كحل جفونك يا مشتاق بالسهر |
واسترسل الفكر بين البدو والحضر |
فمثلك الآن من ينأى الرقاد به |
عما يلذ به النوام في السحر |
وما مرامك إلا من تصيب هوى |
من نفس عاشقها من سالف العُصُر |
كأنما ذلك المعشوق في سفر |
عنا ونحن عن المعشوق في سفر |
وقد ظفرت بها والقلب في ولع |
مما حوته من الإبداع والفِكَر |
وقد أتتك وقد جاد الزمان بها |
واستوقفتها هموم عند ذي وطر |
هاذي الذخائر عبد الله مكتبة |
يرودها الشوق بين القلب والبصر |
مناهل جُمعت في كل ذاكرة |
وجملة من نصوص الناس في صور |
فكم أديب قضى والبين غيَّبه |
عن ناسه دونما علم ولا خبر |
وكم بيان بدا من بعد صاحبه |
مجندلاً لم يصل يوماً إلى نظر |
أو كاتب قائم ما كان يخبرنا |
عما يؤرخه للعلم والأثر |
يكاد لولا طموح منك أيقظه |
يغوص في باطن النسيان والضجر |
يا ابن الشباط أقمت الآن مقعدها |
بعثت فيها حياة بان في العمر |
أجلت فيها عميق الفكر فانبرت |
تدنو إلينا دنو الغيث للقفر |
نرى الجرائد تنبي عن محاسنها |
وفي الدواوين لم تبخل ولم تذر |
ففي الخليج رجال جئت تثبتهم |
في عاطر الكتب بعد الوهن والخدر |
فذا كتابك عنهم يستضيئ بهم |
كما استضاءت ليالي الصيف بالقمر |
كم من أديب وقصاص كتبت له |
وسامر في رؤى التاريخ والخبر |
وإذ بها تنضوي في سِفْرنا شرهاً |
كأنها لؤلؤ صيغت على نحر |
أتى بها غائص والبحر أتعبه |
فجئت تنظمها في سلكها النضر |
في كل ترجمة أثبتَّ أو قصص |
طي الكتاب لتعظيمٌ بمفتخر |
إن كان شعراً أتى يدعو لصاحبه |
أو كان نثراً فترتيل لذي أثر |
وقد أتتنا وكان الناس في ولع |
ما بين مفتتن فيها ومنتظر |
لا تبخلن بما ألَّفت يا بطلاً |
فأنت من قبلُ للتدوين ذو وطر |
لا غرو إذا ما أتتنا منك عاطرة |
فالروض ملأى من الريحان والزهر |