الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th May,2005 العدد : 108

الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1426

أعراف
إلهنا.. وآلهتهم!
محمد جبر الحربي
مؤلمٌ جداً ما يدفعني للكتابة اليوم..
مؤلمٌ ومثير للغيرة، والحرقة، والحنق.
فبعد جرائم (أبو غريب)، ومدينة المآذن، وآلاف الحالات والقضايا التي تهز كيان أي إنسان يتمتع ولو بجزء من صفات الإنسانية، تتناقل الوكالات كل يوم صوراً تقشعر لها الأبدان.. تتناقلها من هناك.. من النموذج الأمريكي للديمقراطية، والتسامح، والعدالة والمساواة.. من العراق الجديد.
والولايات المتحدة الأمريكية التي تطلب منا، بل من العالم أجمع أن يحذو حذوها، وأن يعتبر بتجربتها الديمقراطية، لا تنقل إلينا حقيقة ما يجري هناك، وتحاول دون جدوى أن تحجب الجانب البشع والمروع لما يفعله أبطالها حماة الحرية، وجالبوها.
والحقيقة أن أمريكا لا تطلب بل تفرض وتهدد كل من لا يلتزم بمسارات حددتها، أو حددتها لها مراكز دراساتها التي تدار بأيد خفية مشبوهة.
وهي تفتخر بدرجة الحرية والوعي التي وصل إليها مواطنها، ودرجة المسؤولية التي يتمتع بها، وأخذت ترسمه بطلا وجالبا للحرية والحلم الأمريكي الذي تسوقه للشعوب التي تفترض أنها مضطهدة، وما ذلك في نظر العارفين إلا لتمرير رغباتها ومصالحها عبر العالم.
وتصر الولايات المتحدة عبثا على إقناع العالم بأن العراق اليوم هو مثال مذهل لما يمكن أن تكون عليه دول ما تسميه بالشرق الأوسط. ونرى نحن، ويرى العالم بأن ذلك ليس كذلك.
فالعراق أصبح قاعا صفصفا، والعلم والثقافة، والحياة بكل معانيها فيه قد وصلت إلى الحضيض بعد تدمير البنى التحتية والمؤسسات دونما إعادة إعمار، واغتيال العلماء، وأساتذة الجامعات، واستحالة وصول الطلبة والأساتذة إلى مدارسهم وجامعاتهم.. استحالة وصول الناس إلى غاياتهم.. فحياة المواطن في (نموذج أمريكا الجديد) كارثية تجعل من بقية الكوارث حلما.. فلا حياة ولا أمن ولا كهرباء ولا ماء ولا هاتف.. ولا غذاء.
بل إن العراق يتجه بتسارع نحو حرب أهلية، وهو يفقد يوميا قرابة المائة فرد يوميا فقط بالرصاص والقصف.
ولا يوجد أي عاقل، ولا أية دولة ترغب أن تكون في وضع العراق، أو العراقيين.
نعود مرة أخرى إلى حملة رسالة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، ونحاول أن نفهم معكم، ومعهم، وهم يطلبون منا قيادةً ومواطنين أن نلبي دعواتهم التي لا تنتهي من الإصلاح، إلى المناهج، إلى التبرعات.. إلى ما لا نهاية.
نعود لنقول لهم: هل ما تفصحه وتفضحه هذه الصورة المرفقة هو جزء من رسالتهم، أم أنه الرسالة كلها؟!..
ثم ألا ينبغي على أمريكا وهي تغير على العالم بإعلامها وما لها لتشكيله على هيأتها، وتحسين صورتها، أن تختصر الطريق وتشرع هي في تغيير سياستها ومناهجها، وعقليات كثير من مواطنيها وأبطالها حملة الرسالة الذين يعيثون في الأرض فساداً، ويثيرون حفيظتنا، ويهينون قيمنا، ويدنسون مقدساتنا.. حتى وصلت بهم الوضاعة إلى ما نضعه بين أيديكم، وهو هذه الصورة لجندي أمريكي في أرضنا العربية الإسلامية في العراق يجلس مزهوا بسلاحه لتلتقط له صورة تحت جدار كتبوا عليه بجوار صليب:
ها! ها!
آلهتنا.. أفضل من إلهكم!
لا حاجة للمزيد من الكلام هنا، فلا مزيد.
بل مزيد من غيظ الصابرين، وصلاتهم، ودعائهم.


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved