الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 29th May,2006 العدد : 155

الأثنين 2 ,جمادى الاولى 1427

استراحة داخل صومعة الفكر
سعد البواردي

الابحار في ليل الشجن
محمد الفهد العيسى
289 صفحة من القطع الكبير
لليل كما للبحر مساحة نبحر فيها.. للبحر قوارب وسفن وأشرعة.. ولليل أيضاً خيال.. وتأمل يأخذنا معه نستغرق به مساحته شؤوناً وشجوناً يقظين أو نائمين.. شاعرنا الصديق العيسى اختار الليل كي يبحر فيه بقوافي شعره.. وقوارب خياله.. مشكلتي معه ان إبحاره جاء طويلاً إلى درجة إجهادي بمتابعته وملاحقته..
كيف بديوان بهذا الكم والكيف استغراقه وقراءته من خلال حيز ضيق من الوقت والمساحة؟
لابد وان أصطفي منه خلاصة الخلاصة.. فأنا بهذا الاختيار مرغم لا بطل.. (إنسان بلا حدود) بوابة ديوانه..
احدودب الزمان في دروب الشاعر الإنسان
وشاب في اهابة التاريخ واستضاء ظله المكان
لا تغزل اسمه الحروف..
لأن الحروف كما يعني مفقودة عن سطحه ضلت قناتها.. واستجارت العوادي فيئة فكان.. وجاء قمره غائماً على خطاه ذاب الحقد وماتت الأحقاد..
الحب في كفيه ثر كالندى، كالظل في أرجوحة السحر
كألف عقد من جمال.. يعذب الاجاج عند شاطئيه
يرتوي حنان باله؟
إباء حر. سيد.. إنسان..
لا أدري من أين جاء شاعرنا بهذا الحلم الرومانسي؟ يبدو انه اختار ليؤنسنا من وحشتنا.. ويواسينا من وحدتنا.. انه وجه واحد شاء له أن يكون عذباً
رغم انه اجاج.. نقول جميعا.. فأل فكان.. (ابحار) وصلته الشعرية الثانية:
بريقي أشرق.. تأخذني اللحظة
أبحر عبر الحرف بزورق حبي
أبحر في عينيك في اثر شراع
يتألق بالشوق.. بدر لي
يا كل انا.. قلبي لكِ غنى قلبي..
يبدو أن رحلتنا أسعد حالاً.. وأطيب فألاً من سابقاتها.. إذ لا أثر للدموع.. ولا حتى للتأوهات.. وإنما للحب الذي لا ضفة فيه ولا حدود معه..
(ابدا معه) يمضي.. ونمضي معه نستمع:
تزدهر حقول الآمال ببسمة حب من شفتيك
بحرف وعد كالوهم على ريش جناح الطير الأخضر
يوعد يطفئ لهب الشوق.. إليَّ.. فحنانيك
زرعت بأوراقي بالأمس حروفاً
تهتف بالحب. جنوبية. أسررت بها للنجم
لسهدي.. للسهر الموجع أُغنِّيه..
يا شاطئ حب ما زال ثريا.. يا أملي الآتي..
في الريح الموسمية.. يا طيفاً يعبر أحلامي كل مساء
تلك يدي عهدا.. اقطعه بين يديك
حب مشبوب يسكن دوافعه لا يحرق.. وإنما يستغرق مفرداته ويمنحها خيالاً خصباً ما دامت على هامش الحلم.. ربما تتغير الصورة حين يفيق شاعرنا من حلمه.. ويدرك ان الأحلام كثيرا ما تتهاوى أمام تجربة الواقع.. ربما يبقى البعض منها إلا ان أجنحته تظل دون ريش.. أو بعض ريش.
(سنلتقي) لا تختلف في أخيلتها عن سابقتيها.. على الدرب (أشرعة ممزقة) خفنا معا عليها.. وخفنا منها.. يبدو أن الطعم اللذيذ الذي قدمه لنا يتغير:
بالحرف الدامي من ألمي من غصة أحزاني
من كل شقائي.. أكتب سطراً من قلبي
عمري.. خطوات في الدنيا
من نهب تعاساتي
ضلت.. للحب المشرق.. دربي
عمري شقوة اعمار نبتت
سهدا ممرورا في هدبي
شدة أجفاني مرمدة - الليل المخنوق -
فما عادت تقوى.
فيا كل ليالي العمر انتحبي..
ولتنزف سبعة أعوام..
شرعتني الريح إلى جزر الحيتان المسعورة
الغربة يا شاعرنا تكسر أجنحة السفر.. الجراح دائماً معها مقهورة.. السأم فيها دائما مسيطر.. أما طعم رمادها فاتركه لك..
طعم رماد.. أنشودة وهم.. أسطورة
حتى ولو جاءت أسطورة.. الاقتراب من الحيتان يخيف.. حتى حيتان البورصة والمضاربة انهم يصيبون ضحاياهم بعاهات مستديمة اسمها الإفلاس..
(احتراق).. فارس رحلتنا بدأ يغرق ويغرق في علمه بعد حلمه المجنح..
آه.. ويعتصر الأسى قلبي المُعنىَّ
في الصباح. وفي المساء. وتمور من ألمي الجوانح
ألف أفعى بين أوردتي تلوب.. يجترني فيروف
أفعى واحدة كافية كي تقوم بالغرض لا سمح الله.. أما فيروف ببركانه وحممه فلا طاقة لأحد به حتى على البعد.. وجع شاعرنا أخذ يتراكم ويكبر كقطعة الثلج الجليدية. لفحه ينثره على شوك القثاء أشلاء الناي استحر.. الضياء انتحر
ودفنت في عيني النجوم.. وشربت أزمنتي بكأس البؤس
شربا من تعلات السنين
خيال واسع أكبر من التصور يركن إليه الشعراء في تضخيم صورة الشكوى والمعاناة.. العيون لا تتسع قبرا للنجوم.. والأزمنة لا يستوعبها كأس بؤس..
العيسى الشاعر الحالم فتح بوابة سده كي يغرقنا بطوفان مده.. وفيه الكثير من الضياع والوجع لا أقدر ولا أنتم تقدرون على مواجهته سوف نتجاوز طوفان شعره..
(دروب الضياع) و(الوتر الحزين) بحثاً عن حفة نسيم.. أو خفة ظل.. أو (رفة جناح.. ووجدتها كما قال ارخميدس.. لعل وعسى:
أجري وراء مركبات الشمس والشفق
ارتدي ظلام الليل
من جليد - قرّه - للدفء احتطب
ويعبر الليل الطويل فوق عاتقي إلى الغسق
يبدو أن (رفة جناح) خدعتنا إلا انها امتعتنا بصور الموله المعذب وبملامح الموله الذي نصب عصاه على الرحال.. وقميصه ظلا يقيه سعير الهاجرة بعد أن شاب فيه مفرق الزمن واكتمال منه زوابع الريح.. واحترق
يا حياة الشاعر الفنان
من صباح لشفق. لمساء. الغسق..
حقيقة الأيام.. والأنام معها: الشاعر الذي انهكته الصحراء.. يتحدى وبشكل مثير للحماس:
طاولتني الامواج عنفا ولكن
حطمتها على الشواطئ صخوري
داهمتني الرياح عصفا هجيرا
فتلاشت عن لفح وهج سعيري
الصورة اختلفت.. من بعد ضعف قوة..
انا صنو لكل خطب جسيم
والعوادي تمرغت في ثبوري.
هل يبقى شاعرنا على أدبيات التحدي؟! أم يتراجع أمام مشهد آخر؟.. المشهد الذي توقف عنده القطار شاطئ فريد..!
عندما ينام النجم في حضن السحر
وتذبل الفوانيس التي على الطريق وتحتضر
يدلف الصياد نحو الشاطئ الحزين
وفوق متنه ستون عام
كبير في السن اجهدته الأعوام.. يداه مرتعشتان: قدماه مثقلتان.. عصاه مُحدَّبة مثل ظهره المُقوَّس.. عشرون يوماً دون صيد.. تكسرت مجاديفه. تمزقت شباكه بدلا من ان يصطاد اصطاده الفشل
مناهل الصبر انتهت. البحر جف فيه الصيد
لم تعد به حياة..
لم ينته الأمر عند هذا الحد.. على مقربة منه (هورية) المرابضة حول شاطئ الحزن لمدة عام دون صيد.. هو نفسه تحول إلى صيد
هورية تصطاد فيه الجن كل ليلة
والشيخ والتيه في كوخه الذي في منتهى الطريق
يرددان ذلك الموال..
على حضور من الجن.. والثمن صيد ثمين كل مساء.. أسطورة على شفاه الناس قالها شعرا.. يختار معا بضع محطات يحدون الشوق إلى موقع نلقي فيه ما يحرك فينا نشوة الحياة لا قسوتها.. ولحسن الحظ كان النصيب (صبا نجد)..
ألا يا صبا نجد فديتك يا نجدي؟
متى كان عهدك بالاحباب في نجد؟
متى كنت فيهم في مواسم حبهم
وفي روضة التنهات كيف همو بعدي؟
أيذكرني الخلان في الموسم عندما
تلوح بروق المزن. أم أنسيوا عهدي؟
الشطر الثاني من البيت الأول فيه مطب.. يحسن تسويته.. أحسب انه سيكون صالحاً لو جاء على النحو التالي (وعهدك بالأحباب - قل ليَ - في نجد) أو (وعهدك بالأحباب في موطني نجد)..
سقى الله أرضا كنت بين رياضها
أريق كؤوس البوح وجدا على وجد
بها كنتُ لحنا بين أضلع شاعر
يغني لليلى الشوق في القرب والبعد
ومازلتَ شاعرا.. تملك قدرة العطاء في القرب. والبعد.. المهم ألا تجافي الشعر فيجافيك.
تعلقت ليلى وهي بعد غريبة
وقلبي غريب مثل ما عندها عندي
وكنتُ وليلى نحتسي الكأس مترعا
لشوق كراحٍ.. كالشماعة.. كالشهد
ألا يا لحى الفراق.. وأهله
لحى القلب مني بالتودد والموقد
ألا يا صبا.. ما قد صفا الدهر مثلما
تناهى إلينا الحب في الروض من نجد
ومرَّت كبرق لحظة العمر بعدها
تناهت بي الأيام في المهمة الجرد
الاغتراب ضريبته قاسية.. والاقتراب عطيته سخية.. سل مجربا.. ولا تسأل طبيبا.. هذه المرة مع الإباء:
وفي مجهل البهماء ضلت ركائبي
فحرت إلى أي المناهج أقصد
حذار احتطابي يا ابنة الليل انني
خَشَامٌ لقومي اتهموا أو أنجدوا
حتى الشطر الأخير يحسن ان يكون (خشام لقومي اتهموا هم.. وانجدوا).. ولشاعرنا الموهوب الرأي الأول والأخير.
جدار الأحزان يستوقفنا.. نتحسسه بأذهاننا.. نقرأ طوباته طوبة طوبة..
ينعقد لساني.. صدري ضج بمكتوم الأحزان.. أتمزق..
ارتق بالألم جراح الغربة..
ادفن في اضلاعي نسفا اخرس.. مجدا في في كل مكان
ضلت قدمي الدرب.. ضاع طريق الحب الانسان
يا أملا مصلوبا فوق جدار الأحزان.
هكذا لمسناه جميعاً.. وأحسسناه جميعا نبض مشاعره عرّت الواقع.. سخرت منه بحثا عن واقع أفضل يلقى الانسان فيه جادة الحب دون إشباع (شقية العينين) تصورتها وهي تبحلق بعينين ساحرتين محاولة اجتذاب الانظار إليها.. أما شاعرنا العيسى فله رؤية أوسع من حدقتي عينيها:
احمل قلبي في يدي.. ارشفه عند كل منحنى
فوق كل منحدر..
شمعة في عتمة الطريق الاسري يضي! يحترق!
يغسل الظلام في شلال اغنيات الحب. والوفاء
يلوّن الصور بالخزامى. والعبق. يطهر الاحقاد
في ينبوع نهره عين حمامة
لكل عاشق وسادة يغفو عليها الحب
عندما يهدهد المدينة السحر. لا تنشديني عنه
يا شقية العينين. يا جنِّية الفجر
لقد توسد وسادة شِعره.. ترك الغجرية تلهو بشعرها الكستنائي الطويل تحلم بمن يُجدَله ويحوله إلى خصائص ترتمي خلف كتفيها حتى لا يحجب شعرها من وجهها القمري..
(أسوار المقابر) حيث التذكير بالنهاية..
اعنة الجياد مزَّقت اكفه.. تدور
تدور بين أسوار المقابر.. وفي جوانحي تمور..
سنابك تسابق الصدى واللا مدى
حافر.. يدق حافر..
سابحات فوق لجة الصدى.. رعدية الرمال والظفائر
مُرسلات بين أسوار المقابر..
المشهد الجنائزي يقترب.. تلتقطه الصورة الحزينة حول أطراف المدينة..
أحلولك القتام. ألف فارس يهز رأسه المدى ويموت
ليس يدري كيف مات.. الصدى يلجُّ..
ضاع ظل.. تاه.. مات..
وألف مشعل تجده معتمات.. والرجع يفقأ العيون
ألحدوه تحت أسوار المقابر..
جادة الموت.. الأموات.. تؤدي إلى ضباب أسى الحياة.. الموت نهاية. والأسى بداية
فلترحلي.. لا كان حبك والهوى
لا كان في الأيام يوم لقاك
يا ميتة الاحساس. حسي انني
قلدتُ جيدكِ من سني افلاكي
الحب. والألحان. والشعر الذي
تشدو به السمار في ذكراك.
لكل هذا السخاء جاء غرورها.. نحن البشر حين يغرقنا المديح نتكبر.. نكبر تضخما في الذات.. المرأة والرجل على حد سواء.
امضيت هذا الليل اذدرد الأسى
داعب كأسا طاف بي لنواكِ
طاوعتُ قلبي في هواك لعلني
يوما على درب النهى القاكِ
لكن ابيت الحب - عزة شاعر -
ورَميتِ حب الذل في مسراك
فلترحلي. أنا لست من يهب السما
للبائعاتِ الحب. أو لخُواك
شاعرنا خادعَ قلبه.. القلب لا يقبل الخداع.. ليته قاومه.. أو صارعه.. أو نازله إذاً لكان افضل.. الخداع لا أحبه أياً جاءت الأسباب. لأن (الحب كبرياء) والكبرياء شموخ بالنفس لا يجرح.. هكذا قلت انتَ..
لملمت أحرفي.. صلبتها على أوتار مطرقي..
سرت. سرت. اجرها خلفي على الطريق.. فوق كل درب
مندوبة لليل. للضباب أحرفي..
لماذا هذا الاختيار يا عزيزي وفي فمك ترنيمة يشدو بها تلهفك.. واحرفك.. اعرف انك حزين.. من مخزون حزنك جاء الأفق رمادياً.. حتى مع عتمة جهده فإن كبرياء الحب يأبى ان يركع أمام سلطان الضعف.. ألست انت ذلك المختصر أخيرا:
الحب شيء.. لا يرى الشيء.. الدعي.. لترحلي..
جميل بالنهاية أمام مدعية الحب ان تلقي بغصن زيتونك لمن لا تستحق.. وان تصلب احرفك امام مذبح ليس لك فيه مَربح.. الأرياح العناد..
شاعرنا الموهوب طرح شعراً ملتهباً تتقاطع فيه الصور بين تمرد.. وتجرد من العاطفة.. وبين تجربة يعطي لها انفاسه واحساسه فترتد عليه وتسلمه للحيرة تارة.. وللحزن أخرى. لقاء بعد لقاء.. وشقاء بعد شقاء ومنحنيات يجتازها.. وأخرى يتوقف عندها في حذر وخشية. هكذا يُطوف عبر خياله يتلمس.. ويتحسس الأشياء يتفاعل مع بعضها وينفعل مع البعض الآخر. وفي النهاية يطرح محصلة شعرية معبرة بخلجاتها.
لاحقت محطاته الشعرية.. ولكثرتها أجهدت لهاثا.. أيها اختار.. في الصيف اللاهب اخترت الايك ظلا.. واطلالة على مكنونات شاعرنا:
يا كل اتجاهاتي.. وافكاري.. يا كل ابعادي
اليك حقول اشعاري بساطا من رؤى وجدي
انا ارويته - يا أنت - من دمعي
ووارينا معا في أرضنا الحيرة..
وها عدنا. كما كنا كعصفورين. منقارا لمنقار
على كفيك نثرت - كرنة الزهر - حكاياتي..
سواليفي. وأسراري.. وها عدنا كما كنا
كعصفورين منقارا. لمنقار..
خاتمة لقاء لا عتب. ولا غضب فيه.. ارتحنا تحت ظله برهة من وقت في أمسِّ الحاجة إليه.. وآخر أبحرنا مع شاعرنا على زورق الشوق المتدفق.. التائه..
عيناكِ ليل. ليس يا حبيبتي له انتهاء
ادلجت فيهما.. والخلَّب الموعود والسراب
في المفازة الصدى.. ضللتُ يا شقية العينين..
ضللتُ مورد العطاش..
عيناكِ تكذبان.. تسفحان السحر. ترجفان.
عيناكِ ليستا سوى اسطورة مكذوبة
على جريح في مراتع الفجر
غادر شاعرنا المكان.. وغادرنا معه دون ان نتطلع إلى العيون الغجرية القاتلة فنصاب معه بزكام الفتنة.. وركام الرحلة..
فارس رحلتنا العوامي آثر هذه المرة الصمت.. هو لن يبوح.. كما أعلن.. هل ان بوحه جاء الأقوى؟
لا تسألوني.. لن أبوح باسمه
حبي الكبير. أنا أخاف عليه
لا تحرجوني.. لن أقول. ولو دنا
أجلي. حياتي شأنها بيديه
لكن إذا شئتم لقاء حبيبتي
فالفجر منها. بعض ما تخفيه..
انتصر.. ولم ينتصر.. باح بحسنها.. ولم يبح باسمها.. وفي كلتا الحالتين احتفظ بالسر.. واحتفى بالمناسبة..
أخيراً.. نسأل شاعرنا لماذا يغني.. وكلنا ندرك لماذا يغني الشاعر.. ويعزف على أوتار كلماته.. إلا ان زيادة الخير خير.. لم يخذلنا شاعرنا الموهوب
باح لنا بما في داخله.. والكثير مما أعطاه يكشف جوانب جميلة تعتمل في داخله..
قالوا إلى أين يمضي الهوى؟
بقلبك. قلت: إلى ما يشاء
فإني أحب الهوى للهوى
وأعذب ما فيه صلف الشقاء
وإني مع الحب أهوى الصعاب
وأكره في الحب سهل العناء
يلذ لي العيش فيه.. عشار
وسهد. وصد. وطول جفاء
وإلا فكيف اغني الحياة
النشيد المجنح عذب الحداء؟!
قضيت الحياة أسير السقام
وليس سوى أدمعي من عزاء.
وبدوري أيضاً أقول لشاعرنا الرقيق.. الرفيق.. والمتمرد.. لقد جاء شعرك هادئاً بصخبه.. هازئاً بمواقفه.. مجسداً لصورتك الشعرية التي أبنت إليها في خاتمة ديوانك.. ولمسناها معاً معك في محطاتك الشعرية..
لقد طوَّفت.. وأخذتنا معك حول طوفان بحر أشعارك.. نركب السفين.. ونعبر السنين.. نهوى الحب.. ونتمرد على الحب.. نتعايش مع اسطورة الصياد.. والجن الذين لهم حق امتياز الصيد في البحار الدافئة.. سمحوا للصياد العجوز بإنجاز مهمة صيده..
شيء واحد.. أتوقف عنده.. لا أصادره لا أحد يملك مصادرة الرؤية الشعرية لآخر.. وإنما التناول تحت مظلة المقولة العاقلة..
(عرض.. لا فرض) الحب يا صديقي لا يحتمل الصدمة أسلوبا للوصول إليه والحصول عليه. البحث عنه مشقة نعم.. ولكن أن يكون أعذب ما فيه الشقاء.. فأمر يحتمل التفكير.. لولا أنه اللقاء لكان أصوب من الشقاء.. ولو انه الانجذاب لكان أقرب من الصعاب. ولو انه الوفاق والعناق لكان أجمل من السهد. والصد. والجفاء. حياة السقم الملقم.. والنشيد المجنح العذب الحداء هو الحب الذي يزرع. ويُبرع ويُبدع.. الحب يا صديقي ليس امتاعا بهجر.. ولا استمتاعا بدموع ساخنة تحرق الخدين.. وتؤرق العينين.. الحب لا يحتمل أدوات الحرب وإلا شق الوصول إليه.. والحصول عليه.. وحين يتحقق فإنه حطام معركة.. وانقاض مواجهة لا سكينة معها.. ولا سكن فيها.. العاطفة عطف. والعطف ليس عنفاً..
أشكرك.. شاعراً.. وأقدرك شعراً ومشاعر تنبض بالحياة الموجعة.. وبالتجارب التي انتزعتها من بين فكي الأسد دون أن يطالها بسوء.. الأسد حياة لها أنياب. وأظافر.. ومخالب.. ولها أيضاً شفاه.. وشاطئ.. وأمواج لا تفرق.


الرياض ص.ب 231185
الرمز 11321 فاكس 2053338

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved