Culture Magazine Monday  30/07/2007 G Issue 209
شعر
الأثنين 16 ,رجب 1428   العدد  209
 
لذعت بنار الشعر

 

 

شعر: محمود محمد حسن

===========================

يحاول قومٌ غمطَ شعري وإنه

لأَخلقُ شعرٍ أن يُضام ويحسدا

أنا معدن الشعر الذي ليس يُمترى

مراهُ وأحمى من قلى الشعرَ موقدا

تنزَّلُ لي قاصي النجوم ذليلةً

لأقبسَ من أنوارها أو أقلدا

ولولا ادراعي الشعرَ والناسُ حوَّمٌ

على غثّ نظم ما سللت المهندا

أقطفُ أزهارَ المعاني قريبةً

وأحسنُ في أعماقهنَّ التصيدا

إذا كان شعرُ الناس معنى معطلاً

كسوت معانيَّ الدمقس المقرمدا

عرائس لم يزففنَ إلا لخاطبٍ

زرى كل بيتٍ ليس في الحسنِ أوحدا

تطامنَ عنها كل فحل مفلّق

وكل صدوحٍ بالهوى قد تغرَّدا

تشقُّ شياطينُ القريضِ جيوبها

إياساً كأن الشعرَ عنها تحردا

قصيدٌ سرى مرخى العنان وحوله

تقطعُ أنفاسُ القصائدِ سهدا

أنامل شوبانٍ تراقصُ نشوةً

كأن بيانَ اللحنِ فيها تعربدا

تزف إلى بكر المسامع والنهى

كرائم إن عيدت تجدد خردا

يظل بها المصغي كأن همومه

سدائم والآلام حلماً مبددا

تقطر تقطار الربيعِ استهلها

منابتُ ألفت سائر الشعر جلمدا

أطايبُ من قطفِ الجنان أبثها

أقاحي نور أو طلاحاً منضدا

تقر بقلب اللوذعي وربما

تضيق بها الأكوان أو يقصر المدى

لها أنس للشاعرين كأنهم

سوامع قبل السمع أن يتولدا

عززت به والشعر خزي لشاعر

تعلق زورا أو تملق سيدا

ولكن مثلي إن يعش فحميدة

مآثره أو مات مات محمدا

ولست أبالي حين أشنقُ شاعرا

إذا عشت ديّاناً وشعري موحدا

ولولا ارتضائي بلْغةً من قصائدي

لأنضبت بحراً أو لأطفأت فرقدا

ولكنني بالشعر مسبى وهمَّتي

من الفن أن تزهى المعاني وأنشدا

ولو عشت في عهد الفصاحة برهة

سبقت حبيباً أو لجاوزت أحمدا

ورثت جليل الشعر غراً وربما

ينال الفتى ما يحرم الشيخ قُعددا

إذا قيل من للشعر قلت أنا الفتى

فتى الشعر لن أعيى ولن أتبلدا

فتى موسق الأشعار حتى تفردت

لحوناً وأمهى النقدَ حتى تفردا

لذعت بنار الشعر قدماً فأصبحت

عقاربه تعتسُّ في الصدر صردا

أسايسه حتى تهب قصيدة

هبوب رياح الفلك لما تركدا

وليست رياح الشعر عني بعيدة

يداها ولا نجم المعاني مشردا

إذا قلت مهلا للمعاني تدفقت

علي ومهلاً للتغني لأزبدا

سجية طبع لو أردت انقماعها

لعاند منها شاجن أو تمردا

قصائد يروي غلة الفن قطرها

وتخضر منها روضة الشعر سرمدا

تبوخ دعيات القصيد وشيكة

وييبس من أغصانها ما تأودا

ولكن شعري إن أعيدت قصيدة

تجدُّ ويبقى عود ما قلت أحمدا

ولو دق لفظٌ حل في خير موضع

لمددت ظلاً أو لأردفته الصدى

نجوم يراها الجاهلون قريبة

إذا همت خرت بين كفي سجدا

وليس بشعر ما أتى وهو بارد

وإن جمع الألفاظ دراً وعسجدا

وليس بشعر كل بيت مرجف

إذا قيد النقاد وهماً تقيدا

ولا كل بيت تائه القصد يرتعي

معاني لا توعى ولفظا مجردا

هنالك شعري لا أبا لك إنه

به صار باقي الشعر لغوا مفندا

طرقت أفانين القصائد واهتدت

إلي طريقاً مستبيناً معبدا

كأن كهاريباً سرت في مفاصلي

إذا رزَّ في قلبي الهوى أو ترددا

بي أبيض وجه الشعر بشرا وغمغمتْ

على النثر أحزانٌ بها بات أسودا

فقلتُ نواة الشعر حتى تشطرت

شواظي إبداعٍ أغارَ وأنجدا

حرائرَ لم يهدينَ إلا لشاعرٍ

يصاولِ مجداً أو يحاولُ سؤددا

ولو أن شعراً خلد الدهرَ شاعراً

لعِشت به دون البرايا مخلداً

===========================


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة