الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 2nd October,2005 العدد : 134

الأحد 28 ,شعبان 1426

التكنولوجيا الحيوية..مالها وما عليها!
* إعداد: إبراهيم الماجد
تمكنت التكنولوجيا المعلوماتية في وقت قصير من قلب مفاهيم اعتمد عليها البشر لآلاف السنين سعياً وراء تأمين الغذاء والمسكن والدواء والحماية وسواها من متطلبات الحياة اليومية. إلا أنها ولّدت تحديات خطيرة في موازاة تقديمها الحلول. فاليوم مع تحقيق التكنولوجيا الحيوية لنجاحات متزايدة، تبدو الصورة أقل إشراقاً لأن التكنولوجيا التي تساهم في إطعام جياع إفريقيا والفقراء حول العالم ساهمت سابقاً في تطوير صواريخ تحمل رؤوساً بيولوجية قادرة على إبادة البشر تماماً كما تُباد الحشرات.ويجمع الخبراء على مقولة أساسية تتلخص في أن التقدّم في العلوم الحيوية يحمل معه وعوداً هائلة للإنسانية، إلا أن هذا التقدّم سوف يسبب أيضاً أخطاراً حادة على الإنسانية وعلى بيئتنا ما لم يتم التحكم فيه على نحو ملائم أو إذا ما استخدم كأداة للحرب أو نشر الهلع أو غير ذلك من أشكال سوء الاستخدام.
فعالمنا يشهد تطوراً مثيراً ومهماً جداً في مجال أبحاث التكنولوجيا الحيوية وصناعاتها. وأصبحت هذه التكنولوجيا المتقدمة تتطور بسرعة فائقة وتقلق أهل العلم والسياسة والاقتصاد في جميع أنحاء العالم تخوفاً من نتائجها المحتملة على صحة البشر وتأثيرها المباشر وغير المباشر بالقضاء على التنوع الحيوي بين النباتات والحيوانات في العالم الذي تراكم عبر آلاف السنين.
من المعروف أن هناك عدداً محدوداً من شركات التكنولوجيا الحيوية العملاقة تسيطر على غالبية المنتجات المعدلة جينياً (وراثياً) بمساعدة الأنظمة المعلوماتية في الأسواق العالمية.
ويقول العلماء المختصون: إن آفاق التكنولوجيا الحيوية لا تزال في بداية الطريق وستشمل قريباً المزيد من منتجات الغذاء والدواء.
ما هي التكنولوجيا الحيوية؟
التكنولوجيا الحيوية هي التطبيق المعلوماتي الصناعي للتكنولوجيات التي يتم تطويرها أو استخدامها في العلوم البيولوجية وخصوصاً تلك التي تتصل بالهندسة الوراثية.
ويتفق الخبراء على أن العالم على حافة ثورة في هذا المجال. وتتمتع التطورات في مجال التكنولوجيا الحيوية بقدرات هائلة على إفادة الإنسانية.
على سبيل المثال، من خلال إنتاج لقاحات لأمراض لم يكن لها علاج من قبل، وزيادة إنتاج الغذاء، والوقاية من أمراض وتشوهات وراثية عديدة.
وتحمل ثورة التكنولوجيا الحيوية إلى جانب فوائدها إمكانات هائلة لإساءة الاستخدام.. ويمكن تعريف التكنولوجيا الحيوية بأنها عملية تغير جزء بسيط جداً في الخريطة الوراثية لنوع أو أكثر من خلايا النبات أو الحيوان، وغالباً يتم ذلك بمساعدة جزء من المادة الوراثية المستخلصة من أحد الميكروبات.
ويهدف هذا التغير الوراثي إلى زيادة في إنتاج زراعي مثل الذرة وفول الصويا أو إنتاج بذور نباتات معدلة وراثياً لمقاومة تأثير الحشرات والأمراض والجفاف التي تصيب البطاطا والبندورة والتبغ والقطن وغيرها.. كما يتم حالياً تطوير أنواع وراثية من الأبقار والأغنام لإنتاج حليب ذي مواصفات غذائية خاصة يحتوي على أنواع مفيدة من البروتينات التي يمكن استعمالها لمقاومة عدد من الأمراض أو أنواع من الأحماض الأمينية الضرورية لصحة الإنسان.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في معرض انتقادها لبعض جوانب استخدامات التكنولوجيا الحيوية: إن التاريخ قد أظهر أن الكثير من التطورات المهمة في العلوم والتكنولوجيا تم تحويلها إلى استخدامات عدائية، وليست الكيمياء والطيران والإلكترونيات والفيزياء النووية إلا بعض أمثلة.
وقد تسهل نتائج ثورة التكنولوجيا الحيوية تطوير الأسلحة البيولوجية واستخدامها إما في المنازعات المسلحة أو كوسيلة لنشر الرعب بين المدنيين.
وقد يصبح نشر المرض عمداً، والقدرة على تغيير وظائف الجسم دون معرفة الفرد بذلك أسهل، وأكثر فتكاً، وأقل تكلفة، وأكثر صعوبة في الاكتشاف.
وتضيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر في موقعها على الإنترنت أنه يمكن التلاعب بعوامل الحرب البيولوجية المعروفة لجعلها أسهل استخداماً.. ويكون ذلك عبر التلاعب بالتركيب الجيني لعناصر الحرب البيولوجية القائمة مثل الأنتراكس، وذلك لزيادة إمكان استخدامها كسلاح.
فعلى سبيل المثال يمكن جعلها مقاومة للمضادات الحيوية والعوامل البيئية مثل الجفاف والأشعة فوق البنفسجية التي تجعلها غير ضارة في الأحوال العادية. كذلك يمكن تحويل الميكروبات غير الضارة إلى ميكروبات خطيرة بعد التلاعب بهندسة الميكروبات غير الضارة التي نحيا معها يومياً كي تنتج سموماً خاصة تسبب المرض.
الأسلحة البيولوجية
من جهة أخرى يمكن المستخدم المحتمل للتكنولوجيا الحيوية أيضاً تعديل لقاح خاص يتناسب وسكان أو قوات بلده. ويجعل ذلك الأنواع الجديدة من الأسلحة البيولوجية أكثر جاذبية.
ويتمثل مصدر قلق آخر في العوامل البيولوجية المخبأة في لقاحات مأمونة عادة. وقد استهدفت أبحاث أجريت في جنوب أفريقيا في الثمانينات العثور على لقاح يحوي عنصراً يمكنه خفية أن يقلل الخصب لدى السكان المستهدفين.
ومن حسن الحظ لم يصل هذا اللقاح إلى مرحلة الإنتاج. وكذلك قد تؤدي الأبحاث إلى نتائج غير مقصودة ولكن خطيرة.
ويمكن أن تولد أبحاث بنية حسنة معلومات عن كائنات جديدة وخطيرة.. فقد صنع أخيراً الباحثون دون قصد نسخة أكثر خطراً من فيروس جدري الفئران، وهو فيروس مشابه لفيروس الجدري. وقد نشرت التجربة بعد تفكير متأنٍ من المؤلفين وكإنذار ينبه إلى خطر هذه الأبحاث.. الأمر الثاني الذي يدعو إلى القلق هو إمكان الانتشار الخارج عن السيطرة للعوامل البيولوجية التي تطلق بقصد أو بدون قصد. ويمكن خلق فيروسات اصطناعية بالغة الخطورة.
ففي تموز 2002 صنع العلماء فيروساً يسبب شلل الأطفال من جزء من الحامض النووي والمعلومات الجينية المتاحة على الإنترنت. وسبب هذا الفيروس المخلق حصول المرض عند حقن الحيوانات به، ويعتقد أنها المرة الأولى في تاريخ البشرية التي أمكن فيها خلق فيروس من مواد تركيبية.
ويعتقد الخبراء أنه سيتاح في المستقبل القريب خلق أي فيروس بهذه الطريقة، بما فيها أخطر الفيروسات.
وتضيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه يمكن هجمات غير قابلة للكشف أن تغير وظائف الجسم وخصوصاً في مجال ما يعرف بالمواد البيولوجية المنظمة وهي مواد كيميائية توجد في شكل طبيعي في الجسم، وعندما يتغير تركيزها، حتى لو بمقدار ضئيل جداً، فإنه يمكن وظائف مثل السلوك والوعي والخصب ودرجة حرارة الجسم أن تتغير تغيراً كبيراً.
وهناك بحث جار عن كيفية إيصال هذه المواد الكيماوية عن طريق الاستنشاق.. وسيكون من الصعب اكتشاف أي هجوم باستخدام المنظمات البيولوجية، كما سيكون من شبه المستحيل إثبات وجودها عن طريق اختبار الضحايا.
انطلاقاً من هذه الأرضية بدأ يتحدث بعض الجهات عن (الأسلحة الجينية).. فقد كان هناك جدال كبير عمّا إذا كان من الممكن تصنيع أسلحة تستهدف مجموعات عرقية أو عنصرية عبر استهداف صفات وراثية تؤدي إلى اختلافات عنصرية وعرقية.
ويعتقد بعض الخبراء أن هذا قد يكون ممكناً في المستقبل القريب.. إلا أن الأكيد أنه من الممكن التأثير على الزراعة.
وتتوازى المخاوف التي تتعلق بالمواد البيولوجية التي قد تستهدف البشر مع مخاوف في شأن المواد التي يمكنها تدمير الزراعة والبنية الأساسية المدنية والتجارية.
وقد تكون لتلك المواد آثار خطرة على الحياة البشرية ويمكن استخدامها في الحروب.. ويقول الصليب الأحمر: إن الفشل في منع استخدام المواد البيولوجية يقوض بشدة المعاهدات الدولية القائمة منذ زمن طويل والتي تحظر استخدام الأسلحة البيولوجية.
وسيضعف هذا على وجه الخصوص بروتوكول جنيف عام 1925 لحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو الغازات الأخرى، وبروتوكول وسائل الحرب البكتريولوجية الذي يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية. كما سيضعف اتفاق الأسلحة البيولوجية عام 1972 الذي يجرم تطوير الأسلحة البيولوجية وإنتاجها وتخزينها وامتلاكها والاحتفاظ بها ونقلها.. وتنبثق القواعد التي تشملها تلك المعاهدات من الخوف العالمي الذي يتملك البشر من تعرضهم للسموم أو إصابتهم بالمرض.

..... الرجوع .....

السوق المفتوح
العنكبوتية
الاتصالات
وادي السليكون
هاي تك
الالعاب
الامن الرقمي
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
دكتور .كوم
الحكومة الالكترونية
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved