الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 1st August,2004 العدد : 80

الأحد 15 ,جمادى الثانية 1425

قيادة آلية لتحاشي أخطاء السائقين
جيل جديد من قطارات الركاب ذاتية التحرك

* إعداد: أمجد الجباس:
كان حلماً ثم أصبح حقيقة واقعة سترى النور خلال أشهر قليلة قادمة، فالقطار الذي يعمل آلياً ويدار عن طريق أنظمة الحاسب الآلي لم يعد ضرباً من ضروب الخيال بل واقعا منظورا في أحد خطوط مترو أنفاق مدينة نيويورك بالولايات المتحدة.
حيث سيكشف النقاب خلال شهر أكتوبر القادم عن نظام آلي جديد لتشغيل هذا الخط بشبكته بالغة التعقيد والتشابك.
في المراحل الأولى من تشغيل النظام سيتواجد سائقو القطارات داخل غرف القيادة للمراقبة والتأكد من عمل النظام وكفاءة تشغيله إضافة إلى التدخل في حالات الطوارئ على أن يتم بحلول شهر مايو من العام القادم الاعتماد كلياً على الحاسب الآلي في تشغيل القطارات التي تستخدم هذا الخط، حيث ستتم القيادة بشكل آلي محطة تلو الأخرى وحتى نهاية الخط.
فيما يتصل بالتعليمات الخاصة بالمسافات بين القطارات وسرعة السير وأوقات التوقف يكون التحكم عن طريق نظام مركزي معقد يرتبط بأجهزة حاسب آلي في القطارات عن طريق موجات الراديو.
وإذا سارت الأمور على نحو ما هو مخطط، فسيتم خلال العقود القليلة القادمة الاستعانة بهذه الأنظمة الآلية في تشغيل كافة خطوط قطارات مترو أنفاق مدينة نيويورك، دون أي تدخل بشري، مما سيعد ثورة حقيقية في مجال أنظمة النقل.
ويعدد مؤيدو فكرة الاعتماد على الحاسب الآلي في تشغيل القطارات مزايا هذه الفكرة في أنها لا تقتصر على مجرد القدرة على تشغيل أعداد أكبر من القطارات وبسرعات أعلى، إلا أنها في ذات الوقت أيضاً توفر درجات أعلى من الأمان مقارنة بالتشغيل اليدوي للقطارات، فالهدف الرئيسي من هذه الأنظمة التقليل من عنصر الخطأ البشري الذي عادة ما يكون السبب في كثير من حوادث القطارات، وذلك حسب قول جوي بير أحد سائقي القطارات الذين شاركوا في عمليات اختبار النظام الجديد للتشغيل الآلي.
الحوادث هي السبب :
وكانت إحدى حوادث القطارات هي الداعي إلى التفكير في تطوير مثل هذا النظام، حيث تسببت حالة السكر التي كان عليها أحد سائقي القطارات في حادثة جرت منذ ما يقرب من عشرة أعوام عندما خرج القطار عن مساره في منطقة مزدحمة بالمارة في ميدان الاتحاد بالمدينة مما تسبب في قتل خمسة أفراد وجرح أعداد أخرى كثيرة، مما دفع مسؤولي هيئة النقل إلى التفكير جدياً في تحويل أنظمة تشغيل القطارات العتيقة لديهم لكي تعمل آلياً.
القطارات الآلية ليست فكرة جديدة، بل عرفتها دول كثيرة منذ عشرات السنين. ففي مدينة سان فرانسيسكو تم تحويل قطارات النقل السريع في باري أريا إلى أنظمة التشغيل الآلي منذ السبعينيات. كما عرفت مدينة نيويورك نفسها قطاراً يعمل بشكل آلي كلياً عمل لمدة عامين في أوائل الستينيات في المسافة بين جراند سنترال وميدان التايمز.
وحديثاً ظهرت أنظمة آلية لقيادة القطارات بدون سائق في مدن: باريس، لندن، فانكوفر، كوالا لامبور، سنغافورة ومناطق أخرى من العالم. إلا أن هيئة مترو أنفاق مدينة نيويورك ما زالت تعتمد على الأنظمة العتيقة في تشغيل القطارات، تلك الأنظمة التي تعتمد على استخدام الإشارات الضوئية ورايات التنبيه في حالة الخطر وكذلك في تحديد سرعات القطارات، وهي أنظمة بدأ العمل بها منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وتبعاً لهذه الأنظمة يتم تقسيم مسارات القطارات إلى قطاعات يبلغ طول كل منها في المتوسط 600 قدم يغذي كل قطاع من هذه القطاعات تيار كهربائي، بحيث يؤدي مرور القطار فوق كل قطاع إلى فصل التيار الكهربائي مما يعطي إشارة ضوئية تعرف القطارات الأخرى أن هذا القطاع مشغول حالياً، والقطارات التالية لهذا القطار سوف توقفها إشارة ضوئية حمراء.
والمشكلة في أنظمة التشغيل العتيقة هذه أنها لا تعطي أي بيانات عن الجزء من القطاع الذي يمر عليه القطار في اللحظة الحالية، وعليه فعند تنظيم مرور القطارات لا يوجد إلا افتراض واحد ضماناً للأمن وهو أن القطار في بداية القطاع، وإذا ما رغب مسئولو النقل في زيادة عدد القطارات فلا يوجد بديل أمامهم إلا زيادة عدد الإشارات الضوئية، وهو أمر قد لا يكون متيسراً في جميع الأحوال، فضلاً عن أن أدنى مسافة لوضع هذه العلامات يجب ألا تقل عن 300 قدم فيما عدا مواضع المنحنيات.
ومن المظاهر السلبية الأخرى في الأنظمة القديمة حالات تعطل إحدى الإشارات الضوئية، وهو الأمر الذي عادة ما يحدث بين الحين والآخر، ففي هذه الحالة فإن تعليمات التشغيل المعطاة من هيئة النقل للسائقين تقضي بألا تتجاوز السرعة القصوى للقطار 10 أميال في الساعة.
وفي الحالات التي يتم فيها إجراء إصلاحات على الخطوط، فإن هيئة النقل تعتمد بشكل كبير أيضاً على اتباع السائقين للتعليمات الإشارات التي تعطى لهم من حملة الأعلام على طول الخط، وكذلك على التعليمات العامة الخاصة بضرورة القيادة ببطء.
كذلك فإن نظام الإشارات لا يعمل إلا في اتجاه واحد، وعليه فإذا احتاج أحد القطارات للعودة للخلف لسبب أو آخر، ففي هذه الحالة يتعين تنبيه كافة القطارات القادمة خلف هذا القطار.
أما في حالة نظام التشغيل الآلي للقطارات، فسوف يكون داخل كل قطار جهازي حاسب آلي (أحدهما احتياطي لحالات الطوارئ)، هذان الجهازان متصلان بقارئ إلكتروني تم تصميمه بحيث يتولى استقبال الإشارات المرسلة من أجهزة لبث الإشارات مثبتة على طول الخط المار به القطار يفصل بين كل منها 600 قدم، هذه الأجهزة ترسل إشارات إلى القارئ الإلكتروني فيما يتصل بمسار القطار والسرعات التي يتعين السير بها. كما أن أجهزة الحاسب الآلي الموجودة داخل القطارات تتصل بشكل تلقائي عبر موجات الراديو بأجهزة أخرى مثبتة في مواقع مختلفة على طول مسار القطار، بحيث توفر لها معلومات شبيهة بتعليمات المرور على مسار القطار. وفوق كل ذلك يوجد حاسب مركزي في المحطة الرئيسية للتشغيل بمانهاتن يتولى مراقبة كافة الأمور وإصدار التعليمات اللازمة في حالات الضرورة القصوى.
أولى التجارب :
خلال شهر أكتوبر القادم سيتم تجربة النظام بوجود السائقين في غرف القيادة، في الوقت الذي يتابع فيه مهندسو التشغيل التأكد من أن النظام يعمل بشكل جيد.
في مرحلة تالية وبشكل تدريجي سيبدأ النظام في إصدار تعليمات للسائقين بشأن تعليمات تشغيل القطار من حيث السرعة والمسافة بين المحطات، بحيث يتم في مرحلة تالية إقصاء السائقين بشكل كلي عن عملية القيادة وترك القيادة للحاسب الآلي، حيث سيجلس السائق في مقعده لمراقبة الحاسب وهو يقود القطار من محطة لأخرى.النظام الجديد في التشغيل سيمكن هيئة النقل من زيادة عدد القطارات العاملة على الخطوط بنسبة 20%، حيث سيتم تشغيل 30 31 قطاراً على الخط على مدار الساعة، في مقابل 26 قطاراً يتم تشغيلها حالياً.
ليس هذا فحسب، فإن النظام الجديد سوف يساعد القطارات على السير بسرعات أعلى، حيث ستقل فترات انتظار الركاب وكذلك الفترة المستغرقة في استقلال القطارات، كما سيتم تثبيت لوحات إلكترونية في المحطات تخبر الركاب بموعد وصول القطار التالي.
مخاوف من التجربة :
إلا أن البعض أبدى مخاوف مما يمكن أن ينجم عن الاعتماد على الحاسب الآلي في تشغيل خطوط قطارات مترو أنفاق مدينة نيويورك، أخذاً في الاعتبار قدم شبكة مترو أنفاق المدينة وتعقدها بشكل كبير. حيث دعا رئيس لجنة النقل بمجلس مدينة نيويورك إلى عقد جلسات استماع لمناقشة النظام الآلي الذي ترغب هيئة النقل في تشغيله على أحد خطوط مترو أنفاق المدينة، مطالباً في ذات الوقت إلى العمل أولاً على إصلاح كافة العيوب والثغرات ومعالجة كافة المشكلات في نظام التشغيل المعمول به حالياً قبل التفكير في الانتقال إلى جيل جديد في تشغيل شبكة مترو أنفاق مدينة نيويورك.
وكانت القضايا المتصلة باحتمال الاستغناء عن العمالة من أكثر القضايا الخلافية التي أثيرت مع الإعلان عن تجربة النظام الجديد، فالنظام الجديد لا يحتاج إلا إلى شخص واحد في القطار، الأمر الذي يستتبع إمكانية الاستغناء عن الكثير من العمالة المتوافرة لديها حالياً، وهو ما لم تفكر الهيئة فيه بعد.
إلا أن القيادات العمالية نبهت إلى خطورة هذا الأمر، فضلاً عما أشارت إليه القيادات العمالية من أن فرداً واحداً على كل قطار غير كافٍ على الإطلاق للتعامل مع حالات الطوارئ، ففي أوقات الذروة يبلغ عدد الأفراد الذين ينقلهم القطار الواحد ما يقرب من 2.500 فرد، وفي حالات الطوارئ يكون من الصعب بالنسبة لفرد واحد أن يتعامل مع هذا العدد الكبير من الأفراد المذعورين حتماً وإرشادهم إلى كيفية التصرف على نحو سليم في مثل هذا الموقف.
كما تعد القضايا المرتبطة بالأمان أيضاً من أخطر القضايا ذات الصلة بالنظام الجديد، فالنظام الجديد من وضع شركة سيمنس لأنظمة النقل التي قامت بوضع نظام تشغيل خط مترو ميتيور بمدينة باريس والذي يعمل آلياً بدون سائق وافتتح عام 1998، والشركة وإن كانت قد أثبتت قدرة على التعامل بشكل جيد مع القضايا المرتبطة بالأمان، إلا أن الأمر مختلف في هذه الحالة حيث تكمن القضية الأساسية في تركيب نظام تشغيل آلي للعمل جزئياً مع نظام تشغيل يدوي قديم على شبكة مترو أنفاق تعد الأعقد على مستوى العالم والتأكد من عمل النظامين القديم والحديث بشكل جيد.
الطموحات تذلل المصاعب :
على الرغم من هذه القضايا الخلافية فإن مسئولي هيئة النقل يحدوهم الأمل في نجاح تجارب تشغيل النظام الجديد بحيث يتم التوسع في تطبيقه على مزيد من الخطوط خلال الأعوام القليلة القادمة، انتهاءً بتطبيقه على كافة خطوط شبكة مترو أنفاق مدينة نيويورك، وإن كان تنفيذ هذا الأمر قد يستغرق عقوداً نظراً للتعقد الشديد الذي تتسم به هذه الشبكة فضلاً عن الدراسات التقنية والاقتصادية التي يتعين إتمامها على جميع خطوط الشبكة قبل التنفيذ.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
الاتصالات
ستلايت
هاي تك
الالعاب
الامن الرقمي
دليل البرامج
نساء كوم
جديد التقنية
الحكومة الالكترونية
قواعد البيانات
معارض
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved