Culture Magazine Monday  29/10/2007 G Issue 220
أقواس
الأثنين 18 ,شوال 1428   العدد  220
 

(إذا عظم الوفاء رحل الكلام)
عندما يكون الوفاء.. غيمة تسكب شهد النبل..!

 

 

** ليس أبهى من شيمة الوفاء

هذه المفردة التي تضج بالصدق والحب والنقاء.. لقد جعلها الله سبحانه إحدى الشيم التي تستحق أن يوصف بها الأنبياء، فقال عن النبي إبراهيم عليه السلام: (وإبراهيم الذي وفى)، وتراثنا العربي حفل بإضاءات هذه المفردة نحو الأشخاص والأشياء سواء كانت منازل لها بالقلوب، منازل أو جبالا، فيها ذكريات يحييها الحيا أو رجال أو نساء هم أهل لكل وفاء واحتفاء.

لقد جسد هذا الوفاء ذلك الشاعر العربي المسكون بالوفاء عندما قال:

(إذ ما أتته الريح من نحو أهله

تنشق يستشفي برائحة الأهل)

وليس أسعد على الإنسان من أن يقطف ثمار الوفاء كفاء ما قدمه لوطنه وأبناء وطنه وعشيرته الأقربين والأبعدين حتى لو أمرا ضئيلا!

***

** لقد أمطرتني سحائب الوفاء منذ مغادرتي لعملي (بالمجلة العربية) سواء عبر مقالات مكتوبة أو رسائل جوالية أو أحاديث هاتفية أو شخصية أو من حضر أو تحدث في ملتقى (الوراق) الذي أكرمني القائمون عليه (باحتفاليتهم) الوفائية، ثم تدفقت مشاعر أخرى عبر الصوت وعبر الحرف، وعبر أنهار الحب!

وأجدني أستعيد أولاً تلك الكلمات التي كتبتها تجاه أول مشاعر تلقيتها في الأيام الأولى من مغادرتي والتي قلت فيها: (إنني عشت أجمل هزيمة أمام تلك المشاعر التي احتشدت في وديان نفسي من أحبة وأصدقاء وقراء كثر وأنا أغادر أحد مواقع العمل الثقافي الذي ارتبطت به لسنوات عديدة متفرغاً لمسؤوليات والتزامات أخرى وبحثاً عن فضلة وقت للكتابة والقراءة والراحة أيضاً، لقد كان تعبير (أجمل هزيمة) عنوان مقالة كتبتها إثر تكريم وطني لي بتعييني عضواً في مجلس الشورى، أجل إن عواطف الأحبة هي أجمل هزيمة، وهل أبهى من أن تنهزم أمام انتصار عواطف الآخرين وانعطاف محبتهم نحوك، إنك مهما منحتهم لحظتها من صفاء الكلمات وصادق العرفان إلا أنك تحس -في بيادر ذاتك- أنك العاجز أمام اقتدار محبتهم!

أمام ذلك يجمل بك أن تقف موقف ذلك الشاعر العربي الذي عندما عجز عن مقابلة عرفان الآخرين لجأ إلى دمع عينيه، فكان تعبيرهما أصدق شكر، وأعمق تعبير:

(شكرت جميل صنعكم بدمعي

ودمع العين مقياس الشعور)

وآونة تحتويك طريقة الشاعر (شكسبير) الذي هتف لأولئك الذين غمروه بدفء تهانيهم على نجاح إحدى مسرحياته، فكان رد جميلهم بهذه الكلمة الجميلة: (إنني لا أجد إلا قلبي لأقطف لكم من وردة محبة، ولعل وردة أكثر عبقاً من ورود الأشجار)، أما أبقى شكر فهو أن تدعو -بظهر الغيب- لكل من يمطرك بهتّان مودته ونبيل مشاعره.. والدعاء هو تاج الشكر وقمته..! وكم هم رائعون.. أولئك الذين يسعدون عندما يطرزون دروب الآخرين بالكلمة (الجميلة) أو يخضبون لحظاتهم بنبيل المشاعر الزاهية.

***

** إنني لا أستطيع تعداد كل الأوفياء الذين انهالت علي جداول محبتهم سطوراً وكلمات ومهاتفات مثمّنة لجهدي المتواضع ومقدّرة له.. لكنني لا بد أن أشير إلى اتصال سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي هاتفني من مكان إجازته وغمرني بتقديره ومحبته، وإلى أولئك الذين كتبوا عني مقالات منشورة ممن اطلعت على كتابتهم وفي مقدمتهم معالي الوالد العزيز د. عبدالعزيز الخويطر، ومعالي الأستاذ عبدالعزيز السالم، ومعالي د. غازي القصيبي، ومعالي د. محمد العقلا، ود. حسن الهويمل، وأ. خالد السليمان، ود. عاصم حمدان، وأ. عبدالله الجفري، ود. عبدالعزيز السبيل، وأ. عبدالرحمن محمد الأنصاري، وأ. نجيب الزامل، ود. عايض الردادي، ود. عزيزة المانع، والشاعر د. سعد عطية الغامدي، ود. عبدالله الغذامي، وأ. خالد المالك، والشيخ عبدالله بن إدريس، وأ. محمد الجلواح، وأ. سعد البواردي، وأ. يوسف العتيق، وأ. فايز الحربي، وأ. فاطمة العتيبي، وأ. عبدالله بن حمد الحقيل، ود. عبدالرحمن العشماوي، وأ. محمد عبدالعزيز الفيصل، وأ. سليمان الفندي، وأ. طارق زيد آل مانع، والشيخ عبدالعزيز صالح العسكر، وأ. عبدالله بن محمد العطني، وأ. عبدالعزيز سعد الخراشي، وأ. حميدة الخالدي، وأ. علي حسون، وأ. عبدالعزيز الخريف، وأ. عبدالله محمد الناصر، ود. محمد بن المشوح، وأ. صالح محمد المزروع، واللواء مساعد منشط اللحياني، وأ. عبدالمحسن المطلق، وأ. محمد عبدالله الحميد، وأ. حنان آل سيف، ود. ناصر الحجيلان، ومعالي أ. عبدالرحمن السدحان، وأ. منصور إبراهيم الدخيل، وأ. هاني الحجي، وأ. علي الشدي، وأ. بثينة محمد نور إدريس، وأ. محمد باوزير، وأ. يس الفيل، والشاعر. أحمد الصالح. ود. محمد أبوحمراء وأ. عبدالله الزازان، وأ. أحمد الدامغ، وأ. عبدالعزيز السحيباني، إلى كل الأحبة الذين ضاق بهم بياض الورق واتسع لهم فضاء القلب بهي الامتنان وصادق الحب، وهتّان من الوفاء.

***

** وبعد:-

أجدني بعد كل هذه السطور لم أستطع أو بالأحرى عاجزاً عن تجسيد مشاعري تجاه الأحبة الذين كتبوا أو اتصلوا أو تحدثوا.. وليس غريباً أن تخذلني الحروف في هذا الموقف وهي التي كانت وفية معي سنين طويلة، ولقد عاش هذا الموقف الشاعر الكبير أحمد شوقي بعد وفاة أبيه إذ لم يستطع أن يقول حرفاً واحداً في رثائه، وبعد سنة قال قصيدة واحدة استهلها بقوله فيها (إذا عظم الأسى قل العزاء) وأنا أقول (إذا عظم الوفاء رحل الكلام)!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 5009 ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة