الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th May,2005 العدد : 108

الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1426

الشباط في أحاديث بلدته القديمة
عبدالله بن أحمد آل ملحم
ولد أديبنا الكبير الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط في مدينة الأحساء القديمة، وإن شئت تعبيراً أكثر دقة فقل: في مدينة الأحساء التاريخية.. تلك التي بقيت محافظة على طابعها العمراني، وأنماطها المعيشية قروناً متطاولة، دون أن يتغير فيها شيء سوى أهلها جيلاً إثر جيل.
ومع دخول النهضة العمرانية ووسائل التقنية الحديثة إليها تغير كل شيء!! حيث تحولت مساكنها من دور مبينة من الطين والآجر إلى بيوت حديثة مبنية من الحجارة الخرسانية، ومثلما تغيرت المساكن فقد تغير كل شيءٍ فيها أو من حولها، كما تغيرت وسائل النقل والإضاءة والتجارة والتعليم والتداوي.. وبعض العادات والتقاليد المتغيرة تبعاً لتغير واقع الحياة وتطورها.
في الأحساء القديمة ولد الشباط وعاصر الكثير من مظاهر الحياة فيها، وفي الأحساء الحديثة عاش سائر أيامه، بيد أن بين الأحسائيين بوناً شاسعاً وفروقاً كثيرة لم تدركها الأجيال اللاحقة.. التي ولدت وعاشت في الأحساء الحديثة، ومهما قيل لها عن الأحساء القديمة صفةً ووصفاً وتعريفاً.. فستظل صورتها باهتة المعالم في عيونهم، ضعيفة الأثر في نفوسهم، لعدم معاصرتهم لها، ونظراً لأهمية علمهم بها لربط الماضي بالحاضر، ولمعرفة القيمة الحضارية للواقع المعاصر ومنجزاته المتكاثرة فقد تصدى أديبنا الشباط لرصد مظاهر الحياة الأحسائية القديمة فذكرها في كتابٍ صغير الحجم جم الفائدة، تحدث فيه إلى الجيل اللاحق الذي لم يعايش حياة آبائه وأجداده.. فوصف له الحج على ظهور الجمال وتقاليد ذهابه وقفوله، وبعضاً من مشاقه ومصاعبه.. ليعلم الجيل اللاحق قيمة الحج في عصرنا هذا على متن الطائرة أو الحافلة، أو السيارة.
وتحدث عن القليب في البيت الأحسائي القديم، فذكر صفته وعمقه وأهميته، وكيفية استخراج الماء منه، وما يصحبه من مشقة بالغة إذا ما قورن بكيفية الحصول عليه في عصرنا هذا.
وإن يكن لي من مأخذ على هذا الكتاب القيّم.. فهو الوقوف على ما ذكره المؤلف عن سنة (الطبعة) ص170 وما حصل فيها من أحداثٍ مؤلمة وقعت حينما عصفت بمياه الخليج العربي أعاصير ضاربة، أغرقت سفن الغوص في الموسم، وأهلكت الكثير من بحارتها.. وإلى هنا كل شيءٍ صحيح ولا مشكل فيه، ولكن المشكل حينما أضاف المؤلف أن: (مما زاد حجم الخسارة أن بعض القبائل قامت بشن هجومٍ على أطراف البلاد والقرى وقطعت الطرق ونهبت القوافل وأخافت السبل). فسير لها الإمام فيصل بن تركي جيشاً بقيادة ابنه عبدالله لمحاربتها في شعبان من سنة 1277هـ فسار إليها حتى لقيها بقرب الكويت، فقاتلها فلما ضيّق عليها الخناق انحازت إلى البحر: (فمن نجا من القتل غرق في البحر وكان لهول تلك المعركة ما خلدها في الأذهان فأصبحت تاريخاً يعرف بسنة الطبعة)!!
وما أود قوله هنا: هو أن كلام الأستاذ الشباط صحيح إلى حدٍ ما، أو صحيح في أوله، ولكنه أخطأ في آخره حينما جعل (سنة الطبعة) المذكورة سنة واحدة!! والصحيح أنها سنتان لا سنة واحدة؟!
أولها: الطبعة التي وقعت بين عبدالله بن فيصل بن تركي والعجمان في سنة 1277هـ، وقد سميت (الطبعة) لأن عبدالله بن فيصل لقي العجمان في الجهرا القريبة من الكويت، فلما قاتلهم ودارت الدائرة عليهم.. انحازوا إلى البحر، فقُتل كثير منهم، فمن نجا من الموت لم ينجُ من الغرق، إلا قليل، وفي هذه الوقعة يقول راكان بن حثلين وهو أحد الناجين:
يا قومنا ما من صديق
جمعني والثالث بحر
والله لبوج لها الطريق
لعيون براق النحر
أما سنة الطبعة (الثانية) فهي التي حدثت في سنة 1343هـ ولا يزال بعض معاصريها أحياء حتى يومنا هذا، وقد وقعت بعد أن عصفت بمياه الخليج أعاصير ضاربة وأمطار غزيرة أغرقت سفن الغوص في عرض البحر فأهلكت الكثير من بحارتها. وقد سميت (الطبعة) لغرق الكثير منها. انتهى.
أخيراً: من أراد أن يرى مدينة الأحساء القديمة بعين الماضي وعبق التاريخ وروح الأصالة.. فيرى أحياءها القديمة، وبيوتها الطينية, وطرقاتها الضيقة، ودورها المضاءة بالقناديل، وأهلها الذين يحصلون على مائهم من آبار بيوتهم، وينتقلون على ظهور دوابهم.. وأشياء كثيرة لم يرها إلا من عايشها وعاصرها قبل أكثر من نصف قرنٍ مضى، فليصغ إلى الأستاذ الشباط في كتابه الرائع: (أحاديث بلدتي القديمة).
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved