Telecom & Digital World Magazine Sunday15/07/2007 G Issue 216
رؤى
الأحد 01 ,رجب 1428   العدد  216
 
الجيل الثالث

 

 

الصدمة التي سببتها الثورة التكنولوجية بين جيلين متفاوتين بقدر كبير في طريقة التعاطي مع المؤثرات المحيطة ادت إلى اتساع كبير وفجوة بين التفكيرين وردني الفعل من هذه التقنية ففي السنوات الماضية كان المجتمع يصطدم مع التقنية بشكل يحد من حريتها، ويؤخر كثيرا من قبول المجتمع لها بل ويفرض النظر لها ولمن يقتنيها بنظرة مقيتة تخرجه من المجتمع والتجارب والذكريات في هذا المجال كثيرة، أما اليوم والتقنية تكب جديدها كبا وخصوصا تلك التقنية التي تؤدي في منتهاها إلى الانفتاح والتواصل مع الآخر أيا كان هذا الآخر، فقد أخذت التجربة منحى آخر فكل هذا الكم الهائل من التقنيات المتسارعة أسهم في توسيع الهوة بين جيلين متقاربين بحساب السنين متباعدين بحساب البايت والكيلوبايت، وأسهم في زعزعة أواصر التفاهم ونقاط الالتقاء ما بين الآباء وأبنائهم فالأب لا يستطيع فتح باب التمحيص لأمر يجهل فيه الكثير من جهة وينهمر بغزارة من جهة أخرى، وبين انه لا تقاوم نفسه ولا تكبح جماحها في الانبهار بالجديد (الكثير) فأصبح الحال كقول شاعر الجيل القادم:

تكالبت الظباء على خراش

فما يدري خراش ما يصيد

أنا هنا لن أتحدث عن ضرر أو نفع التقنية أو عن تطويعها لأني قد تحدثت عن ذلك في مقالات أخرى لكن حديثي هنا يتركز على ردم الهوة التي تتسع باتساع نطاق الثورة التقنية ما بين الآباء وأبنائهم وخصوصا جيل الشباب اليوم الذي يعيش صراعا كبيرا تتجاذبه قيم وعادات المجتمع جيدها وسيئها، وسلطة الباء وعدم استيعابهم لطريقة تعاطي الشباب مع هذه الثورة وربما في بعض الأحيان مع التقنية ذاتها، ما أدى إلى نوع من الانفجار والتمرد على القيم المجتمعية والتربوية من فئة الشباب التي ضاقت ذرعاً بقيود فرضتها المنطقية أحياناً والجهل أو العادات البائدة أحياناً أخرى، وعادة فالانفجار لا يولد إلا الضرر لأن طاقته تتبدد في تحطيم وإتلاف ما جاورها.

ويبقى السؤال كيف تقارب بين وجهات النظر لتخدمنا حكمة الآباء وطاقة الشباب فتوجد جيلا ثالثاً يمسك التقنية بمقودها ويطوعها في تفريغ طاقته ممزوجة بحكمة من سبقوه وقيمهم الصحيحة؟

ولست أرى الطريق لذلك إلا من خلال الاهتمام بالجيل الأول الذي يجد نفسه يتحطم يوما بعد يوم أمام مفاجآت التقنية ويخسر كثيراً من هيبته وقدراته التي كان يعتز بها يوما ويفاخر بها أبناءه الذين كانوا يرون فيه القدوة والمثل؛ وبين عشية وضحاها أضحى يرى نفسه منعوتا بالجهل والرجعية والأمية من أبنائه ذاتهم الذين وجدوا في التقنية بحراً خاضوه دون مرشد ولا دليل فغرقوا في لجته، وكذا الاهتمام بجيل فتحت أبواب شهيته للتقنية على مصراعيها فالتهم الأخضر واليابس، وتنشئة جيل ثالث يعي الاستخدام المتزن والأمثل للتقنية.

أجيال وجب الاهتمام بها ودمجها مع معطيات العصر وتقنياته لكسر حاجز الكرة والهيبة من التقنية عند الجيل الأول وكبح جماح الاندفاع الأعمى عند الجيل الثاني، والسير بخطى واثقة متزنة في عالم التقنية لجيل ثالث أرثى حاله وحال نفسه فما زال رمز التقنية (الحاسب الآلي) في مقرراته مادة (فقط).

almdwah@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة