الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 9th October,2005 العدد : 135

الأحد 6 ,رمضان 1426

الأتمتة تقنية جديدة!!!
* د. زيد بن محمد الرماني *
يظهر الإنسان على الأرض وهو لا يملك غير دماغه ويديه، وسرعان ما يخترع الأداة: الأداة هي امتداد اليد وقوتها. والمطرقة هي الصورة الكاملة للأداة. وينتقل من الأداة الى الآلة: الآلة، هي وسيلة صنعها الإنسان بيديه وأدواته لتعمل وحدها بفضل طاقة خارجية.
الأداة جزء من الإنسان، والآلة منفصلة عن الإنسان. والإنسان ينقل نفسه أحياناً الطاقة الى الآلة، وتكون الطاقة عادة طاقة طبيعية، الحيوان، والريح، والماء. وكلما عرف الإنسان كيف يحصل على طاقة أقوى زاد قدرة الآلة.
فإذا كانت الآلة تعمل بفضل طاقة خارجية فإن الآلة الذاتية تعمل بفضل طاقة مزدوجة، الأولى تطلق الثانية القادرة على تشغيل المجموعة وليس على الإنسان إلا أن يركّب هذه العناصر المعقدة ليحقق الأتمتة.
إن الأتمتة هي الحل الأعظم نجوعاً لمسائل الإنتاج، وهي بما لها من آثار اقتصادية واجتماعية تؤلف مشكلة. ذلك لأن الأتمتة في جوهرها ظاهرة اقتصادية واجتماعية شأنها في هذا شأن الآلية.
ولا ريب في أن الأتمتة تنشأ كالآلية من واقع علمي وفني.
إذ الأتمتة Automation تعبير دال على جملة الأساليب الذاتية الحركة التي تغني عن عمل الإنسان ومن ثم، يمكننا أن نرى في الأتمتة مع شيفيوت مجموعة الأساليب التي تسمح بإلغاء التدخل البشري في سلسلة من العمليات، قد تكون في الأصل مجرد عمليات مادية أو عمليات ذهنية أو تتألف من اتحادهما.
أما روبير بورون فيرى في الأتمتة مكننة مربعة أي استخدام آلة لإدارة أو مراقبة آلات أخرى، وهذا المعنى يلتقي تقريباً مع تفكير بيتر دروكر استخدام آلات للسهر على الآلات.
والأتمتة عند بيير غاكسوت كذلك، تكمل الثورة الصناعية (بتحميل الآلة عبء مراقبة الآلة، أي أنها تحل محل يد وحواس ودماغ العامل جهازا إلكترونيا غاية في التعقيد والحساسية).
ولو أردنا لذكرنا من التعريفات ما لا نهاية له لأن كل اقتصادي إذ يستعمل تعبيراً جديداً مضطر إلى تعريفه، وتعد الدراسات المكتوبة عن الأتمتة بالألوف.
والواقع أن الأتمتة هي المنظر المسرحي لمكننة موغلة إن لم نقل تامة، يتجلى في المصنع بآلات تقوم بعمليات متعاقبة في مسار إنتاج مستمر مع مراقبة وتنظيم ذاتيين، وفي المكتب بعدادات عجيبة السرعة وذكية وفي البيت بأدوات وأجهزة مختلفة تقوم وحدها بالعمل المنزلي، كل هذا بفضل تقدم العلم في كل المجالات ولاسيما في المجال الكهربي.
إن استخدام الإلكترونيات هو الذي يؤمن إمكانات الذاتية.
لذا، تمتاز الأتمتة، بمعناها الاقتصادي، بالتطبيق العملي لأربعة مبادئ:
1) المكننة: او استخدام آلة لانجاز عمل بدل الطاقة البشرية أو الحيوانية، وأحياناً بدل عمل الانسان الفكري.
2) التغذية الذاتية: وهو المبدأ الذي يتم بموجبه تغذية الآلة من نتاجها.
3) الانتاج المستمر: وهذا هو الهدف النهائي للإنتاج بالجملة.
4) العقلنة: أو استخدام العقل في حل المسائل ذات العلاقة بالإنتاج والمشروعات.
إن كلمات مثل: (الإنسانات الآلية) و(الأدمغة الجبارة) و(مصانع كبس الأزرار)، تثير في أذهاننا تماماً الحد النهائي للأتمتة الراهنة، والواقع المبدئي لعالم الغد.
إن مجال الأتمتة ضيق نسبياً، والأساليب الذاتية التي حذف منها التدخل البشري، لا تغطي غير جزء ضئيل من العمليات.
فلا تبدو الأتمتة، إذن، غير جزر صغيرة من العمليات الذاتية في القطاع الشامل. والحق إن هذه الجزر توجد منذ زمن طويل، على شكل آلات التغليف.
كما أن الأتمتة لم تبلغ أبداً المستوى اللازم للكمال المطلوب والكلفة المنشودة.
كذا، فإن ما نسميه بالأتمتة ليس سوى تطوير مسار الإنتاج إلى درجة عالية من المكننة فما كان يتم في الدرجة 4 بمخرطة ذات محرك، أصبح يتم في الدرجة 6 بمخرطة حرة، وهذا ما نسميه بالأتمتة، مع انه ليس في الواقع غير مرحلة راقية من المكننة.
إننا عندما نبحث عن أصل الأتمتة، يمكننا أن نؤكد أن الإنسان عرف دائماً استعمال معدات ذاتية للتهرب من العمل، مثل: المقلاع، وملقم الطاحون والنّواعير الهوائية.
ولذا، فلو أرّخنا أطوار الأتمتة لوقفنا منها على خمسة:
1- الاستعاضة عن الطاقة البشرية أو الحيوانية بالطاقة الصناعية الاصطناعية المستمدة من آلات تحركها مصادر آلية أو كهربائية أو كيميائية.
2- استعمال القياس الفيزيائي الذي يسمح بصنع عناصر معبرة يمكن تبديلها ببعضها.
3- استخدام فنون الإدارة الآلية.
4- ادخال التغذية الذاتية.
5- استخدام فنون الحساب الذاتي التي تسمح بإعطاء التغذية الذاتية كل جدواها، سواء في المكتب أم في المصنع.
يقول لويس سالرون في كتابه (الأتمتة):
إن الآلة المحولة والدماغ الإلكتروني هما الهدفان النهائيان للتطور التاريخي للأتمتة.
إن للأتمتة دواعي وأسباباً وآثاراً عديدة، منها:
أ- الأتمتة تعين على التوسع وتحقيق التوازن الاقتصادي.
ب- الأتمتة تزيد الإنتاجية.
ج- الأتمتة مهمة لما تدره.
د- الأتمتة تعمل أفضل وأكثر وأسرع من غيرها بأقل عدد من الأشخاص وبأقل كلفة.
يرى بعض الاقتصاديين أن الأتمتة تكبح جماح نفسها بفضل الآلية الاقتصادية وحدها، وغرضهم أن يهدئوا روع أولئك الذين يرون في الأتمتة نفياً للإنسان من المصنع بل ومن المجتمع، من مجتمع يغدو آلة.
وإذا كان تطور الآلية لم ينقطع منذ نهاية القرن الثامن عشر، فلنا أن نتساءل: لماذا تُسّبب الأتمتة هذا الهيجان وردود الفعل تجاهها؟!
سبب ذلك يسير، وهو قائم على حقيقة، إذ إن رعاية المجلات والصحف والسينما ومعظم أجهزة العلم المتوهم لها، جعلت الرأي العام يرى في الأتمتة الواقع الصناعي العلمي للغد وقد استيقظت في خياله مصانع كبس الزر التي سترمي على قارعة الطريق عشرات ملايين العمال وتسلمهم للبؤس فلم يكن العملاق الآلي آلة وحسب، وإنما كان الإنسان الآلة، يتقدم بلا رحمة من انسان اللحم والعظم ليسحقه بأظافره الفولاذية.
إن الأتمتة، في ظل الأشكال الجبارة للآلة المحولة والدماغ الالكتروني لا يمكن تطبيقها إلا في المشروعات الكبيرة، فكلفة التجهيزات وجسامة الإنتاج، تضعان المشروعات الصغرى والمتوسطة خارج المباراة.
ختاماً أقول لن يعرف أحد ما تخبئه لنا الأتمتة في المستقبل، بَيْدَ أن الأتمتة ستكون خيّرة، إذا عرفنا ما هي وماذا نريد أن نفعل بها؟!!

..... الرجوع .....

السوق المفتوح
العنكبوتية
الاتصالات
الالعاب
الامن الرقمي
بورة ساخنة
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
دكتور .كوم
الحكومة الالكترونية
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved