الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 29th September,2003 العدد : 30

الأثنين 3 ,شعبان 1424

بين «الغذامي» و«السماعيل» حكاية السرد المستحيل
إعداد: عبدالحفيظ الشمري
عادة ما تبين «المعادلة» قطبيها على نحو يشعر فيه المتأمل أن هذه الحركة الدائبة في التجاذب هي أساس الفهم المحتمل لرحلة البحث عن حقيقة ما يترد بين طرفي أي معادلة.. فلا يكل قطباها عن التجاذب، فلحظة هنا وأخرى هناك.
نحن هنا في باب «معادلة أدبية» نقف هذا الاسبوع أمام رؤية تحتاج إلى تمعن وتدبر من أجل أن نخرج برؤية تقربنا من مضان الابداع الذي نبحث عنه دائماً عند المبدعين.
قطبا المعادلة الآن هما الناقد الدكتور عبدالله الغذامي ومسرده الأدبي «حكاية سحارة» الصادر عام 1999م، وطرفها الآخر الناقد الدكتور عبدالرحمن السماعيل الذي عكف على دراسة هذا العمل.. فنحن بين قطبي المعادلة «بما أن» و«إذن» نبحث عم يريده «الغذامي» من الحكاية وما يقوله «السماعيل» عن توارد مقولة السرد رواية وحكاية.
بما أن الناقد الدكتور عبدالله الغذامي خرج لبرهة واعدة نحو فضاء «السرد» حينما صدر كتابه «حكاية سحارة» وكأنه يريد في هذا الاصدار أن يشير إلى فيض روائي قادم سيتشكل من خلال تجارب بدأت تطرح ما لديها بطريقة واعية.
وبما أن الناقد «الغذامي» يرى في حالة السرد الجديدة مادة جديرة بالاهتمام والمتابعة فإنه آل على نفسه إلا أن يقتحم هذا العالم بحاكايا سحارته لتنهل من معين المقولات التي تخرج عادة عن واقعية الرواية لأحداث ما حتى وإن كانت هذه «المرويات» منغمسة في عوالم الذاتيات والعنديات إلى الأهداب.. فالحكاية أصل الكتابة في كتاب «السحارة» وما يشبهه من مؤلفات تذهب في هذا الاتجاه.
وبما أن الدكتور الغذامي عُرف ناقداً؛ كما أنه قد عرَّف بنفسه قبل النقد بأنه شاعر استأثر بالخيال حتى جعله رفيق درب لا يمكن الاستغناء عنه؛ لنراه وقد رسم الحالة الأولى لمحتويات «السحارة» استجابة لنداء سردي خفي يتوق للخروج نحو القارئ بقوة فاعلة لقائل مفوه.
فلا يكف الراوي عن الاسترشاد بضمنيات المفارقة الساخرة التي استوقفت القارئ ولا سيما المتخصص الذي يمتلك أداة الكشف المناسبة لمدلولات ما أراده «الكاتب» وما قدمه من خلال هذه الاحداث التي تكتظ بها حكايات «السحارة» فكان الناقد السماعيل على الطرف الآخر من «معادلة» التلقي حيث يرى جملة من الشواهد التي تأتي على هيئة استدراكات مناسبة على نصوص «الغذامي» في «سحارته».
إذن الناقد الدكتور عبدالرحمن السماعيل يقدم رؤيته حول فيض الحكاية التي تسير بمعية «خيال مستحيل» يرى أنها أقرب إلى الشعر في مدلولاتها منه في السرد؛ ليستند في هذا السياق على مقولة «أعذب الشعر أكذبه» مستبطناً في هذا السياق عبارة المؤلف على غلاف الكتاب حينما أورد عنواناً ايحائياً حيث صدره بمقولة، وهي مقولة وردت في نص المبرد الذي يصف وبإسهاب تكاذيب الأعراب.
إذن الناقد السماعيل يقف على حقائق نصوص «السحارة» من خلال هذا المفتاح الذي يرى أهميته وضد ورقة في القراءة؛ لاسيما وان «السماعيل» اختط لرؤيته سياقاً استشرافياً يصف فيه كتاب «السحارة» بأنه ديوان شعري ليقربه فيما يبدو إلى واقع المكاذبات المحتملة.. تلك التي أورد فيها المؤلف «الغذامي» أن يعيد لفن المشافهة اعتباره من خلال هذا العمل.
إذن «السماعيل» يقف على حياد الرؤية إذ لم يقتحم عوالم النص.. بل أسكنه في مكانه قصية نائية قد لا تصل إليها ذهنية القارئ.. فلم يشأ إلا أن يحرك العنوان الفرعي للكتاب لينقل إلينا نحن القراء رؤية تاريخية تؤسس للكتاب مكانته في الأدب العربي إلا اننا نحتاج إلى سند فني نستشرف من خلاله امكانية اقتراب حكايات «السحارة» من مشروعية النص السردي؛ لعلنا نقف عند تصور جديد.. يجعلنا في موازاة الرؤية التي تؤكد أن الدكتور الغذامي قد هم فعلاً بكتابة رواية لكنه عاد وأخرجها من إطار التجربة السردية حينما أسندها إلى مفهوم أدبي ساد في القديم وكتب فيه «المبرد» بعض مسارده.. بل إن الناقد الدكتور السماعيل ومن خلال دراسته التي تناول فيها «سحارة الغذامي» حاول أن يخرج التجربة من إطار الرواية وكأنه يريد أن ينقذها من مأزق ستقع فيه.. فها هو يحيلها إلى عهد قديم رغم تلميحه بأن الكاتب قد عمد فعلاً إلى تقديم رؤية نقدية من خلال «الحكاية» ليتسنى للقارئ التقاط ما أراده المؤلف.
كتاب حكاية «سحارة» للناقد الدكتور عبدالله الغذامي لماذا لا يصنفه الدارس والباحث في عداد الأعمال الروائية؟
.. فهو صنيعة الحكاية، ومضنة القول الذي يجاهر في صياغة المفردة الشارحة.. تلك التي تنبني دائماً على مفهوم الشرح والايضاح والاطناب في نقل رؤى الأعراب وحكاياتهم التي تغلب عليها الطرافة وتسودها روح الدعابة والسخرية التي وردت على ألسنة الشخوص في هذه المسارد الأدبية المتميزة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved