الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th June,2003 العدد : 18

الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

قصة قصيرة
أضحى تموز نيسانا..؟
بقلم: عاشق الهذال
يوم خميس..
منتصف تموز، وحره اللاهب.. امتدت يد توفيق.. بعد أوبته من السوق.. ليطلق المكيف الصحراوي بحنينه المحبب.. تصادف انطلاقه وقبل أن يقعد على الكنبة الطويلة بصالة الشقة المستأجرة قبل ثلاثة أسابيع.. رآها.. أقبلت ببسمتها وهي تحمل الشاي طردت البسمة ما يمور بداخله من ضيق يتجمع يكاد يطلق آهة تهز الصور الجميلة التي عاشها منذ وقت يعرف أنه ووالده تورطا بديون لم تدر بخلدهيما؟ زواجه وما قدر له.. حساباتهما ديست بأحذية التقاليد.. استدان سيارات ليكمل طلبات "حماته" ومواقفها الصارمة في ايجاد التوافه من الأبهة الفارغة.. زوجها ضاع في معترك جبروتها الأحمق.. والد توفيق صاحب دكان لبيع الأقمشة لم ينل من سنوات الطفرة الشيء الكثير.. بخلاف والد الزوجة.. الذي انهبت مشاعره دنيا القطع البرية من الأراضي والاتجار بها.. كان مع مجموعة من ناصبي الفخاخ للسذج والبلهاء.. الذين أخذت دراهمهم باسم المساهمات، نجح من نهب ولم يعد، وسقط من سقط.. توفيق يعمل بعد تخرجه من الجامعة بإحدى المصالح، نجح بعمله فاختير مديراً لأحد الأقسام.. له في الحية آمال أهما أن يقترن بجميلة التي اختارها بداخله من سنين.. ابنة جيرانهم في الحارة الشعبية في المدينة الصغيرة.. التي كبرت وطار الجميع للمخططات خارجها.. لم يفترق الجيران بعيداً في المساكن لكن المادة عملت بالبعض الشيء الكثير..
تزوج توفيق جميلة.. واكتوى مع والده بنار المطالب.. حتى السكن لا بد أن يكون مستقلاً عن أهله.. أمه لم تستطع الاقناع، بل كان الرد:
ماذا يقصر ابنتنا عن البنات الأخريات..؟ هذه، تلك، وإلخ الكلمات التي جعلت لها المادة لساناً فصيحاً يصول ويجول:
جميلة بالنسبة له حلم أيامه التي قضاها.. صبا وشباباً.. وها هي أمامه تسكب له الشاي بوجهها الأبيض المستدير بتقاطيعه السمحة.. استأذنته بتودد لتخزن ما اتى به في البراد.. أشرق وجهه الحنطي ببسمة كنست ما بداخله تماماً تمايل مزهواً.. وهي تتحرك أمامه مقبلة مدبرة.. رفع يديه ليطلق عقيرته:
"كله في حبك يهون!" لكنه سرعان ما أرخى يديه.. جلست قبالته.. نظراتها الخفرة المخاتلة بين فينة وأخرى.. تبادلا كلمات تعبق بالغبطة التي تقطر عواطفها بتمهل.. مرر نظراته بصالة الشقة.. عشق الزوجية المفروض عليه من قبل أمها.. هضم تنهيدة.. قالت:
بماذا تفكر يا سيدي..؟
انطلقت ضحكته.. وهو يشير إليها لتجلس معه على الكنبة الكبيرة.. ثم:
جميلة من جميلة.. يا سيدي.. أفكر يا سيدتي بما ينبغي لتجميل عشنا هذا.. بكل ما هو جميل، ممتع..؟ لوحات، زهور، تحف، أشياء مع الأيام ستكون.
قالت بما يشبه الهمس:
كل شيء سيتحقق قريباً.. قلبي يحدثني بأن ما عليك من ديون ستطير إلى غير رجعة.. دقائق يسمع حركاتها للأواني في المطبخ.. أغمض عينيه مستمتعاً بأوقاته السعيدة.. أحس بحركة.. فتحهما.. تضع أمامه كأس العصير.. استنشق أضمامة عطرية راقية.. مع:
شكراً يا حبيبتي.. ردت:
عفواً يا حبيبي، سيدي.. وتركته بعد أن وضعت مخدة صغيرة وراء ظهره..
أنهى الكأس برشفات مستطعمة متمهلة.. واتكأ..
ها هو في الإدارة ومن معه من موظفين.. أشكالهم الثقافية والعلمية، ومن يخبىء عينيه بالنظارات ابعاداً لما هو عليه في الليلة الماضية، كثرة الكلمات التي يسمعها.. النميمة والغيبة.. إلى النصائح التي يطلقها لهم على محاسبتهم بالتقصير والاهمال.. انتبه على صوت منبه سيارة في الخارج حركة جسمه يمنة ويسرة.. وعبرت كلماته عنوة: اللهم استرنا، واحفظنا يا رب العالمين..
لعلع جرس الباب.. وجد حماته يتبعها زوجها بأبهته المستحدثة..
ثارت الكلمات المرحبة مع القبلات.. جميلة قدمت القهوة والشاي، الكيك.. حماته كما يحس ويرى تغيرت من ناحيته إلى إنسانة ودودة رحيمة وهناء..
وقبل أن ينصرفا وضع الأب ظرفاً.. تسادل توفيق ما هذا.. فرد: سندات ديون السيارات سددتها عنك.. حاول أن يتكلم لكن الأب قال: أرجوك ولا ربع كلمة..
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved