Telecom & Digital World Magazine Sunday18/02/2007 G Issue 196
بيت القارئ
الأحد 30 ,محرم 1428   العدد  196
 
تعقيباً على تحقيق (واكبداه):
حماية النشء مسؤولية الجميع

 

 

يحمد لمجلة (الاتصالات والعالم الرقمي) في حلتها الجديدة أنها أفردت مساحة واسعة لمعالجة قضايا الكترونية مقلقة، حان الوقت لفتح ملفاتها، وبات من المهم التداول العلني للرأي بشأنها، خصوصاً بعد أن أصبحت هذه القضايا خطراً ماثلاً يقف على أعتاب منازلنا، بل وتسلل بعضها إلى غرفنا دون أن نشعر ليجعلنا في مواجهة حقيقية مع أخطاره الداهمة وتداعياته المدمرة.

فبعد أن قرأنا في أعداد سابقة عن ألعاب القتل، ومشاكل البلوتوث، قدمت مجلة (الاتصالات والعالم الرقمي) تحقيقاً جريئاً، جاء بعنوان: (واكبداه.. واكبداه.. فلذات أكبادنا أزهار في مهب العاصفة).

ورغم أن التحقيق المشار إليه يمثل الجزء الأول من حلقتين، إلا أن تعقيبي سينصب على هذا الجزء الأول، حيث إن الجزء الثاني لم يكن قد نشر بعد عند كتابة هذه المادة.

وفحوى ما جاء في هذا الجزء تعريف ببعض الألعاب الإلكترونية التي نفثتها أسواق الغرب وسط الشباب، ومنها اللعبة الأمريكية الشهيرة GTA، والتي تحكي قصة شاب أمريكي يتنقل بين ممرات الأحياء الأمريكية متلقياً الأوامر من عصابات مجهولة الهوية، ويعمل جاهداً من أجل إتمام مهامه بالشكل المطلوب للانتقال إلى المرحلة القادمة من اللعبة.

وعادة ما يستمع اللاعب إلى توجيهات تلك العصابات ويضطر إلى تنفيذها مهما كانت دون نقاش. ويتخلل ذلك اللجوء إلى العديد من الجرائم بدءاً من السطو والسرقة لتوفير التمويل اللازم، وانتهاء بأعمال التدمير والقتل للأبرياء ولأفراد الشرطة لتحقيق أهدافه في السيطرة على المدينة وفق ما هو مخطط له من العصابات.

وبالطبع فإن في التفاصيل تكمن العديد من المحاذير الأخرى، وأهمها الإباحية التي لا تراعي الحياء العام أو الأخلاق المرعية، وكذلك الدعاوى العنصرية المقيتة، ومثالها توجيه اللاعب لقتل كل شخص يحمل الجنسية الهاييتية.

واستعرض الريبورتاج المضار المتعددة التي تسببت فيها هذه اللعبة مما اضطر العديدين إلى رفع دعاوى ضد الشركة المنتجة لها مطالبين بالتعويض جراء ما لحقهم من أذى.

وبعد التعرض لأمثلة أخرى من هذه الألعاب الخطيرة على سلوكيات النشء، فاجأنا الريبورتاج بما هو أخطر وهو وجود هذه الألعاب في السوق السعودية حيث تباع في رابعة النهار دون رقيب أو حسيب. بل وأشار الريبورتاج إلى رواج هذه الألعاب حيث نفد بعضها من بعض المحلات نتيجة لشدة الإقبال عليها (وهذا يعني أن المزيد منها سيصلنا في المستقبل)، وهذا ما يعني أيضا أن جرعات قوية قد تم نفثها في دماء صغارنا من هذه السموم، ولا أحد يعرف العواقب الوخيمة التي ستترتب على هذا الأمر.

إن فلذات أكبادنا - كما أشار العنوان - أصبحوا بالفعل في مهب العاصفة، وقد لفت هذا التحقيق الأنظار إلى مشكلة تتغلغل وتتفاقم لتنخر في نشء هذه الأمة، وهذا ما يجعل مسؤولية المحاصرة لهذه الظاهرة مسؤولية عامة وتخص المجتمع بأكمله.

وبالطبع فإن الحل لا يكمن في مجرد المنع الجبري لترويج هذه السموم في المجلات، لكنها مسؤولية تربوية أخلاقية توعوية في المقام الأول، تتولى فيها الجهات كلها بدءاً من البيت مروراً بالمدرسة وانتهاء بمنافذ البيع مسؤولياتها في إحكام القبضة على هذا الداء ومحاصرته، وبعد ذلك تأتي مسؤوليات الضبط العام في إغلاق المنافذ التي تأتي منها المصائب، مع سعي الجميع إلى إيجاد بدائل حقيقية تكون من الجودة والحبكة والإتقان بحيث تكون جاذبة لشبابنا ونشئنا، وتسد أي فراغ ينتج من غياب تلك الألعاب السيئة.

إنها مسؤولية كبرى وجسيمة، لكنها ممكنة التحقق إذا صدقت العزائم، وإلى ذلك الحين فإن الرقابة الصارمة على بائعي هذه الأجهزة تمثل الخطوة المهمة حالياً في محاربة هذه الظاهرة وتوفير الحماية لفلذات أكبادنا مما تختزنه من أضرار وأذى.

عبدالعزيز الشمري -عرعر


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة