الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 30th January,2006 العدد : 138

الأثنين 30 ,ذو الحجة 1427

النظرية العربية عند النقاد القدامى من منظور حديث
قدامة بن جعفر (ت 337-935) 8
د. سلطان سعد القحطاني

كان من كتاب الديوان العباسي، ببغداد مثل أبيه جعفر وقد كان في أول أمره نصرانياً ثم دخل في الإسلام على يد الخليفة المكتفي (289-295) وكان رجلاً تقياً ادخر من أموال الدولة التي كانت تنفق كل عام على الجواري والقصور بدون وجه حق الشيء الكثير، واشتهر قدامة بين معاصريه بثقافته العميقة بالفلسفة والمنطق. ويرى الدكتور شوقي ضيف أن عمله في الديوان العباسي دفعه إلى تأليف كتابين (الخراج وصنعة الكتابة) و(جواهر الألفاظ) كما دفعته ثقافته الفلسفية إلى التصنيف في (السياسة) و(صناعة الجدل) وقد نعلل أسباب ثقافته إلى وجوده في الديوان العباسي، الذي كثر فيه الكتاب الديوانيون، واشتهر أمرهم، وصار لهم صيت ومذهب خاص في الكتابة، وإلى أصوله النصرانية المرتبطة روحياً بالثقافة (اليونانية) بعكس ما ذكرنا عن ابن طباطبا. ونجده يذكر في مستهل كتابه (نقد الشعر) بأن العلم بالشعر ينقسم إلى أقسام منها: (قسم ينسب إلى عروضه ووزنه، وقسم إلى علم قوافيه ومقاطعه، وقسم إلى علم غريبه ولغته، وقسم إلى علم معانيه والمقصد به، وقسم إلى علم جيده ورديئه) ونجد في هذا التقسيم منهجاً لنظريته، لكن السؤال ما زال وارداً عن هذه النظرية، هل هي مبتكرة أو أنها تطوير لنظرية سابقة، أو هي محاكاة لنظرية سابقة، أراد منها أن يطبق عليها بعض النصوص، كما هي الحال عند البعض من النقاد المعاصرين، في نقلهم للنظريات الغربية وتطبيق ما يمكن تطبيقه من النصوص العربية؟؟
لا أود أن أعطي الحكم المباشر والجواب الجاهز قبل أن نقرأ منهجه، في نظريته لنقد الشعر. من تتبع نقده للشعر في زمان لم يكن الوحيد الذي نقد الشعر، في ظروف عالجها النقاد والباحثون في تاريخ ذلك الزمان من قبله ومن بعده إلى اليوم، ووجدوا فيها شدة الحراك النقدي، بين القدماء والمحدثين من الشعراء، إضافة إلى سوء أحوال الطبقة الكادحة، وتطور المذهب العقلي، من خلال الترجمة والعلوم الجديدة، وقربه منها، واستخلصوا منها مذهبه العقلي (الأوسطي) ومخالفته للنقاد من قبل ومن بعد، وفي الحقيقة ليست مخالفة علمية، لكنه أراد أن يتميز بشيء جديد عن غيره، لكن هذه الجزئية لم تفت على النقاد الذين درسوا الفترة من جميع جوانبها، وأثبتوا الكثير من المغالطات التي وقعت فيها، سواء كانت عن قصد منه أو غير ذلك، مع أن كتابه أخذ شهرة واسعة لم يحظَ الكثير من كتب معاصريه على مثلها، وبالرغم من الجديد الذي أتى به في كتابيه (جواهر الألفاظ والخراج وصناعة الكتابة) إلا أنه لم يبدع في كتابه النقدي الذي أشار إليه الكثير من النقاد والدارسين بالبنان، وهذا لا يقلل من قيمته، فيما يخص قربه من النظرية الغربية اليوم، لكن الهوى الذي غلب عليه لم يمكنه من الذوق العربي الفتان، ولعلنا بعد أن نأتي على تحليل نظريته يتضح لنا مدى عمقه في التحليل الفني من منظور عربي تراثي، بجانب النظرية اليونانية في دراسة الشعر ومعرفة الثقافة العربية التي انطلق منها الشاعر في تصوراته للحياة والكون، وما يعتريهما من ظروف أسطورية توارثها العرب، مثل (القرين) الذي ردده الأعشى في شعره وكذلك رفيق حسان بن ثابت الذي يقول مرة ومرة يكتفي به حسان، لكنهما وغيرهما يعودان إلى أن هذا القرين ليس هو المسؤول عما يقولون.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved