قَلَقٌ بأوراقي... وَصَمتي أقلَقُ |
أنا زورقٌ في اللا نهاية يغرقُ |
وَحدي وما في الأفْقِ أيّ بشارةٍ |
أو في السماءِ ولو غرابٌ ينعقُ |
قلبي حنيفيّ وجوعي كافرٌ |
وسحائبي حمرٌ وجرحيَ أزرقُ |
وأضالعي اشتبكت فضقتُ بها ولم |
أعلم بأنْ الكونَ منها أضيقُ |
لم أتّخذْ كَفني بيومٍ راية |
بيضاءَ ترجو الريحَ وهيَ تُصفقُ |
مِن موسويّ كفّه مشلولةٌ |
السامريُّ بغيرِ أرضٍ مشفقُ |
أنا ميّتٌ في عينِ نفسي إنما |
أنا في حسابِ اللهِ حيٌّ أرزقُ |
ما في المقابرِ مثلُ قبريَ واسعٌ |
أو في المنازلِ مثلُ داريَ ضيّقُ |
أكفرتُ إذ أحببتُ سُمرةَ نخلةٍ |
روحي ببعضِ عروقها تتدفّقُ |
وفراشتي حمقاءُ أتلَفَها السنا |
كيّاً وما زالت عليهِ تُحلّقُ |
أنا عامريُّ القلبِ عذريُّ الهوى |
إن لم أمتْ عشقاً فمن ذا يعشَقُ |
ولقد تعوَّدتُ الجراحَ لو أنني |
فارقتُها، فارقتُها أتَحرَّقُ |
ضيَّعتُ مكتبتي لأحفَظَ مُرغَماً |
رَمَقاً يكادُ بِقعرِ حلقي يُزهقُ |
فَدّيتُ أطفالي بها وَلَربَّما |
فَدّى الحصيفُ بميِّتِيهِ مَن بَقوا |
وأكلتُ آبائي رغيفاً يابساً |
وشربتُ سمّاري دواءً يُمذَقُ |
وتُقبّلُ العَرَباتُ كلّ وجوهِهِم |
وأُداسُ مُلقىً تحتَهنَّ وأُسحَقُ |
ما خفّفَ الغادونَ وطأهُمُ على |
قلبي الذي بِفِراقِهِمْ يتمزَّقُ |
هذا أبو تمام يَبكي فُرقَتي |
وأبو المُحسَّدِ مستفزٌّ مُحنقُ |
وأبو العلاءِ جَررتُهُ مِن حَبسِهِ |
قُمُصاً على عاري الصغارِ تُفَرَّقُ |
لو كُنتُ في زَمَنٍ أقلّ وقاحةً |
ما لطَّمتني الطُّرْقُ وهوَ يُحدِّقُ |
تعبت براحلتي الدروبُ ولم أجدْ |
وطناً يحِنُّ كما أحِنُّ وأصدُقُ |
ظمآنُ أرمُقُ في الوجوهِ سحابةً |
لو شامَها العباسُ لا تترقرقُ |
فطفقت أكرع من سراب قفارها |
وأغصُّ ثمَّ أغصُّ ثمَّ وأشرق |
عينايَ جفَّ الودقُ في غُدرانها |
فتشقَّقت أو قارَبَت تتشقَّقُ |
والشعرُ في عصرِ الوحوشِ بضاعةٌ |
كالحبّ مُزجاةٌ وليست تُنفَقُ |
فاشرب دموعيَ يا بنَ عمِّيَ إنَّني |
قد صرتُ مِن جوعي بها أتَرَزَّقُ |
إني لأعجَبُ كيفَ يسعَدُ عاقلٌ |
والخلقُ والمَلَكُوتُ حزنٌ مُطلَقُ |