الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 12th February,2006 العدد : 149

الأحد 13 ,محرم 1427

الحاسوب... مدفع تقني طليق!!
وُلِد الحاسوب وترعرع بين أيدي القوات المسلحة، وحظي بالشعبية بين أيدي الاقتصاد الاستهلاكي وروَّاده وأفراده، بَيْد أن قيمته الكبرى قد تثبت أنها ليست عسكرية أو تجارية.
يقول جون يونغ: طُبِّقت أجهزة الحاسوب أول ما طُبِّقت على المسائل الرياضية المعقدة التي أراد العسكريون إيجاد الحلول المناسبة لها؛ مثل تفسير الاضطراب الذي توجده الانفجارات الذرية أو التنبؤ بانطلاق قذائف المدفعية.
وفيما بعد وضعت تلك الأجهزة في العمل في المهام المدنية التي تنطوي على إدارة كميات من المعلومات؛ مثل حساب جداول رواتب الشركات الكبرى أو جدولة الإجابات الخاصة باستبيانات الإحصاءات.
طوال ربع قرن ظل ينظر إلى أجهزة الحاسوب كآلات غريبة لا يفهمها ولا يشغلها إلا العباقرة. ولكن أجهزة الحاسوب تغيرت، وتغير كذلك الدور الذي تلعبه، ولم تعد حكراً على فئة الفنيين، وبدأت في تحقيق أغراضها كأجهزة تنظيم في عصر تخمة المعلومات.
وعلى أية حال، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار التكاليف البيئية والإنسانية الخاصة بإنتاجها واستخدامها. والتكاليف التي تُدفع من أجل حوسبة العالم تكاليف كبيرة؛ فقد أصبحت هذه الأجهزة المستهلك الرئيس للكهرباء في الدول الصناعية.
إن صناعة أجهزة الحاسوب التي تنامت على وجه السرعة حتى غدت واحدة من أكبر الصناعات وأقواها في العالم لها آثارها البيئية، وإذا كان لهذه الآلات أن تساعدنا على إقامة المجتمع المستديم فإنه ينبغي التصدي لجميع هذه المشكلات البيئية.
إن أحد الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بآثار أجهزة الحاسوب وإنتاجها هو أن كلاً من تقنية الحاسوب والصناعة الحاسوبية قد تطورتا بمعدلات مذهلة. وتتركز أجهزة الحاسوب بكثافة في الدول الصناعية، وتقدر قيمة الصناعة الحاسوبية بما في ذلك البرامج بـ360 بليون دولار في العام في العالم.
ويختلف قطاع الحاسوب بصورة مميزة عن الصناعات التقليدية؛ لأن صغر حجم منتجاته وقيمتها العالية تجعل شحنها أرخص عند نقلها مسافات بعيدة، ولأن الاستعمال واسع الانتشار لأجهزة الحاسوب في الاتصالات الدولية أعطى الشركات المصنعة مرونة تحديد مواقع الإنتاج.
إن الحاسوب هو مدفع تقني طليق؛ فهو جهاز له قدرات هائلة على تغيير الصحة البيئية والاقتصادية للأفضل أو للأسوأ. ومن الملاحظ أننا لا نفهم سوى القليل عن الأنظمة البيئية لكوكبنا أو عن ملايين أنواع الكائنات الحية التي تكوِّن هذه الأنظمة؛ إذ يقدم الحاسوب قدرة هائلة على جمع المعلومات وتخزينها وتنظيمها التي يمكن أن تساعدنا على فهم البيئة العالمية من خلال المراقبة والتمذجة. وأحد أشكال المراقبة الصناعية هو متابعة التلوث؛ أي التعرف على أي المواد السامة التي يجري إطلاقها، وفي أي الأماكن، وبأي كميات، ومِنْ قِبل مَنْ.
وبالإضافة لقدرة أجهزة الحاسوب على تقديم وسيلة فعالة لخزن المعلومات واسترجاعها فإنها تستطيع تسريع عملية جمع هذه المعلومات وتيسيرها. إن مجموعة منوعة واسعة من البيانات المهمة بيئياً لا زالت قليلة؛ فقد جاء في دراسة أجراها معهد الموارد العالمية أنه لا توجد هناك مراقبة عالمية لتدفقات التلوث عبر حدود الدول أو للإشعاعات فوق البنفسجية أو المطر الحمضي.
وإضافة إلى قدرات الحواسيب فإنها تساعد على تصميم سلسلة واسعة من المنتجات ذات الآثار البيئية المنخفضة. وتقدم شبكات الحاسوب الموارد الهائلة والمعلومات الشاملة زهيدة الثمن، ولكن الموثوقة، في متناول يد المواطنين العاديين، وتسمح للناس بتمحيص مجموعات كبيرة من البيانات البيئية بحثاً عن المعلومات التي يريدونها.
إن إنتاج الحواسيب ليس بالنظافة التي توحي بها المواقف المخضرة؛ إذ تستخدم الصناعة الإلكترونية عدداً كبيراً من المواد السامة أو التي تعرض البيئة للخطر، والتي يتسرب الكثير منها إلى مواقع العمل والبيئة. كما لم تقم أجهزة الحاسوب بالحد من الآثار البيئية لأولئك الذين يستخدمونها.
وقد صاحب الآثار البيئية لأجهزة الحاسوب آثار جسمانية على الذين يستعملونها؛ فآلاف الناس يعانون الآن من التهابات الرسغ، كما أن التحديق في شاشة الحاسوب ساعات طويلة يسبب مشكلات في الرؤيا. هذا إضافة للإصابات المرتبطة بقضاء ساعات طويلة أمام لوحة مفاتيح الحاسوب.
وختاماً، أقول: منذ البداية كان الإنسان ولا زال صانع أدوات، وتكمن أهمية أي أداة لا في سحرها التقني بل في كيفية استخدامها.


د. زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء
عضو جمعية البيئة السعودية

..... الرجوع .....

العنكبوتية
الاتصالات
وادي السليكون
الالعاب
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
معارض
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved