Culture Magazine Monday  29/10/2007 G Issue 220
فضاءات
الأثنين 18 ,شوال 1428   العدد  220
 

مداخلات لغوية
(يا أيّها) لا محل لها من الإعراب
أبو أوس إبراهيم الشمسان*

 

 

من بين استعمالات (أيّ) أنها تستعمل لنداء الاسم المحلى ب(ال) الدالة على الجنس كقوله تعالى:(يَا أَيُّها النَّاسُ) (21-البقرة)، فلو ناديت علمًا كالحارث لحذفت (ال) ولم تتوصل لندائه بأيها، تقول: يا حارثُ. وعلى الرغم من تقرير النحويين أن (أيّها) وصلة للنداء وأن ما بعدها هو المقصود بالنداء نجدهم يعربونها منادى. وهم حينئذ يعدونها نكرة مقصودة؛ ولذا بنيت على الضم كما تبنى النكرة المقصودة عند ندائها، مثل قولك لصديقك وأنت تحاوره: يا صديقُ ، فصارت النكرة لما قصد بها فرد محدد مثل العلم، كأنك تقول: يا زيدُ. فهي من حيث اللفظ نكرة (صديق) وهي من حيث القصد معرفة لأنه يُقصد بها (زيد) الذي تخاطبه. ولكن المتأمل يحس الفرق بين النكرة المقصودة التي كالعلم والنكرة المقصودة في زعم النحويين (أيّها). والفرق من حيث الإبهام، ف(أيها) مبهمة، هكذا وصفها سيبويه؛ ولذا قرر أنك لا تستطيع الاكتفاء بها عند النداء ولا الوقف عليها، فلا تقول: يا أيها، وتسكت، بل لا بد لك من القول: يا أيها الرجلُ؛ لأن الرجل هو المقصود بالنداء. ويجعل النحويون (أيّها) المبنية على الضم في محل نصب. وقد أرجع النحويون قولهم هذا إلى الزعم بأن المقصود بالنداء (الرجل) وصف ل(أيّ)، ولكنه واجب الضم لأنه المقصود بالنداء، ففي ضمه هذا تنبيه إلى أنه المقصود بالنداء. ولكن المازني رأى أن الضم ليس بواجب فأجاز النصب كأن تقول: يا أيها الرجلَ، والمازني حين أجاز لم يعتمد على سماع يقاس عليه بل قاس مسألة على مسألة أخرى (شرح ابن عقيل، 3: 269)، وتفسير ذلك أن المنادى المفرد متى نعت جاز في نعته الضم متابعة لضم المنادى وجاز فيه النصب متابعة لمحل المنادى، فتقول: يا زيدُ الكريمُ، بالضم متابعة لضمة (زيد) ويكون الوصف في محل نصب، أو تقول: يا زيدُ الكريمَ، متابعة لنصب زيد محلاً.

والذي أذهب إليه أن النحويين قد أخطأوا حين عدوا (أيها) منادى وكان الأولى عندي أن يكتفوا بالقول بأنها وصلة للنداء وينبغي أن يعدوها من اللفظ الذي لا محل له من الإعراب. وقد يحتج بأنّ (أيّ) معربة اللفظ فهي ترفع وتنصب وتجر، والجواب عندي أن إعرابها ليس سوى إعراب شكلي لا أهمية له، وليس بلازم أن تحتل وظيفة الأسماء في الجملة بسبب تغير حركة آخرها، وينبغي أن يكون المعنى المقصود في الجملة مقدمًا على الناحية اللفظية، فأنت تليها ياء النداء وليس غرضك نداءها ولا معنى لندائها بل غاية ما أردت أن تتوسل بها لنداء المحلى بأل، وكأنها تركبت مع أداة النداء حتى صارت أداة النداء (يا أيها). وقد يسأل عن الضمة ما علتها والجواب: أن كل معرب، عندي، الأصل فيه الضم، ويخرج عن الضم إلى الجر أو النصب لعلة، ولا حاجة لتفسير علة الضم ما دامت هي أصل حركة المعربات، ولذلك لا حاجة لتفسير رفع المبتدأ والخبر ولا الفاعل. ولما كانت (أي) في النداء وصلة لا محل لها من الإعراب عندي جاءت مضمومة على الأصل. أما المقصود بالنداء فلا يصح إعرابه صفة لأن الصفة يجوز حذفها.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5013» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة