الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 29th December,2003 العدد : 41

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

قصة قصيرة
للورق أسرار
هيفاء ربيع الربيع

كيف استطيع ان ابعدها عنه وأبعده عنها؟
انه مجنون بحبها.. كيف استطاعت ان تمسك بأنامله وتشده الى معرفة اسرارها..
بينما بداخلي صراع من الهموم اريد ان اجد لها منفذاً وفضاء تنتشر فيه!!
***
تجلس على الكرسي.. تنظر للجدران.. انني اشعر بأن هذه الغرفة تضيق بأنفاسي تمتص دخاناً يكاد يحرق مشاعري..
كيف أعيد زوجي؟
رأيته.. يقترب ثم تظهر علامات الرضا والارتياح التي تتوزع على ملامحه لماذا يشعر معها بذلك.. بينما اذا دخل الى المنزل اجده عابس الوجه.. يبحث عما يسد جوعه.. ليطعمني بشيء قليل من كلمات الشكر والثناء.. بينما يتسلل الضوء عبر النوافذ وهو لا يزال يسامرها يضعها امامه حيناً ويسمعها اعذب الاشعار حيناً آخر.
انها ترتوي من فيض مشاعره وأبقى انا الصحراء القاحلة..
هكذا هم الرجال؟
تسقط منهم الاقنعة المزيفة
بمجرد احساسهم بان
المرأة الماثلة امامهم
مع متطلباتهم، وتتشابه مع دمى الفضائيات لقد غزت عقولهم حقاً وجعلتهم ينسحبون من بيوتهم بهدوء ويحدقون النظر في جمال مصطنع!!
قال ذات يوم انه يحبني.
هل يخدعني كما تنخدع العقول بالفضائيات وما تبثه من سموم تتغلغل في عقول الشباب!! ولكن زوجي يمتلك عقل واعياً، نبضاً شفيفاً، فكراً ناضجا وقلما رائعا..
«القلم» وحده يستطيع ان يشوه صورتها امامه عندما يقترب منها ينصدم بذلك القبح وحتماً سينفر منها ثم يعود لي من جديد.
* * *
تحمل الاقلام تدلف الى غرفة المكتب تجد الشموع وبجانبها عود الثقاب تفتح الادراج تجد بطاقات كتب فيها كلمات التهنئة بالتأكيد انه يريد ان يهنئ نفسه اولاً ثم هي ثانياً بمرور سنوات العطاء والتقارب والصراحة بينهما..
حسناً سأحرق كل الجمال الذي تراه فيها ويجعلك تبتعد عني.. سأمزق كل الذكريات التي تمتد بينكما بحبال قوية اراها تحيط بعنقي وتخنق فيني مشاعر الحب الذي بدأ يذبل ويتوارى خلف ستائر الصمت، وابكي ذبوله وصمته وضعفه في زاوية العتمة بينما يبقى «هو وهي» في مكان تحفه الشموع وتتراقص الورد جذلى بقطرات الندى التي يسكبها على خدها كل مساء!!
حتماً سينتهي كل شيء ويعود هو لي..
وتبقى هي في سلة المهملات!!
تجلس على الكرسي.. تحمل القلم وبيدها الاخرى تشكل ضوءاً لشمعة حمراء بوميضها وهدوء اشتعالها يسقط الضوء على ورقة وردية يدفنها بين بياض الاوراق وقد كتب فيها..
الى زوجتي الحبيبة.. اهنئك اليوم الذي يكتمل مع ضوئه القمر ليعلن مرور عام كامل لذكرى تشهد لها القلوب وتزغرد باكتمالها طيور الحب التي تصدر عذبة اصواتها في صدر هذا المنزل الجميل.. واهنئ نفسي بسياج يجمعنا معاً ولا تستطيع ارادة الاوراق ان تهدم ما بنيناه..
زوجتي العزيزة.. احبك
ترتخي الورقة بين يديها تشعر بأن ما حدث عبارة عن سحابة صيف قد جلجلت مشاعرها بصواعق الغيرة واظهرت بضوء البرق تلك الندوب التي تساقطت عليها من شعلة الاوهام..
ثم ما لبثت تلك الاوراق الا ان تمتص مشاعر مجنونة وأوهاماً متأرجحة لتجرف معها تيارات الهموم بأمطار صافية كالقلوب الصادقة.. تضم اوراقه.. تضيء الشموع.. تجمل الورود المتناثرة وتسكب على مكتبه قارورة عطر قد وضعتها في «علبة مخملية» بندول الساعة الثامنة مساء يتناغم مع وصوله.. اراه الآن امامي يخفي وجهه المشرق وقلبه النابض بباقة ورد قطفها للتو من حديقة الحب الصادق ودفن فيها انفاساً عذبة من بوحه الشفيف وطوى بورقته البيضاء اغصاناً غضَّة تعكس مدى التقارب الحميم مابين القلب والورق وحبه لي..
تقترب اليه تحتضن الورود وقطرات من الدموع تبقى كندى الصباح الذي تسلل الى الغرفة وأشرق في قلبيهما ضوء الحب الذي لا يموت..
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved