الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th June,2003 العدد : 18

الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

طائفة العبث الفولكلوري
شعبان عبدالرحيم ونجيب محفوظ واللص والكلاب

* الثقافيةع.س.:
من المؤكد ان المواصفات الطربية التي تطرحها الفضائيات العربية لم تعد من الصعوبة بمكان بحيث تنطبق على أي شخص، فالطرب الذي كان يعد الصوت حتى وقت قريب هو الجوهر الأساسي له، لم يعد كذلك. أصبحت هناك مواصفات أخرى جديدة غير الصوت، منها: اللياقة البدنية والقدرة على القفز والصراخ وإخراج الكلام من "الأنف" ومنها القدرة على الرقص وأداء الحركات الجسدية المختلفة. لم يعد جمال الصوت أو "حلاوته" هو المقياس الذي يشكل المطرب، من هنا لا نفاجأ كثيرا بظهور هذا الكم غير المسبوق من المطربات والمطربين، والمؤديات والمؤدين اختفى الصوت الجميل الذي هو العلامة الأولى للمطرب، وحل بدلا منه الرقص والصراخ من هنا وجدنا ممثلات يتحولن إلى مغنيات، ومذيعات يصبحن مطربات، وعاطلين يصبحون مطربين شعبيين.
إن المفارقة تكمن في سهولة الوصول إلى المستمع والمشاهد، فالفضائيات مفتوحة دائماً لأي مواد تغطي بها ساعات البث، والمسؤولون من الشعوب مبتهجون لأن كل الشعب يرقص ويغني!!.
كان المطرب قديماً يتشرد، وينتظر أعواماً طويلة حتى يظهر صوته في الإذاعة اليوم أغنية واحد ةتكفي للانتشار في أكثر من 50 محطة فضائية.
ولعل تجلي ظاهرة شعبان عبدالرحيم لايجعلنا نصاب بالإحباط أو العجب فكل شيء أصبح متاحاً اليوم لا معايير ولا محرمات فنية.
إن شعبان ليس المقصود بذاته، بل إن صورة القيم وتبدلها وصعودها أو هبوطها إلى دركات من الانحطاط هو المقصود هنا.
لقد فرق العارفون بالفن بين الطرب الشعبي الأصيل الخارج من وجدان الناس وبين الأغاني الهابطة التي تمثل نوعاً من العبث الفولكلوري والاعتداء على قيم الناس وثقافاتهم. هذا النوع الثاني هو ما يمثله شعبان عبدالرحيم في أبرز صوره هو مجموعة كبيرة جدا من المؤدين الشعبيين الذين لايدركون ما قيمة الفن وما مغزاه ولا يستطيعون انتقاء كلمات ما أو ألحان جميلة بل قصدهم الأول هو أداء بعض الكلمات وتوزيع وتعليب أشرطة الكاسيت.
ولم يكن أي مستمع يتصور يوماً من الأيام ان يصبح شعبان عبدالرحيم أو من يماثله علامة على الوطنية أو المقاومة شعبان وثلة أخرى من مطربي الأفراح أمثال كتكوت الأمير، عادل المصري، حمدي باتشان، جابر النمر، وغيرهم ليسوا سوى أصداء للانحطاط والهبوط الفني فمثلا حين نستمع لمن يغني:
"ياللي وسطك وسط كمنجه
عودك مرسوم ع السنجه
أنا كنت باحب المشمش
والوقت باحب المنجه"
هل نعتقد ان هذا يمثل طرباً شعبياً؟
وكما دُفع "سعيد مهران" دفعاً من قبل "رؤوف علوان" في رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ، للقيام بأعمال يظن أنها مثالية، دفع "شعبان عبدالرحيم" للغناء من القضايا الوطنية وعن احتلال العراق، لا لأنه يمتلك حساً وطنياً، أو وعياً قومياً، أو مؤمنا بأفكار معينة، بل لمجرد ركوب الموجة، والكسب المادي التجاري "شعبان عبدالرحيم" ومن هم مثله صورة رديئة لواقع ينحط أكثر وأكثر والتقاط الفضائيات لهذه الصورة وبثها، من أكبر العيوب لتقديم ثقافة هزيلة، ووعي يهدم الوجدان والذائقة، لكن المقولة الجميلة إذا لم تستح فافعل ما شئت هي عنوان أمثلتنا اليوم وربما في المستقبل والعياذ بالله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved