مطالعات
جعفر البحراني يعبر المحيط سرداً: (عبر المحيط) مجموعة قصصية تكاشف واقع الحكاية الأليمة
عبدالحفيظ الشمري
|
إشارة:
* عبر المحيط (مجموعة قصصية)
* جعفر البحراني
***
القاص جعفر البحراني يكشف عن قرب ولعه بالبحر، لنراه وقد سجَّل العديد من المواقف الإنسانية المعبِّرة في وقت حافظ فيه القاص من خلال مجموعته (عبر المحيط) على علاقاته بمن حوله من شخوص وأمكنة أخرى فيما ظل المكان متأرجحاً بين الماضي الذي استحضره في القصة الأولى (عندما يتعرى البحر) وبين حاضر في قصة (عبر المحيط) فيما جاءت القصة الثالثة في المجموعة ذات طابع وجداني خاص، لنرى البحر وقد استأثر بالمجموعة التي تكونت من ثلاث قصص طويلة نسبياً، لكن هذا الطول لم يكن مملاً، إذ حافظ الراوي على طريقته الذكية في سرد الأحداث.
القصة الثانية (عبر المحيط) جاءت (لزمتها) الوحيدة حول البحر، حيث تدور أحداث القصة في باخرة تعبر عباب الماء وفيها يروي (كبتن) قصة العناء الذي كابده منذ أن تعرَّف على الفتاة (كرستينا) التي صارعت معه تجارب كثيرة في وقت ظل فيه (الراوي البطل) واقعياً يسرد حكايته دون زيادة أو نقصان.
القاص البحراني ابتعد عن تقديم نموذج القصة القصيرة بفنياته الجديدة.. فلم يلتفت إلا إلى الحكاية، حيث قدمها بطريقة واقعية جداً.. فيما أخذت اللغة دورها في تفاصيل النصوص الثلاثة لنراه وقد حدد الشخوص وتحدث عنهم بشكل واضح، فلم يجعل للقارئ أي فرصة للتأمل.
في القصة الثالثة من المجموعة (على شفاه الجرف) يصف (جعفر) قسمات بطل القصة (خالد)، في مشهدية معبِّرة حتى إننا تعرفنا على مائدة الحزن العامر بالموت ليطلعنا على واقع الرجل وفداحة حزنه الذي يرسم بشكل مؤثر حينما ماتت زوجته ليلة زفافها، لكن الكاتب لم يحرك شيئاً في السرد غير الحزن والبكاء فلم
يجعل من الحادثة إطاراً فنياً يستطيع الكاتب أن يدور فيه لتقديم ما وراء الحزن الذي تلبَّس البطل.
قصص المجموعة كما أسلفنا تتكئ على الحكاية وتكاشف المقولات إفصاحاً ووضوحاً في وقت انبنت فيه لغة السرد على ضمائر الماضي وأدواته، حيث انصرف إلى تمثل (كان).. وألم ذلك الزمن الذي عبر إلى النسيان إلا أن البطل يحاول جاهداً صنع حبال جديدة لكي يغوص فيها إلى أعماق ذلك المحيط السادر من الحكايات الاجتماعية المألوفة لكن دون توظيف حقيقي لمفردة المقولة التي تحتاجها القصة القصيرة.. فلم يعد الشخوص مولعين بفهم حقيقة الحكاية بقدر ما هم مجهدين في طلب ذلك الماضي واستدعائه في محاولة لأن يخلعوا عليه بعض الصفات القوية التي تذكر بعمق مأساة الإنسان في مجتمعه.
تقع مجموعة (عبر المحيط) في نحو (86 صفحة) من القطع المتوسط الصغير وهي العمل الأول للقاص جعفر البحراني.
تعد هذه القصص منتسبة في إطارها العام إلى ثقافة البحر وحكاياته ذات النكهة الخاصة.. فقد عرف الحزن عن هؤلاء البحارة الذين تحدث عنهم (البحراني) بكل اقتدار ليجعل من حكاية الإنسان أمام البحر وأمواجه وهياجه مادة يقبل عليها القارئ بكل بساطة ولا سيما أنها حكايات معبِّرة.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
