الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 29th May,2006 العدد : 155

الأثنين 2 ,جمادى الاولى 1427

رواق ثقافي
الرواية.. وتعددية المفهوم!؟
خالد أحمد اليوسف

لم يأت هذا التصاعد الكمي والكيفي لفن الرواية في المملكة العربية السعودية من فراغ بل هو تسلسل منطقي للكتابة نفسها، ولم نصل إلى مرحلة النضج الفني إلا بعد تجارب وإرهاصات طبيعية؛ لعل كثيراً من القراء والنقاد والأدباء مازال في ذاكرته عدد منها، ومن أهم هذه الأسماء: حامد دمنهوري، سميرة خاشقجي، إبراهيم الناصر الحميدان، عبد العزيز مشري، عبد العزيز الصقعبي، سعد الدوسري وغيرهم كثير، حيث خرجت من بين أناملهم ومن عصارة أقلامهم روايات متكاملة كان لهم قصب السبق فيما وصلت إليه الرواية هذا اليوم؟؟ إن من المؤسف حقاً أن يحيل عدد من الكتاب العرب - في هذه المرحلة - نجاحات الكتابة الروائية في المملكة إلى أسباب واهية محصورة في زاوية ضيقة، وقد قرأت ذلك - مثل غيري - كثيراً، وهذه السببية تركز على المسكوت عنه، وأن تجاوز الخطوط الحمراء - الجنس - والجرأة في التناول والطرح هما من أوصل الرواية السعودية إلى هذه الآفاق!! لكن القارئ المنصف، والناقد الحصيف، والدارس المتمكن من أدواته التحليلية، لا بد أن يكون على دراية وقدرة تفتيتية للنص الروائي، وهو من خلال ذلك سيكتشف جماليات لا حصر لها، وقد قرأت بأنهم - القارئ والناقد والدارس - أعجبوا باللغة كعنصر مهم يربط مسالك الرواية. . !، الموروث والتراث والأسطورة في سياق الحدث وتركيباته المشتبكة مع الحاضر، المعالجة النفسية والاجتماعية للإنسان المعاصر وتكالب صخب الحياة المدنية عليه، المكان كمحور وارتباطه بالشخصيات وتغيراتها، إذاً الرواية عالم رحب ولم ولن تنحصر فيما يثير الغرائز والشهوات، الرواية عدّها كثير من المعاصرين من سجلات التاريخ، ومن الوثائق التي قد يستفاد منها في مدونات موضوعية معاصرة، مثلما استفاد المؤرخون من الشعر الشعبي عند اختفاء الكتابة التاريخية لمرحلة زمنية غابرة، الرواية صراع وحراك نشط يرصد تحولات ومتغيرات إنسان المدينة وما شابه منها، وإنسان القرية والريف والصحراء وما يكابده من مكانية موقعه، الرواية تعالج الفقر والإرث البغيض والقهر والاضطهاد والظلم وغيرها مما أوجده الإنسان على نفسه وشوه به كيانه وجماله الذي فطر عليه!! الرواية تعيد لنا تركيبات الجمال ومكوناته وعناصره، الرواية تحرك الخيال والذاكرة وتشعل ما سكن من صدمات الطفولة بشقاوتها ومرارتها وهدوئها وتمردها وحلاوتها العذبة!!، الرواية عالم لا حدود له ونتاجنا تجاوز هذا الحصار، ولم تعد الجغرافيا هي العامل المهم لها!!، لأن الكم المعادل للكيف قد تجاوز الرقم المتخيل، وليس كل رواية تثير الزوابع والقراءة الصحفية هي الأبرز، أو الرواية التي تمر بسلام وهدوء هي الأضعف!!، واللعبة الإعلامية باتت واضحة المعالم، لهذا الكل لديه رواية والكل يكتب الرواية وكل من أمسك بالقلم لديه رواية، وأول المشاريع الأدبية لفلان من الناس هو إصدار رواية جديدة!!، وبالنظر إلى الأرقام التالية للمقارنة وتفهم الواقع الأدبي الإبداعي الإنتاجي في المملكة سنكتشف أشياء كثيرة:
أولاً الرواية:
1 - منذ عام 1349 - 1389هـ صدرت 19 رواية
2 - منذ عام 1390 - 1400 هـ صدرت 33 رواية
3 - منذ عام 1401 -1410 هـ صدرت 74 رواية
4 - منذ عام 1411 - 1420 هـ صدرت 98 رواية
5 - ثم دخلنا في العقد الجديد حتى منتصفه حيث بلغت 130 رواية.
6 - بدأ هذا العقد (1420 - 2000) بأرقام لا تقل عن العشرين رواية، وكل عام تزيد فيه أكثر ويرتفع الرقم إلى الأعلى!!.
ثانياً المجموعات القصصية:
1 - منذ عام 1366 - 1389 هـ صدرت 30 مجموعة قصصية
2 - منذ عام 1390 - 1400 هـ صدرت 38 مجموعة قصصية
3 - منذ عام 1401 - 1410 هـ صدرت 115 مجموعة قصصية
4 - منذ عام 1411 - 1420 هـ صدرت 170 مجموعة قصصية
5 - العقد الأخير حتى منتصفه صدرت 150 مجموعة قصصية
ولعلك أخي القارئ تدرك قصدي من ذكر هذين الجدولين الإحصائيين، وهما يكشفان عن العلاقة الكتابية الإنتاجية للرواية والقصة القصيرة، العلاقة الكمية التي بدأت متفاوتة في مسيرتهما ثم تصاعدت إلى أن وصلت إلى الاقتراب، هنالك مفاهيم وتحولات صاحبت الكتابة نفسها، وهناك مفاهيم ومتغيرات في الجانب الآخر: المتلقي الذي حفز على كتابة الرواية!!؟. وهنا سأحلل من وجهة نظري - الببلومترية - تلك الأرقام:
1 - بدأت عملية نشر الرواية قبل القصة القصيرة بخمس عشرة سنة، لكن القصة القصيرة نشرت في الصحافة قبل الرواية بسنوات طويلة.
2 - نلاحظ أن المرحلة الأولى للرواية كانت خمسين عاماً ولم يصدر حينها إلا تسع عشرة رواية فقط، والمرحلة الأولى للقصة القصيرة أربع وعشرين سنة وصدر خلالها ثلاثون مجموعة قصصية!!.
3 - المرحلة الثانية وهو العقد الثاني لها: 1390 - 1400، اقتربت من بعض بفارق خمسة أرقام، وهي مرحلة تكون الأدب السعودي ونضجه فنياً وطباعة وانتشاراً.
4 - نجد أن الفجوة اتسعت في المرحلتين الثالثة والرابعة خلال العقدين: 1401 - 1420، وتجاوزت عملية نشر القصة القصيرة وإصدار المجموعات القصصية الرواية بصورة واضحة تماماً، ويعود هذا إلى أسباب كثيرة منها:
أ - الاهتمام الواضح بالقصة القصيرة من الكتّاب أنفسهم، من جهات النشر والإصدار الحكومي والأهلي، من الدارسين والباحثين، في الداخل والخارج، من جميع الأطراف.
ب - أفق الكتابة والإبداع ومن ثم النشر، سهولة التلقي من الجهات الرسمية والشعبية، مساحة المحذورات والمحرمات واللغة المكثفة والرمزية في النص القصصي.
ج - القدرة الكتابية والتحمل العقلي -الاسترجاع والتذكر- لدى القاص لا يستهلك طاقاته كما هي لدى الروائي.
د - الحرية الشخصية ومساحتها ومقدرة الكاتب على تكيفه معها ومع الوسط العام الرسمي والشعبي. وهناك أسباب كثيرة يدركها القارئ والباحث في هذه المرحلة.
5 - المرحلة الأخيرة: ما بعد 1420 هـ إلى هذا اليوم، حيث قفزت الرواية لتجاور المجموعات القصصية في كميات الإصدار والنشر والانتشار، ولم تمر سنة واحدة دون تصاعد واضح إلى أن بلغت: 130 رواية و150 مجموعة قصصية، وهذا الاقتراب هو ما كنت أقصده وبخاصة بعد تغير مفهوم الكتابة الروائية!!. إن كتابة الرواية لم تعد - كذلك - ضمن دائرة كتاب القصة القصيرة، وقد كتبها كل من لديه المقدرة الكتابية كل بطريقته الخاصة.. أليس كذلك؟؟، وقد قرأنا رواية المهندس والسياسي والإعلامي والشاعر والشاعر الشعبي والاقتصادي وغيرهم كثير، ممن بدأ بالكتابة الروائية فجأة دون مرور على الكتابة الأدبية، لهذا أعود كما بدأت وأؤكد أن الرواية لم تعد هي الرواية التي نسعى إليها ونطلبها لتكون رمزاً لتقدمنا الأدبي!!.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved