الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th May,2005 العدد : 108

الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1426

نخلة بشرية من الأحساء
محمد الجلواح *
مرحى..
تأتي الكتابة عنك وفيك ولك أمنية حبلى بالأمنيات، ورغبة مثقلة بالحلم، وأبجدية لم نتجاوز حروفها الأولى، كلما أردنا الالتصاق بالأصالة والصفاء والصدق، وفرش المعلومة، وعرض الصورة المزركشة بلون الحرف لا لون اللون..
أكتب عنك رائداً استقينا منه عطاء (هجر) وثمرة نخيلها، ووفرة إبداعها، وطيب لبنها، ووهج تاريخها.
أكتب فيك مربياً وأستاذا ووالدا لم يفارق الوداد واديه.
أكتب إليك شاكراً وممتنا لحروفك التي نثرتها ورداً (حساويا) عن بعض كتاباتي، وكللتني بخلود قصائدي في أسفارك القيمة التي نسافر فيها كنبع عين من عيون أحسائنا الحبيبة.
مرحى.. وأنت تحضر هنا موشحاً بأهازيج العرس بما يليق بك..
تحضر هنا حضور الأديب بأدبه، والأب بحنانه، والفنان بريشته, والحكيم بعقله والصديق بألفته وأريحيته، والأخ بأخوّته..
فمنك تعلمنا فن التوثيق، والمعجمية، والشرح القريب الذي ينشده كل قارئ، والموضوع الحبيب إلى قلب المتلقي.
ومنك نهلنا المعلومة التي تكاد أن تندثر أو التي نحاول اللحاق أو الإمساك بها فلا نقدر، وتقدمها أنت على صحن من عنب كلون الليل الأحسائي في (نيسان)!
ومنك تعلمنا (الوسطية) في طريقة التفكير وتعلمنا أن نحمل اسم الأحساء فقط بكل طيوفها وفئاتها وشرائحها، وتعلمنا أن نحب الأدب البسيط بشكله العميق بمعناه وماهيته..
عبدالله الشباط الأحسائي القح مظهراً ومخبراً، وقلقاً وحباً وإبداعاً..
عبدالله الشباط النخلة الأحسائية البشرية التي لم تتوقف عن نثر الضوء، ونشر (المشموم)، ولم تأبه، ولم تعبأ برحى السنين، ولا تقادم الشهور، ولا تتابع الحدثين، ولا ازدحام الساعات.
وهنا أود إشارة طريفة إلى أن كلمتي (تأبه وتعبأ) قد استقيتهما من أديبنا عبدالله الشباط، من خلال كتبه ومؤلفاته العديدة، وطفقت أستخدمهما بعد ذلك في كتاباتي لإعجابي بهما!
أكتب عنك يا سيدي دون ألقاب، ودون حواجز، ولا مسميات فهي فيك أساسا وأصلاً التحمت باسمك المعروف فأصبحت بها وبسواها ودونها اسما قصير النسب وثوباً رافلاً بكل الأوسمة.
كل الذين حملوا ذات يوم على عواتقهم المتعبة (قوالب) التنظير، و(علب) التقليل من شأن وإبداع الآخرين، كما هو شأنهم دائماً، واستعرضوا (كليمات) حفظوها من بعض كتب.. واتهموك باطلاً بشيخوخة الفكر, ونمطية الكتابة، وخلو الدقة، وتقليدية الأسلوب، وسطحية الموضوعات، وغيرها من تلك (البالونات) الملونة المليئة بالهواء فقط، و(الخرابيط) الجوفاء.. كل هؤلاء تلاشوا واضمحلوا واختفوا وقدموا (زعيقهم) وراحوا، وبقيت أنت شامخاً كبقاء وشموخ (جبل القارة).. عبدالله الشباط تلو عبدالله الشباط.. لم (تأبه)، ولم (تعبأ) بهم، وأزيد من عندي: لم (تحفل) بهم.
وهنا أتذكر الآن فقط كلمة (أحفل) فأتخيل أنك تخاطب أدبك وإبداعك الحقيقي وتداعب قراءك المخلصين وأحبتك في كل مكان بما قاله الشاعر السوداني الكبير الأستاذ (الهادي آدم) في رائعته (أغداً ألقاك):
أنا لولا أنت لم أحفل بمن راح وجاء أنا أحيا لغدي الآن بأحلام اللقاء..!
أبا منذر.. إن تكن الأحساء.. قلقك، فلأنكما تستحقان كليكما (أي كلاكما يستحق الآخر)..
هنا أتخذ منك وممن شابهك.. أنموذجاً للمثابرة والصبر واستمرار الإيجار وأضعك أمام من جاء بعدك، ومن بعد من جاء بعدك من أجيال.. لتأخذ من تلك السمات التي تساهم في خلود الإبداع.. قبساً لمواصلة العزف..
وحقيقة.. فقد أحسنت (الجزيرة الثقافية) صنعاً.. بهذا الصنيع الذي يضيف لرصيدها الثقافي نقطة بارزة ومضيئة في (كشف حسابها) منذ صدورها لأكثر من عام.. وهي تكرم رموزنا الثقافية في بلادنا عن طريق هذه الملفات الجميلة المتواصلة.
ولم تسعني الفرحة حين أخبرني الأستاذ محمد القشعمي عن هذا الملف فهرعت أكتب هذه السطور المتواضعة عن أديبنا الكبير الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط، فألف شكر (للجزيرة الثقافية)، وأتمنى أن تواصل إبراز مثل هذه الملفات للمزيد من مبدعي وأدباء الأحساء الزاخرة بهم، وتكريمهم بمثل هذا الملف، (وهم أحياء).. إذ ليس أجمل من أن يرى الأديب والفنان وهو في عمره المتقدم شيئاً من العرفان والوفاء له وقطف بعض ثمار ما غرسه في مشوار حياته.
ولا شك أن ملف الأستاذ عبدالله الشباط في هذه المجلة الثقافية الأسبوعية سيكون خطوة تعزيزية أخرى ضمن خطوات التعزيز التي تقوم بها صحيفة الجزيرة بغرض التصاق أهل الأحساء بصحيفتهم، مع ما لديها من مكانة سابقة ومعروفة عندهم.
أستاذي الأديب عبدالله الشباط..
أطال الله عمرك ووفقك لكل خير وهنيئاً لنا بك، عبر هذه الأوراق الوارفة، وألف مبارك لك هذه الالتفاتة من صحيفة الجزيرة، مع الشكر لمجلتها الثقافية واعذرني لقلة الزاد، وقصور المعروض، وتقصير الواجب.


* شاعر وكاتب سعودي من الأحساء
عضو النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية _ عضو هيئة الصحفيين السعوديين
maliclwah@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved