Culture Magazine Monday  29/10/2007 G Issue 220
فضاءات
الأثنين 18 ,شوال 1428   العدد  220
 
أسئلة الشاعر ..أسئلة الحيرة
عبد الرحمن مجيد الربيعي

 

 

من بين قراءاتي الأخيرة ديوان (أسئلتي) للشاعر قيصر عفيف، والشاعر لبناني الأصل مكسيكي الإقامة، وما دام الشاعر فيه ولم يبعده عنه انشغاله الأكاديمي وتدريسه الجامعي ارتأى أن يطلق من هناك مجلته (الحركة الشعرية) باللغة العربية الآخذة في الانتشار سواء في بلدان المهاجر أم في البلدان العربية، وانتبه لها الشعراء الشبان وصاروا يبعثون قصائدهم لها ولا يخلو أي عدد من هذه المجلة التي تصدر فعلياً من إسهامات الشعراء التونسيين.

جديد الشاعر قيصر عفيف ديوان بعنوان (أسئلتي).. والشاعر لا يوجه أسئلته عن ما هو فيه أو عن ما هو حوله إلا عندما يكون في أقصى حالات التأمل واستعادة فصول ما جرى وتوقعاته حول الآتي:

لقد انبنى هذا الديوان على أسئلة الشاعر التي ارتسمت أمامه بقوة في مرحلة عمريّة معينة تدعو إلى المراجعة وتوجيه الأسئلة للنفس وللآخر اللا مسمى.

أما الجواب أو الأجوبة التي تحملها القصائد فهي أجوبة غير متعجلة، أجوبة عميقة تعكس وعي الشاعر وإدراكه الدقيق لما مر به.

يرى الشاعر أن هناك اختلافاً في درجات الأسئلة (فالذي يسألك عن خمّارة يختلف جوهرياً عن الذي يسألك عن معنى الصلاة) كما يرى أن السؤال (قد يكون سيفاً أو وردة، سنبلة أو صرخة).

ويختم تقديمه بقوله: (هذه أسئلتي، تحاول أن تجيب عني تحاول أن ترسم صوراً من كياني، أتراك تراها؟).

وإذا تحوّلنا إلى القصائد فسنجد غنائية عالية، من النادر أن تتوفر في قصيدة هذه الأيام؛ حيث تطغى النثرية وتُهجِّن النص فلا تعود له أي هوية، وهذا يحصل بشكل خاص في قصيدة النثر التي تنتمي لها قصائد هذا الديوان.

نقرأ:

(في البدء لم يكن ثمة سؤال

فكيف تعرف الجواب؟

الأسئلة متاهات

الأجوبة متاهات

وحدها الأفئدة ترى النور).

إن الإنسان بشكل عام وليس الشاعر فقط يجد نفسه أمام أسئلة ربما يكون قد تناساها أو انشغل عنها فتراكمت عليه، وعندما يحصل ذلك يجد نفسه محاصراً بها ومن هنا لا بدّ له من مواجهتها، الوقوف أمام مدّها حتى لا تغرقه.

وهذه حالة شاعرنا أمام زحف الأسئلة عليه نقرأ:

(من تجاويف التجربة

تطلع الأسئلة أجراساً

تنبئك عن طواحين المحطات

تخرجك من زمن العفونة

إلى زمن العفّة

من زمن الإعاقة

إلى زمن الانعتاق

فتدخل أمناً لجّة الأعماق)

ونقرأ أيضاً:

(الأسئلة: أسلاك شائكة

لكنها لا تأسرك

بل تسكب السهولة في كأسك

فلا تسكت، ولا تسأم

الأسئلة سلالم الشموخ).

هذه الديوان يقرأ بتآلف وكأن القارئ هو من كتبه؛ لأنه مغروس فيه مثل نخيل الواحات.

كتب الشاعر قصائد ديوانه في المكسيك وهو اللبناني وطبعه في دار (نلسن) للنشر ومقرها السويد.

وهكذا انفرش على ثلاث قارات من قارات العالم.

(في ليل الوطن

الغربة سراج

الوطن سراج).

أهكذا هي المعادلة حقاً كما توصل إليها شاعرنا وهو المغترب بجدارة؟

وجوابنا نحن: نعم.

- تونس


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة