الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 10th August,2003 العدد : 33

الأحد 12 ,جمادى الثانية 1424

لإستخدامها في مجالات تشخيص الأمراض
سباق علمي لإنتاج رقاقات البروتين
البروتين يراهن على المستقبل بخطى ثقيلة
نتائج مبشرة من خلال تجارب بالغة التعقيد

إعداد: أمجد الجباس
تتسم رقاقة البروتين بدرجة عالية من التعقيد، ورغم ذلك تظل ذات أهمية كبيرة تضاهي تلك الأهمية التي ينطوي عليها تحليل الحمض النووي لعلم الوراثة. وبالنسبة لعلماء الأحياء فإن حقبة علوم البروتينات تمثل نعمة ونقمة في آن واحد، نظرا لما تحتوي عليه من اكتشافات ونتائج هامة وما يحيطها في ذات الوقت من صعوبات ومخاوف. فقد كانت عملية دراسة البروتينات شديدة البطء والصعوبة مقارنة بدراسة الجينات، فمن ناحية نجد أنه يوجد ما يقارب 3 ملايين نوع من أنواع البروتينات تشكل البروتين البشري بالمقارنة بما يقرب من 40 ألف جين تتكون منها الجينات البشرية. ومن ناحية أخرى نجد أنه على العكس من وحدات الجينات فإن جزيئات البروتين تتكون من وحدات ثلاثية الأبعاد يشكل التفاعل فيما بينها دورا رئيسيا في طريقة عملها. وفضلا عن ذلك، فإن هناك صعوبة أخرى تتصل بدراسة البروتينات تتمثل في أن البروتينات بطبيعتها ومتحولة، مما يجعلها تغير من طبيعتها أثناء دراستها.
لصعوبة تحليل ودراسة البروتينات كان العلماء والباحثون عادة ما يعمدون إلى الجمع بين أكثر من أداة لدراسة وتحديد أنواع البروتينات وطريقة تفاعلها، وهي عملية شاقة للغاية تستغرق عدة أسابيع من أجل الوصول إلى نتيجة، حتى هذه النتيجة التي يتم التوصل إليها لا تتمتع بدرجة عالية من المصداقية بسبب الطبيعة المتحولة التي تتسم بها البروتينات.
ولقد شهدت الأعوام القليلة الماضية نشأة عدد محدود من الشركات التي تسعى إلى حل معضلة قياس وتحليل البروتينات عن طريق صناعة رقاقة للبروتينات. هذه الرقاقة التي لا يتجاوز حجم الواحدة منها حجم طابع البريد تشبه إلى حد كبير تلك الرقاقة المستخدمة في تحليل الحامض النووي، إلا أنها لا تتطابق معها. والميزة الرئيسية التي تميز رقاقات البروتينات هي السرعة والكفاءة. فمن الناحية النظرية، يقول منتجو هذه الرقاقات إنه باستخدام نقطة دم واحدة يمكن التعرف على خصائص ورسم صورة آلاف البروتينات في أقل من ساعة واحدة، وهو الأمر الذي يمكن أن يدفع بعلم دراسة البروتينات قفزات هائلة إلى الأمام.
ويرى المتخصصون أن رقاقات البروتين تحمل فرصا هائلة للأرباح أكثر من تلك التي مثلتها رقاقات الجينات. حيث تتوقع الشركات التي تخصصت في إنتاج هذه الرقاقات، ومنها: سيفرجين بيو سيستمس (فيرمونت، كاليفورنيا)، زيومكس (أوبسالا، السويد)، بيو سيت دياجونيستيكس (سان دييجو، كاليفورنيا)، بياكور (أوبسالا، السويد). تتوقع هذه الشركات فرصا هائلة لاحتمالات توسيع السوق نتيجة للاهتمام المتزايد من قبل الباحثين بدراسة وتحليل البروتينات.
كما تنبأت شركة «بيو إن سيت»، وهي إحدى الشركات المتخصصة في دراسة السوق (ريد وود سيتي، كاليفورنيا)، بأن يصل إجمالي مبيعات رقاقات البروتين سواء لأغراض اكتشاف أنواع جديدة من الأدوية أو لأغراض دراسة التفاعلات فيما بين البروتينات إلى ما يقرب من 700 مليون دولار بحلول عام 2006.
أسواق واعدة
مع وجود مثل هذه الاحتمالات بتوسع السوق أمام المنتجين، فقد تمكنت هذه الشركات من جذب استثمارات بلغت قيمتها 150 مليون دولار خلال العامين الماضيين.
وبلغ إجمالي عدد الشركات العاملة في هذا المجال 25 شركة، تتبنى كل منها خططا طموحة لتطويع استخدام رقاقات البروتين في أكبر عدد ممكن من المجالات لاكتشاف أدوية جديدة في مجال التطبيقات العلاجية وتطبيقات تشخيص الأمراض.
إلا أن الطريق مازال طويلا أمام هذه الشركات، فعدد قليل منها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة هو الذي تمكن من تحقيق إيرادات ملموسة، حيث تعاني هذه الشركات صعوبة حقيقية تتمثل في كيفية الإعلان عن مثل هذه التقنية العالية، وإقناع العملاء بأن التكنولوجيا الحيوية لا تقتصر على الجينات فقط.
البروتين والجينات
جزء كبير من مشكلة رقاقات البروتينات ناتج عن المقارنة بينها وبين رقاقات لجينات، بالنسبة لغير الخبراء تبدو الرقاقتان متطابقتين، فكلتاهما عبارة عن رقاقة من الزجاج أو أشباه الموصلات التي تحتوي في سطحها على مجموعة من المواد التي تستخدم لاكتشاف البروتين أو الحمض النووي. هنا تنتهي أوجه الشبه بين الرقاقتين وتبدأ أوجه الاختلاف، فإن تصميم رقاقة البروتين ينطوي على توظيف العديد من تطبيقات العلوم، من بينها كيمياء البروتينات، علوم المواد، كيمياء الأسطح وعلوم أخرى لا تحصى، وهو الأمر الذي يجعل من إنتاج رقاقة البروتين أكثر صعوبة وتعقيدا من إنتاج رقاقة الجينات. مما يجعل المقارنة بين الرقاقتين أشبه بالمقارنة بين آلة حاسبة عادية وكمبيوتر عملاق، كما تقول الشركات المنتجة لرقاقات البروتين.
وتنقسم رقاقات البروتين بوجه عام إلى نوعين رئيسيين: رقاقة اكتشاف جزيئات البروتين، ورقاقة الكشف عن التفاعلات بين جزيئات البروتين. والفارق واضح من الاسم، فالنوع الأول من الرقاقات هو المعني بالكشف عن حصر جزيئات البروتين في عينة ما، في حين يقوم النوع الثاني من الرقاقات بتحليل التفاعلات فيما بين جزيئات البروتين. وقد تمكن عدد من الشركات العاملة في هذا المجال (جينسكان، باكارد بيو سينس، نيكست جين سينسس) من إنتاج رقاقة بروتين يمكنها أداء كلتا الوظيفتين في آن واحد.
وبوجه عام فإن النسبة الغالبة من الشركات المنتجة لرقاقات البروتين تركز حاليا على إنتاج النوع الأول من الرقاقات، رقاقة اكتشاف البروتين التي تتشابه إلى حد كبير مع رقاقة الجينات. والرقاقات التي تنتجها شركات مثل آركيمكس، وزيوميكس تحتوي أجساما مضادة ووحدات يمكنها اكتشاف وحصر جزيئات وكميات البروتين الموجودة في العينة، إلا أنه يتعين على الباحثين الذين يستخدمون هذا النوع من الرقاقات أن يكونوا على دراية تامة بنوعية البروتينات التي يبحثون عنها في العينة.
حساسية مفرطة
إن القول أسهل بكثير من الفعل فيما يتصل بصناعة رقاقات البروتين. فجزيئات البروتين بطبعها ذات خاصية متحولة وذات حساسية عالية للمس، حيث إنها قابلة لأن تغير من طبيعتها بمجرد ملامسة سطح الرقاقة، وهو ما يجعل إنتاجها أمرا في غاية الصعوبة. ولذا فقد أولت شركات إنتاج هذه الرقاقات (وبصفة خاصة شركة زيوميكس) عناية كبيرة لفهم كيمياء الأسطح، وذلك لدراسة أثر الالتقاء ما بين السائل (العينة) والصلب (سطح الرقاقة) على جزيئات البروتين ذات الحساسيةالعالية للملامسة.
المشكلة الثانية في إنتاج هذه الرقاقات تكمن في نوعية الأجسام والوحدات التي لابد وأن تتضمنها الرقاقة. النوع المثالي من هذه الوحدات هو الأجسام المضادة التي تتحد بطبيعتها مع البروتينات، إلا أنها تتسم بالانتقائية في تحديد نوعية البروتينات التي تتحد معها، وللأسف فإن عدد الأجسام المضادة المعروف حاليا لا يتجاوز عدة آلاف. والمعضلة الأساسية تتمثل في تحديدأنواع الأجسام المضادة اللازمة لدراسة واكتشاف أنواع بعينها من البروتينات والتعرف عليها وهو أمر في غاية الصعوبة.
نجاح ملموس
وإن كانت بعض الشركات قد تمكنت بالفعل من تحقيق بعض النجاح في هذا المجال، حيث تمكن البروفيسور «مايكل سيندر» بجامعة ييل والفريق العامل معه منذ عامين من إنتاج رقاقة لديها القدرة على اكتشاف كافة الـ5800 نوع التي يتضمنها بروتين الخميرة، ويعكف الفريق حاليا على عمل نفس الأمر مع البروتين البشري، وذلك بالتركيز على أنواع محددة من البروتينات التي تنتجها جينات معروفة.
ولكن تظل هذه المشكلة هي المعوق الرئيسي الذي يعرقل نمو هذه الشركات وتطويرأعمالها، وللتغلب عليها، اتجهت بعض الشركات إلى التعاون مع العديد من المعامل المتخصصة في إنتاج الأجسام المضادة لكي تتولى تزويدها بالأجسام المضادة المتاحة حاليا وكذلك العمل على استنباط أصناف جديدة من الأجسام التي لابد وأن تتضمنها رقاقة البروتين لكي تتمكن من اكتشاف البروتينات والتعرف عليها، إلا أن هذه العملية مازالت في مراحلها المعملية الأولى، كما أنه تنقصها السرعة اللازمة.
إلا أن الأمر المثير للدهشة في هذا الصدد أن شركة سيفرجين بيو سيستمس فيرمونت، كاليفورنيا، الشركة الرائدة في إنتاج النوع الأول من رقاقات البروتين (رقاقات الاكتشاف) قد تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة في هذا المجال، حيث استطاعت بالفعل التوصل إلى إنتاج رقاقات تتضمن الأجسام المضادة اللازمة لاكتشاف البروتينات والتعرف عليها، ولذلك فإنه يمكن باستخدام هذه الرقاقات المقارنة بين نتائج عينتين إحداهما لشخص مريض والأخرى لشخص سليم، وبالتالي التعرف على كمية وأنواع البروتينات الموجودة في العينتين.
فرص واسعة للتشخيص
وإذا كانت بعض الشركات قد نجحت بالفعل في إنتاج الأجسام المضادة اللازمة لإنتاج النوع الأول من رقاقات البروتينات (رقاقات اكتشاف البروتينات)، فإن الأمر أكثر صعوبة فيما يتصل بتصنيع النوع الثاني من رقاقات البروتينات، وهي الرقاقات المعنية باكتشاف أنماط التفاعل بين جزيئات البروتينات داخل العينة، فهذه الرقاقات تستخدم أنماطا مختلفة من الأجسام المضادة والوحدات التي تقيس بها التفاعلات بين جزيئات البروتين وبعضها البعض وبينها وبين الجزيئات الأخرى في العينة، وهذا ينطوي على فرص هائلة في تشخيص العديد من الأمراض وكذلك في التوصل إلى اكتشاف علاج للعديد من الأمراض.
وإن كان إنتاج هذا النوع من الرقاقات ما زال في بداياته، فالأمر يحتاج إلى استثمارات أكثر ضخامة من تلك التي يحتاجها إنتاج النوع الأول، الذي قدلا يتطلب خبرة ودراية بالعديد من العلوم مثلما يتطلب هذا النوع.
والشركة الرائدة في إنتاج هذا النوع من الرقاقات هي شركة سويدية اسمها بياكور وهي متخصصة في إنتاج وحدات استشعار حيوي لأكثر من عقد من الزمان، والتكنولوجيا الرئيسية التي تستخدمها الشركة تسمى SPR، حيث يتم انعكاس للضوء من فيلم موضوع بين العينة وبين السطح الزجاجي للرقاقة الذي يضم وحدات الاستشعار والأجسام المضادة، ومع تحرك جزيئات العينة على سطح الرقاقة يسهم الضوء في إظهار هذا التحرك، وبالتالي يكون من السهل دراسة التفاعل بين جزيئات العينة.
وتبقى المشكلة في الباحثين أنفسهم الذين لم تتمكن الغالبية منهم حتى الآن من التعرف على الطريقة التي يمكن بها توظيف مثل هذه التقنية العالية من أجل اكتشاف البروتينات ودراسة تفاعلاتها، فما زالت قدرة الباحثين على استخدام هذه التقنية العالية في بداياتها وبالتالي فهي خاضعة بشكل كبير لاعتبارات التجربة والخطأ قبل أن يتم الاتفاق بين الباحثين على معايير متعارف عليها للتوظيف الأمثل لمثل هذه التقنية العالية.
فتح علمي جديد
وبوجه عام يمكن القول إن تطوير هذا النوع من الرقاقات قد يمثل فتحا علميا جديدا في سبيل صحة الإنسان وسعادته، ومن المتوقع أن تسهم هذه التقنيات في مجالات تشخيص الأمراض واكتشاف العلاج الملائم لها، فرقاقات اكتشاف البروتينات والتعرف عليها يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في المقارنة بين أنماط تمثيل البروتينات بين الأشخاص الأصحاء والمرضى، في حين يمكن أن تلعب رقاقات اكتشاف التفاعل بين جزيئات البروتينات دورا رئيسيا في دراسة البروتينات المعروفة بارتباطها بأمراض محددة ودراسة تفاعلها مع أنواع أخرى من البروتينات، وهوما يمكن أن يسهم في التوصل إلى طرق لعلاج أو منع انتشار بعض الأمراض.
كما أن هذه الرقاقات يمكن أن تلعب دورا كبيرا في التحقق من صلاحية وفاعلية بعض الأدوية خلال المراحل الأولى لتجربتها وقبل إنفاق الكثير من الأموال في تطويرها، ويمكن باستخدام رقاقات اكتشاف التفاعل بين البروتينات التعرف على المسار الذي يأخذه نوع ما من الأدوية، في حين تسهم رقاقات اكتشاف البروتين في التعرف على أثر الإصابة ببعض الأمراض على بعض أنواع البروتينات دون البعض الآخر.
لذا نجد أن شركة مثل سيفرجين تسوق منتجاتها من رقاقات البروتين لأغراض البحث على أمراض السرطان وغيره من الأمراض، في حين نجد أن شركة أخرى مثل بيوسيت تركز على التشخيص المعملي، بحيث يمكن أن تساعد الرقاقات الأطباء على تتبع أثر علاج ما.
ويتوقع الخبراء أن يشهد استخدام هذه الرقاقات توسعات كبيرة في المستقبل القريب، حيث يتوقع لها الخبراء أن تمتد لتشمل العديد من المجالات الطبية بدءا بتشخيص الأمراض وانتهاء بتحديد نوعية الدواء الأنسب للمريض وفق تحليل البروتينات الخاصة به.
ولكن تظل هناك عدة صعوبات تحول دون انتشار استخدام هذه الرقاقات على نطاق واسع، من بينها صعوبة فهم التقنية العالية التي تتضمنها هذه الرقاقات من قبل الباحثين، وارتفاع سعر الرقاقة الواحدة، حيث يتراوح سعر الرقاقة الواحدة بين 750 و1000 دولار.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
قضية تقنية
اقتصاد الكتروني
اطفال كوم
نساء كوم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved