الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 29th November,2004 العدد : 85

الأثنين 17 ,شوال 1425

علم الجمال في الفكر العربي القديم
تأليف: محمد المعزوز
الرباط: اتحاد كتاب المغرب الرباط 2003
***
يأتي هذا الكتاب رداً على محمد عابد الجابري في كتابيه تكوين العقل العربي، وبنية العقل العربي، والكتاب إلى ذلك ينقسم إلى عشرة فصول تناول المؤلف في أولها المقتضيات المفهومية للعلم في الفكر العربي القديم، حيث يتناول مفهوم العلم من خلال التداول اللغوي المقعّد ووفق سياقه التخاطبي أي تبين المعنى بالسليقة، ومن حيث التداول العقدي، أي: المفاهيم الكلامية، والفقهية والمنطقية، وسيعمد إلى تتبع هذه المفاهيم من خلال: الجرجاني، والقاضي عبد الجبار والباقلاني والفخر الرازي وغيرهم. أما من حيث التداول المعرفي، فإنه يرى أن المتخاطبين يتداولون جملة من المعارف، عقلية أو حسية أو متخيلة، وكلّ معرفة من هذه الأصناف الثلاثة قد تكون إما علماً يقينياً أو مظنوناً، ولكن تداوله بين طوائف الناس هو الذي سيحدد يقينية أو ظنية هذا الاعتبار، وعلى سبيل المثال فإن المفهوم التداولي للأدب في المعرفة العربية لم يكن مقصوداً في موضوع محدد مضبوط، بل كان دالاً على تداخل المواضيع المتعددة وتقاطع الحقول المتباينة، حيث إن مفهوم الأدب في الثقافة الأموية كانت له دلالتان: دلالة خلقية توجيهية.
بينما يشمل في الثقافة العباسية كلّ المعارف المتصلة بالإنسان اجتماعياً وثقافياً، وهذا ما دلّت عليه كثير من عناوين مصنفات هذا العصر مثل: الأدب الكبير والأدب الصغير لابن المقفع.
ومن جهة ثانية، فإن الباحث سيلفت الانتباه إلى أن مفهوم علم الأدب في النسق المعرفي القديم، مفهوم يأخذ بتقاطع علوم الإنسان وبتداخل الموضوعات والمقاصد، والدليل على ذلك أن المعرفة الشعرية لا تعني شيئاً في اقتصادها على الرواية والقول، وإنما هي معرفة بتاريخ العربي وأصوله، ومعرفة بضوابطه الاجتماعية والسلوكية والجمالية. ولهذا كان الشعر ديوان العرب.
وكان مصدر العلوم وكلّ المعارف، على الرغم من ازدهار الفنون النثرية في العصر العباسي وامتلاكها لموضوعات فكرية جمالية قوية استأثرت بالذائقة العربية آنذاك.
أما في الفصل الثاني فإنه سوف يتناول المحددات التحتانية لنظرية الجمال لدى الفلاسفة المسلمين، والمحددات التحتانية بتعريفه تعني الركائز والعمارات البانية التي يقوم عليها هيكل الفكر العربي القديم، وقد قسّم هذه المحددات بحسب الفارابي في إحصاء العلوم إلى ثلاثة أقسام: المحددات الإلهية ومقتضيات النظر الجمالي المحددات الطبيعية لأسس التلقي الجمالي المحددات المنطقية.
وعلى ذات النحو سوف يتناول هذه المحددات لدى ابن سينا وأخوان الصفا مقارناً ومحللاً توجّهاتهم الفلسفية والجمالية، لينتقل في الفصل الرابع إلى المبادئ المقوية للمحددات التحتانية لدى أخوان الصفا، كمبدأ الصناعة وجمالية الصناعة الموسيقية المركبة من الجسمانية والروحانية، وهدفها دائماً الاستعمال والتأثير، لأن وظيفتها مسددة إلى الفعل في نفوس المستمعين، ومن هنا يأتي أساسها الروحاني.
وإلى ذلك فإنه سوف يشير إلى رؤية أخوان الصفا لهذه الصناعة كصناعة كونية يحتاجها كل البشر، لأن تأثيرها في النفوس تأثير متعدد ومختلف كاختلاف أفعال الصناعة الأخرى، كما في جمالية صناعة المنظوم والمنثور (الشعر والنثر) وجمالية صناعة الخط والحروف.
وأن الأساس الذي تقوم عليه جمالية الصناعات (الفنون) هو حيازتها على مبدأ النسبة والتناسب بين الأجزاء المؤلفة.
ومن هنا فإن المحرك الأساسي لمبدأ الصناعة الشعرية، سيتجه إلى مبدأ اللذة الذي سوف يتناوله الباحث من خلال المزيد من الآراء التي تناولت هذا المبدأ.
في الفصل الخامس سوف يتناول المحددات الفوقانية للنظرية الجمالية في الفكر العربي القديم ومن هذه المحددات سوف يناقش سياقين نظريين هما: السياق النظري للشعر، والسياق النظري للموسيقى، حيث في السياق الأول، سياق الشعر، سوف يستعرض آراء كل من الفارابي وابن رشد وابن سينا في قوانين الشعر وبالخصوص مفهوم المحاكاة الأرسطي ليستنتج بعد استعراض مطول لجملة آرائهم حول مبدأ
المحاكاة أن الفارابي وابن سينا وابن رشد قد خاضوا غمار تعريف مفهوم المحاكاة تعريفاً جمالياً مسترفداً من أهم الأسس التي تركبت منها الإبداعية العربية، وهذا ما لم يتأت لأرسطو نفسه، إذ لا نجد له في كتابه فن الشعر موضعاً يحدد فيه مفهوم المحاكاة. الشيء الذي أثار نقاشاً واسعاً منذ عصر النهضة إلى الآن، وهذا يقدم دليلاً على أن الفلاسفة المسلمين كانوا منشغلين أولاً بتحليل المفاهيم والمداخيل المخصصة لأي إطار نظري، وكانوا ثانياً واعين بأن الفحص عن الجمال هو فحص يتوجب منهم ما توجّبته أنظارهم في مختلف العلوم التي خاضوها.
في الفصل السادس سيتناول الباحث مفهوم الاشتغال أو الاستعمال كمفهوم بارز في الدراسات النقدية الأولى، وتطويع ابن قتيبة له وربطه بمجال التقويم والحكي التحصيلي بالاعتماد على ملاحقة القوانين، كان بذلك اللبنة الأولى في بناء الفكر العربي المرتبط بمجال النقدية الجمالية، لينتقل بعد ذلك إلى مفهوم الاصطناع انطلاقاً من كتاب عيار الشعر لابن طباطبا، وذلك لأن الاصطناع على حدّ تعبيره مطوّر عن الاشتغال، وذلك لأنه يستوفي أهم شرائط التفسير والتعليل استحصالاً للقوانين، وهو ما عمل على مناقشته بتقصي ما انطوى عليه من حقائق جاءت على النحو التالي: اصطناع الآليات المفهومية، مقتضيات التناسب، تناسب التشكيل الشعري، إنتاجية التشكيل الشعري.
بينما سيأتي الفصل الثامن ليتناول علم الجمال في النظرية البلاغية ومن خلال الجرجاني وكتابيه المهمين: أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز وتناوله للحقيقة والمجاز وللتشبيه والتمثيل والاستعارة ليحدد بذلك أهم الآليات المولدة لجمالية التصوير المعنوي، وإلى ذلك سوف يستنتج الباحث أن الجرجاني وضع أساس قواعد جمالية الصورة انطلاقاً من
الاستعارة، لأن الاستعارة برأي الجرجاني ليست مجرد مفهوم جمالي فقط، بل آلية مولدة للجمالية المعنوية، ولذا فإنه عكف على كيفية اشتغالها وحصولها المخصص لها.
في الفصل التاسع سوف يتابع الباحث فلسفة النظرية الشعرية القديمة من خلال حازم القرطاجني وكتابه المهم منهاج البلغاء وسراج الأدباء والذي تأكد من خلاله أن الكاتب العربي القديم كان ينحت نظرية كلية تحيط بمختلف قضايا الجمال وظواهره، لذلك لم يكن يرضيه اجترار ما سبق إليه نظيره، وإنما كان يعمق بحثه بسد النقص الحاصل، ولكنه إلى ذلك سوف يشير إلى اتفاق حازم مع كلّ الذين سبقوه في هذا المضمار وبالأخص قدامة والجرجاني، غير أن الجديد لديه هو سعيه إلى إيجاد منظور فلسفي تقعيدي للبلاغة، وذلك في إطار النقدية الجمالية نفسها، واجتهاده في ربط المعنى بالخطاب انطلاقاً من معطيات النفس وقصودها وغير ذلك من مسائل كثيرة كان الباحث قد درسها في فصول سابقة وعززها مما جاء لدى الجرجاني.
الفصل العاشر والأخير تناول فيه النسق الفكري لموضوع علم الجمال لدى القدماء، حيث إنه ومن خلال تجواله عبر مختلف محطات الفكر العربي القديم الخاص بموضوع الجمال، تبين له أن الصحة النسقية لهذا الموضوع قد حدثت عبر أبنية فكرية متواترة ابتداء من مبدأ المنطلق إلى مبدأ الاشتغال أو الاستعمال إلى مبدأ الاصطناع.
وإذا كان هذا الاصطناع مبدأ مخصصاً للطبيعة العلمية للفكر الجمالي فإن العلماء تنبهوا إلى مقتضياته وعملوا على ترسيخه في مختلف أنظارهم الخاصة بالموضوع، ومع أبي حيان التوحيدي أخذ مبدأ الاصطناع دلالته القصوى، حيث إنه دمج المفهوم الفلسفي في المفهوم الأدبي دمجاً منهجياً وفكرياً الأمر الذي يؤكد أن الفلاسفة والنقاد العرب قد تمكنوا من استحكام موضوع الجمال في سياق نسقي مضبوط بطبعه. يقع الكتاب في( 237) صفحة من القطع المتوسط.
المصدر:


www.albayan.co.ae/albayan/books

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved