الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 16th October,2005 العدد : 136

الأحد 13 ,رمضان 1426

المعلوماتية.. صناعة واستخدامات
* د. زيد بن محمد الرماني *
تعد المعلوماتية اليوم في ظل التغيرات التقنية المتطورة أساس وعماد الاقتصاد الحديث؛ فالتطورات العلمية الحديثة ترتبط بأنظمة المعلوماتية والاتصالات، وتعتمد المعلوماتية في انتشارها على أنظمة المعلومات، فكلما تقدمت هذه الأنظمة وارتفعت، أتيح للمجتمع أن ينمو ويتطور ويتقدم. وأصبح من المسلّم به الآن أن (برامج المعلومات) تعد قيمة غير تقليدية نظراً لاستعمالاتها المتعددة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية.. وهذه القيمة المتميزة لبرامج المعلومات تجعلها محلاً للتداول، في سوق يدور فيها الصراع حول مبالغ هائلة.
يقول د. السيد عطية عبدالواحد في كتابه (الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمعلوماتية): ترجع أهمية سوق المعلوماتية الى تنوع التطبيقات المعلوماتية المنتشرة في كافة المجالات ذات البُعد الاقتصادي.
وللبرهنة على أهمية المعلوماتية، ينبغي الأخذ في الحسبان أن أي تطبيق معلوماتي، أو المعلوماتية بشكل عام، يعتمد على البرنامج المعلوماتي.
ويُعد البرنامج المعلوماتي عنصراً أساسياً وشريكاً في أنظمة المعلومات، وفي المجالات الصناعية المتعددة.
إن برامج المعلومات تلعب دوراً فعالاً ومؤثراً في المجالات الطبية الحديثة، وعلوم الفضاء، والأسلحة الالكترونية، والأعمال الادارية، وغيرها من الأعمال.
لقد نمت صناعة المعلوماتية نمواً كبيراً في الآونة الأخيرة، وما زالت مستمرة في نموها وتطورها، وهي مثال بارز لصناعة التقنية المتطورة التي تحتاج لاستثمارات ضخمة من رأس المال وعمالة مدربة على مستوى رفيع لتطوير هذه المنتجات.
وطبيعة المعلوماتية ونموها السريع كصناعة وتنوعها، أدى إلى ظهور كثير من المشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
لقد تعددت استخدامات المعلوماتية في معظم المجالات، لا سيما في الدول المتقدمة، فازداد استخدام الحاسب الآلي في مجال التعليم والبحث العلمي والصحة والجيش والشرطة والعدالة والاعمال المصرفية.
ولا عجب فإن استخدام الحاسب الآلي في المجالات المتعددة، من شأنه أن يوفر الوقت والجهد والمال، ويختصر المسافات، ويحث التقدم الحضاري في المجالات المختلفة.
إن التطور الاقتصادي الذي يشهده المجتمع الدولي حاليا يدفع كثيراً من الشركات والمؤسسات العاملة في مجال المعلوماتية الى ضرورة تحديث وتطوير طرق عملها وتقنياتها.
لقد أصبح سائغا أن يقاس مدى تقدم الأمم بمدى أخذها بأسباب التطور التقني، وأصبح التفوق في صناعة المعلوماتية بمثابة الجسر الذي عبرت من خلاله العديد من الدول من أزمتها الى التقدم والثروة والنجاح.
لقد أحدثت المعلوماتية انقلاباً خطيراً في مختلف جوانب الحياة، وهو انقلاب لا يقل في أثره عن آثار الثورة الصناعية.
فكما غيرت الثورة الصناعية من البنية الاقتصادية والاجتماعية في القرن الثامن عشر، فإن المعلوماتية هي الأخرى استطاعت أن تغير من البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المعاصرة؛ لذلك يطلق على العصر الالكتروني هذا مسميات متعددة مثل عصر ما بعد الصناعة، وعصر الثورة العلمية والتقنية، وعصر المعلومات العالمي.
والملاحظ أن المعلوماتية قد أثرت على العمالة بصور متعددة، كذا أثرت على شكل علاقات الانتاج القائمة، وعلى الأعمال المصرفية.
ففي دول العالم الثالث يتم اصدار الشيكات عادة يدويا في كافة مراحلها، ولكن في الدول المتقدمة فالأمر جد مختلف؛ لأن الاعتماد على النقود الكتابية (الشيكات) يكون بصورة كبيرة على حساب النقود الورقية.
ولا عجب، فإن ادخال المعلوماتية (برامج المعلومات) في هذا المجال من شأنه أن يؤدي الى سرعة انجاز المعاملات بالقدر اللازم لتيسير المعاملات اليومية والمستمرة للبنوك.
ومن ثم تعتمد المصارف في ذلك على وضع رقم سري يحل محل التوقيع التقليدي، ويتم وضع هذا الرقم في ذات الوقت الذي تتم فيه طباعة الشيك، ويسمح الرقم حيئنذ، كالتوقيع تماما، بمعرفة شخص أعطى أمر اصدار الشيك، والمحصلة الحقيقية لتلك العملية هي توفير الوقت الذي تستغرقه عملية فحص الشيكات.
كما تسهم المعلوماتية مساهمة فعّالة في مجال المعاملات التجارية، فهي تعين في اتمام كثير من الصفقات التجارية دون حاجة لانتقال الطرفين والتقائهما في مكان معين، وإن لم يتم اتمام الصفقة فيكفي انها تعين على التعريف بها تعريفا كاملا موفرة بذلك الوقت والجهد والمال.
إن صناعة المعلوماتية تعد اليوم احدى الصناعات الاساسية في عالم العلاقات الاقتصادية الدولية؛ ولذلك فهي تعد شرطا جوهريا ضروريا للتطور الاقتصادي والاستقلال الوطني.
كما ان الآثار المتزايدة للمعلوماتية على الانتاج ومن ثم على المنافسة، وتزايد الطلب المستمر على هذا المجال يعطي للدول التي تتفوق في هذا المجال الوسائل الحقيقية لممارسة الضغوط الخارجية التي تحقق مصالحها، ولعل ذلك هو ما ينطق به الواقع العالمي.
إن نصيب العالم الثالث في الاستهلاك العالمي ضعيف للغاية، وإن نصيبه في الانتاج العالمي ضعيف للغاية كذلك، ويتجلى الأمر بصورة واضحة وجلية في مجال المعلوماتية.
ففي مجال صناعة المعلوماتية، فإنه يلاحظ ان دول العالم الثالث ليس لديها المهارات التقنية اللازمة لهذا المجال، ولا السوق الداخلية الكافية، مما أدى الى تعميق روابط التبعية بين الدول المتقدمة والمتخلفة في مجال صناعة المعلوماتية.
وهذا هيأ للشركات المتعددة الجنسيات مجالا واسعا لتلعب دورا مهما في تسويق أجهزة المعلوماتية وملحقاتها، باغراء حكومات العالم الثالث وشعوبها لضرورة التزود بهذه الأجهزة.
والملاحظ الآن أن كل دول العالم الثالث تبحث مسألة اقتناء الآلات والأدوات الخاصة بنظام المعلوماتية، وتتنازع الشركات متعددة الجنسيات حول أسواق هذه الدول.
إن التطور العلمي المستمر في الدول المتقدمة يشكل تحديا حقيقيا لدول العالم الثالث، وإن لم تستيقظ وتفيق دول العالم الثالث لهذه الحقيقة فإنه سيكون مقضيا عليها بالقناء.
وأخيراً أقول:
(1) لا ينبغي المغالاة في الآثار الايجابية للمعلوماتية؛ فإن لها بعض الآثار السلبية.
(2) ينبغي الحذر من بعض أنواع المعلوماتية التي تضر بالقدرة على الابداع والابتكار وبالعملية التعليمية.
(3) على دول العالم الثالث أن تفيق من غفوتها، وتتجه للأخذ بالمناهج العلمية الحديثة والمتطورة حتى لا تظل مستوردة لكل منتجات الدول المتقدمة وما يرتبط ذلك من تبعية اقتصادية وسياسية وثقافية.
وقد آن أوان ذلك!!.


* المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

..... الرجوع .....

السوق المفتوح
العنكبوتية
الاتصالات
هاي تك
الالعاب
الامن الرقمي
قضية تقنية
تجارة الالكترونية
جديد التقنية
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved