الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 9th October,2005 العدد : 135

الأحد 6 ,رمضان 1426

بسبب انتهاك حقوق الملكية الفكرية
المحكمة العليا الأمريكية تثير فزع عشاق ( التحميل المجاني ) على الإنترنت
* إعداد - إسلام السعدني
حالة من الترقب والقلق يعيشها ملايين الأشخاص في العديد من بلدان العالم ممن اعتادوا التجول في أرجاء شبكة الإنترنت الفسيحة من أجل تحميل أفلام أو أغنيات أو مقطوعات موسيقية، وذلك بعد الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في الولايات المتحدة مؤخراً وأشارت فيه إلى أن الشركات التي تطور وتقدم برامج لتحميل هذه الملفات يمكن محاكمتها بتهمة مساعدة متصفحي الإنترنت على انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
وقد أقامت هذه الدعوى شركتان، من بينهما شركة (إم. جي. إم) للتسجيلات، ضد شركتي (جروكستر) و(ستريم كاست) بتهمة قيامهما بمساعدة متصفحي الإنترنت على تجاهل حقوق الملكية الفكرية للشركات التي تضع ملفات أفلام أو موسيقى على الشبكة؛ مما يجعل بوسع هؤلاء المتصفحين تحميل تلك الملفات دون دفع مقابل لذلك.
وتشير الشركتان المدعيتان إلى أن (جروكستر) و(ستريم كاست) تروجان لبرامج تُستخدم لتبادل الملفات عبر الإنترنت، وهو ما يسمح بنقل مواد ذات حقوق نشر محفوظة طبقاً للقانون من كمبيوتر لآخر، ومن بين تلك المواد نسخ أصلية من الأفلام أو الأغنيات وغيرها.
***
سياسات صارمة
واعتبر المحللون هذا الحكم بمثابة انتصار كبير لصناعات الترفيه والموسيقى والنشر على شبكة الإنترنت بعد أن أكد الحكم ضرورة انتهاج سياسات أكثر قوة وصرامة لحماية حقوق الملكية على الشبكة؛ تلك الحقوق التي تهدِّدها التقنيات الحديثة المنتشرة حالياً على الإنترنت.
وخلص الحكم الذي صدر بإجماع قضاة المحكمة إلى أنه يمكن إخضاع شركات التقنية التي تقدم برامج وتقنيات تساعد على انتهاك حقوق الملكية الفكرية بشكل متعمد للمساءلة القانونية. وجاء في نص الحكم أنه يمكن مساءلة كل شخص أو جهة حاولت الترويج لاستخدام البرامج التي تنتجها في انتهاك حقوق الملكية الفكرية، مشيراً إلى أن مثل هذا الشخص أو هذه الجهة ستكون مسؤولة من الوجهة القانونية عن كل انتهاكات حقوق الملكية الفكرية التي سيرتكبها الآخرون بواسطة هذه البرامج.
***
نقطة تحول
وقد وصف الكثيرون هذا الحكم بأنه نقطة تحول فيما يتعلق بتطبيق القانون على النشاطات التي يشهدها الإنترنت، وخصوصاً بعد أن أكدت المحكمة أنها تسعى لإحداث توازن بين مصالح الشركات التي تحاول الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للمنتجات الخاصة بها مثل شركات صناعة الترفيه على سبيل المثال وبين المصلحة العامة المتمثلة في إتاحة المجال لاستمرار وجود المقومات اللازمة والمناخ الملائم للابتكارات والاختراعات التقنية التي يلعب استخدام شبكة الإنترنت دوراً رئيساً فيها.
وللإلمام أكثر بتفاصيل هذا الموضوع يمكننا إلقاء نظرة على ذلك التقرير الذي أعدته صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية حول الحكم القضائي وأبعاده المختلفة والذي أكدت فيه أن هذا الحكم يعدُّ انتكاسة للمدافعين عن حرية نقل التكنولوجيا وتبادل الملفات الذين حذروا من أن التشدد (المغالي فيه) في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية سيؤدي إلى تضييق الخناق على الإبداع والابتكار التكنولوجي. وتنقل الصحيفة عن هؤلاء تأكيدهم على أن الاضطلاع بمهمة حماية الملكية الفكرية على الإنترنت، وتبني حلول للمشكلات المتعلقة بها، يجب أن يكون منوطاً بأعضاء الكونجرس وليس بقضاة المحاكم.
وعلى أي حال، لم تكن المحكمة متفقة مع هذا الرأي؛ إذ رأت أن انتهاكات حقوق الملكية الفكرية تتم على نطاق كبير للغاية، وأن هناك أدلة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مَن تورطوا في هذه الانتهاكات كانت لديهم النية لمخالفة القانون وانتهاك حقوق الملكية.
***
نوايا مبيَّتة
ونقلت (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها عن أحد قضاة المحكمة أن هناك أدلة تفيد وجود خطوات جدية على صعيد تشجيع انتهاك حقوق الملكية الفكرية، مثل الترويج للبرامج التي تُستخدم لتبادل الملفات على الإنترنت، أو توضيح كيفية استخدام هذه البرامج، وهو ما يكشف عن وجود نوايا مبيَّتة لاستخدام هذه البرامج في انتهاك حقوق الملكية.
وأشار القاضي إلى أنه مع الأخذ في الحسبان الاعتبارات المتعلقة بالإبداع والابتكار في المجال التقني فإن وجود هذه الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الملكية تجعل من المستحيل تطبيق القانون الخاص بحماية هذه الحقوق فيما يتعلق بالملفات الموسيقية والغنائية وغيرها من المضامين الموجودة على الإنترنت. وقال: إن البديل العملي الوحيد لحماية حقوق الملكية الفكرية في هذه الحالة كان يتمثل في إخضاع مَن يقومون بتطوير وترويج برامج تُستخدم لتبادل الملفات بشكل غير مشروع للمساءلة القانونية باعتبارهم مسؤولين بشكل ثانوي عما يقع من جرائم متصلة بانتهاكات حقوق الملكية.
***
فاتورة باهظة
وقد قدَّر مسؤولو صناعة التسجيلات الخسائر التي تلحق بهم جراء عمليات التحميل غير المشروعة التي تُجرى على الإنترنت بنحو 2.6 مليار دولار شهرياً، مشيرين إلى أن أرباح هذه الصناعة تقلصت بنسبة 25% منذ بدء عمليات تبادل الملفات على الشبكة العنكبوتية.
على الجانب الآخر، دفع محامو شركة (جروكستر)، وهي إحدى الشركتين المدَّعى عليهما في القضية، بأن هناك العديد من الاستخدامات المشروعة للبرامج التي تطورها الشركة وتطرحها لمتصفحي الإنترنت، ومن بين هذه الاستخدامات تحميل آلاف الأغاني المجانية التي تطرحها العديد من فرق الروك على الإنترنت طلباً للشهرة وتعريف الجمهور بها دون أن تطلب لذلك مقابلاً.
***
قضية (نابستر)
وتُذكِّرنا (كريستيان ساينس مونيتور) بأن القضية التي نحن بصددها تعدُّ أحد تداعيات تلك القضية الشهيرة التي رُفعت قبل سنوات ضد موقع (نابستر) الذي كان يقدم خدمة تحميل الملفات الموسيقية مجاناً من على شبكة الإنترنت. وتشير الصحيفة في هذا الشأن إلى أن المحكمة الأمريكية التي كانت تتولى نظر تلك القضية قضت عام 2001م بأنه من الممكن مساءلة مسؤولي (نابستر) جزئياً عما يقوم به هؤلاء الذين يستخدمون التقنيات التي يتيحها الموقع في (قرصنة) الملفات الموسيقية دون دفع أي مقابل.
وأكدت المحكمة حينذاك أنه على الرغم من أنه بوسع مسؤولي (نابستر) وقف أنشطة القرصنة هذه من خلال ال(سيرفر) المركزي الخاص بالموقع إلا أنهم اختاروا غض الطرف عن الأمر برمته على رغم علمهم أنه يشكل انتهاكاً للقانون.
وفي محاولة لتفادي التعرض للاتهام نفسه أدخل مسؤولو (جروكستر) و(ستريم كاست) تغييرات على النظم التي تحكم ال(سيرفر) الخاص بكل من الشركتين، حتى يصبح من المستحيل على هؤلاء المسؤولين مراقبة الكيفية التي يقوم من خلالها زوار الموقعين باستخدام برامج نقل الملفات.
***
(سوني) في القفص
وتلفت (كريستيان ساينس مونيتور) النظر في تقريرها إلى أن محامي الدفاع في القضية الخاصة ب(جروكستر) و(ستريم كاست) استندوا في دفاعهم إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الأمريكية العليا عام 1984م بشأن القضية التي كانت مرفوعة وقتذاك على شركة (سوني) بسبب اتهامها بالمساعدة على انتهاك حقوق الملكية الفكرية من خلال جهاز فيديو يمتلك خاصية التسجيل كانت تنتجه وتبيعه في ذلك الوقت. وقد قالت شركات صناعة الترفيه آنذاك: إن أجهزة الفيديو هذه تساعد على انتهاك حقوق الملكية الخاصة بالأفلام التي تُعرض على شاشة التلفزيون؛ نظراً إلى أنها تُمكِّن مشاهدي التلفزيون من تسجيل تلك الأفلام والاحتفاظ بها على أشرطة فيديو دون مقابل. وطالبت الشركات بوقف بيع تلك الأجهزة، أو على الأقل إلغاء خاصية التسجيل منها.
وقد استغل أغلبية قضاة المحكمة العليا الأمريكية، الذين رفضوا حينذاك الاستجابة لهذا الطلب المتشدد للغاية، تلك القضية لترسيخ مبدأ قانوني مهم مفاده أنه إذا كانت التقنيات التي تبتكرها وتبيعها شركة ما مخصصة بشكل عام لاستخدامات مشروعة لها أهمية تجارية فإنه لا يجوز مساءلة المسؤولين في هذه الشركات بأي صورة من الصور عن أي استخدامات مسيئة قد يقوم بها البعض بواسطة هذه التقنيات.
وعلى الرغم من أن هؤلاء القضاة أشاروا إلى أن الناس الذين يسجلون الأفلام من على شاشة التلفزيون على أشرطة فيديو سرعان ما يمحونها لتسجيل أفلام أخرى أو مضامين مختلفة على الأشرطة نفسها إلا أنهم أقروا في الوقت نفسه بوجود بعض الحالات التي تكون فيها تسجيلات الفيديو انتهاكاً واضحاً لحقوق الملكية الفكرية.
***
ثمن التقدُّم
ووصف القضاة الأمريكيون هذه الانتهاكات بالقول: إنها الثمن الذي يدفعه الجميع مقابل استمرار الابتكارات والإبداعات التقنية.
وتخلص (كريستيان ساينس مونيتور) في نهاية تقريرها إلى القول: إنه مقارنةً بما ورد في الحكم الخاص بشركة (سوني) فإن قرار المحكمة العليا الأمريكية بشأن (جروكستر) و(ستريم كاست) يعني أن هذه المحكمة مضت خطوة أكبر على طريق توضيح مفهومها للحدود التي يمكن السماح في إطارها بنقل وتبادل الملفات على الإنترنت، ومتى يمكن أن يكون ذلك الأمر انتهاكاً لحقوق الملكية.
وفي هذا الشأن، تنقل الصحيفة الأمريكية عن أحد قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدة قوله: (لم يكن هناك في قضية (سوني) ما يدعو المحكمة إلى تجاهل أدلة تفيد بوجود نوايا غير مشروعة لدى الشركة (فيما يتعلق بانتهاك حقوق الملكية الفكرية لشركات صناعة الترفيه) سوى أن هذه الأدلة لم تكن موجودة
بالفعل).

..... الرجوع .....

السوق المفتوح
العنكبوتية
الاتصالات
الالعاب
الامن الرقمي
بورة ساخنة
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
دكتور .كوم
الحكومة الالكترونية
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved