الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 11th May,2003 العدد : 20

الأحد 10 ,ربيع الاول 1424

قبل التسرع والتورط في تكليفها الباهظ:
الحكومة الإلكترونية.. 10 أسئلة «إجبارية» قبل البدء «1»
قبل التسرع والتورط في تكليفها الباهظ:

إعداد: محمد يوسف
الحكومة الإلكترونية جمعينا، مواطنين ومسئولين، سمعنا عنها، ومرت علينافيما يبدو مرور الكرام وفي كل بقاع العالم صعودا بالدول المتقدمة وهبوطا بالدول المتأخرة، تسعى الحكومات إلى نشر مؤسساتها وخدماتها وقوانينها ولوائحها والإرث البيروقراطي الثقيل لها، على الإنترنت، مع «أتمتة» العمليات والإجراءات البيروقراطية التي تثير في المواطنين الإحساس بالعبث وضياع الحقوق والحاجات الضرورية، وفي المسئولين الشعور بالتعب والكسل فتضيع الحقوق وتهدر الطاقات. الحكومة الإلكترونية..«موضة» عصر وأقبلت عليها الحكومات ظنا منها أن التكنولوجيا هي «عصا موسى» التي ستنزع عنها الصورة السلبية التي طالما لازمتها وأدائها في مختلف أرجاء الدنيا قديما وحديثا.
فالمواطنون من ناحية يرون في المؤسسات الحكومية أداة لهدر الطاقات والموارد أداة بارعة غاية البراعة في وقف المراكب السائرة واللوائح البيروقراطية، من ناحية أخرى هي الصدع الذي يشق عملة الثقة التي ينبغي تداولها بسهولة وحرية بين المؤسسات الحكومية من ناحية والجماهير والشركات ومؤسسات المجتمع المدنية من ناحية أخرى.
ثم بعد كل هذا تأتي تركيبة تسمى «تقنية المعلومات والاتصالات» فتنتشر وتستشري وتحمل معها آمالا عريضة بتبديل أحوال المؤسسات الحكومية ويصدرمنها وعد «غير مسئول» بتوظيف أدوات التكنولوجيا وعدتها في تحسين الأحوال.
ثم ماذا؟ ثم إن الحكومة الإلكترونية ليست بأي حال من الأحوال «بديلا مختصرا نهائيا» عن الإصلاح الإداري والاقتصادي ولا تعبر عن وجود مؤسسات حكومية فعالة مسئولة، باختصار، الحكومة الإلكترونية شيء والإصلاحات الاقتصادية والإدارية شيء آخر تماما...وهذا للعلم. وللعلم أيضا، الحكومة الإلكترونية في صميمها وجوهرها مجموعة من المخاطر والتحديات والفشل في فهم طبيعتها وتنفيذها بأسلوب علمي سليم معناه بصراحة تضييع للموارد البشرية والمادية والإدارية، ومعناه أيضا الفشل في توفيرالخدمات التي تقوم عليها تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين ومعناه ثالثا والأخطر زيادة الإحباط وفقدان الثقة من جانب المواطنين في كفاءة مؤسساتهم الحكومية. ولنترك الفشل جانبا، هنا سنقدم تشكيلة من الخبرات العملية المجربة وضعتها مجموعة من الخبراء المحنكين في أصول «لعبة» الحكومات الإلكترونية وهم خبراء جاءوا من مختلف دول العالم، البرازيل وشيلي والدنمارك ومصر والهند والمكسيك وجنوب إفريقيا وتنزانيا والولايات المتحدة وتايلاند والإمارات العربية المتحدة.
والفكرة التي يقدمها هؤلاء المحنكون بسيطة للغاية: 10 أسئلة يتعين على الطامحين إلى تأسيس حكومة إلكترونية طرحها وإيجاد إجابات دقيقة واضحة مقنعة لها.
والنجاح في جانب التطبيق له أكثر من زاوية وركن فهناك أولا إدراك المعنى الحقيقي لمفهوم الحكومة الإلكترونية، وهناك أيضا التخطيط، ثم الإدارة، ثم وضع المعايير التي نقيس بها كفاية الأداء وقوته...إنها شبكة من المهام والإجراءات متفرعة ومتداخلة ومتقاطعة، ومعها عشرة أسئلة ستساعد حتما أصحاب الطموحات العالية في المضي قدما دون الوقوع في «حيص بيص» حكومة الأزرار الإلكترونية!.
في الحكومات البلدية بالصين، ينظر إلى إنشاء «مجتمع المعلومات» على أنه أساس تقوم عليه كافة الخطط الرامية إلى تأسيس الحكومة الإلكترونية بمعنى آخر أبسط وأوضح، تأسيس مجتمع معلوماتي هو الأساس، وما عدا ذلك فرع، هذه الفكرة على بساطة تعريفها وتحديدها تمثل رؤية الدولة تجاه مفهوم الحكومة الإلكترونية. حيث المواطنون والشركات والإدارات العامة في المصالح الحكومية والصناعات الخدمية، كل هذا يستند في عمله ونشاطاته ومهامه إلى النزعة «المعلوماتية» بهذا الشكل تتحول تقنية الاتصالات والمعلومات إلى نشاط وعادة يمارسها المواطنون كل يوم بل كل لحظة!
* ما الدافع إلى تأسيس الحكومة الإلكترونية؟
اعلم أن الحكومة الإلكترونية شكل من أشكال التغيير والتبديل، والتكنولوجيا أداة لتنفيذ هذا التغيير. والحكومة الإلكترونية تغيير من حيث أنها تعين المواطنين والشركات ومؤسسات المجتمع على إيجاد فرص جديدة في عالم يقوم اقتصاده على المعرفة.
إن حكومات الأزرار تبشر بإمكانات هائلة، لكن إذا لم يصاحبها برنامج شامل للإصلاح، إصلاح من قبيل إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وإدارة المعلومات وإدارة المهام الداخلية وخدمة المواطنين والشركات، بدون هذا الإصلاح، لن تثمر الحكومات الإلكترونية إلا هدرا في الوقت والمال والجهد البشري المبذول فيها، لن تثمر إلا خسارة فادحة! إذن ليكن استخدام الحكومة الإلكترونية بهدف إعادة التفكير في الدور الذي تقوم به المؤسسات الحكومية وليكن استخدامها كأداة لتطوير الأداء الاقتصادي والإدارة الحكومية.
ليست مسألة بسيطة: تأسيس الحكومة الإلكترونية ليس مهمة سهلة ولا رخيصة التكلفة. فقبل تكريس الوقت والشروع في تنفيذها يتعين على القيادات السياسية أن تدرس تلك المبادرة دراسة متأنية وأن تعي جيدا الأسباب الأساسية للسعي وراء تأسيس الحكومة الإلكترونية«بل وفهم أسباب إهمالها إن كانت الظروف تستوجب ذلك».
أجل الحكومة الإلكترونية لا تعد بديلا عن التنمية الاقتصادية ولا عن إيجاد مؤسسات حكومية تؤدي دورها بكفاءة، وإنما هي أداة لتحقيق تلك الأهداف. وفي الدول النامية بشكل خاص حيث الموارد شحيحة وعزيزة يؤدي الاستعجال والتهور وراء إنشاء حكومات إلكترونية في ظل بيئات ضعيفة الإمكانات، إلى خسائر فادحةعلى المستويات السياسية والمالية والاقتصادية، وشأنها شأن أي عمليات إصلاح، لا يمكن تأسيس الحكومة الإلكترونية بمجرد استصدار قانون أو تشريع عام من القيادة السياسية. لا، إنها تتطلب تغييرا جذريا في الأساليب التي يتبعها المسؤولون الحكوميون في العمل والتفكير والتخطيط وتغييرا في نظرتهم للوظائف التي يشغلونها وتغييرا في طريقة تبادل المعلومات فيما بين الإدارات والقطاعات الحكومية المختلفة.
خلاصة المتطلبات
تتطلب الحكومة الإلكترونية إعادة هيكلة عمليات العمل سواء على مستوى المؤسسات الخاصة الفردية أو العامة الحكومية.
في الوقت ذاته تعمل الحكومة الإلكترونية على الاستجابة للتغييرات التي تحدث خارج نطاق المؤسسات الحكومية ذاتها. فالطريقة التي تتعامل بها المؤسسات الحكومية مع المعلومات وعلاقة ذلك بالمواطنين والشركات والمجتمع المدني كل هذا يتعرض لتغيرات جذرية في مناطق عديدة. فمن ناحية بدأ المواطنون في ترقب الحكومات وهي توفر لهم الخدمات التي يحتاجونها أسوة بالخدمات التي يقدمها القطاع الخاص. وبمرور الوقت يبدأ المواطنون من ناحية أخرى التصرف كما لو كانوا مستهلكين وعملاء لهم حقوق ينبغي تلبيتها. هنا يجب على المؤسسات الحكومية التوافق مع كل هذه الأوضاع الجديدة، والحكومة الإلكترونية ما هي إلا أداة دعم ومساعدة في هذا السياق.
تحذير: نشر أجهزة الكمبيوتر
ليس إصلاحاً
استخدام الحكومة الإلكترونية وتقنيات المعلومات والاتصالات كعناصر يقوم عليها برنامج شامل لتحديث المؤسسات الحكومية لكن لاحظ أن مجرد تزويد الهيئات الحكومية بأجهزة الكمبيوتر والمودم لن يؤدي من تلقاء ذاته إلى الارتقاء بأداء الحكومة، ولن يضفي على الممارسات والإجراءات البيروقراطية القديمة البالية الأداءالتلقائي الآلي في العمل.
إن محاولة الاستفادة من إجراءات غير مجدية وتفعيلها مسألة غير مثمرة على الإطلاق والتركيز على أجهزة الكمبيوتر فقط لن يزيدمن اتجاه المسئولين نحو اقتصاد الخدمات الذي يعود بالفائدة على «عملاء» وشركاء المصالح الحكومية.
ولزام على القادة وكبار المسئولين أن يفكروا كثيرا في الأساليب المثلى لتطويع التكنولوجيا على النحو الذي يحقق الأهداف والغايات المقصودة من علميات الإصلاح الشامل. هنا لا يسعنا القول سوى التأكيد على أن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ما هي إلا أداة لا غاية لتمكين عمليةالإصلاح وتفعيلها.
ومعاملة الحكومة الإلكترونية على أنها «عملية إصلاح» لا مجرد «أتمتة» للعمليات الحكومية من خلال أجهزة الحاسب الآلي، يسهم بشكل فعال في إنشاء «مجتمع المعلومات» ذلك المجتمع الذي يعطي لمواطنيه القدرة على النفاذ إلى المعلومات وإثراء المواطن بكافة الفرص المتاحة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
إن هذه المعادلة بكافة تفاصيلها الفنية والإدارية سرعان ما تتحول إلى أولوية قومية تضعها معظم دول العالم غنية كانت أو فقيرة على قائمة أولوياتها وخططها الاستراتيجية نحو المستقبل.
إن التقنيات القديمة والحديثة «الإلكترونية إن شئنا الدقة» هي في جوهرها وسائل لتحقيق أهداف تتجاوز طبيعة تلك التقنيات ذاتها، أهداف تتصل بصميم وجود المجتمع البشري وفلسفة تقدمه. وبدلا من التركيز على فكرة «الحكومة الإلكترونية»، لماذا لا يتجه التفكير بنا إلى تأسيس «الحكومة المعلوماتية» أو «الحكومة الذكية». هنا يكون التركيز منصبا على أمور من قبيل الأساليب التي تعمل بها المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع ككل وكيفية استخدام هذا الكم المتزايد من المعلومات.
والأهم كيفية استجابة الحكومة بصورة أكبر لحاجات مواطنيها وتلبيتها على أسرع وأفضل نحو ممكن.
* هل لدينا رؤية وأولويات واضحة تجاه الحكومة الإلكترونية؟
الحكومة الإلكترونية بطبيعتها قد تشير إلى عدة أشياء ومفاهيم، وبالتالي نجد أن الخطط الخاصة بها من الممكن أن ترتدي ألف شكل وشكل وتأخذ ألف حجم وحجم. لذا كان من الضروري على كل من يضع الحكومة الإلكترونية هدفا أمام عينه أن يشكل رؤية واضحة نقول واضحة لمفهوم تلك الحكومة.
ارسم رؤية واضحة وحدد
أولويات دقيقة
بداية الغرض من أي حكومة على ظهر الأرض هو تحقيق الأهداف المشتركة العامة في مجتمع ما. وتأسيسا على ذلك ابدأ عملية التخطيط بوضع رؤية شاملة للحكومة الإلكترونية التي ستكون ساحة تستوعب كل المساهمين في المجتمع «المواطنون، الشركات، المسئولون الحكوميون، المؤسسات المدنية الأخرى» لابد هنا أن تنبع هذه الرؤية الشاملة العريضة من الأهداف العامة العليا التي تشغل بال المجتمع. وهناك أسباب أو أهداف عديدة يمكن إدراجها في قائمة «تسويغ» إنشاء الحكومة الإلكترونية. وعلى وجه العموم هناك فئات عريضة للأهداف التي يسعى المجتمع بكل أطرافه ومؤسساته إلى تحقيقها، نذكر منها على سبيل المثال:
تحسين مستوى الخدمات التي يحتاج إليها المواطنون.
الارتقاء بإنتاجية «وكفاءة» المؤسسات الحكومية.
تقوية النظام القضائي وتفعيل دور القانون في المجتمع.
تطوير القطاعات الاقتصادية.
تحسين نوعية الحياة للطبقات المحرومة اجتماعيا واقتصاديا.
تقوية أداء الحكومة وتوسيع دائرة المشاركة العامة في بناء المجتمع من جانب المواطنين.
تلك فئات عامة يمكن أن نرصد بداخلها أهدافا فرعية متباينة وفي ضوء تلك التقسيمات العامة ينبغي للرؤية التي يعتنقها أي مجتمع تجاه الحكومة الإلكترونية. أن تكون مصحوبة بقائمة مكثفة مختصرة قائمة تحدد مناطق الأولويات التي سيقوم عليها برنامج الحكومة الإلكترونية بقول آخر، الرؤية العامة للحكومة الإلكترونية تنبثق من الشواغل الرئيسية للمجتمع في حين تنبثق مناطق الأهداف من تلك الرؤية العامة.
أما كيفية تحديد الرؤية العامة ومناطق الأولويات للحكومة الإلكترونية فإنها تعتمد على الظروف والطموحات التي تختص بهذا المجتمع أو ذاك. مثلا قد يكون على رأس الأولويات التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها هو تأسيس حكومة قابلة للمساءلة وقت الوقوع في أي خطأ جسيم. هنا رؤية هذا المجتمع نحو الحكومة الإلكترونية لابد أن تعكس تلك الأولوية. في تلك الحالة ستتجه أهم الأولويات إلى مناطق محددة مثل زيادة الشفافية في القطاع القضائي أو مكافحة الفساد الحكومي الإداري.
وقد يركز مجتمع آخر في مجمل طموحاته على تطوير أدائه الاقتصادي في محيط النطاق الإقليمي. هنا ستنصب رؤية الحكومة الإلكترونية على تسيير الخدمات والأنشطة التجارية وممارستها من خلال الإنترنت ، وقد يكون تحسين النظام الضريبي أوالمناخ الاستثماري من مناطق الأولويات في تلك الحالة.
خلاصة القول حدد رؤية واضحة تمثل الأهداف الرئيسية للحكومة الإلكترونية وتكون في الوقت ذاته «الناطق» باسم كافة المساهمين في تلك الحكومة من مواطنين وشركات ومؤسسات مدنية.
تحذير ثان: توفير الأموال «لا» ينبغي أن يكون بمنزلة رؤية عامة تدفع إلى تأسيس الحكومة الإلكترونية
ينبغي ألا ننظر إلى الحكومة الإلكترونية على أنها استراتيجية للحد من تكلفة الأداء الحكومي. وإن كان هذا الأمر قد يمثل نتيجة طبيعية تأتي من تلقاء نفسها بعد تأسيسها وتوفير الأموال يمثل طريقة سهلة ل «ترويج» فكرة الحكومة الإلكترونية و«بيعها» على القادة السياسيين وجمهور المواطنين. ومع كل وفي حالات استثنائية قليلة لا يؤدي تطبيق الحكومة الإلكترونية إلى الحد من التكاليف التي تتحملها الحكومة على المدى القصير، وإن كانت تقلل التكاليف التي يتحملها المواطنون والشركات!
الحكومة الإلكترونية يجب أن تكون «رؤية مشتركة»: شجع المساهمين حكوميين وغير حكوميين على المساهمة في تحديد الرؤية الخاصة بالحكومة الإلكترونية ولو جاءت استشارة القطاعات العامة والخاصة بعد تطوير خطط الحكومة الإلكترونية ووضعها موضوع التنفيذ، فإن الحكومة الإلكترونية هنا تحكم على نفسها بمغامرة قد تؤدي إلى عدم استخدامها من جانب قطاعات المجتمع أو فقدان «همزة الوصل» بين ما تقوم به الحكومة الإلكترونية وما يحتاج إليها المساهمون.
إن الرؤية المشتركة تضمن «إقبال» كافة مؤسسات المجتمع وقطاعاته على الحكومة الإلكترونية ودعم برامجها من البداية حتى النهاية والرؤية المشتركة للحكومة الإلكترونية إن أردنا تعريفها هي إيجاد «نصيب» لكل فرد في العائد من تلك الكعكة الإلكترونية». واشتراك المساهمين في تطوير خطط الحكومة الإلكترونية سواء كانوا جماعات مدنية أو نقابات مهنية أو شركات ومؤسسات عمل أو مسئولين حكوميين أو اتحادات عمالية أو أي مؤسسات مدنية،لا يعني أن القرارات النهائية المتعلقة بتنفيذ الحكومة الإلكترونية يجب أن تظل في حالة انتظار لحين التوصل إلى إجماع شبه كلي من جانب كل هذه الأطراف.
إن الحكومة الإلكترونية تتطلب وجود « بطل» أو قيادة واحدة إن شئنا التوضيح! ومع كل، تحديد الرؤية العامة لتلك الحكومة ووضع مناطق الأولويات وترتيبها يتطلبان إفساح المجال أمام الآراء والتعليقات من جانب القاعدة العريضة من المساهمين الذين أشرنا إليهم دون الاكتفاء بما يمليه علينا «النخبة» من الخبراء والمسئولين في مجال الحكومة الإلكترونية.
في بلدان عديدة ومن بينها بلدان العالم النامي لا ينظر المواطنون إلى الحكومات إلا نظرات ملئها الشك والريب خاصة إن كان هناك تاريخ طويل من عدم الاستقرارالسياسي أو الفساد الذي يضرب بأطنابه في كافة جوانب المجتمع. ولضمان اشتراك أكبر قطاع من المواطنين والمساهمين كشركاء في جهود الحكومة الإلكترونية يكون من الأهمية البدء بتأسيس «أرضية ثقة» بين الحكومة والمواطنين. واعلم أن غياب الثقة المتبادلة من الممكن أن يفضي في نهاية الأمر إلى فشل مبادرات الحكومة الإلكترونية أو تسويفها وتأجيلها على نحو يسبب خسائر فادحة.
أمر آخر..آليات الحصول على أراء المساهمين وإسهاماتهم تتنوع وتختلف من مكان لمكان ومن ظرف لآخر، لكن هذا لا يمنع التشديد على أن الاهتمام بالوصول إلى تلك الآراء تمهيدا لصياغة الرؤية العامة للحكومة الإلكترونية أمر له مردود عال يظهر فيما بعد على المدى الطويل.
من جانب آخر يجب على الحكومات أن تنظر بعين الاعتبار إلى الأطراف التي ينبغي عليها المشاركة في تحديد رؤية الحكومة الإلكترونية وكيفية تأمين تصورات تلك الأطراف وآرائها. وبإمكان الحكومات في بعض الدول تنظيم الاجتماعات والندوات العامة أو صناديق الاقتراع للوقوف على آراء المواطنين «وكذلك الشركات والمسئولين».
وفي بلاد أخرى يتم دفع المواطنين والقطاع الخاص إلى اللجان التي تتولى تطوير خطة الحكومة الإلكترونية. كل هذا في جو يغلفه الحوار الجماعي المفتوح الحر.
رؤية تركز على المواطنين
الحكومة الإلكترونية في نهاية الأمر يجب أن تركز على تلبية حاجات المواطنين وتعمل على تحسين نوعية الحياة في المجتمع، هذا هو الهدف الأول والأخير لها. ولو لنا أن نستعير درسا من القطاع الخاص فإن الحكومة الإلكترونية يجب أن تركز على العملاء وتميل ناحية الخدمات هذا معناه إن أي رؤية للحكومة الإلكترونية لابد أن توفر قدرات وإمكانات عالية وأوسع للوصول إلى المعلومات مع توفير خدمات وإجراءات أفضل وأكثر اقترابا من الواقع العملي للمواطنين والشركات على حد سواء، وحتى عندما تخطط تلك الحكومة للارتقاء بالعمليات الداخلية الخاصةبها يتعين أن يكون الهدف النهائي هو دفع الجهات والمؤسسات الحكومية إلى خدمة المواطنين بصورة أفضل وأسرع وأكفأ. وبالطبع هذا الأمر لا يعنى سوى أن هناك ضرورة ملحة للإلمام بالأدوار المتنوعة التي يمارسها المواطنون في مجتمعاتهم فهم شركاء تجاريون وهم دافعو الضرائب وهم أصحاب عمل وموظفون وطلاب ومستثمرون وأصحاب جماعات ضغط!
انشر الرؤية على الجميع
بمجرد الاستقرار على الرؤية الخاصة بالحكومة الإلكترونية من المهم أن يتولى القادة والمسئولون في القطاعات الحكومية وغير الحكومية بنشر تلك الرؤية ومعها الأهداف الرئيسية لها على جمهور المواطنين. هنا لاغنى عن وضع استراتيجية عامة لاتصالات استراتيجية تضمن فهم تلك الرؤية لدى المواطنين وفهم التغيرات التي ستقع، كذلك المزايا والمنافع الملموسة التي ستعود عليهم من الحكومة الإلكترونية. ولتوصيل رؤية الحكومة الإلكترونية ونشرها على أوسع نطاق ممكن من الجماهير، من الأفضل توظيف وسائل الإعلام لأنها من المرجح بصورة كبيرة أن تصل إلى أكبر قطاع من الجمهور المستهدف وبطبيعة الحال تعتمد استراتيجية الاتصالات على الظروف الخاصة بكل مجتمع وطبيعة التطبيقات الخاصة بالحكومة الإلكترونية المطلوب تنفيذها.
رصد الفساد والنظر في عواقبه
إلى أي مدى يجب أن تكون الحكومة الإلكترونية سلاحا ضد الفساد بكافة أشكاله وصوره في المجتمع؟ إلى المدى الذي يشهد فيه المواطنون زيادة الشفافية في التعاملات والسياسات وقبول فكرة مساءلة المقصرين والمفسدين والقدرة على استشراف أفضل الإجراءات والقواعد الإدارية مع وضع كل هذا على رأس الأولويات. ومع كل الحكومة الإلكترونية لا تضمن القضاء على الفساد قضاء مبرما. فالمسئولون الذين يجيدون العمليات التي تستند إلى التقنيات الحديثة بإمكانهم العثورعلى فرص جديدة لاختراق القيود المفروضة على أي محاولات للفساد.
هنا ربما تتسبب الحكومة الإلكترونية في إحداث تغيير على مستوى «الجيل» الذي يمارس الفساد لينتقل إلى المسئولين من الشباب والأكثر إلماما بالتقنيات الإلكترونية الحديثة!
ولعل من أكثر الجوانب حساسية في هذا الموضوع هو تحديد إذا ما كانت مكافحةالفساد الإداري ينبغي أن تكون جزءا من رؤية الحكومة الإلكترونية. يجب على كل مجتمع أن يبت في هذه المسألة بالشكل الذي يناسبه وظروفه ففي الدول التي تحتل فيها قضية الفساد أولوية وأهمية ملحوظتين كما نرى في الدول الناميةعلى سبيل المثال يتعين النظر بصورة متعمقة في هذا الجانب المتعلق بقضية الفساد بمجرد البدء في تحديد رؤية الحكومة الإلكترونية وأولوياتها. وفي حالةالاتفاق على أن مكافحة الفساد جزء من مهامها وأولوياتها. ورؤيتها يكون من الأهمية بمكان تحديد أشكال الفساد الإداري الذي ستسعى برامج الحكومة الإلكترونية إلى التصدي لها وتحديد كيفية تنفيذ آلية المكافحة تلك بصورة محددة دقيقةلا لبس فيها ولا تعميم.
نروج لأهداف الحكومة الإلكترونية من حيث مكافحة الفساد أم لا؟
في حالة إدراج مكافحة الفساد كجزء من رؤية الحكومة الإلكترونية فإن السؤال التالي المهم الذي يبرز هو تحديد الوقت الذي يعلن فيه بدء مكافحة الفساد على الجماهيرالعامة. وفي حالة الإعلان عن هذا كجزء رئيسي من أجندة العمل الخاصة بالحكومة الإلكترونية فمن الممكن تشكيل تحالفات واتحادات وحركات ضغط من شأنها الوقوف في وجه الفساد. لكن ثمة جانب حيوي لابد من الانتباه إليه. الترويج قبل الأوان وبصورة مبكرة لأهداف الحكومة الإلكترونية وعملياتها فيما يتعلق بمكافحة الفساد يفرض مخاطرة تتمثل في ظهور مقاومة عنيفة من جانب المسئولين عن الفساد وهي مقاومة قد تطاول حتى المسئولين الذين يسعون جديا نحو مكافحة الفساد من خلال تأسيس الحكومة الإلكترونية. ثمة بديل في هذا الجانب، فالأفضل وربما الأذكى هو تجنب الحديث عن مكافحة الفساد بشكل مباشر واللجوء بدلا من ذلك إلى ترويج برنامج الحكومة الإلكترونية والتشديد على أن أهدافها تركز على الارتقاء بخدمات الحكومة وزيادة فرص الجذب الاستثماري في البلاد والحد من التكاليف المرتبطة بالنشاط التجاري وتحسين مناخ المنافسة داخل القطاع الخاص المحلي. هنا ستكون مكافحة الفساد هدفا ضمنيا يأتي في سياق تلك الأهداف العامة التي يسعى أي مجتمع إلى تحقيقها.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
هاي تك
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
بورة ساخنة
قضية تقنية
اقتصاد الكتروني
اطفال كوم
نساء كوم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved