الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 30th January,2006 العدد : 138

الأثنين 30 ,ذو الحجة 1427

المملكة العربية السعودية
التسمية والتمكين «4»
نايف فلاح
السعودية والتمكين
إذا كانت (السعودية)، حسبما انتهينا إليه في المقالة الفارطة، جزءاً يتجزأ من التاريخ.. ومن تاريخ الجزيرة العربية على وجه التحديد.. ومن خطط الممالك والدول وكذلك الشعوب على وجه العمق والتركيز.. فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها ليست جزءاً لا يتجزأ، بقدر ما ينص على قوة الانفصال فيها، حيث تكون (السعودية) من التوغل المكوث، ما يخلع عليها إهاب الاستقلالية وأحقيته، إذ ليس ثمة أعلق منها بمكان (الجزء الذي يتجزأ).. وأخلق به من مكان يحرك الغبطة في محاكاة للحالة الخاصة عندما تقع في قبال الحالة العامة.. لتغدو هذه الحالة الخاصة بمنزلة الأخص الذي يتأبى على الأعم الدخول فيه، كما هو قيل الفقهاء في (أن دخول الأخص في الأعم لا يقتضي دخول الأعم في الأخص).. وهذه الدرجة من المثنوية والتميز جعلت (السعودية) في موقع (التمكين) الذي لن يتوضح القول فيه أو لن تكتمل الإحاطة به متى ما غفونا عن (التلوين) كطريق مؤدية إليه ورحلة حتمية له.. وبما أن (التلوين) كما في الرسالة القشيرية، صفة أرباب الأحوال، وأن (التمكين) صفة أهل الحقائق، فلقد بين القشيري لفاً (أن صاحب التلوين أبداً في الزيادة وصاحب التمكين وصل ثم اتصل، وإمارة أنه اتصل أنه بالكلية عن كليته بطل) بيد أنه نشر هذه المعاني في قوله (فمادام العبد في الطريق فهو صاحب تلوين لأنه يرتقي من حال، وينتقل من وصف إلى وصف، ويخرج من مرحل (مكان الرحيل) ويحصل في مربع (مكان الربيع والاستقرار ) فإذا وصل تمكن).
ونحن في توجهنا شطر (التلوين والتمكين) فإننا بذلك نتوجه نحوهما لكونهما المعادل الجواني، لبرانية (التكوين والبنية)، حيث التكوين ابداً سابق على البنية، كما كان التلوين سابقاً على (التمكين).. فلو إننا جئنا ل(السعودية) من ناحية البنية فكأنما جئناها من جهة وصفها نظاماً حاكماً فقط، أي من جهة النمو البنائي أو الآلي الذي يثبت الشيء من خارجه.. ليكون مجيئنا إليها من ناحية (التمكين) هو مما شاءه لنا الموضوع في عنايته بالنمو النباتي أو العضوي الذي يؤكد الشيء من داخله.. كي تكون (السعودية) إيغالاً في كل ما هو إنساني، وتشييداً لكل ما هو حضاري، في هذه الأرض.
ولما كان الاسم (السعودية) مصدراً صناعياً، كان، على حد أهل اللغة، دالاً على حال زائدة على الأصل الحقيقي.. ليبيت هذا الاسم لهذا الوطن، ناجزاً في باب تسمية الشيء بسببه، وتظل (السعودية) كياناً وليست كما يتحكم الممخرقون في أنها لا تعدو النظام الحاكم فقط.. شاغبين على الآصار وأمدائها بين الاسم والمسمى، إذ الاسم (السعودية) حكومة هو ذات المسمى (شعباً وأرضاً)، حتى يتحصل معه تصور الواحد في المجموع، والمجموع في الواحد.
ومن هنا نزعم أن الشعوب، خلا السعوديين، قد لا تعجز عن تصور حالها وبلادها قبل الأنظمة التي عليهم قائمة، لكن بالنسبة للسعوديين فإنه من وراء الطاقة أن يتصوروا حالهم وبلادهم لو أن (عبدالعزيز) لم يكن... لذلك لا يتيسر لنا أن نرى في كل المفاهيم الوطنية، ما يتفق معنا لأننا تجوهرنا باختلاف عن جميع الشعارات التي تعرض نظراتها في معزل عن السلطة، وأما إذا ما نحن اتفقنا مع هذا العزل، فكأننا ننفصل عن كل ما يسمى وطناً هنا..
فالعلاقة بين الطرفين، الحاكم والرعية، علاقة استمداد مطرد هو مزيج هذا الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) إذ هو المحدد الأسمى لمعنى الوطن... ويكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق.


Nf1392@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved