الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 31th May,2004 العدد : 61

الأثنين 12 ,ربيع الثاني 1425

محمد المنصور في تعليق على الحوار معه:
لست بحاجة للغذامي.. وكتب عني كثيرون

في الحوار الهاتفي الذي أجراه معي الشاعر والناقد عبدالله السمطي ونشر في الثقافية في 10 مايو، كان هناك سوء فهم في الموضوع.. فقد كان لي رأي فيما يكتبه الدكتور الغذامي، إلا أن السمطي أحدث نوعاً من (التحويلة) في الطريق تلطيفاً للجو، وذكر تهميش الشعراء.. وحيث إن (التحويلة) أدت إلى الطريق الخطأ، وترتب عليه سوء الفهم، فكان من الواجب عليّ هدم الحاجز في سبيل كشف الإبهام عما التبس لدى البعض، إذ ظنّ أحدهم أني عنيت الغذامي بعدم كتابته عني.. فإن كان هذا هو الاعتقاد، فهو اعتقاد يتسم بالخطأ الفادح، إذ لست بحاجة إلى كتابة الغذامي ولن يرفع من منزلتي ولن يخفضها وذلك لأسباب بعيدة عن النرجسية.
منها أني بدأت كتابة الشعر ونشره قبل وصول الغذامي إلى الساحة الأدبية، ولي أكثر من ربع قرن معروف لدى الناس في داخل المملكة وخارجها، وكتب عني الكثير في الداخل والخارج.. والقول بأنه لم يكتب عني غير ثلاثة نقاد في الداخل، قول غير صحيح إطلاقاً.
أما الدكتور الغذامي فليس بيني وبينه سوء فهم، وأحتفظ له بالاحترام، فهو كاتب وناقد يسعى إلى إبداع شيء قد يحبه غيري ولا تحبه نفسي، وتجربتي الشعرية تختلف اختلافاً كبيراً عما يرومه.
وفيما يخص موضوع تهميش الشعراء والتركيز على نسخ قديمة وحتى يكون مفهوماً كنت أقصد به شعراء التسعينات، ممن يراهم السمطي أمشاجاً وأرى فيهم شعراء على مستوى من الإبداع، وكثيراً ما هاتفني بعضهم وقابلني البعض الآخر وفي نبراتهم شكوى من عدم الاهتمام بهم.. ومع أني لست بالمتفائل لهم، فإن نظرتي إلى النقد عامة يشوبها الكثير من الحذر، وعندي أن الشاعر أعظم شأناً وقدراً من الناقد، فالشاعر متبوع والناقد تابع، وليست هناك علاقة حميمية بينهما، وما كان الفرزدق لينصب البيت إلا على ما يسوء الناقد له، وإن كان ذلك النقد لا علاقة له بالشعر وإنما باللحن، وبول فاليري يحمد الله أن وجد من يفسر له شعره، وكأنه نوع من السخرية وإن ظنها البعض اندهاشاً.. من هنا يبقى الشاعر، من خلال خلود شعره في القلوب، وقد لا يكون للنقد أثره الفاعل سواء كان مواكباً أو متأخراً والمتعة تكمن في الإبداع.. وقد تنبه النقاد لذلك يقول ديتش في مناهج النقد: (وقد يكون من السخف أن نقول: لم يتذوق أي إغريقي آثار صوفو كليس إلا حين كتب ارسطو كتاب الشعر أو أن المترددين على المسارح بين الانجليز كان عليهم أن ينتظروا برادلي أو الاستاذ هايلمان قبل أن يتذوقوا الملك ليروا ويستمتعوا بها).. ويرى دتش أن النقد (توضيح التذوق وتركيزه وزيادته) ولكن النقد لدينا تعكير للتذوق وشطح بالنص أكثر من شطحات الصوفية.
فالبسطامي يشطح ولديه معرفة بالنص الديني، والناقد الأدبي لدينا يشطح بالنص إلى خارج النص ويسعى إلى تطبيق نظريات في الغرب أكل الدهر عليها وشرب.. وإذا كان النقد في العصر الحديث يتعدى العمل الابداعي إلى رؤية المبدع من الناحية النفسية والاجتماعية ونواح أخرى بهدف إلقاء ضوء أكثر على النص، فإن هذه العوامل تكاد تكون مفقودة يحل مكانها نوع من الصداقة والعواطف الجياشة في سبيل المنفعة المتبادلة.. وقد كان النقد العربي في بداياته بعيداً عن هذا، يقول المرزباني في كتابه الموشح بعد أن ذكر أن النقد في عصره يتركز على عيوب الشعراء التي نبه عليها أهل العلم من ايطاء واقواء وتناقض واختلاف اللفظ.. الخ يقول: (سوى عيوبهم في أنفسهم وأجسامهم وأخلاقهم وطبائعهم.. وغير هذه الخصال من معايبهم فإنا قد استقصيناه في كتابنا الذي لقبناه بالمفيد).. وإذا كانت هذه العيوب في العصر القديم لا علاقة لها بنقد النص فإن بعضاً منها في العصر الحاضر قد يخدم النص، شريطة التجرد من الصداقة والمنفعة والتي جعلت من الناقد عدواً يقف خلف الشاعر بطريقة تشوبها الغفلة منه, ويقسم جسمه في جسوم كثيرة، إلا أنها ليست جسوم عروة بن الورد وصعاليكة وإنما على العكس من ذلك وأخص منها جسمين: الأول يقف خلف الشاعر وفي يده مدية السب والشتيمة خدمة لمصالح شعراء آخرين وهذه النوعية من النقاد ليس لعقلها أي غرض اعتباري أو عملي وهو ينافي في العقل المحض أسئلة (كانت) الثلاثة: ماذا يمكن أن أعلم؟ ماذا عليّ أن أعمل؟ ماذا يمكن لي أن آمل؟, فهم لا يعلمون إلا بالشر، ولا يعملون إلا به، ولا يأملون بغيره، وإنما هم موجهون بعقول أخرى، وليست لهم قلوب فيبصرون بها.
أما الثاني فهو قريب الشبه من الأول، ولكنه أكثر سماً وأسرع قبضاً لروح الشاعر ووأده في مهده, وهو المادح والمتقن للنفاق النقدي بحيث يجعل من قصائد الشاعر جواري تباع في سوق النخاسين وهو النخاس يصف كل جارية بما ليس فيها ويكيل المديح الكاذب إلى أن يقبض الثمن والثمن هو الاعتلاء على أكتاف الآخرين وربما أدرك بعد غفلة من نشوة الزيف أن تلك الأعمال الهشة قد تسربت إلى صفحات كتابه فجعلت منه كتاباً هشاً وانقلب السحر على الساحر.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved