرطية الحكاية المحبوكة بعناية في وقت نقف فيه مع الكتابة على مشارف الرغبة في قراءة نص قصير يكشف لنا موطن الخلل, ليحقق لنا معادلة التلقي.. (المتعة/ الفائدة).
من هنا ندرك أهمية ما ذهبت اليه القاصة حكيمة في محاولتها الايجاز لكنه ايجاز يأتي على هيئة لوحة غامضة المعالم لا تعرف من تفاصيلها إلا ذلك الحزن السريالي الغامض الذي لا يتجسد إلا في ذاكرة كاتب تؤرقه صور الحزن, ولا يلفت انتباهه أي ملمح للبهجة والفرح.
بين القلق والمنفى أزمة الإنسان
تأتي أزمة الإنسان في فضاء السرد أشد قتامة من الحزن الذي قد تولده تلك الصور لنرى الكاتبة وقد داومت جلد الذات بقصص قصيرة لكنها مؤذية وتعسة, فقصص (غدر) ص 29, و (صمت) ص 31, و(صقيع) ص 33, و(رداء رمادي) ص 35, و(تعتيم) ص 37, و(هذيان) ص 41.. تأتي هذه القصص على هيئة برقيات حزينة ومؤثرة تكون المرأة عادة هي الطرف القوي, فحينما يربكها الليل, وتغزوها العتمة والحيرة.. صنفت هذه الحالة في قصة(هذيان) وكأنها تتعرض لمس أرضي.. أو بقايا لتراب عجيب, ألقته عليها ريح المدن المسحورة.. (المجموعة ص 41).
عنوان المجموعة حقيقة يعكس ما ذهبت اليه الكاتبة حكيمة الحربي حينما وسمته بين برزخي (القلق والمنافي) ففي كل منهما حزنه الخالص, وفاجعته المدوية.. يبقى ان نشير الى ان هذا العمل هو أحدث ما صدر للكاتبة عن دار الكنوز الأدبية ببيروت لهذا العام 2004م.
إيماءة
* قلق المنافي (قصص)
* حكيمة الحربي (لميس منصور)
* دار الكنوز بيروت لبنان
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved