الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 1st June,2003 العدد : 23

الأحد 1 ,ربيع الثاني 1424

حركة اقتصادية إليكترونية متنامية
صدى شبكة الإنترنت في العالم
الانترنت في خدمة الثقافة والعلوم
الشبكة العنكبوتية تتحول إلى أداة شريرة في يدالدول المتحاربة

إعداد: تنكزار سفوك
خلال بضع سنوات أصبحت شبكة الإنترنت عنصرا مهماً لا يمكن تجاوزه في دعم التجارة والاقتصاد، وبالرغم من ذلك فمازال المجتمع الدولي بحاجة إلى بذل الكثير من الجهود كي يحصل على شبكة واسعة أبعادها العالم كله، وعلى مكانة جديرة بها، حيث إنه بالرغم من التوسعة والتطور التقني الذي حصلت عليه الشبكة، فما زالت تحتاج إلى الكثير من الجهود والتطور، وتتمتع شبكة الإنترنت بتأثير كبير على مختلف مجالات الحياة، كونها وسيلة للتبادلات التجارية والاقتصادية في المجتمع الدولي على الصعيدين الداخلي والخارجي، فبعد أن كان استخدام الشبكة مقتصرا على البلدان الغنية التي تملك بنى تحتية قوية تؤهلها لاستعمال واستخدام هذه الشبكة في جميع نواحي الحياة، أصبحت اليوم هذه الشبكة منتشرة في أصقاع الأرض كلها، وأصبحت الشغل الشاغل لعدد من هذه المجتمعات حتى الأكثر فقرا، وأصبح ضمن دائرة الاهتمام على المستويين الرسمي والشعبي، تكمن أهمية شبكة الانترنيت في قدرتها على تشجيع التبادلات الاقتصادية والتجارية وتوطيد العلاقات بين مختلف دول العالم التي بإمكانها الاستفادة من هذه الشبكة ، ليس فقط في التجارة العالمية وإنما في التجارة الداخلية بين أجزاء الدولة الواحدة، ويعتبر تخفيض التكاليف الذي يحدثه استخدام الإنترنيت في مجال التجارة، وكذلك انخفاض تكاليف إنتاج وتخزين ونقل المعلومات فرصة ثمينة للدول النامية كي تلعب دورها في الاقتصاد العالمي.
نظرة المجتمع الدولي
ويطرح اليوم عالم المعلومات الرقمية على المجتمع الدولي عدة أسئلة جوهرية تتعلق بالناحية القانونية والتجارية وطرق استخدام شبكة المعلومات، وفي ظل تنامي دورها وتطورها، حيث باتت المعلومات والصور والتقارير تنتقل بشكل فوري ودون وسيط بين دول العالم لا يمكن النظر إلى هذه الأسئلة أو الإجابة عليها إلا في إطار تعاون دولي مثمر.
ومع تنامي دور التعاون الدولي في مجال التجارة الالكترونية وازدهارها والتوقيع الالكتروني وحماية حقوق التأليف والنشر فإن المجتمع الدولي اليوم حريص على تأكيد رسالته في احترام الحريات الخاصة وصيانة الحريات العامة ومناهضة التمييز والتفرقة وعدم المساواة.
فقد نفذ الاتحاد الأوروبي خطة أعدتها رئاسته وفتحت مجالات عمل واسعة شملت التبادل الثقافي والتعليم والتجارة والاقتصاد والبحث العلمي وذلك تماشيا مع سياسة المجتمع الدولي وقيم ومبادىء هذا المجتمع ، وتتركز الخطة على إيجاد توازن بين المبادىء الفردية لدولة من الدول لا تنفي المبادىء الجماعية لهذه الدولة وسياساتها العامة، وتدعو إلى تأكيد التعاون بين جميع البلدان بثقة وأمانة من أجل جمع المعلومات ونقلها خاصة في ميدان ( مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وحماية الملكية الفردية..)، وعلى ايجاد إدارة مشتركة تراعى فيه خصوصية الشبكات والنقاش الفعال بين العناصر المؤثرة فيه والاستفادة من الأنماط والنظم الكلاسيكية على الانترنت وايجاد السبل الكفيلة بتطبيقها مع مراعاة القانون العام، وتعميم استخدام الانترنت ليشمل مجالات الحياة كلها وخاصة مجال التعليم والثقافة والتجارة والبحث العلمي وذلك بأسرع الطرق وأقل التكاليف لتتيح الفرصة لأوسع القطاعات والشرائح الاجتماعية في هذه الدول للاستفادة من خدماتها.
وتسعى الدول الأوربية إلى جر الدول النامية والتي لا تتاح لها الفرصة الكافية في المشاركة في مجتمع المعلومات للمشاركة معها في الأفكار المعدة لتطويرالعمل المشترك في هذا الجانب لما فيها استفادة شعوبها وتقدمها التقني، وهي تهدف إلى إيجاد قواسم مشتركة بين المجتمعين لوضع تعريفات وقوانين تتعلق بهذا المجال الحيوي والجديد، الذي يبنى عليه اليوم تعاون دولي كبير وبناء، وتعقد من أجل ذلك ندوات ومبادرات تشارك فيها دول الاتحاد الأوربي ودول من أوربا الشرقية وشخصيات فاعلة من الدول الواقعة على حوض البحر المتوسط، تحاول هذه الدول من وراء ذلك دراسة الجوانب القانونية لهذا المجتمع الذي يوصف بمجتمع المعلومات والناحية القانونية للممارسة لتجارة الإلكترونية والحقوق العامة والخاصة وحماية أصول الملكية الفردية، ودراسة لائحة الاتصالات عن بعد وتعريفها.
تكنولوجيا دول الجنوب
وإذا كانت الدول الفقيرة أوالتي تسمى بالدول النامية ما تزال تعاني من مشاكل تتعلق بالحياة المعيشية وبالظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها عدد كبير، فإن استفادتها من خدمات شبكة الإنترنت قد ازدات زيادة ملحوظة. فوفقا لدراسة إحصائية بينت نتائجها أن في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية قد ازداد عدد المواطنين الذين يستخدمون الإنترنت في هذه البلدان بلغت 155% في آسيا و102% في أمريكا اللاتينية و136% في أفريقيا،.. إلا أنها مازالت متأخرة في علوم التكنولوجيا والاتصالات إذا ما قورنت بالدول الغنية.
فأفريقيا مثلا تعتبر من الدول التي مازالت تعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وما زالت تكنولوجيا المعلومات واستخدام الإنترنت بعيدة عن متناول الأغلبية الساحقة من الافارقة، الذي ينظرون إلى الإنترنت بالكثير من الاعجاب والاستغراب، بالرغم من تقدم هذه البلدان في مجال تقنية الاتصالات الأخرى كاستخدام الهاتف الجوال والاستفادة الكبيرة من شبكة الاتصالات. وهذا مرتبط إلى حد كبير بالمعاناة الاقتصادية التي تعاني منها أغلب فئات الشعب والفقر الذي يطغى على الوسط الاجتماعي في هذه الدول، فهناك علاقة طردية بين استخدام شبكة المعلومات والاتصال.
وكما يؤثر الفقر على استخدام شبكة الإنترنت في مجتمع ما فيحد من انتشاره ويعمل دور المثبط لقدراته واستعمالاته، فان شبكة الانترنت نفسها تؤثرعلى الفقر وتحاول القضاء عليه فإن لم تستطع فتقلل من شأنه، وتتضح هذه المعادلة جليا في دول العالم النامية من خلال تأثيرها المتصاعد على البنية التحتية لهذه البلدان فتقلل من تكاليف التجارة والمواصلات، وتساهم في التنمية الاقتصادية بزيادة الأرباح وقلة التكاليف، وتشير تقارير ودراسات أعدت في عدد من الدول الفقيرة من قبل هيئة التعاون والتنمية الاقتصادية التي التأمت في دبي ممثلة عن ثلاثين دولة غنية، والتي أكدت أن الدول الفقيرة تعاني من نقص في استخدام شبكة المعلومات والاتصال، شأنها كشأن الصحراء التي تحتضنها والتي شبهها التقرير بأن (الصحراء مازالت تمتد في هذه البلدان..). ولعل خير دليل على صحة تقاريرهم والإحصائية التي أجريت على مواقع في أفريقيا وفي شمال أمريكا والتي أكدت أن شمال أمريكا يحتوي على مواقع للإنترنت أكثر من مواقع أفريقيا كاملة ب 540 مرة.
ولعل هذا الفارق الاقتصادي والتنموي في مجال العالم الرقمي وازدياده يوما بعد يوم، نتيجة تطوره في العالم الغربي وتضاؤله في دول الجنوب، يثير اليوم قلقا كبيرا حتى للدول الغنية، حيث أشارت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا في مداخلتها أمام القمة الاجتماعية التي انعقدت في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة أن 88% من مستخدمي الإنترنت يعيشون في البلدان الغنية و0 ،3 فقط في الدول الفقيرة، هذا الفارق لا يكمن فقط بين الدول الفقيرة والغنية وإنما بين الفئات الفقيرة والغنية في الدولة الواحدة.
ولا تملك جميع الدول فرصة الاستفادة نفسها من التكنولوجيا والعلوم وهي اليوم مسخرة لدول محددة في حين أن أغلبية سكان الكرة الأرضية بعيدة عن هذه الفرص ، وهذا ما أشار إليه المندوب الروسي للقمة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في ازدياد وقد تجلى ذلك من خلال الاحصائيات التي أجرتها منظمات تابعة لها والتي أكدت أن عدد مستخدمي الإنترنت كان في 1997م 50 مليونا ازداد في عام 2001 حيث بلغ 700 مليون، واستخدام الإنترنت يتضاعف كل ثلاثة أشهر ويزداد حجم التجارة الالكترونية سنويا 100% إلا أن هذه الزيادة كانت في أغلب الأحيان في الدول الغنية. وهذا أمر طبيعي فلا تلام الدول الفقيرة التي يبلغ متوسط دخل الفرد فيها 2 دولار في اليوم الواحد فقط، وازدياد هذا الفارق يعتبر تهديدا إضافيا للدول الفقيرة، وكذلك يوجد في الصين ما يقارب خمسة وأربعين مليون مستخدم للانترنت هذا ما أظهرته إحدى الوحدات الصينية الاجتماعية في إحصائية نشرتها في أواخر يوليو الماضي في إحدى الصحف الصينية التي أشارت إلى ازدياد عدد مستخدمي الإنترنت نتيجة الانفتاح والديموقراطية التي تتميز بها هذه الشبكة فتجذب الناس إليها. علاوة على أنها ميدان للتبادل الفكري والثقافي بين مختلف أفراد المجتمع وبين المجتمعات الأخرى، وهي فرصة للترفيه عن النفس عبر هذه الشبكة، ومع دخول الانترنت إلى هذا البلد الكبير بعدد سكانه في عام 1984م سرعان ما انتشرت بصورة واسعة بين قطاعات المجتمع، وخاصة في قطاع التعليم الذي يشهد له أنه أول قطاع بدأ بتعليم الإنترنت في مدارسه، حيث تم تجربته في البداية على 1000 مدرسة وبعد النتائج الجيدة والمثمرة لهذا المجهود الفكري والتقني، تم تعميمه على جميع المدارس في الصين ليكون إلزاميا على جميع الطلبة في مختلف المراحل منذ عام 2000م، فوصل عدد المستخدمين للإنترنت بين طلبة المدارس إلى 30% من أصل 60% من مجموع مستخدمي الإنترنت في الصين، وهي اليوم تجري اتصالات حثيثة مع شركات محلية لمضاعفة وتطوير استخدامها لهذه الشبكة، وتطوير تواجدها على الشبكة، وتستخدم من أجل ذلك وسائل الإغراء والترغيب من أجل تقوية الاقتصاد الصيني وتمكينه من الاستفادة من التبادلات العالمية التي سوف تبلغ حجما كبيرا يقدر بـ 327 مليار دولار.
الفجوة بين دول الجنوب والشمال
وبالرغم من كل ذلك ، فان دول الجنوب التي بذلت وتبذل جهودا كبيرة للحاق بالدول الأكثر تقدما وسد الفجوة العددية التي تفصل بينها وبين هذه الدول، فان حالات التفرقة وعدم المساواة مازالت قائمة، لا بل في ازدياد مطرد، أكدت ذلك دراسة أعدتها وحدة استخبارات الايكونميست، التي تناولت فيه تحضير الدول وأعدادها لتجارة الإلكترونية، وقد أوضحت هذه الدراسة أنه من أجل الوصول إلى التجارة الإلكترونية تحتاج هذه الدول ليس فقط لاقتصاد قوي متين متطور وإنما إلى بنية تحتية قوية للاتصالات تمكنها من الاتصال بالشبكة، فتعطيها بعدا حيويا مهماً آخر، لذا كان واجباعلى الدول المتقدمة مساعدة الدول النامية ليس فقط في المجالات الاقتصادية والإعانات المادية والقروض، وإنما مساعدتها في تسهيل مهمة يبدواليوم من أصعب المهمات أمام هذه الدول المحرومة من الاستفادة من مجتمع التكنولوجيا وتقليل أكثر ما يمكن تقليله من حالات عدم المساواة في الاستفادة من استخدامات الإنترنت التي تعاني منها هذه الدول، إلى جانب معاناتها في المجالات الأخرى.
خلل الأولويات
وفي ضوء استراتيجية برامج المساعدات الاقتصادية والمالية والتقنية التي تقرها الدول الغنية في القمم التي تعقد بين الحين والآخر للقضاء على الفقر. لا يوجد ما يبشر بمستقل التكنولوجيا في البلدان الفقيرة، هذه التكنولوجيا التي ترى فيها الكثير من البلدان الغنية أمرا ثانويا ومستقبليا، يأتي بعد القضاء على الفقر والتخلف في سلم أولوياتها كما تتدعي.
والجدير بالذكر هنا أن البنك الدولي قد أقر خطة عمل كبيرة وواسعة لمساعدة الدول النامية على الاستفادة من استخدامات الإنترنت في مشاريعها الاقتصادية والتنموية، وتحث الشركات العاملة في مختلف القطاعات على اقتناء هذه الشبكة لما فيه الفائدة الذاتية وفائدة بلدانها، ويسخر البنك الدولي من أجل خطته هذه 500 مليون دولار، ومؤخرا جرى اتفاق بين شركة سوفت بنك اليابانية والبنك الدولي على انشاء صندوق لمساعدة الشركات الراغبة في العمل في ميدان بناء وتطوير الشبكة في البلدان النامية.
ويسعى البنك جاهدا بكل الوسائل إلى إشاعة استخدام شبكة الإنترنت في مختلف مجالات الحياة في هذه البلدان، في إطار محاولاته للحد من الفقر المتفشي في جسد المجتمع الفقير، حيث يقول رئيس البنك السيد/ جيمس ويلفنسون : ( إن حاجة شعوب الدول النامية للاتصال بالإنترنت، لا يقل في كل حال من الأحول عن حاجتها إلى الاحتياجات الأساسية الأخرى كالماء والمسكن... ومن تجربتي الشخصية استنتج أن هذه الشعوب لا تحتاج إلى أموال كمساعدات وإنما تحتاج إلى التعليم وتطوير القدرات والطاقات، ورأيي لا توجد طريقة لتوصيل المعرفة واكتسابها أفضل من الإنترنت).
حلول ناجعة
ويرى الخبراء الاقتصاديون والمحللون السياسيون أن الكثير من الدول النامية قد خطت خطوات كبيرة في اتجاه تطوير برامجها الاقتصادية والتنموية وقد احتل برنامج إدخال شبكة الإنترنت والمعلومات في خططها التنموية حيزا كبيرا. خاصة الدول الموجودة في الصف الأول من بين الدول النامية كالبرازيل وفنزويلا.
ويعود سبب التأخر والعوائق التي تقف في وجهة التنمية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والمعلومات إلى الإيرادات الخاسرة التي تتوقع الشركات الأجنبية أن تجنيها من وراء مشاركتها أو دخولها بنفسها في هذا المجال، والتي ترى أن لا حل بدون تحرير الاقتصاد، وتحديث القوانين والإجراءات الاقتصادية والجمركية والضرائبية، ويكمن الحل في اختراع نماذج خاصة لمداخل الإنترنت في هذه البلدان، كما أن المشكلة تكمن في التطبيق المادي للإيرادات في هذه البلدان وخاصة في أفريقيا.
إلى جانب مشاكل سياسية، تتعلق بالحريات العامة واستقلالية المؤسسات ومشاكل تتعلق بالاستثمار وقوانينه، وقد عانت دول كثيرة من هذا الأمر وفي مقدمتها الدول الأفريقية.
الإنترنت والثقافة العالمية
وإذا كان لشبكة المعلومات والإنترنت من تأثير على الاقتصاد والتجارة من القوة بحيث أخذت هذه المكانة المهمة كأقوى عنصر اتصال فعال ومسهل للمهمات وميسر للتبادلات، فقد كانت هذه الشبكة بمثابة ثورة قلبت الأوضاع رأسا على عقب وأحدثت تغيرات جوهرية في مجال الثقافة والصناعة الثقافية فمع ظهور هذه الشبكة بدأ ظهور كوادر فنية مبدعة في مجال التصوير الفني والإبداع والديكور والموسيقى.. واصبحت مصدراً مهماً ووسيلة للمؤلفين والكتاب لإنجاز أعمالهم الثقافية والأدبية، وأصبحت أدوات في يد المبدعين يستخدمونها في إبداعهم الفني، حيث يسرت لهم الشبكة الطريق ومهدت لثورة حقيقية في أعمالهم وإنجازاتهم وبتكاليف مادية أقل.
وتظهر بين الحين والآخر مبادرات من قبل مؤسسات وشركات فنية تحاول خدمة الإبداع الثقافي والفني من خلال الاستفادة من تقنيات الشبكة بتقنية مواقعها الثقافية التي تمر عبر الإبداع والتطوير الثقافي الذي لا ينفي دور التكنولوجيا في التأثير والتأثر.
فشبكة الإنترنت هي شبكة النشر والاتصال التي هي روح الثقافة والدعامة الأساسية لها، فالتبادل الثقافي والنشر والإعلام تجد مواقع لها على هذه الشبكة العملاقة أكثر من أي نشاط آخر تجاريا كان أم اقتصاديا. وما زال الأمل معقودا عليها لتصبح محورا للثقافة في العالم وهذا تحد كبير يواجه البلدان المتقدمة إلى جانب التحديات الاقتصادية.
لقد كانت الدول المتقدمة تنفق أموالا طائلة على شراء المواد الثقافية من كتب ومجلات وسماعيات وأجهزة وجرائد، ففي دولة مثل فرنسا كان حجم إنفاق مواطنيها يبلغ 22 مليار دولار سنويا، وهي لا تحتل المرتبة الأولى في عمليات الشراء والإنفاق على هذه المواد وإنما المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. تضاءل حجم الإنفاق هذا كثيرا مع التطورالحاصل في شبكة المعلومات وشبكة الإنترنت التي غزت مختلف نواحي الحياة وأصبحت البديل القوي لكثير من المصادر الثقافية ودور النشر، إلا أن هذه الدول ما تزال تواجه مصاعب تتمثل في التحدي الكبير الذي يجب أن تتغلب عليه هذه الدولة وهو إتاحة الفرصة أمام جميع مواطنيها للحصول على مصادر الثقافة بيسر وسهولة وتلبية المتطلبات المتعلقة بهذا الجانب بجودة عالية وبصورة مجانية لمختلف فئات المجتمع، وذلك بتعزيز مواقعها الثقافية واللغوية على الشبكة الإلكترونية وزيادتها لإتاحة الفرصة أمام شعوبها للاستفادة منها. والتأثير الثقافي على الشعوب الأخرى من خلال هذه المواقع، حيث إن حجم التأثير اليوم ليس في مستوى الطموح الذي تطمح إليه هذه البلدان، فاللغة الفرنسية غير متاح لها أكثر من 4% من مجموع الصفحات على شبكة الإنترنت في حين أن عدد الناطقين بالفرنسية يساوي 150 مليون شخص، لذا فالمفارقة موجودة وهي اليوم مصدر لتحفيز هذه الدول على بذل الجهود المضنية من أجل جعل الشبكة في خدمة ثقافاتها وعلومها. وترصد لها مبالغ طائلة من أجل الوصول إلى أهدافها هذه وتبادر إلى تأهيل الكوادر وتنمية القدرات على استخدام هذه الشبكة بكل تقنياتها، وبث روح التعاون المثمر بين مختلف الجمعيات والمؤسسات الثقافية والمنشآت في داخل بلدانها وخارج حدودها.
السياسة والحرب
وإذا سلمنا بالتأثير الكبير الذي أحدثه ميدان الإنترنت في الاقتصاد العالمي وفي البنية الثقافية لكثير من المجتمعات المتطورة، واقتنعنا به على أنه أمر لا جدال فيه، فإن الأثر الذي تخلفه هذه الشبكة على السياسة الخارجية لا يمكن تجاوزه أو إنكاره، ففي الأزمة التي عصفت بالبلقان في عام 1999 تبين أن السيطرة على المعلومات التي تنقل عبر الشبكة كانت من أولويات الأطراف المتحاربة، التي بذلت جهودا مضنية في السيطرة على هذا الجانب من الصراع، ولقد حلت الشبكة الإنترنت محل ال cnn في الحصول على المعلومات وأصبحت الدول تعطيها الأهمية المتزايدة في اتصالاتها وفي الحصول على المعلومات من أجل الوصول إلى أهدافها في السياسة الخارجية.
إن التحضير والإعداد للنشاطات الدبلوماسية لابد من أن ترافقه استراتيجية على الإنترنت تحدد فيها ملامح سياستها وخططها مستخدمة الإنترنت كوسيلة لنيل مبتغاها، وهكذا أصبح انتقال الرئاسة بشكل دوري بين الدول الأوروبية المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوربي يستلزم إنشاء موقع مخصص لتشجيع الجهود التي تبذل من أجل ازدهار الاتحاد الأوروبي ووحدته.
ان العلاقات الدولية التي تتميز بالمنافسة والصراع في أغلب الأحيان يمكن أن تتغير وتتحول إلى نزاع مفتوح، لذا فان التطور الحاصل في ميدان الشبكة العالمية لا يسهل التبادلات التجارية والاقتصادية والسياسية فقط وإنما من الممكن أن تتحول هذه الشبكة إلى أداة شريرة تلجأ إليها الكثير من الدول لتسوية خلافاتها وإضعاف منافسها بمهاجمة شبكاتها المعلوماتية وأنظمة تغذيتها، لذا فان حرب الإنترنت تكتسب بعدا استراتيجيا في حروب اليوم وسوف يكون لها بعد أكثر ضراوة وقوة في حروب الغد، لذلك من المهم والضروري عدم ترك العالم يكرر أخطاءه، وذلك بإعطاء الدول الفقيرة وسائل تخولها وتساعدها على المشاركة في صنع القرارات المصيرية التي تتعلق بعموم الكرة الأرضية، وشبكة الانترنت تسمح بذلك، والدول المتقدمة مطلوب منها التخلي عن أنانيتها ومصالحها الخاصة بشكل يسمح بتحقيق قدر من المساواة وإتاحة الفرص بالتساوي لها، ويبدو هذا الأمر من الصعوبات التي يكون تنفيذها من قبل هذه الدول ضربا من ضروب الخيال.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
هاي تك
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
بؤرة ساخنة
اقتصاد الكتروني
اطفال كوم
نساء كوم
امال . كوم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved