الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 13th July,2003 العدد : 29

الأحد 13 ,جمادى الاولى 1424

هل يصبح الكمبيوتر "خير جليس"؟!!
الكتاب والإنترنت في "حلبة" المصارعة
أنصار الكتاب الورقي:
التصفح على الشبكة يلغي متعة البحث ويضيف أفق الباحث

في ظل التقنية العالية التي يشهدها العالم بأسره اليوم، ووسط التغيرات المتتالية وعصر السرعة، تجاهل العالم الكتاب واتجه إلى الإنترنت باعتباره وسيلة تختصرالمسافات والأزمنة، وتوفر كل ما يحتاجه المرء، من هنا برزت المعادلة الصعبة بين الإنترنت والكتاب.والأسئلة التي تفرض نفسها الآن: هل يغني الانترنت عن الكتاب الورقي؟ هل أصبح الكتاب الرقمي هو البديل؟ ما هو التأثير المباشرعلى سلوك الإنسان وخصوصا في مجال نشر الكتب الأدبية وغيرها؟. في هذا العصر ارتبطت المعلومات بالكمبيوتر والإنترنت.. وتخلت عن الكتاب. الإنترنت يقدم المعلومات... ولكن الكتاب يعلم فن القراءة. الحقيقة أنه لا يمكننا إغفال ما حققته التكنولوجيا بهذا المجال وما يقدمه لنا العصر الحديث من خدمات وتسهيلات جعلت من الحصول على المعلومات المختلفة أمرا سهلا للغاية ومتاحا للجميع شريطة أن يكتسب الأفراد القدرة على التعامل مع هذه التكنولوجيا المتقدمة.
لقد أصبحت مسيرة التكنولوجيا الآن ومنذ نصف القرن الأخير من القرن العشرين سريعة ومتنوعة، فظهور الكمبيوتر أو الحاسبات خلال الثلاثين سنة الماضية كان بداية لعصر جديد، وهو ما أطلق عليه "عصر الإنفوميديا". يختلف الناس في نظرتهم لتقييم الواقع العصري للمعلومة سواء بطريقتها التقليدية أو الحديثة ما بين مؤيد ومعارض لطريقة اكتساب المعرفة الجديدة، فهناك من يرى أن الإنترنت يسهل عملية الحصول على المعلومات، فبمجرد نقرة على الشبكة العنكبوتية ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه الأرض، ويقرأعن أي موضوع يشاء بأي لغة يفهم، الأمر الذي يؤكد مقولة "ثقافة بلا حدود" ذلك ما يجعل القارئ والباحث يستسيغ عملية اكتساب المعرفة عن طريق الإنترنت وهذا ما يجعله أيضا يفضل تلك الوسيلة على الجلوس لساعات طويلة يبحث فيها بين طيات الكتب من أجل استخلاص المعلومة التي يريدها.
وقد ساعد في ذلك أيضا رخص ثمن الاتصالات بل ومجانيتها في أغلب الأحوال، مما يجعلها متاحة للجميع ولا مجال لاحتكارها من قبل الشركات ودور النشر الاحتكارية، هذا بالإضافة إلى إشراك كافة الناس بمختلف مستوياتهم الفكرية في مجال المعلومات وتسهيل قدرتهم على الحصول عليها، كما أن اكتساب المعلومات عن طريق الإنترنت يعطي القارئ حرية الانتقاء والمقارنةمن خلال الاطلاع السريع على العديد من المصادر المختلفة الرؤى والخلفيات، ثم يستخلص لنفسه النتيجة التي يراها أقرب إلى الحقيقة فضلاً عن توفير الوقت والجهد حيث تمكن شبكة الإنترنت المستخدم من الوصول إلى المعلومات في الوقت الذي يريده وبالشكل الذي يحدده أيضا، ولا تخفى قيمة ذلك في عصر السرعة والتخصص الذي نعيشه،، ولا يجب أن ننسى أيضا إسهام مجانية الدخول إلى الشبكة العالمية، الأمر الذي يعتبر ميزة كبيرة في مقابل ارتفاع سعر بعض الكتب وبالتحديد المتخصص منها مما يجعلها صعبة المنال أحيانا في مقابل ذلك نجدالإنترنت مجاني أو شبه مجاني في العادة.
الأقراص الممغنطة
تأتي تكنولوجيا المعلومات بوسائل أكثر تطورا للحفاظ على المعلومة وذلك ما يتمثل في الأقراص الممغنطة والاسطوانات وكذلك الأقراص الصلبة.
ولا يخفى على البعض أن عشرات الكتب يمكنها أن تخزن على اسطوانة واحدة حتى أن الموسوعة البريطانية قد حصرت كتبها الكبيرة في عدد قليل من الاسطوانات تلك الكتب التي كانت تملأ جدران المكتبات الكبيرة في السابق الأمر الذي يعد تسهيلاً لحفظ المعلومات وسهولة تداولها وسرعة انتشارها.
المادة المسموعة والمشاهدة وتكنولوجيا الانترنت لها روادها ومحبوها بحكم تفوقها المنقطع النظير على الكتاب التقليدي بفضل المميزات المصاحبة لهذه التكنولوجيا.. فطريقة عرض المعلومة عبر الانترنت تكون شيقة ووافية بالغرض في نفس الوقت كذلك فإن الحصول على المعلومة ضرورة أكيدة لأي دراسة أو بحث او حتى عمل ميداني حيث ان كل تجربة أو عمل لابد ان يصاحبه عمل أو خلفية دقيقة تشكل البنية التحتية لانطلاقة أي عمل.. وهنا تبدأ عملية البحث وغالبا ما يلجأ الفرد الى أسهل الطرق وأوفرها وهي المكتبة الالكترونية فهي وسيلة دقيقة وواضحة وسهلة توفر المعلومات بطريقة سريعة جدا ومصنفة في ذات الوقت مما يؤدي الى توفير الوقت والجهد فضلا عن كونها عمليات سهلة جدا فهي لا تتطلب سوى جهاز موصول بشبكة الانترنت وفي أي مكان سواء في مقر العمل "المكتب أو البيت" أو حتى في أحد النوادي والمقاهي.
معلومات متجددة
ولعل ما يجذب المستخدم للإنترنت أيضا هو أن المعلومات المتاحة على الشبكة دائما ما تكون متجددة ودائما ما تقدم أحدث الأخبار في كل المجالات فإذا أراد الفرد أن يطلع على آخر الأخبار في المجال الصحفي مثلا فإن بإمكانه الدخول على المواقع الإخبارية أو الدخول على مواقع الجرائد الصادرة في كل الدنيا وبكل اللغات، وندرك الفرق بين ذلك وبين محاولة الشخص الحصول على مثل هذه المعلومات عن طريق الصحف العالمية المقروءة في شكلها الورقي فقط إذا حاولنا معرفة أسعار هذه الجرائد العالمية ناهيك عن كونها تصل في وقت متأخر بالنسبة لهذا العالم المتسارع والحديث هنا عن الوطن العربي حيث يجب على المرء الانتظار ليوم أو يومين للحصول على آخر أعداد جريدة كذا أو كذا بينما يمكنه الاطلاع على الأحداث وقت حدوثها عن طريق الإنترنت.
هناك أيضا جانب مهم يخص الباحثين والعلماء في العالم ككل وهو سهولة التقائهم ببعض على الشبكة وتبادل الحوار والأفكار التي تساعد على التقدم والتطوير في المجالات العلمية بشكل كبير، وأقصد بذلك وسيلة المحاورات وخواص ال Conferences & Forums التي تمكن المستخدم من الالتقاء بالعلماء والباحثين العالميين والاستفادة منهم.
وجهات نظر
أما من يرون أن الكتاب لا يزال يتربع على عرش الثقافة والمعلومات فإن لديهم وجهات نظر مختلفة فيرى البعض أن الكتاب سهل التداول ويسهل التنقل به في أي مكان بدون أية تكلفة.
أما الإنترنت فتكلفته غير قليلة خاصة عند ذوي الدخول القليلة ومن لا يستطيعون الحصول على أجهزة كمبيوتر خاصة كما يرى البعض أن الحصول على المعلومات من شبكة الإنترنت يشبه الوجبات السريعة حيث يلجأ الشخص اليه لاخذ المعلومة المختصرة والسريعة كما أن التصفح على الشبكة يلغي متعةالبحث العادي عن المعلومات بين الكتب والتعامل مع المكتبات وما ينتج عن ذلك من اتساع أفق الباحث وتنوع اهتماماته.
وعلى صعيد آخر فإن الاستخدام المستمر لشبكة الانترنت له اثاره السلبية كذلك فهو على صعيد الصحة العامة وسيلة مؤذية للعين والاعصاب وضغط الدم.
أما على المستوى الاجتماعي فهو وسيلة تؤدي الى العزلة والانطواء الاجتماعي فغالبا ما يلجأ الافراد الى الانعزال في مكاتب مغلقة أو غرف خاصة مقفلة ويطلب الشخص عدم الازعاج مما يؤثر على العلاقات العامة بخلاف المكتبة العامة.. كما ان المكتبة الالكترونية رغم ايجابياتها قد تعكس في بعض الاحيان رأي الموقع أو المؤسسة المصدرة أكثر من طرحها للمادة بطريقة علمية بحتة كما ان هناك مخاطرة من ناحية نقل بعض المعلومات الخاطئة فهي سريعا ما تنتشر وتؤدي الى ايجاد اشكاليات عديدة انطلاقا من استخدامها بطريقة أسرع.. منذ عملية تصحيحها.. بخلاف المادة المطبوعة كما ان المكتبة عنصر مادي مضمون الوجود مقارنة لما تتعرض له الشبكة من عمليات قرصنة أو اعطال مما يؤدي الى ايقافها بعض الوقت وتظهر هذه المشكلة بوضوح في حالة قطع الوصلة مؤقتا مما يجعل الباحث هنا صفر اليدين دونها. إن للكتاب قيمة معنوية أكثر من الانترنت فعندما يقبل المرء على شراء كتاب ما فهو في ذات الوقت يعلم محتوياته.
أما الانترنت فشتت ذهنية الباحث عبر المواقع فعندما يبحث المرء عن المعلومة في احد المواقع تعرض عليه قائمة مواقع اخرى هو في غنى عنها لان هذا يدفعه الى دخول مواقع قد لا تمت لموضوع البحث بصلة مما يضيع الوقت ويشتت الذهن.
ثقافة الأطفال والإنترنت
بينما تعتبر ثقافة الانترنت أعجوبة تكنولوجية فإن هناك من يرى بأن استخدام الانترنت له تأثير سلبي على الأفراد ومهارتهم الاجتماعية ففي دراسة حديثة أجريت في جامعة كيرنج ميلون استنتج أن استخدام الانترنت يؤدي الى نسبة صغيرة (ولكن ذات مغزى احصائي) في الشعور بالبؤس والوحدة وانخفاض عام في الشعور النفسي الصحي، وقد تبين ان الأشخاص الذين يقضون أوقاتا كثيرة في استخدام الانترنت أكثر مما يقضونه مع عائلاتهم قد أصبحوا يحتفظون بأصدقاء أقل بالإضافةإلى كثرة شكواهم من الضغوط اليومية وشعورهم أكثر بالوحدة والاحباط.
وكل هذا يحدث بالرغم من أن الاتصالات الشخصية كانت السبب الرئيسي الأهم لاستخدام الانترنت، وفي إحصائية عامة وجد أن أغلبية الأهالي في المنازل التي تملك أجهزة الكمبيوتر يخشون من تأثير الانترنت على أطفالهم.
وبالرغم من ذلك فإنهم مازالوا يعتقدون بحاجة إلى الإبقاء على شبكة الانترنت حيث انهم يقررون أن من فوائدها اكتشاف أشياء مفيدة وأيضا المساعدة في أداء الواجبات المدرسية، واستجابة لإحدى الاستبيانات بخصوص تأثير التكنولوجيا على العلاقات الشخصية والاتصالات، فإن أكثر المشاكل المحتملة التي تم ذكرها كنتيجة لاستعمال الاتصال الالكتروني في شكل البريد الالكتروني ومجموعات النقاش وغرف المحادثة، فإن كثيراً من الذين تم استبيانهم تحدثوا عن الطبيعة الانعزالية لهذه الطرق والاقتصاد الى المواجهة وجها لوجه كعامل يسهم في الشعور بالوحدة والانعزالية.
مزيد من القلق
لقد وجد أن المراهقين أكثر استخداما للانترنت من غيرهم فبينما يتجه البالغون الى استخدام الانترنت كجزء من عملهم أو للحصول على معلومات مرتبطة بالعمل فإن المراهقين يستخدمونها في الألعاب أو الموسيقى وللتعرف على أشخاص جدد إن هذا الاهتمام بصفة خاصة قد سبب مزيداً من القلق لدى التربويين حيث يعتقد أن مستخدمي الانترنت سوف يفقدون الذكاء والمهارة والقدرة على إقامة علاقات اجتماعية في العالم المادي.
إن هناك الكثير من الذين يرون أن الاعلام والتكنولوجيا مثل التلفزيون والافلام قد أفسدت قيم الشباب ومهاراتهم ومن وجهة نظرهم فإن الانترنت هو المتهم الأول في هذا البلاء بما له من قدرة أصيلة في جذب الانتباه.
الجانب الاجتماعي
عندما نفكر بالأبناء والكمبيوتر فإن صورة الساعات اللانهائية من الوقت المهدر تؤدي الى المخاطر، ورغم ذلك فإن هناك العديد من الأطفال والشباب الذين يتفاعلون من خلال النت بشكل إيجابي ومنتج.
يقول أحد القائمين على إصدار مجلة تصدر على الإنترنت ان المجلات على النت هي منتديات تخيلية والتي من خلالها يستطيع الشباب أن يكتبوا ويعرضوا آراءهم، ويعتبر هذا الشكل شكلا مجانيا يسهل الوصول اليه كما يلغي الحاجة إلى الطرق القديمة مثل الطباعة والتوزيع، ومثل هذه المجلات تعتبر وسيلة جيدة للشباب لكي يعبروا عن أنفسهم بالإضافة إلى أن مثل هذه المسألة تستطيع أن تساعد المؤيدين للتكنولوجيا الثقافية على مقاومة المعادين لها، وبالرغم من ذلك فإن هناك القليل من الشك بأن يصبح الأطفال مع مرور الوقت أسرى للفرص الجوهرية التي تقدمها تكنولوجيا الكمبيوتر والانترنت، وهذا قد يأتي أحيانا على حساب النشاطات الصحية مثل أداء الواجبات المنزلية والتفاعل الاجتماعي الطبيعي، وبالرغم من أن معظم الأطفال يقومون بتصحيح هذا بشكل فطري فإن الآباء والتربويين يجب أن يلاحظوا علامات إساءة الاستخدام، وقد أوصت دراسة صادرة عن مركز الإدمان للإنترنت. بأن يراقب الأهل ويحددوا أوقات استعمال الأطفال للانترنت وفي المقابل لا بد من تشجيع الاندماج مع الأهل وذلك عن طريق وضع الكمبيوتر في غرفة المعيشة وليس بأي حال من الأحوال في غرفة الأطفال.
ومهما كانت ردة الفعل فإن الأهل والأبناء يجب أن يعملوا معا لتحديد المشكلة التي هي أيضا مسؤولية المدرسين كي يقوموا بإدراج التكنولوجيا في خطة الدراسة، ولكن يجب النظر الى الكمبيوتر على أنه أداة إضافية في العملية الاضافية وليس أنه حل لجميع المشاكل.
البحث والاتصال
بالرغم من التحذير فإن البحث يبين بأن الأطفال في حالة جيدة بالتأكيد فإن الكمبيوتر يخدع ويؤثر وأن الانترنت بالتأكيد يفتن بما له من قدرة على البحث والاتصال، ولكن عموما يمكن اعتبار التكنولوجيا محسناً إيجابياً للنمو.
فعندما يكون الأبناء على الانترنت فإنهم يقرأون ويفكرون ويحللون وينتقضون ويثبتون تكوين أفكارهم، ويستعمل الأطفال الكمبيوتر للنشاطات التي تتماشى يداً بيد مع مفهومنا لمرحلة الطفولة، أنهم يستخدمون الكمبيوتر للعب والتعليم والاتصال ويكونون علاقات تقليدية مثلما يفعل دائما.
جيل النت
لا بد هنا من إطلاق تحذير إلى أرباب الأسر من مغبة الاهمال في مراقبة الأبناء وتوجيههم توجيها سليما خاصة في ظل التعامل غير المقبول من البعض مع شبكة (الانترنت) وما يترتب على ذلك من أخطاء قد تؤدي إلى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها هذه النتائج التي تشمل الهروب من الحياة العامة والاكتئاب والأخطر من ذلك مثل محاولة الانتحار والقلق والانفصال العائلي والحرمان من الدراسة وغيرها نتائج واقعية وحالات مؤلمة تلزم أربابه ضرورة التعامل مع الواقع بعقلانية.
النقلة الحضارية
يعيش الشباب في المجتمعات العربية نقلة حضارية يواجه فيها اختلافا في مستويات التوجيه والإرشاد والمتابعة من أولياء الأمور وأرباب الأسر فالفرد في السابق كان يعيش في جو من التوجيه الديني والاجتماعي والأسري القائم على إرث تاريخي واجتماعي ونفسي يطابق ويوازي حجم المجتمع أما الآن ومع الانفتاح أصبح الفرد في المجتمع بين نوعية من التوجيه المحلي والخارجي وكل منهما يحمل الكثيرمن القيم والعادات والتقاليد والسلوك والأخلاقيات المختلفة عن بعضها البعض.
إن هذا المنتج الثقافي (الإنترنت) الذي أوجده عقل الإنسان لم يتم التعامل معه بالصورة التي يجب ان تجعل من العالم قريبا من الشخص، وهذا بطبيعة الحال نابع من فهم المجتمع والأسرة والفرد أو عدم الفهم لمحتوى المادة الثقافية الموجهة كما أن عدم الفهم نفسه يعتمد على طريقة تعامل الأسرة مع الأبناء فبين الشدة وعدم الاكتراث أو السهولة يقع الكثير من الأفراد في أخطاء اجتماعية قد تنهي حياتهم فمثلا من كان متشددا مع ابنائه في التربية وطريقة التعامل مع أفراد الأسرة والآخرين من أبناء المجتمع ويستمر هذا التشدد مع الشاب أو الطفل إلى مرحلة عمرية معينة يبدأ بعدها الطفل أو الشاب باكتشاف نفسه ويشعر بمن حوله ويقارن أوضاعه بالآخرين.
ومن ثم يبدأ بمشوار المستقبل الذي يكون عبارة عن جملة (عظيمة) من الأخطاء نتيجة الحرمان أهمها الاستخدام السيئ للإنترنت.
وقد يكون نتيجة ذلك هروباً من الحياة العامة والعزلة الشعورية التي قد تمكنه من أن يسلك طريقا مناقضا وهذا بلاشك نتيجة أسلوب التربية الخاطئ المتشدد.
الإبداع والإنترنت
عندما نتحدث عن الإبداع. والمقصود به الإبداع في الكتابة فإن وجها آخر يظهر للمشكلة التي نتحدث عنها بالنسبة للتكنولوجيا فالإبداع هو أمر يمس بشكل خاص الروح الإنسانية والفكر الإنساني والذي يبتعد إلى حد كبير بالأجهزة والطابع المعدني الجامد للآلة.
فكيف يرى الفرد المبدع نفسه في ظل هذه الحضارة التي لا شك تأخذ من روحه وطبيعته الإنسانية؟ وهل يسعى المفكرون والكتاب للحاق بركب الحضارة أم ما يزالون ينظرون إلى هذه المسألة بأنها بعيدة عنهم ولا دخل لهم بها؟.
والحقيقة أنه بينما يلهث الكل من أجل اللحاق بركب الحضارة إلا أن أكثر المبدعين في الوطن العربي قد أصابتهم الريبة من هذا القادم الجديد مما جعلهم يخشون على أنفسهم وإبداعهم من سطوته بل أنهم يتمادون عندما يبتعدون في تصنع عن استعمال جهاز الكمبيوتر، ولا يزال الكثير من الكتاب يجدون في الطريقة التقليدية، القلم والأوراق أصالة الإبداع وروح الإلهام في حين لا يستطيعون التعامل مع الأجهزة بل أن منهم من يرون أنها تبعد عنهم الروح الفنية التي يستمدون منها أفكارهم.
والسؤال الذي يطرحه الكثير من الأدباء والمفكرين هو كيف تتواصل مع آلة؟ وهل يمكن لهذا الصندوق المعدني المحشو بالرقائق الإلكترونية أن ينقل الأحاسيس ويترجم مشاعرك الداخلية مع نفسك دون الرفيق التاريخي الورقة والقلم؟ هل تمنحك برودة المعدن وحرارة الإشعاع الدفء والأمان وقت البوح؟ هل تعتني الآلة بكتابتك أم أنها مكان جامد، بارد يستقبل نصوصك مثلما تستقبل النزل الرخيصة رواد الطرق الغرباء آخر الليل.
إن الكثير من المؤلفين يشعرون بسطوة القلم والورقة على حياتهم بحيث يرون أنهم من يملون عليهم أفكارهم فكيف لهم إذا الاستغناء عنهم؟.
الإفلاس المعلوماتي
يشعر البعض بالإفلاس والخسارة المعلوماتية الكبيرة التي يصاب بها نتيجة عدم تعامله مع الإنترنت والوسائل التقنية الأخرى، وفي رأيهم أن التطور قد لحق بكل مظاهر الحياة المختلفة فلماذا يبقى الأديب وهو المبدع الحساس بعيدا عن هذه التغيرات الحيوية والتي ستنعكس بإيجاب على كتاباته وتنقله إلى فضاء أرحب؟ إن الكاتب ليشتكي غالبا من القارئ العربي ومن تكاسله ونفوره وانقياده خلف الاستهلاك في أبشع صوره، والأديب محق في أغلب الأحيان، ولا بد أن نتصور كيف أن كاتبا عربيا لا يبيع من كتبه أكثر من ثلاثة آلاف نسخة في بلد مكتظ بالملايين من السكان.
وهو يشتكي أيضا من تكلفة الطباعة أو جبروت الناشر ويتذمر كثيرا من وسيلة النشر وفاعليتها يكفي فعل الرقابة في خنق أي إبداع وفي القضاء على أعمال مهمة ومنعها من التداول، ورغم كل هذه الاحباطات لا يفكر الأديب في خيار آخر الإنترنت هي ثورة معلوماتية بما تعنيه الكلمة من معنى وتحمل خصوصية لا يمكن للكتاب أن يوفرها والعكس صحيح.
هذا لا يلغي أبدا دور الكتاب الريادي في نقل المعرفة والتعريف بالثقافات ونشر الوعي الاجتماعي والسياسي لقد أصبح الإنترنت حلقة اتصال فريدة من نوعها تمكن الأديب من النفاذ بكل يسر وسهولة إلى القارئ العربي والأجنبي في كل أقطار العالم.
الإنترنت مثله مثل أي منتج حضاري حديث يحمل بين طياته الطيب والخبيث الجيد والسيئ والأديب بتفكيره الحر الخلاق قادر على التفريق بين كل ذلك واستغلال المصلحة لفائدته، ويجب عليه أن يفترض الشيء ذاته مع القارئ أو المتلقي في عملية الإنترنت.
قد لا يدري معظمهم ما يمكن للإنترنت أن يفعله بالنتاج الإنساني عندما يكون عنصر جذب لعدد أكبر من القراء، ومحور جميل للتواصل والحوار الخلاق بين الحضارات لماذا التخوف إذن؟ لماذا الحكم التعسفي بعدم جدوى هذا المنتج الجديد بالرغم من أن العالم قد تحول بالفعل إلى قرية صغيرة تكون في تناولك وأنت جالس أمام جهاز الكمبيوتر تنتقي ما تشاء من الفكر أو التسلية أو الاهتمامات دون أن تبذل العناء الكبير؟، ولعل المجال الوحيد الذي لا يمكننا أن نتكلم فيه عن العزلة كأحد مساوئ الإنترنت هو مجال الأدب.حيث إن الأديب هو الوحيد الذي يفضل الاختلاء بنفسه من أجل إنجاز عمل إبداعي أو حتى للتزود بالقراءة.
الكتاب خير جليس
لا شك أن الحضارة والتكنولوجيا تؤثر علينا بشكل كبير بل وتغمر حياتنا بشكل لا نستطيع الخلاص منه، وشئنا أم أبينا سوف يأتي اليوم الذي نرى فيه الآلة الإلكترونية تحيط بنا من كل جانب، إن لم يكن قد أتى هذا اليوم بالفعل، وإذا كنا لا نزال نرى في الكتاب جليسا حتى الآن فذلك لأن منا من لم يدخل التكنولوجيا في حياته بشكل كامل إما لعدم القدرة المادية أو عدم الوعي الكامل أو بسبب ضعف المستوى الثقافي عند البعض.
ولكن في النهاية تبدو أفكار مثل كون الكتاب رفيقا في أي مكان وزمان قديمة ومتأخرة بعض الشيء حيث إن عامل الاتصالات لم يجعل هناك بعيداً ولم يجعل هناك حدوداً، لقد أصبح من الممكن لشبكة الإنترنت أن تكون جليسا هي الاخرى في أي مكان وزمان، في الحل والترحال، وكل ما يعيق المسألة هو عدم وجود التكنولوجيا المتقدمة بشكل كاف في الوطن العربي.
مسار الحضارة
لا يعني ذلك أن الآباء يجب أن يغيروا من سياستهم تجاه أبنائهم وتجاه ما يرسمونه من مسار ثقافي لهم، من الرائع أن يبقى الجيل الجديد داخل مسار الحضارة الجديد فهم أمل المستقبل وعتاده، ولكن فكرة الكتاب بشكل مجرد تبقى هي المنبع الحقيقي للثقافة والمعلم الاول رغم اختلاف العصور والأجيال، سوف يظل الكتاب الباعث الأول على حب المعرفة في نفس الطفل ودون منازع، وبالرغم من وجود كل تلك الوسائل الأخرى يجب أن يتعلم الأولاد منذ نعومة أظافرهم حب امتلاك الكتاب وانتقاء المعلومات التي يحصلون عليها.
تلك المعلومات التي تعتبر البنية الأساسية في صياغتهم الفكرية وفي تشكيل ثقافتهم الخاصة فقبل أن نطلع أولادنا على المعلومات والثقافات المختلفة والمتباينة والموجودة على شبكة الإنترنت لا بد لهم من التعرف على الحضارة التي نشأوا فيها وذلك من خلال ما نقدمه لهم من معلومات أولية لا يمكن أن تكون في أي مكان آخر سوى الكتاب.
وإذا كانت شبكة الإنترنت تقدم كما هائلا من المعلومات في كل المجالات فإن الكتاب هو من يعلم فن القراءة وكيفية انتقاء المعلومات.
أنصار التكنولوجيا:
المكتبة الإلكترونية
كيف ينظر المبدع للنشر الإلكتروني وهل يتخلى عن كاتم أسراره؟!!
المعلومة التكنولوجية متجددة ومصنفة تحت شعار"ثقافة بلا حدود"

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
هاي تك
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
بؤرة ساخنة
قضية تقنية
اقتصاد الكتروني
اطفال كوم
الطب والتقنية
امال . كوم
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved