الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th June,2003 العدد : 18

الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون
أبو مدين.. والابتعاد عن الأكاديمية !!
علي محمد العمير

(3)
لم أفاجأ بما نشر في الصحف عن كون الصديق الأستاذ (عبدالفتاح أبو مدين) رئيس النادي الثقافي بجدة.. قد طلب من أحد محاضري النادي من الاكاديميين، الابتعاد عن الأكاديمية!!
وطلب (الابتعاد عن الأكاديمية) معناه الابتعاد عن التعقيد، والجفاف، والوعورة، وثقل الاسلوب.. بل عدمه إلى غير ذلك مما ابتليت به ثقافتنا باسم "الأكاديمية" التي لا اعتراض عليها في حد ذاتها.. بل هي محل إجلال، وتقدير، وإكبار!!
وإنما الاعتراض.. بل الرفض المطلق لما يأتي به بعض الأكاديميين في أبحاثهم، ومحاضراتهم، ومقالاتهم، وبخاصة في مجال "النقد الأدبي" الذي أصبح جفافه الموضوعي، والأسلوبي مصدر مجافاة كاملة لحسن التلقي، ومصادمة كاملة مع التذوق، أو الجمال، أو متعة القراءة.. فضلا عن عدم الفائدة منها في كثير من الأحوال.
وهذا، وغيره من مساوئ بعض الأكاديميين قد أفقد أدبنا أهم جمالياته، وذوقه، وسلاسة أساليبه، وبراعة تناوله، ومتعة قراءته.
فقدنا كل ذلك، وفرض علينا ما ليس من الأدب في شيء!!
وليس الصديق الأستاذ (أبو مدين) أول منكر لهذا الجنوح الأكاديمي.. بل إن كثيراً من الأكاديميين أنفسهم ينكرون ذلك، ويتذمرون منه.. بل يرفضونه.. بل يسميه أحد كبارهم "مجرد رطانة" ويقول أحد كبار نقادهم "كفانا ما نحن فيه من جفاف النقد الأدبي".
***
ولكن من جهة أخرى لا بد أن نشير بإنصاف إلى وجود عدد كبير من الأكاديميين سواء عندنا، أو في سائر انحاء العالم العربي قد أسهموا.. بل أثروا ثقافتنا الحديثة في شتى المجالات، تعميقا، وتجديداً، ومزجاً، وإضافة، وتنويرا...الخ.
وكل ذلك مع مراعاة كاملة لذائقة المتلقي العربي سواء من ناحية دقة العرض، ووضوحه، وحسن أسلوبه، ولطف تناوله، والبعد عن "الجمجمة" أو "الرطانة" أو "التعالم" أو "التعالي" المعهود عند صنف الأكاديميين المشار إليهم في مطلع هذا الموضوع!
***
ولذلك وغيره.. يعتبر موقف "أبو مدين" من "الأكاديمية" ممثلا لمواقف، وآراء أغلبية كبيرة من الأدباء، والمثقفين، والقراء، وكل ما فعله "أبو مدين" هو ممارسة جرأته المعتادة في الجهر بآرائه إلى حد العنف.
ولكن ما دام ل"كل جواد كبوة" فقد كبا جوادنا الأصيل كبوة كبيرة بعد رئاسته للنادي الثقافي بجدة بسنوات قليلة عندما تبنى بطرق ووسائل متعددة بعض الاكاديميين الممجوجين، وأفسح لهم المجال كاملا، وأبرزهم، وأشهرهم، وأخذ بآرائهم أخذا ممعنا.. لم أعرف سببه قط.. بل أعرف العكس، وهو كون كل ذلك يتجافى أو يتنافى مع ثقافته.. وذائقته.
***
ولا شك أنه قد تجرع الكثير من نتائج كبوته خلال سنوات عديدة الى أن ضاق صدره، وفقد تسامحه.. فأعلنها مدوية "الابتعاد عن الأكاديمية" بالمعنى الذي شرحته آنفا، ولم يعلنها باسمه فحسب.. بل باسم النادي أيضا!!
أما غير الأكاديميين عندنا فلم يكونوا قط موضع اهتمام النادي.. بل هم عنده في غير حسبان رغم كون "أبو مدين" نفسه أحدهم.. ولكن هذه مسألة أخرى!!
***
وعلى كل حال فإن البارزين عندنا من غير الأكاديميين قلة قليلة، وإن كانت مؤثرة في تفاعلها الأدبي، أو الثقافي إلا انها موضع تجاهل كامل، سواء للنادي نفسه، أو من الأكاديميين الذين لا يعترفون بهم أصلا، ولكن لا غرابة ما داموا لا يعترفون ببعضهم البعض أيضا!!
وأقرب دليل على ذلك "موسوعة الأدب السعودي" التي "قضي أمرها بليل!!" كما أشار الى ذلك بالنص الصديق الدكتور (حسن الهويمل)!!
***
ولا بد أن تدفعنا صيحة (أبو مدين) الخاصة ب"الابتعاد عن الأكاديمية" وهو يقصد تقعرها، وجفافها، وثقل دمها وليس هي في حد ذاتها كما أسلفنا!!
لا بد أن تدفعنا هذه الصيحة الجهورية إلى سؤال مهم جداً، وهو:
ماذا فعل "المتأكدمون" عندنا على الصعيد الأدبي، أو الثقافي مع كثرتهم، وتدفق تكاثرهم، وتدافعه مستقبلا بعد أن أصبح الحصول على حرف (د) من أسهل الامور سواء بالجهد الحقيقي، أو بالطرق الاخرى التي من بينها البيع، والشراء؟!
نعم: ماذا فعل (المتأكدمون) عندنا في هذا الصدد.!!
لم يفعلوا شيئا يذكر بالقياس إلى كثرتهم.. اللهم إلا ان قلة منهم.. قلة تحسب على أصابع اليد الواحدة، وليس أكثر.. تفوقوا على أنفسهم.. وعلى "أكاديميتهم" حيث أنتجوا، وتفاعلوا، وأثروا تأثيراً واضحاً في ثقافتنا.. بل حرك بعضهم راكدها، وآسنها، وهزوا "الانغلاق" وكسروا غير قليل من "القماقم".
وهذا وحده أقصد كسر القماقم مما يكفيهم فخراً، وريادة، ودعك من الاختلاف معهم.. فهو أيضا قد عزز وجودهم، ورسخ أقدامهم، وجعلهم موضع حسد كبير من زملائهم الأكاديميين أنفسهم الذين (لا أرضا قطعوا ولا ظهرا أبقوا)!!
***
ثم.. اللهم إن كانت (الأكاديمية) هي المناط في ذلك، ونحوه.. والمفروض انها كذلك.. بل الواجب أن تكون كذلك.. فلا يمكن لأبي مدين، ولا لغيره أن يصيح بالابتعاد عنها بأي حال من الأحوال. وإنما طلبنا جميعا هو (الابتعاد عن الأكاديمية) التي لا هم لها غير (التقعر) و(التعالم) و(الادعاء) و(الحذلقة) الجوفاء، ومحاولات (الابهار) بما هو غير واضح، أو مفهوم، أو مفيد!!
وإنما هو مجرد (ركام) من الكلام، واعتساف للنصوص، ووضعها في غير سياق متماسك، أو هو مجرد ترداد لمقولات لا يدعمها الفهم الصحيح، ولا الاستنتاج الصائب، ولا هضم العقل!!
وهذه الأشياء، والكثير غيرها قد اشتهر بها (متأكدمون) ليس لهم من العلم، أو الثقافة أكثر مما يرددونه على طلابهم، ويكررونه على مدى السنين!!
لا يقرأون، ولا يستزيدون، ولا يستنيرون، ولا أي شيء من نحو ذلك.. وأمثال هؤلاء غير قلة مع كل أسف.. بل هم أكثرية.. يشكلون القبح، والتشويه، والاساءة البالغة الى سمعة (الأكاديمية) التي لا ذنب لها في كل ذلك.. فلنبتعد حقا عن هؤلاء، وإن حملوا ألف ((دال))!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved