الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 29th May,2006 العدد : 155

الأثنين 2 ,جمادى الاولى 1427

يصف (وادي العشرق) سرداً
الأحمدي يضيف إلى الحكاية (العشرق) بعداً آخر
*مطالعات-عبدالحفيظ الشمري:
تظل الرواية هي الحالة الأكثر تواصلا مع الحكاية، ولاسيما إن كانت ذات طابع بيئي محلي واضح، لأن أدوات الرواية تمتلك بعدا استنطاقيا فريدا يجعل من الحكاية عالما جديدا يغوي ويغري القارئ أن يتواصل معها، ويتتبع منعرجات فيضها، واتجاهاتها.. وهذا ما يلمسه القارئ لرواية (وادي العشرق) للأديب عبدالرحيم الأحمدي.
الرواية صدرت هذا العام حاملة في تضاعيفها البعد النفسي في تفاصيل حكايتنا مع البيئة القديمة وحكاياتها.. تلك التي لم ننسلخ منها رغم محاولات الكثيرين أن ينعتقوا من فضاءات وعوالم هذه الحكايات المرتبطة في العالم الآخر المتمثل في عوالم الخفاء، والجان، ومفازات الجن.
الأحمدي يضيف إلى حكاية شعيب أو (وادي العشرق) بعدا استنطاقيا لما هي عليه الحال في المجتمع رغم أنه تعلم بما يكفي، واستنار من خلال عناصر الحياة الجديدة إلا أنه يظل قاصرا في حالة اليأس ليبحث عن أي مخرج من أزمة، أو فكاك من مأزق ما.
قصة الفتى (راشد) وغيابه في وادي العشرق سلط الضوء على جملة من الممارسات والأخطاء التي لا تزال قائمة في تعاطينا مع خرافات الجن، وأساطير أهل الخفاء، وتعلق البعض من عائلة الفتى راشد بأمر الشعوذة والمشعوذين.. الذين يستغلون ضعاف النفوس والجهلة أو من سيطر عليهم اليأس على نحو عائلة الدكتور نبيل الذي لم يكن مقتنعا بأمر هذه الشعوذات والدجل إلا أنه وجد ذاته مدفوعا من قِبل أسرته أن يبحث عن ابنه المفقود في أي مكان.
قصة فقدان (راشد) عادية وقد تحدث في أي مكان.. في وادي العشرق أو غيره إلا أن ما يميز هذه الحالة هو حالة اليأس التي منيت بها الأسرة كأول حادث أليم يلم بهم، مما دفعهم للخروج عن نمط العادية إلى فكرة أشد أهمية، وأكثر تشويقا في تضاعيف الرواية التي برع الأحمدي في رسم تفاصيلها الدقيقة بشكل مناسب ومقبول جدا.
يحشد الكاتب (الأحمدي) في ثنايا سرده لهذه الحكاية الخارجة من رحم البيئة الريفية العديد من الصور المعبرة، على نحو ما التقطه من مشاهد سيطرت على العائلة بعد غياب ابنها حينما قامت الأم وأخوها بالذهاب إلى الوادي في كل مساء أحد لإطعام خشاش الأرض بعض فتات المأكولات، وهذه المشاهد تعكس حجم حالة التعاطي مع الأشياء التي يظن البعض أنها قوية بما يكفي لأن تحيل اليأس إلى أمل كاذب يتذرع به هؤلاء الأشقياء بعذاب فقدهم.
فالصورة رغم خياليتها لا تخلو من جانب واقعي يتمثل في هذا التصديق العفوي والمباشر لكل ما يقوله (الشيخ صالح) والذي يدعي معرفته لبعض الأمور الغيبية بل ويزداد زيفا حينما يشير إلى أنه يعرف ما حل بالفتى إذ ظل يدعي أنه قد مُسخ من قِبل الجان على هيئة حرباء عشقته وتعلقت به ولم تشأ - حسب زعم الحكيم صالح - أن تعتقه.
بل نرى أن الكاتب الأحمدي يزيد المشهد سخرية حينما فصح بأن الجنية التي تتصور على هيئة حرباء قد حبلت من راشد، وهي تعاني من مخاض ولادة أنجبت بعدها طفلا وطفلة ليزاد الأمرصعوبة بل وليكشف المزيد من هذا الهراء الذي ينتهجه المشعوذ الدجال.
بيئتنا المحلية مليئة بمثل هذه القصص التي تفوق الخيال أحيانا.. في وقت قد تؤخذ فيه هذه القصص والمواقف على أنها واقع يجب التفاعل معه، والتعايش مع بعض تفاصيله إما بتصديق كامل من قِبل بعض البسطاء وإما مسايرة للواقع على نحو ما فعلته أسرة الفتى (راشد) في رواية (وادي العشرق).. فهناك من يذهب إلى الاعتقاد أو التصديق بأمر هذه الحكايات وآخرون تكون عندهم من قِبل التأمل في واقع القصة المروية عن الجن وأهل الخفاء باعتبارها بعدا فنيا شيقا يحقق الرؤية الأمثل لواقع الحياة الانسانية اليائسة.. تلك التي تتعلق بأي شيء حتى وإن كان لا يمت للواقع بأي صلة.
إشارة:
* وادي العشرق (رواية).
* عبدالرحيم الحمد.
* دار المفردات 2006م.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved