الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th June,2003 العدد : 18

الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

استراحة داخل صومعة الفكر (2/1)
سعد البواردي
على دروب الشمس
محمد هاشم رشيد
142 صفحة من القطع المتوسط
ما أروع وأحلى أن تتحرك خطواتنا على دروب الشمس، حيث الصفاء، والنقاء، والوفاء، ووضوح الرؤية، وحيث حركة الناس في عطاءاتهم.. وشاعرنا محمد هاشم رشيد شاء لنا هذه الرحلة معه على دروب الحقيقة الواضحة.. أكثر من درب واحد.. وأكثر من رؤية واحدة.. سبيله الأول جاء على صدى الهجرة:
" لا يزال الصدى يرن بمسمعي
من "حراء" ومن جوانبه "سلع"
وعلى كل بقعة من بقاع الأر
ض، تهفو الى الضياء المشع"
كيف لا.. وهو يستوطن أرض النبوة.. وموطن الهجرة.. ومدينة الانصار.. انه يسترسل في أنشودته:
"لا يزال الصدى، صدى الثورة الكبرى
على اليأس، والدجى، والقيود
يتحدى قوى الظلام، ويلقى
بالطواغيت في حنايا اللحود"
ومفردة يلقى في شطره جائزة للمجهول.. إلا أن الأصوب ان تكون للمعلوم اشارة الى الصدى، أو الضياء المشع:
"ريع منه الظلام، وابتأس الشرك
وقامت قيامة الأوثان
وأصيبت قريش منه بداء
سد في وجهها دروب الأمان"
ويسترسل في قصيدته "صدى الهجرة" كيف عانى الأنصار والمهاجرون.. كيف صبروا.. وصابروا:
"وأذاقوا الرقيق، والضعفاء
والمساكين شدة.. وبلاء
اسألوا "ياسرا" هنالك عنها
ورعاقا له.. قضوا شهداء"
وأحسب انه يعني "رفاقا له.. وليس رعاقا كما ورد في الديوان خطأ.. نتجاوز قصيدته "أغنية حب إلى تونس" كي نعيش معه في حب أكثر خصوصية.. وأكبر التصاقا.. انه حب "اليوم الوطني" لبلاده:
"أقبلت تسبق موكب الزمن
يا أجمل الايام يا وطني
يا يوم وحدتنا وما حملت
للعرب، من عز، ومن من
ونشيد حب من جزيرتنا
نشدو به في يومنا الوطني"
ومع مهرجان "الفكر".. يتحدث يراعه:
"أخوة الفكر، ورواد البيان
مهرجان الفكر أسمى مهرجان
وصدى الحانه تطوي المدى
بشذى العطر، ونبض العنفوان"
إلى أن يقول مشيراً إلى طيبة الطيبة التي يعشقها، ويرتمي في أحضانها بحب ليس مثله حب..
"تزدهي بالصيد في سوح الوغى
وتحي عبقريات البيان"
ملاحظتان على هذا البيت.. الأولى على كلمة "سوح".. ولعله كان يعني ساح الوغى. أما الثانية فقد كان حريا به تصحيح مفردة تحى.. وصحتها وتحيي". ومع شاعرنا المجيد نتحرك سويا حيث نقتحم معه دربا مشمسا حارا بتوهج نوره لاناره.. فنحن واياه في اتون معركة سلاحها الايمان.. وسلاحها الاسلام.. "صوت من الماضي"..!
"في كل شبر من بلادي
فوق الجبال. وفي الوهاد
صوت يرن بمسمعي
ويقول: "حي على الجهاد"
ويرن في افقي الصدى
مستصرخاً مستنجداً
القدس تنهشها الوحوش
وتستبيح المسجدا..."
لم تعد القدس وحدها تلك التي تستصرخ.. فلسطين كلها يمتلئ فمها بالصراخ وهي تعاني وطأة الاحتلال.. وقيود الاذلال.. بل غير فلسطين.. بلاد عربية إسلامية تستهدفها مطامع الطامعين المتربصين بها لاحتوائها..
وسلب خيراتها.. وسلخها عن ثوابتها العقدية.. والوطنية..
"سنعود رغم الغاصب
ورغم تجار الفناء
سنعود فانتظري بنيك
المخلصين الأوفياء"
ان بنيها يدفعون الثمن غاليا من أرواحهم، وجراحهم، وحصارهم، وترويعهم.. ولكن لوحدهم لا يكفي..! وهذا ما استشعره شاعرنا.. بقوله:
"دمدمي.. واصخبي.. وثوري فهذا ال
يوم يوم المناحة الخضراء..!!
المناحة كما نعهدها تتشح بالسواد بالخضرة.. ليت انه احل كلمة سوداء أو غبراء مكان "الخضرا"!
"واقذفي بالدخان، واللهب المعتم
في جبهة الوجود المرائي"
لكأنما كان شاعرنا يتحدث عن اللحظة.. ملاحظة "اللهب" لا يأتي معتما وانما متوقدا، الاعتام صفة من صفات الليل الحالك، أليس كذلك؟ ان مفردة "محرق" الصق بالوصف. ويسترسل في بكائيته للعيد:
"دمدمي يا مدافع العيد ان
العيد أمسى مظاهرا، ورسوما
دمدمي يا مدافع العيد اني
ها هنا في الدجى المروع وحدي"
ئعله يُرجع داخل نفسه، بل وخارجها بيت الشعر الذي يستكثر عيدا ليس بعيد لأنه بعيد عن خصائصه:
"عيد بأية حال عدتَ يا عيد؟!"
حالنا.. وبهذا البيت الذي أقحم نفسه وحاول ان يشطر أبيات قصيدة شاعرنا.. لنعد اليه:
"يا ضلوعي احس بالألم الباكي
واصغي لهمسة المستجد
وبهدبي المخضل ترتعش الذكرى
وفي جبهتي ظلال التحدي
كصباح المشردين يعانون
مع العيد صولة المستبد"
توصيف جميل لمعاناة من يقضي العيد في عوز.. في سجن مرتهن بظلم.. في خيمة تمزقها رياح التشرد.. وما أكثرهم..
أعود إلى شطر بيته ما قبل الاخير.. انه مختل ناقص البناء يمكن تقديمه بإضافة كلمة "حين" ليأتي هكذا:
"كصباح المشردين حين يعانون"
ونقف مع شاعرنا وقفة تحر.. كي نتعرف على أسباب شكواه:
"ولماذا الغناء والليل داج
مكفهر.. والفجر ضل سناه
أتغني! والجرح ينزف، والعار
ثقيل.. به تنوء الجباه؟!
ثم يفسر لنا العيد الذي يريد:
"عيدنا الحق، يوم لا يبصر العيد
بآفاقنا مظاهر بؤس
عيدنا الحق يوم نستأصل الشر
ونلقيه في قرارة رمس"
كلنا مع شاعرنا نتطلع الى عيد الأعياد يوم أن تُسترد الكرامة.. وتُستعاد الأرض لأهلها.. وينتشر رواق الحب والسلام بين البشر، فلا حرب، ولا ضرب، ولا كرب يكدر حياة الإنسان ويسلمه للقلق والقهر..
+++++++++++++++++++++++++++
يتبع
* الرياض: ص.ب. 231185 / الرمز 11321
فاكس: 2053338
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved