الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 31th March,2003 العدد : 4

الأثنين 28 ,محرم 1424

بين رأيين وزارة الثقافة:
ألم يأن الأوان لجمع شتاتنا الثقافي؟
الناصر: إشكالات الأندية الأدبية ستنتهي بإيجاد وزارة للثقافة
القشعمي: موضوع «وزارة الثقافة» أثير قبل 20 عاماً والحاجة إليه الآن أكثر إلحاحاً

* إعداد سعيد الدحية الزهراني:
وزارة الثقافة السعودية أمل المثقف السعودي المنتظر، زادت حدة المطالبة بهذا الجهاز الوزاري مؤخراً في الأوساط الثقافية والأدبية بعد أن «فشلت» أو عجزت الأندية الأدبية خاصة والمؤسسات الثقافية عامة، في احتواء كافة الأصوات والأطراف الثقافية وبعد فشلها أيضاً في تقديم النفع الحقيقي والارتقاء بمستوى المثقف السعودي رغم ما يبذل من جهود يائسة قد لا تغني ولا تسمن من جوع.
نحن معكم بين رأيين حول وزارة الثقافة السعودية. الرأي الأول للأديب الرائد إبراهيم الناصر الحميدان، والمثقف الأستاذ محمد بن عبدالرزاق القشعمي.
حيث جاء رأي أ. الناصر كما يلي:
وزارة للثقافة
لا يختلف اثنان بأن تقدم الشعوب عامة إنما يبدأ من وعيها الفكري بواقعها وبما يحيط بها لأن العالم اليوم أصبح شديد الالتصاق تأثراً وتأثيراً بعد أن ألغت وسائل الاتصالات تلك الأبعاد وقرَّبت المسافات إلى درجة الالتصاق. وهذا أمر لا يحتاج إلى شواهد بدليل أننا في منزلنا أصبحنا نرى على الشاشة الفضية ما يحدث في أي بقعة في العالم عن طريق تشغيل أزارير صغيرة تنقلنا من قارة إلى أخرى.
وهذه القفزة العلمية ما كانت لتحدث لولا تلاقح الوعي بين العلماء والدراسات في شتى أنحاء العالم، ولن أتحدث عن إسهاماتنا في هذا المشهد العلمي لأننا نخجل بأن ندعي تقديم أي عون لذلك المسار حتى وإن كان بعض المفكرين العرب اضطروا بدافع الاحباط والوضع السيئ في بلادهم الى الاغتراب والهجرة حيث فتحت لهم هناك أبواب التفاعل والانجاز العلمي، وبلادنا والحمد لله لا تشكو من قلة المثقفين أو على الأقل المتنورين الذين يتلمسون منابع المعرفة في أي مكان لولا أن الاحباط يجعلهم يتألمون من الواقع الضحل.
فالمؤسسات الثقافية القليلة في بلادنا ما زالت عطاءاتها هامشية ولا تصل إلى المستوى الذي ينشده جيلنا الواعي واسهاماتنا لا تكاد تذكر لأن القائمين عليها جيء بهم كيفما اتفق وليسوا على المستوى المطلوب ولأنهم ليسوا مهيئين لهذا العمل وأكثرهم مرتبط بمصالح حكومية أخرى بينما المفروض أن يأتوا من خلال الجمعيات العمومية للأندية وبالانتخاب حسب النظام الذي وضع لهم عند التأسيس فأصبح معلقاً دون استدعاء فلماذا؟ إن شعبنا يميل إلى الثقافة ويعنى بها بدليل أنه تفتح صالونات أدبية على مدار الأسبوع في أكثر مدننا وهو ما لا يوجد في أي قطر آخر كما هو الشأن لدينا.
إن رعاية الشباب مع احترامي التي تشرف على الأندية الأدبية وجمعية الثقافة ليس لها تلك المبادرات الثقافية أو الجهاز الذي يستطيع أن يوجه الثقافة باقتدار بدليل أنه يوجد لديهم مبنى ضخم ليس له مثيل في معظم الدول وهو مركز الملك فهد لا يستفاد منه كما ينبغي حسب التجهيزات التي زوِّد بها والذي كلف انشاؤه مئات الملايين منذ بضع سنوات ولعل الكثيرين لا يعرفون موقعه تحديداً فالخطوة الأولى دعوة الجمعيات التأسسية للأندية للاجتماع ومن ثم انتخاب رؤساء للأندية ونوابهم بل حتى الجهاز الثقافي لأن رؤساء الأندية الحاليين مع تقديرنا لما قدموه من جهد مضى على تكليفهم أكثر من عشرين سنة وهذا الوقت يكفي لادخال الملل والسأم على هؤلاء الأفراد المحترمين الذين استنفدوا طاقاتهم في هذا العمل ولم يعد لديهم ما يضيفونه وإذا ما تم ايجاد وزارة للثقافة فسوف تنتهي كافة اشكالات الأندية الأدبية في وضعها الراهن الكئيب، وكذلك جمعية الثقافة التي لا أدري ما هو دورها الثقافي في مشهدنا عدا دور الأندية الأدبية حتى تنهض برسالة الفكر الحديث في هذه المرحلة من تاريخنا الذي توجه إليه الأنظار مع الكثير من الأسئلة!! قد يقال إن ايجاد وزارة للثقافة سوف يشكل عبئاً مادياً على الدولة بينما المفروض أن نخفف عنها العبء وأجيب أنه بالامكان دمج الكثير من الوزارات الحالية التي لا فاعلية لها تذكر أو تحتاج إلى إعادة صياغتها كما فعلنا في دمج تعليم البنات مع وزارة المعارف لأن هذه التشكيلات وجدت عند تأسيس الدولة قبل أكثر من نصف قرن كما أنه يكتفى بحجم أقل لبعض هذه التشكيلات فكأن يطلق عليها مسمى وكالة أو مديريات.
ان دور الثقافة كما أشرنا حيوي في مسيراتنا العلمية والتي ينبغي أن تنبثق عنها مراكز أبحاث متنوعة تضاف إلى مدينة الملك عبدالعزيز للبحث العلمي لأن هذه غير قادرة بمفردها على استيعاب التحولات القادمة، ولعله من المؤسف أنه حتى الآن لا توجد جمعية أو رابطة للمثقفين تضم هذه النخبة التي يقع على عاتقها الكثير من الأعباء في تحديد مساراتنا الحضارية والفكرية مستقبلاً.
الفكرة قديمة
أما الأستاذ محمد القشعمي فقد قال: حينما طرحت فكرة انشاء وزارة للثقافة.. وهل الحاجة لها ملحة في ظل تعثر الأندية الأدبية أوعدم استيعابها لجميع المثقفين بمختلف مشاربهم وميولهم.
عادت بي الذكريات إلى ما قبل ثلاثين عاماً حيث كنت أعمل بالرئاسة العامة لرعاية الشباب وكانت آنذاك إدارة صغيرة تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتسمى «إدارة رعاية الشباب» وعدد موظفيها لا يتجاوز الواحد في المئة1% من عددهم حالياً. حيث كان سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله يملؤه الحماس والرغبة في انشاء وتطوير كل ما من شأنه تحفيز الشباب وتفجير طاقاته للعمل المبدع الخلاّق وضمن البرامج والأنشطة الشبابية التي استحدثها سموه احياء فكرة «سوق عكاظ» فجمع لذلك عددا كبيرا من أدباء المملكة وبالتحديد في شهر صفر 1395هـ وبعد مناقشات طويلة غير مجدية، وانتهز هذه المناسبة الأستاذان محمد حسن عواد وعزيز ضياء رحمهما الله فتقدما لسموه بطلب تأسيس ناد ثقافي أدبي بجدة، فقدما الطلب وفي اليوم التالي وهو يودعهم سلمهم قراراً بالموافقة على تأسيس النادي، وهكذا انتهز باقي الأدباء من مناطق المملكة هذه الفرصة فتقدموا بطلبات مماثلة وصدرت لهم الموافقة، وأعتقد أن عددها أصبح ستة أندية عند بدايتها وهي:
جدة، مكة، المدينة، الطائف، جيزان، الرياض.. وفيما بعد لحق بها أندية: أبها، القصيم.. وأخيراً وبعد سنوات لا تقل عن العشر أضيف ناديا حائل، المنطقة الشرقية، وفي العام الماضي تأسس نادي الجوف وقبله الباحة.
اختلف كل ناد عن الآخر وترك لمجالس الأندية حرية اقتراح البرامج المناسبة، طبعاً اقترح نظام فضفاض لتلك الأندية يحدد ويؤكد نظاميتها فقط أما برامجها وأنشطتها فترك لمجلس الإدارة، وعادةً يتكون المجلس من بعض الأدباء المشهورين من كبار السن أو المسؤولين في الجامعات وغيرها.
وحرص سمو الرئيس العام آنذاك على خلق جو من التنافس فيما بينهم، حتى أنني أذكر أنه قد سئل في احدى المناسبات لماذا تتعدد الجهات الثقافية في الرئاسة مثل: الأندية الأدبية، الفنون الشعبية، النشاطات الثقافية، جمعية الثقافة والفنون، فأجاب بأنه قصد ذلك من أجل خلق التنافس فيما بينهم.
فإذا خرجنا من نطاق الرئاسة إلى الفضاء العام إلى أجهزة الدولة الرسمية وجدنا عدداً كبيراً معنياً بالثقافة فمن وزارة الإعلام إلى التعليم العالي إلى وزارة المعارف حيث المجلس الأعلى للثقافة والعلوم والأداب والذي لا نكاد نسمع به ولا نشاط له رغم أنه قد أسس قبل ثلاثين عاماً وسبق أن كتب عنه من كلفوا بإدارته مثل الأساتذة الشعراء عبدالعزيز الرويس وقبله عبدالله بن ادريس، وللأسف لم ينهض بمسؤولياته وكان الأمل ان يحذو حذو من يماثله بالدول الأخرى مثل مصر أو على الأقل كما هو في دول مجلس التعاون الخليجي مثل الكويت أو البحرين.
لا ننسى مهرجان الجنادرية الثقافي فهناك جهات كثيرة تتنازع الثقافة وتدعي أنها أحق من غيرها بها
وكل يدعي وصلاً بليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
لن أحلم كثيرآً بما في جمهورية مصر العربية من تعدد المنابر الثقافية فمن وزارة الثقافة إلى الهيئة العامة للكتاب إلى المجلس الأعلى للثقافة وكذا قصور الثقافة، وكتاب الأسرة وسلاسل من الكتب الثقافية العامة والتي تباع بسعر مخفض ومدعوم والمجلات المتخصصة مثل: فصول، القاهرة، ابداع، شعر، قصص، المحيط الثقافي..الخ
ولننظر للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والأداب بالكويت وسلسلة المجلات الشهرية الرائعة مثل عالم الفكر والأداب الأجنبية والمسرح العالمي وعالم المعرفة..الخ
لقد أثير موضوع انشاء وزارة للثقافة بالمملكة قبل عشرين عاماً وتبارى عدد من الكتاب يدعون لذلك أثناء الاحتفال بجائزة الدولة التقديرية للأداب الأول والثاني عامي 1403 1404هـ وقبلها بسنوات قليلة وأثناء تولي معالي الدكتور محمد عبده يماني وزارة الإعلام طلب أن تستحدث وكالة بالوزارة تعنى بالثقافة والأداب ولكن الموضوع تعثر ولم ير النور.
والآن ولسعة رقعة المملكة وترامي أطرافها وتنامي عدد سكانها وتعدد مشاربهم وتنوع ثقافتهم والنهضة علاوة على الأحداث والمخاطر التي تتهددنا منذ عقدين من الزمن والكل ينهش من جهة ويقلل من قدرتنا ومن وعينا وثقافتنا وامكانية نهوضنا بمسؤولياتنا التاريخية، أفلا يستدعي ذلك أن يؤسس جهاز مركزي معني بنظم هذا العقد من الحلقات المتناثرة وينهض بدوره بشكل صحيح ومتكامل، وحتى نثبت للجميع أننا أهل للمسؤولية وقادرون على اثبات وجودنا ونلحق بالركب قبل أن يجرفنا الطوفان دون أن ندرك ذلك.
خصوصاً وأن الأندية الأدبية لم تستطع أن تفي أو تسد العجز وتنهض بعبء اشباع رغبات ونهم المتعطش للثقافة من فئات المجتمع المختلفة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved