الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 29th December,2003 العدد : 41

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

أثر خفيف
الأعمى بصحبة ثمانين ألف كتاب «12»
علي العمري

يحكي الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس «1899 1986» أن الشهرة التي وصل إليها جاءت بشكل تدريجي تماماً مثل العمى تلك الصفة الوراثية التي أصابته أيضاً تدريجياً، حيث بدأ بصره ينطفئ ببطء ابتداء من 1927م حتى غمرته الظلمة كاملة في أواخر الأربعينيات، ويتحدث في إحدى قصائده عن سخرية أن يمنح العمى مع ثمانين ألف كتاب. إن هذا الكاتب الغرائبي الخجول يبدو وهو يحكي سيرته الذاتية «ترجمها إلى العربية عبدالسلام باشا» بسيطاً وعادياً ولا حوادث استثنائية في حياته، عاش حياة أسرية حميمية جداً في ظل أبيه الذي يصفه بأنه كان طيباً ومتواضعاً ولا يحب أن يتدخل بالنصح فيما كان يكتبه إذ كان يرى أنه لابد من أن يجرب ويخطئ. هذا الأب كان كاتباً أيضاً وقارئاً للفلسفة وعلم النفس والأدب، له رواية وبعض الترجمات وقد أصيب بالعمى في طفولة بورخيس وبدا كأن على الابن أن يكمل مهمة الأب وأن يصبح كاتباً ومنه تعلم أن الكلمات في الشعر «ليست وسيطاً للتواصل فقط وإنما رموز سحرية وموسيقى»، أما الأم فقد كانت بالنسبة لبورخيس أيضاً أما مثقفة وغير عادية رافقته في أغلب رحلاته ودعمت مشروعه الأدبي، ومنها ورث كما يقول «صفة النظر إلى أفضل ما في الناس». هكذا عاش بورخيس طفولة مستقرة ومليئة بالرعاية. وكان أهم حدث في حياته كما يصفه هو مكتبة أبيه التي طارت بالصبي بعيداً إلى عوالم ألف ليلة وليلة ودون كيخوته و أعمال لويس كارول وغيرها، لقد بدأ بورخيس الكتابة في سن السابعة وفي سن التاسعة ترجم «الأمير السعيد» لأوسكار وايلد. وقد أخذه أبوه إلى أوروبا ليكمل دراسته مع أخته في جينيف وهناك تعلم اللاتينية والفرنسية والألمانية بالإضافة إلى اتقانه الإنجليزية والإسبانية كما اكتشف فلسفة شوبنهور الذي يقول عنه «إن أمكن وضع لغز الكون في كلمات أعتقد أن هذه الكلمات هي أعماله» كما قرأ بالإيطالية «الكوميديا الإلهية» وهناك أيضاً اكتشف أشعار والت ويتمان، وبعد أن طاف أوروبا عاد إلى بوينوس أيرس ليراها بشكل مختلف، ثم أصدر في 1923م كتاباً شعرياً «دفء بوينوس أيرس» طبع منه ثلاثمائة نسخة وزعها كلها كهدايا. ويذكر أنه ظل على علاقة طيبة بالناس وكان له الكثير من المحبين والأصدقاء أكثرهم تأثيراً عليه رجل يصفه بأنه كثير الصمت قليل الكلام يدعى «ماثيدنيو» ورث صداقته عن أبيه، رجل ضعيف البنية نقي الفكر ذو ميول فلسفية وقدرة هائلة على النقاش، كتب الكثير من المقالات والقصائد والروايات وقدم لبورخيس أكبر هدية حينما علمه كيف يقرأ بشك يقول: «أعتقد أن ماثيدنيو كان يشك أنه يمكن التواصل مع الحقيقة. كان يعتقد أن بعض الفلاسفة اكتشفوها، لكنهم لم يستطيعوا التواصل معها تماماً. مع ذلك كان يعتقد أن اكتشاف الحقيقة سهل للغاية».
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved