الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 16th July,2006 العدد : 171

الأحد 20 ,جمادى الثانية 1427

الحاسب الآلي في الاختبارات (1 - 2)

* بقلم: الدكتور خالد بن عبدالعزيز الدامغ*
* عرض: عادل حماد أبوعِزَّة
شاع خلال السنوات القليلة الماضية من هذا العقد استخدام مصطلح (الفجوة الرقمية) للدلالة على الفروق الشاسعة بين الأنظمة المألوفة في المجتمعات المتقدمة علمياً، وبين ما هو شائع في المجتمعات النامية. وبتفسير أكثر وضوحاً هذا المصطلح يدل على الهوة في تباين المعرفة بتقنيات وخدمات المعلومات الرقمية والمحوسبة. والقدرة على توظيفها وإنتاج برامجها بين المجتمعات المستخدمة لمثل هذه التقنيات وبين من يفتقرون إلى المعرفة عنها فضلا عن العمل على استخدامها. ومن أمثلة هذه الفجوة المتعلقة بالمجتمعات العربية أنه وفق أكثر التقديرات تفاولا هناك 6% فقط من سكان العالم العربي يستخدمون الإنترنت حالياً. في حين أن استخدامها يشيع مثلا بين 62% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية. كذلك لا يصل المحتوى العربي المعلوماتي على الشبكة العالمية إلى 1% بينما يمثل المحتوى الإنجليزي 68% منها. ومن مظاهر ومن مظاهر هذه الفجوة الرقمية أيضا ما بدأ شيوعه مؤخراً من توظيف الحاسب الآلي في المجال التعليمي ليكون قناة اختبارية تعتمد عليها عدد من الجهات التعليمية في الدول المتقدمة. في حين لا يزال هذا التطور التقني غير معروف لدى الكثيرين في العالم العربي.
ضمن هذا الإطار تدور اهتمامات أرجاء العالم اليوم بما فيها المجتمعات المتقدمة، بهدف استثمار دور التقانات الرقمية في تفعيل آليات النظم الإنسانية ومن أهمها البرامج التعليمية. فالاتحاد الأوروبي مثلا أقر في عام 2000م مبادرة تدعى (تصميم تعليم الغد - التعليم الإلكتروني) والتي تهدف إلى استخدام التقنيات الرقمية من الحواسب والوسائط المتعددة والإنترنت لتحسين نوعية التعليم.
وهي جزء من (الخطة التنفيذية لأوروبا الإلكترونية) التي بدأت فعلياً عام 2001م بهدف وصول نواتجها لحوالي 18 مليون نسمة ممن هم دون سن 25 سنة من سكان الاتحاد الأوروبي وينخرطون في برامج تعليمية. وكذلك 5 ملايين مدرس يسهمون في وصول هذه النواتج. إضافة لمن يعملون في مجال التخطيط والتدريب في تفعيل هذه المبادرة. ومما لا شك فيه أن مثل هذه المبادرات تنطلق من إدراك ما ستحققه التقنية الرقمية من تسهيل لتطور الحضارة الإنسانية.
ومن الإيمان بفاعلية تلك التقنية في تعجيل معدلات التنمية في المجتمعات الموظفة لها. إن الهدف الأول من مبادرة تعليم الغد هو تسريع إقامة بنية تحتية ذات نوعية عالية وبتكلفة معقولة في الاتحاد الأوروبي، وتتحدد الأهداف الواقعية والزمنية لهذه المبادرة فيما يلي:
- تهيئة كل المدارس في الاتحاد الأوروبي للاتصال بالإنترنت، وبمراكز الوسائط المتعددة ويشمل ذلك تجهيز الفصول الدراسية في هذه المدارس بوصلات إنترنت ذات سرعة عالية قبل عام 2002م.
- ربط كل المدارس في الاتحاد الأوروبي مع الشبكات الخاصة بقواعد المعلومات قبل عام 2002م.
- الوصول لنسب حاسب إلى واحد لكل 5- 15 تلميذ، مع وسائط تعليمية متعددة في كل مدرسة وذلك قبل عام 2004م.
- تطوير المناهج المدرسية بهدف إدخال أساليب تعليمية جديدة معتمدة على التقانات الرقمية، وذلك قبل عام 2004م.
ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تتسارع وتيرة اعتماد البناء النهضوي الإنساني على التقنيات الرقمية، الأمر الذي يجعل من الصعب لاحقاً متابعة الحضارة الإنسانية في حال التخلف عن مجاراة تقنياتها. وبما أن من أهم عقبات التنمية البشرية والفجوة التقنية في الدول العربية والإسلامية ضعف ثقافة نشر المعرفة وتبادل النواتج العلمية، فإن هذه المشاركة تسهم في ردم أحد أطراف هذه الثغرة من خلال التعريف بأحد جوانب التقدم العلمي الرقمي في مجال القياس والتقييم، حيث تقدم هذه الدراسة وصفاً لاستخدام الحاسب الآلي في ميادين الاختبارات التعليمية، لان هذا التطور في الممارسات التعليمية يعد من أحدث القفزات النوعية في آليات المدرسة الحديثة.
استخدام الحاسب الآلي
في الاختبارات
دخل الحاسب الآلي في عدد من مجالات الحياة التعليمية، ومن أواخر استخداماته التطبيقية ما تبلور خلال السنوات القليلة الماضية من توظيفه ليكون قناة لمساري تقديم المحتويات الاختبارية، وتقييم الاستجابات الذاتية، والأداء الإنشائي عنها.
لقد بدأ انتشار الاستخدام الحاسوبي في هاتين القناتين الاختباريتين يتأصل بهدف قياس القدرات العقلية معرفية كانت أم مهارية. والمتابع يلاحظ وضوح التنافس في التطوير الكيفي والنوعي في حوسبة هذين المسارين. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التطوير المتسارع إلى إدخال الاختبارات المحوسبة كتقنية فاعلة في الإجراءات الأساسية لمسيرة العملية التربوية في المدارس والبرامج التعليمية في ميادين تربوية مختلفة.
لقد بدأت فعلياً تطبيقات هذا التطور النوعي والكيفي للاختبارات المحوسبة في المسيرة التعليمية تأخذ مكانها في المدارس الحكومية في عدد من الجهات التعليمية في مواقع مختلفة من العالم.
ومما تضمنته تقنية هذه الاختبارات المطبقة في هذه المدارس قيامها بتقييم أداء جميع الطلاب تلقائياً بما في ذلك النصوص الإنشائية المكتوبة.
واستخراج نتائج المتقدمين للاختبار مباشرة. غير أن إعلان نتائج تلك الاختبارات يؤخر لليوم التالي بهدف فحص دقة سير التقييم الآلي.
أنواع الاختبارات الحاسوبية
الوعاء الاختباري التعليمي المحوسب ينقسم إلى ثلاثة أشكال تتباين نوعاً أو كيفاً. فمن حيث الكيف: هناك الاختبار الشبكي، ومن حيث النوع هناك اختباران (1) الاختبار التقليدي المحوسب، (2) الاختبار الأحدث المتكيف مع القدرات المعرفية والمهارية للمتقدمين للاختبار:
- الاختبار الشبكي:
يعد تقديم الاختبارات من خلال شبكة الإنترنت Internet - Based Test. IBT من أحدث النقلات الكيفية في تقديم الاختبارات المحوسبة. وبطبيعة الحال يمكن من خلال هذه القناة الاختبارية التحكم في تقديم الاختبار من مكان ما في وزارة التربية والتعليم في العاصمة مثلاً، أو من مكان ما في أرجاء المعمورة لينطلق الاختبار في مؤسسات تعليمية أخرى في المدينة أو في القطر أو في أطراف متباعدة من بلد الاختبار أو في أطراف العالم، ومن المكان نفسه يمكن إيقاف عرض الاختبار.
تضمن الجهات المسؤولة عن تقديم الاختبارات في هذه الصورة من الأوعية الاختبارية سرية عالية في حفظ معلومات الاختبار، وميكانيكية أسهل في إيصال الاختبارات للمواقع المطلوبة. وهذه الطريقة الاختبارية قامت باستخدامها فعلياً عبر العالم في أواخر عام 2005م مؤسسة خدمات الاختبارات التعليمية ETS لتقديم اختبار اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية TOFEL، وتقييم الأداء فيه، كما تم استخدامها فعلياً قبل ذلك في تقديم اختبار GRE.
لذلك ومع التحول في النهضة الإنسانية من الثورة الصناعية إلى الثورة المعرفية الرقمية، لا بد من تغيير الأسس التي قامت عليها العملية التعليمية في المجتمعات. حيث أصبح من الضروري إعادة بناء العملية التعليمية على أسس جديدة تتفق مع الواقع الجديد، حيث أصبحت الألفة بالتقنية الرقمية وتوظيف معطياتها قضية جوهرية.
يمكن أن يتم استخدام الإنترنت لتقديم الاختبارات الحاسوبية في صورتيها: الاختبار الحاسوبي التقليدي المحوسب وهو اختبار عادي ذو اتجاه واحد، والاختبار المكيف مع مقدرة المتقدمين للاختبار وهو اختبار يمكن أن يسير في اتجاهين، وهما طريقتان اختباريتان تختلفان نوعياً، كما سيتم بيانه فيما يلي:
- الاختبار التقليدي المحوسب:
الاختبار التقليدي المحوسب - أو ما اصطلح على تسميته بالاختبار المعتمد على الحاسب الآلي Computer Best Test CBT - يشبه الوعاء الورقي المعتاد من حيث مضمون الاختبار، وطريقة سير محتوى الاختبار في اتجاه واحد، تتمثل أبرز الفروق بينهما أن الوعاء الجديد يحمل في طياته إمكانية أكبر للحفاظ على سرية الاختبار، وتتم عملية تقييم الإجابات آلياً، أما أبرز أوجه التشابه بين الوعاءين التقليدي والاختبار الحاسوبي العادي أن الوعاءين يتسمان بمنهج ثابت في تقديم نفس المجموعة من الأسئلة لجميع أفراد المجموعة المتقدمة للاختبار، أي أن كل المتقدمين لأخذ هذا الاختبار الحاسوبي يجيبون على الأسئلة بنفس الترتيب الذي تقدم فيه الأسئلة في النسخة الورقية، وعلى هذه الصورة من الممكن أن يكون لاختبار ما نسختان متماثلتان: واحدة ورقية والأخرى حاسوبية.
- الاختبار الحاسوبي المتكيف:
تطور نوعي للاختبارات المحوسبة برز مؤخراً بظهور الاختبار الحاسوبي المتكيف مع المقدرة المهارية أو المعرفية للمتقدم للاختبار Computer - Adaptive Tests CAT وفي هذا النوع من الاختبارات، إجابة أي من المتقدمين للاختبار عن سؤال ما من الأسئلة المقدمة ستؤثر على مستوى صعوبة الأسئلة التالية التي يختارها الحاسب لهم، وهذا يؤثر ضمنا على اتجاه سير الاختبار، فقد يصعد اتجاه الاختبار إلى الأعلى أو يرجع إلى الخلف. ففي حال قدم الطالب إجابة صحيحة عن السؤال سيختار الحاسب سؤالا أصعب قليلا من الأول ويطرحه على المتقدم للاختبار.
وبالعكس إذا أخفق الطالب في الإجابة عن السؤال سيختار الحاسب سؤالا أقل صعوبة، وهكذا يقوم الحاسب الآلي بتكييف الاختبار بناء على مستوى المتقدم للاختبار، وتستمر عملية الصعود للأصعب والنزول للأسهل إلى أن يستقر أداء الطالب على مستوى معين، ربما دون الحاجة لعرض جميع الأسئلة في السمة المختبرة التي تتراوح عادة بين 20 -25 سؤالاً، فيحصل الحاسوب بهذا الأسلوب على المعلومات الكافية التي تمكنه من الحكم على مستوى المتقدم للاختبار، ويشير هذا إلى أنه ليس بالضرورة أن يُسأل المتقدمون للاختبار في مجموعة اختبارية واحدة نفس الأسئلة، ذلك أنهم يجيبون عن أسئلة متباينة تطرح عليهم بناء على تباين قدراتهم.
بالنسبة لتميز مستوى صعوبة الأسئلة، فيتم عن طريق معادلات معامل التمييز التي يمكن أن يقوم بها الحاسب آلياً بسهولة، وذلك بمتابعة مدى أداء الطلاب المتفوقين والطلاب الضعفاء عن سؤال ما من بنود الاختبار. والمدى الذي أخطأت فيه المجموعتان من الطلاب في الإجابة عن نفس السؤال، وفق عمليات رياضية معروفة في علم الإحصاء في مجال تمييز السهولة والصعوبة.
وهذا يعني أن الاختبار المتكيف يتكون من أسئلة على شكل مجموعات متباينة، أي من بحيرات متعددة الأسئلة التي تختلف في صعوبتها، وبهذا الأسلوب يكون الوعاء الحاسوبي عادة أقصر من حيث الوقت المستغرق للإجابة من الاختبارات الورقية العادية، لأن كثيراً من المتقدمين للاختبار يتحدد مستواهم من خلال مجموعة محددة من الأسئلة.
في العدد القادم بإذن الله سوف نقوم باستكمال ما طرحه الأستاذ خالد بن عبد العزيز الدامغ عن استخدام الحاسب الآلي في الاختبارات، وذلك مثل إيجابيات وسلبيات الاختبارات الحاسوبية، بالإضافة إلى الخاتمة.


* قسم إعداد المعلمين - معهد اللغة العربية - جامعة الملك سعود -الرياض - المملكة العربية السعودية

..... الرجوع .....

أمن رقمي
قضية تقنية
دليل البرامج
جديد التقنية
حوار العدد
منوعات
سوق الانترنت
حاسبات
أخبار تقنية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved