الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 4th January,2004 العدد : 52

الأحد 12 ,ذو القعدة 1424

الرقابة على شبكة الإنترنت سلاح ذو حدين
فقدان القدرة على الاتصال بالآخرين يزيد من عزلة بعض المجتمعات

* إعداد : امجد الجباس
يسعى خبراء تكنولوجيا المعلومات بكل جهودهم من أجل المحافظة على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) بمنأى عن أي هجمات تخريبية محتملة، إلا أنهم في ذات الوقت يخشون من احتمالات فرض رقابة على الإنترنت بحجة الاعتبارات الأمنية. مما يجعلهم في حيرة من أمر المواءمة بين هذين الاعتبارين. ما مدى توافر عنصر الأمان في شبكة الإنترنت العالمية؟ كان هذا هو السؤال الذي سعى روبرت لاثام للبحث عن إجابة شافية له وبصفة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001..
ويعمل لاثام مديراً لبرنامج تكنولوجيا المعلومات والتعاون الدولي بمجلس بحوث العلوم الاجتماعية الأمريكية، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية تقوم بدراسة القضايا الاجتماعية. وكانت نتيجة بحث لاثام كتاباً بعنوان (القنابل والاتساع الموجي Bombs and Bandwidth ) صدر عن دار نشر نيو برس، ويتناول الكتاب دراسة العلاقة بين تكنولوجيا المعلومات والأمن.
وقد ساهم في بحث هذا الكتاب العديد من الدارسين الذين يسعون لاستكشاف طبيعة التهديدات المتنامية ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات، ولم يركز على دراسة الكيفية التي يتم بها استغلال التكنولوجيا من جانب الإرهابيين وحسب، بل يحاول أن يلقي بالضوء في ذات الوقت على حقيقة اتخاذ إجراءات رقابية صارمة على حرية تدفق البيانات عبر الشبكة الدولية للمعلومات، والتبعات التي يمكن أن تتمثل في تراجع عمليات التنمية الاجتماعية في كثير من أنحاء العالم، دون أن يكون لمثل هذه الإجراءات مردود مؤثر في الحرب ضد ما يسمى بالإرهاب.
الحماية أم الحرية؟!
تحدث روبرت لاثام عن مثل هذه الإجراءات الرقابية الصارمة باعتبارها سلاحاً ذا حدين، حيث رأى أن فرض قيود على حرية تدفق المعلومات عبر شبكة الإنترنت لاعتبارات أمنية هو أمر سيحد من حرية الإبداع، وسيؤدي إلى تقييد الابتكار في مجال التطبيقات والبرمجيات وتقنية المعلومات، فضلاً عن القيود التي سترد بطريقة أو أخرى على المجال الاجتماعي في كل من المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، ويضيف لاثام أن الأولويات التي تتضمنها أجندة الأمن في الفترة الحالية في العديد من الدول النامية التي تعاني من مشكلات الفقر، وطغت مشكلة عدم اكتمال البنية الأساسية على أولويات أخرى من ضمنها الرفاهة الاجتماعية، وأن هذه الأجندة تقلل من إمكانيات تبادل المعلومات بين جانبين على طرفي نقيض، كما أنها في ذات الوقت تعوق تنمية التبادل الاقتصادي والاجتماعي بين الدول النامية والمتقدمة مما يحد من الجهود التي تبذل على النطاق الدولي من أجل القضاء على الفقر، ذلك الفقر الذي يعد أحد المصادر الرئيسية لتوليد العنف. ويؤكد لاثام أن فقدان القدرة على الاتصال بالآخرين يؤدي إلى زيادة العزلة التي تعاني منها بعض المجتمعات، مما يقوض إمكانية بناء جسور من الثقة والتفاهم المتبادل بينها وبين المجتمعات الأخرى في العالم، وبصفة خاصة تلك التي تتمايز عنها اجتماعياً واقتصادياً.
ويضرب لاثام مثلاً بأفغانستان
التي كانت حركة طالبان قد حرمت استخدام الإنترنت فيها، وكيف أنه بعد سقوط نظام طالبان أصبح الإنترنت أحد الوسائل الرئيسية التي تلجأ إليها المرأة في أفغانستان والجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة هناك في عرض قضية المرأة الأفغانية على العالم.
إن المنظمات الدولية والإنسانية في حاجة دائمة إلى الحماية من تسلط الحكومات المحلية والإحساس بالأمن، وهي في ذات الوقت تطالب بالانفتاح لكي تتمكن من إرسال المعلومات خارج البلاد طلباً للدعم أو لتحليل هذه المعلومات وهو الأمر الذي يمكن أن يثير مشكلات مع الحكومات المحلية، وفي رده على تساؤل آخر عن كيف يمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تسهم في تقوية الشعوب في ذات الوقت الذي تضعف فيه الحكومات الغاشمة والعناصر المتطرفة؟ أجاب لاثام بأن القيادات السياسية التي تمارس البطش ضد شعوبها لابد وأن تنفر منها الشعوب وأن يتغلب عليها خصومها السياسيون, والشعوب التي عارضت حرب أمريكا في العراق كانت خير مثال على إمكانية تعبئة الجماهير عبر الحدود في أكثر من دولة من أجل تحقيق هدف واحد، وهو الأمر الذي يحمل في طياته الأمل للشعوب التي تشعر بالقهر والظلم، ويوحد مواقف الشعوب تجاه العديد من القضايا مثل قضايا التجارة وحقوق الإنسان، وهو ما يؤكد الحاجة إلى ضرورة إدراك الفاعلين الرئيسيين في هذه القضايا
بالإمكانات الهائلة التي تنطوي عليها تكنولوجيا المعلومات بالنسبة لتوحيد مواقفهم والتعبير عن آرائهم إزاء هذه القضايا المشتركة، وعلى الجانب الآخر، فإن فرض قيود على حرية تبادل المعلومات سوف يزيد من الفارق المهول والهوة العميقة التي تفرق حالياً بين جنوب العالم وشماله فيما يتصل باستخدام تكنولوجيا المعلومات.
فكرة غير منطقية
ويقرر لاثام أن التنازع الرئيسي بين التيار المؤيد للانفتاح والتيار الداعي إلى فرض قيود على حرية نقل المعلومات عبر شبكة الإنترنت هو القضية الرئيسية التي يدور حولها كتابه، كما يقرر في ذات الوقت أيضاً إن من بين النتائج الرئيسية التي توصل إليها الكتاب استحالة إقامة مجتمع يخضع لرقابة صارمة، وتحقيق الأمن للمجتمع عن طريق فرض رقابة على حرية نقل البيانات هي فكرة غير منطقية. فالبشر والمعلومات في تغير دائم، والأنظمة التي يتم بناؤها اليوم لا تصلح للغد أو بعد الغد، وكذلك الأمر بالنسبة للبرمجيات والتطبيقات التي يتم إنتاجها في لحظة زمنية ما تكون متفقة والواقع المعاش في هذه اللحظة. إلا أن هذا الواقع عرضة للتغير المستمر بأشخاصه وقيمه وأفكاره، وهو ما يستدعي بالطبع تغييراً في الأنظمة والبرمجيات والتطبيقات لكي تتفق والتغير الحاصل في الأشخاص
وأفكارهم وقيمهم، ولكن هل من الممكن أن يكون العلاج الأمني لقضايا نقل المعلومات أكثر ضرراً من المرض ذاته، مرض الإحساس بعدم الأمن؟ يجيب لاثام على هذا التساؤل بإقرار حقيقة أن العلاج الأمني لقضايا نقل المعلومات قد يفضي بنا إلى الوقوع في الفخ الذي سعينا منذ البداية إلى النجاة منه، حيث يمكن أن يفضي بنا إلى إشاعة الشعور بعدم الأمن والخوف المرضي لدى المواطن من أي وثيقة تصل إليه، من إي خطاب يصل إليه عبر البريد الإلكتروني ويمكن أن يتم تفسيره باعتباره ضاراً بالأمن القومي .
إن ما يحدث حالياً يعيد التذكير بأجواء الحرب الباردة، حيث كان كل
مواطن أمريكي مدعواً للبحث عن الشيوعيين تحت كل حجر، فهل سيتم استخدام المواقع التي يتصفحها المواطنون أو المعلومات التي يتبادلونها فيما بينهم ضدهم في مرحلة تالية.
ويختم لاثام حديثه بنظرة إلى مستقبل الشبكة الدولية للمعلومات مشيراً إلى من ينظر إلى تاريخ الإنترنت يمكنه أن يتنبأ باحتمالات تطور الشبكة الدولية للمعلومات في المستقبل، فمن الممكن أن ينحصر دورها في أن تصبح مجرد أداة للتسوق من الشركات الكبرى، إلا أنها على الجانب الآخر يمكن أن تصبح فضاءً لتبادل المعلومات يمكن للمرء عن طريقه أن يبحث عن أي شيء يهمه.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
دليل البرامج
اقتصاد الكتروني
نساء كوم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved